الجمعة، 21 سبتمبر 2018

"القراءة نافذة على العالم" قصة للأطفال بقلم: دعاء بن معيز إشراف: فاطمة حامدي

القراءة نافذة على العالم
 بقلم: دعاء بن معيز 
 إشراف: فاطمة حامدي 


في أيّام طفولتي ، كنت دائما تجدني في مكتبي والدي  ذلك الرّجل المولع بحكايات التّاريخ وجمعها وكتابتها  و كنت غالبا ما أرافقه في زياراته  للبحث   عن المعلومة التّاريخيّة  فتراه يزور أكبر النّاس سنّا في مختلف الجهات  ويحاورهم وينصت إليهم ويسجّل  أقوالهم وشهاداتهم  .وبمرور الوقت صارت لوالدي   وثائق تاريخيّة  وشهادات قيّمة  تكون مادّة هامّة لتأليف كتب في التّاريخ ونشرها   وتوزيعها على المدارس والمعاهد والمكتبات العموميّة  وبيعها في المكتبات الأخرى .ولكن كلّما عرض مشروعه على دور النّشر إلاّ وطلبت منه مالا طائلا .وكان أبي عاملا بإحدى المؤسّسات الحكوميّة ويتقاضى أجرا متواضعا يكفي لتسديد حاجاتنا اليوميّة ونظرا لغلاء المعيشة  ل ايمكنه ادّخار ولو قسط ضئيل منه لطباعة  مايكتبه عن تاريخ الوطن . فحزّ في نفسي أن أرى أبي  عاجزا أن يرى  تلك الشّهادات الصّادقة  الّتي قطع المسافات الطّويلة في تجميعها  وقضّى اللّيالي  في قراءتها وترتيبها وكتابتها  أن تبقى  مدسوسة  ومنسيّة . وذات يوم في حصّة العربيّة استدعت معلّمة القسم أديبة  تونسيّة تكتب للأطفال  وكنّا قد قرأنا لها عدّة قصص وهاهي اليوم تحضر معنا  في قسمنا لننقد ونبدي رأينا في  قصّة من تأليفها كنّا قد  قرأناها عنوانها " الفسحة "   وعند الحوار سألتها –" سيّدتي  غالبا ما يشكو الأدباء من مشكلة  نشر إبداعاتهم وصعوبة توزيعها  فكيف تمكنت من سهولة النّشر والتّوزيع " فأجابتني قائلة – " أشكرك على طرح السّؤال  نعم  النّشر والتّوزيع تلك مشاكل تواجه العمل الإبداعي في بلادنا للأسف . وربّما أنا كنت محظوظة فابني له دار نشر لذلك  لم أجد صعوبة في  نشر مؤلّفاتي "  . وعندما سمعت  جوابها شعرت بفرحة عارمة  ودار بذهني سؤال "-ماذا لو رويت لها قصّة إبي  ورغبته في نشر ما يكتبه فهل ستساعده  ؟... و تناوب الأصدقاء على طرح أسئلتهم وكنت حاضرا  بلا عين ترى ولا اذن تسمع فقد طوّحت بي الأمنيات السّعيدة بعيدا ورأيت كبت والد تتبنّاها " دارجنان العريف للنّشر والتّوزيع" وكنت أنتظر بفارغ الصّبر نهاية اللّقاء لأبوح بسرّي إلي تلك الأديبة التّى لا أظنّها ستخيّب أملي فهي في كلامها تشجّع الصّغار والكبار على الكتابة الإبداع .وكانت الدّقائق تمرّ كأنّها الدّهر  ولم أستفق من أحلام اليقظة إلاّ على صوت تصفيق  متواصل يعلن نهاية اللّقاء . عندها استجمت  كلّ شجاعتي وتقدّمت من  الأديبة وأخبرتها بأنّ لوالدي  كرّاسات عديدة كتب فيها معلومات قيّمة جمّعها  عن تاريخ البلاد التّونسيّة  ويرغب في نشرها . فرحّبت بالفكرة . وفتحت  حافظتها وسلّتني بطاقة زيارة وقالت _" هذا عنواني بالعاصمة  وتلك أرقام هواتفي  ومرحبا بكم  انت ووالدك في دار النّشر الّتي يديرها ابني متى شئتم فقط أعلموني قبل مجيئكم لأرتّب شؤوني  وأمنح الوقت كلّه لكما يوم اللّقاء ."  كنت سأطير فرحا وما كادت تنتهي الحصّة  حتى عدت أجري  وأخبرت والدي بالخبر  السّعيد  الذّي فرح  هو كذلك كثيرا  وقال يسألني –" هل شكرت معلّمتك الّتي اتاحت لك هذه الفرصة فرصة اللّقاء بهذه الأديبة .فلولا هذا النّشاط الّذي قامت به معلّمتك لما أتيحت لنا هذه الفرصة التّي طالما انتظرناها .فصدق يا ابنتي من قال :ّ إنّ القراءة هي  نافذة على العالم ". فلو لم تقرؤوا تلك القصّة لما عرفتِ أنّ  لابن الأديبة دار نشر ولما مٌنِحْتِ  الفرصة بأن تريْ حلمنا يتحقّق فتملأ كتبُ والدك رفوف المكتبات في قادمات الأيّام .

المؤلّفة صاحبة الفكرة :دعاء بن معيز س 6 –مارس 2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق