الأربعاء، 18 أبريل 2018

كيف نكتب قصة بقلم : يعقوب الشارونى



كيف نكتب قصة
ورقة عمل يكتبها : أ . يعقوب الشارونى
                                                                                                                                                                                        

          تاريخ القصص هو تاريخ البشرية . لقد عاشت القصص من جيل إلى جيل واستفدنا منها جميعًا ، ليس فقط لما فيها من تسلية وتشويق ، بل لأنها تنطوى أيضـًـا على عصارة الخبرة والتجربة الإنسانية . إن الطفل الذى تم إثراء حياته بالقصص هو طفل غنى حقًّا ، فالقصص تساهم فى تنمية المحصول اللغوى والحفاظ على التراث الثقافى ، وفى تنمية التذوق الأدبى ، وحفز العقل على التفكير ، وتنمية القدرة على فهم النفس وفهم الآخرين .
إن لدى الأطفال رغبة طبيعية للاستماع إلى القصص . إنهم يحبون الاستماع إليها وحكايتها ، وإذا أحبوا أن يكتبوها أيضـًـا فإنهم سيكتسبون خبرات وقدرات عملية ونظرية ومتعة تستمر معهم طوال الحياة . وهذه الدراسة تحاول أن تفتح آفاق معرفة فن كتابة القصة وكيف نستمتع بهذه العملية .
          الصفحات القادمة ستساعدكم أن تتعرفوا على ما هى القصة ، ثم تقودكم لمعرفة الخبرات الأساسية لبناء القصة ، على أن نتنبه دائمًا إلى أهمية التفكير الإبداعى الابتكارى ، سواء عند كتابة قصة أو فى أى مجال آخر من مجالات الفن أو الحياة ، وأن نتذكر دائمًا أننا نكتب عملاً إبداعيًّا ولا نكتب مقالاً . إن القصة هى حكاية لها معنى ، ممتعة تجذب انتباه القارئ ، وعميقة تعبر عن الطبيعة البشرية .
          ويجب أن نلاحظ أنه مهما بَـيَّنا من خطوات أو عناصر للكتابة ، فمن حق المؤلف أن يتحرك بحرية أينما يريد ووقتما يشاء ، وأن يعتبر ما ذكرناه مجرد مؤشرات تساعده على الوصول بكتابته إلى مستوى أفضل .
          وعن طريق الأفكار التى نقدمها فى هذه الدراسة ، وما يمكن أن يبتدعه المُوَجِّه                 أو المعلم من أفكار وأساليب ، فإن الطلاب سرعان ما يحصلون على خبرة تساعدهم على كتابة قصصهم الخاصة ، وبالتالى يمتلكون القدرة على تذوق وتقدير كل أنواع الأدب .

ما هى القصة

القصة : هى حكاية تـُـحكى أو تـُـكتب . ويمكن أن تكون طويلة أو قصيرة ، القصة الطويلة جدًّا هى " رواية " . والقصة التى تتراوح ما بين ثلاث وعشر صفحات هى "  قصة قصيرة " ، لكن بعض القصص قد لا تتجاوز صفحة واحدة .
          ونحن نستمتع بقراءة القصص لأننا نستخدم خيالنا فى " رؤية " شخصيات القصة وأين يعيشون ، وماذا يفعلون . كما أنه يمكن بسهولة إعادة قراءة القصة أو فقرات منها إذا لم نفهمها من القراءة الأولى ، أو إذا أعجبتنا وأردنا الاستمتاع بقراءتها مرة أخرى . وعندما نقرأ قصة أكثر من مرة ، سنكتشف ونلاحظ أشياء لم نتنبه لها فى أول قراءة ، ونفهمها ، وبالتالى سيزيد إعجابنا بها . ومن أهم أسباب حُب الناس للقصة القصيرة ، أنه يمكن فى جلسة واحدة أن نقرأها من غير أن يعطلنا شىء . كما أنها تبعث فى القارئ شعورًا بأنه خاض تجربة أكثر عمقًا من تجاربه الخاصة .
الواقع والخيال :
          القصة الواقعية ، هى التى تدور حول شخص أو شىء يبدو للقارئ كأنه حقيقى على الرغم من أنها من تأليف وإبداع المؤلف . إن الناس والأماكن فى هذه القصص تبدو كأشخاص وأماكن نعرفها أو سبق وأن عرفناها ، وهى بهذا تـُـشبه الحياة الواقعية . إنها " قَصَص واقعى " . والموهبة هى القادرة على أن تصوغ عملاً فنيًّا من اللحظات التى لاحظها أو شعر بها الكاتب وهو يتأمل ويتعايش مع ما حوله . والكاتب الموهوب هو الذى يبدأ مبكرًا فى ملاحظة مثل هذه الأمور ، ويختزنها فى بنك ذاكرته ( حتى بلا وعى ) ليستخدمها فى المستقبل .
أما القصة الخيالية ، فتدور حول شخصيات وأماكن لا تشبه أى شخص أو أى مكان عرفناه أو يمكن أن نعرفه . هذه القصص لا تشبه الحياة الحقيقية اليومية .. إنها "قصص خيالية " .
- لكن علينا أن نتذكر أن كل القصص والأعمال الروائية مبنية على الخيال ، بمعنى أن خيال الكاتب قد أبدعها حتى إذا كانت تبدو واقعية . لكن هذا لا يمنع إن الكاتب يمكنه أن يستعين بما يعرفه عن أشخاص وأشياء فى الحياة الواقعية ، ليبنى حولهم قصته .
إن القصة عمل فنى يخطط له المؤلف بعناية شديدة . والقصة الجيدة هى التى تثير عواطف القارئ وانفعالاته ، مثل السعادة أو الحزن أو الغضب أو الخوف . كما أن القصة الجيدة يمكن أن تجعل القارئ يفكر ويتعلم أشياء جديدة عن الحياة وعن نفسه وعن الآخرين .
تتضمن القصة عادة العناصر الآتية :
- بداية ووسط ونهاية - مع التركيز على أهمية البداية لربط القارئ بالقصة حتى نهايتها .
- القصة القصيرة تتطور عادة تطورًا طبيعيًّا من لحظة مكثفة أو حاسمة أو مؤثرة فى حياة البطل .
- معظم القصص القصيرة يكون التركيز فيها على شخصية واحدة رئيسية ، وعلى دورها فى الحياة .
- وصف الشخصيات ودوافعها وملامحها المتميزة ، وإيضاح مكان وزمان وقوع الأحداث .
- استخدام مختلف الحواس فى إبراز خبرات أبطال القصة .
- التعبير عن المشاعر والانفعالات .
- استخدام الحوار الذى يعبر عن اختلاف كل شخصية عن غيرها ، كما أنه من أهم وسائل إبراز دوافع الشخصيات وحقيقتها الداخلية ، وبالتالى يساهم فى تجسيم الصراع .
- وجود صراع أو مشكلة أو قضية تدور حولها الحبكـة أو العقـدة ، ثم حـل العقـدة والوصول إلى نتيجة الصراع .
- وجهة النظر التى تحملها القصة وماذا تريد أن تقول .
- الجاذبية والتشويق لحمل القارئ على مواصلة القراءة حتى يصل إلى  الخاتمة .

تعريفات


نقدم هنا تعريفًا لبعض المصطلحات الأساسية التى نستخدمها عند  الحديث حول كتابة القصة ، وهو تعريف يعطى أيضًا ملخصًا أو تركيزًا لأهم العناصر فى كتابة القصة :
- فكرة القصة : أى الفكرة الرئيسية التى تدور حولهــا القصــة ، مثــل " أهميــة دور الفتاة والمرأة فى تنمية المجتمع " ، أو " التمسك بالحق فى التعبير " ، أو " أداء الواجب هو الشجاعة الحقيقية "  .
- موضوع القصة : الحكاية أو الحدث الذى ينطوى ، بشكل غير مباشر ، على فكرة القصة ،    وهو التجسيم الفنى للفكرة الرئيسية . ولابد أن يكون عند الكاتب قصص عن أصدقائه وأقاربه وكل مَن قابله من الصغار والكبار . ومن خلال التنوع الساحر للعواطف والأفعال والعقول ، تتحول هذه المادة بين يدى الكاتب إلى عمل فنى – فلا يوجد شىء يحدث فى حياة الكاتب إلا ويمكن استخدامه فى قصصه .
 - نوعية أسلوب القصة : هل تمت كتابة القصة بأسلوب ساخر ، أو غامض مثير للتساؤل ،  أو بأسلوب ناعم يعبر عن مشاعر رقيقة ، أو بأسلوب يعبر عن التوتر والغضب أو الرعب ، أو فى جو من الأسرار أو غير ذلك ؟ 
- الخيال : فالمؤلف يستخدم خياله ليؤلف قصة يمكن أن نجد لها مشابهًا فى الواقع ( قصة واقعية ) ، وقد يكتب قصة يتعذر أن توجد فى الواقع ( قصة خيالية ) .
- العصف الذهنى أو الفكرى : وهو الاهتمام بكل فكرة تخطر على بالك أو على ذهن المجموعة التى تحيط بك وأنت تفكر فى موضوع قصة ما ، مهما كان رأيك -  فى البداية -  فى أهمية ما تسمع .
- الاستهلال ( أو بداية القصة ): الجملة أو الفقرة التى نبدأ بها القصة ، والتى يجب أن تكون حافزًا للقارئ على التساؤل ، وإثارة التشويق ، والتشجيع على الاستمرار فى قراءة القصة حتى نهايتها ، لذلك نقول إنه من الأفضل أن تتضح عقدة القصة من أول فقرة فيها .
- مخطط للقصة : كتابة النقاط الأساسية التى يتكوَّن منها بناء القصة ، وعرض وإبراز الأحداث والتحولات الأساسية فيها ، وكيف يؤدى كل جزء فى القصة إلى ما يليه على نحو منطقى مفهوم  يتقبله القارئ حتى إذا كانت القصة خيالية .
- البطل : أو الشخصية الرئيسية فى القصة التى تُحرك الأحداث ، وتتحرك حولها بقية الشخصيات .
- الخصـم ( أو البطـل المعاكـس ) : قد يكون الشخصية الشريرة ، أو الخصم أو الشىء الذى يعترض طريق البطل . وهذا الخصم قد يكون شخصًا ، أو عقبة ، أو مانعًا يقف فى طريق البطل ، وقد يكون أحد عناصر الطبيعة مثل انسداد بئر يعيش عليها أهل واحة فى الصحراء ، أو فكرة أو رغبة مثل شخص يحب العمل فى التجارة لكنه ينشأ فى بيئة زراعية تفرض عليه الاستمرار فى العمل الزراعى ، وتحكى القصة كيف يقاوم البطل هذا المصير .
- رسم الشخصية : وهو وصف الشخصيات التى يدير حولها المؤلف عمله القصصى ، وإبراز خصائصها وما يميزها عن غيرها ، وذلك من خلال أحداث القصة ، وتصرفات الشخصية وأقوالها ، وتفاعلها مع غيرها من الشخصيات أو الأحداث .
- لكن لا ينبغى للكاتب أن يكون قاضيًا يحكم على شخصياته ، بل يجب أن يكون شاهدًا غير متحيز .
- وعليك أن تسير بصحبة شخصياتك كأنك تراها بعين خيالك ، تعيش وتتطور كما فى   الواقع ، ثم احكِ قصتها بكل الصدق والتعاطف والجدية على قدر ما تستطيع .
- وقبل أن تبدأ الكتابة عن شخصية ما ، يجب الاهتمام ببيان الدوافع والأسباب           لتصرفاتها .
- الحواس : الرؤية  والسمع واللمس والشم والتذوق ، وهى الحواس التى نتعرف من خلالها على العالم من حولنا ونكتسب من خلالها مختلف الخبـرات ، وأن يهتـم الكاتب بالطريقة التى يستخدم بها أبطال القصة حواسهم لاكتساب الخبرة والتعبير عنها .
- الحبكة أو " العقدة " وهى ضرورية للقصة : إنها وسيلة للمحافظة على حركة الشخصيات ، وشد مشاركة القارئ إلى نهاية القصة . وبدون الحبكة لن يهتم القارئ كثيرًا بمتابعة القصة إلى النهاية . وعادة ما تدور الحبكة حول الصراع بين البطل وخصمه .
- الصراع : وهو المشكلة أو العقبة أو الرغبة التى تقف فى مواجهة البطل أو الشخصية الرئيسية ، والتى يسعى للتغلب عليها .
- السرد : مجموعة الكلمات والعبارات والجمل التى تخبرنا عن شىء أو مكان أو شخصية ،            أو أن شيئًا قد حدث أو قد يحدث ، ولا نقصد به " الحوار " .
- الوصف : أو الكلمات والفقرات التى تصف الشخصيات والمكان والأشياء : ما شكلها ، وبماذا تشعر أو تشم أو تلمس أو ترى ، مع وصف ملامح الوجه وحركات  الجسم ، والمشاعر وردود الأفعال ، والجو المحيط بكل هذا .
- المجاز أو الاستعارة : وذلك عندما نقارن شيئًا بشىء آخر ، مثلاً عندما نقول لشخص :          " تصرفاتك تصرفات حرباء متلونة " ، وذلك بغير استخدام ألفاظ مباشرة تدل على التشبيه .
- التشبيه : تشبيه شىء بشىء آخر مع استخدام ألفاظ أو كلمات تدل مباشرة على التشبيه ، فنقول : مثل - كأنه - كأن -  أو حـرف الكاف ( ك ) للتشبيــه ( مثــل الشجرة - كأنه شجرة - كشجرة ) مثلاً " إنه يهتز مثل شجرة فى عاصفة " .
- الحوار : هو ما تتبادله شخصيات القصة فيما بينها من حديث . والحوار له أهميـة كبرى عند القارئ ، فالحوار أو الحديث هو ما يميز الإنسان عن الثدييات الأخرى ، كما أن الحوار هو الذى يميز بين شخص وآخر ، فيعبر عن واقعه وثقافته .
- الحديث الداخلى : وهو ما يدور من حديث بين الإنسان ونفسه .
- مكان أو موضع وقوع الأحداث : المكان الذى تقع فيه أحداث القصة .
- زمان وقوع الأحداث : أو الفترة الزمنية التى تحدث فيها القصة .
- فترة الاختمار أو الحضانة : هى فترة من الزمن تبدأ بها عملية الإبداع ، حيث نترك الأفكار فترة تختمر خلالها . ويؤدى هذا إلى إنشاء روابط وعلاقات بين الأفكار والتصورات . فبعد فترة الاختمار ، نجد المؤلف أو المخترع أو الفنان يقول عـادة : " الآن وجدتها " ، أى أنه اكتشف بوضوح طريقه للسير فى إبداعه حتى يكتمل .
- مسودة أولى : الكتابة الأولى أو المسودة المبدئية ، بما فيها من أخطاء إملائية              أو لغوية ، لكنها الكتابة الإبداعية الخلاقة الأساسية للعمل الأدبى المتميز ، والتى تعتبر النواة للعمل الأدبى الأصيل الناجح . وهنا نستطيع أن نقول للموهوب : " أنت لديك الرغبة فى كتابة القصة ، وتملك الموهبة ، وعلى استعداد للتمرن والتدرب ، إذن أضف إلى ذلك الإصرار على مواصلة العمل ، وتمتع بعادة النقد الذاتى ، والثقة فى النفس . أسرع بالاستجابة لقوة الإبداع فى اللحظة التى تجد نفسك فيها مدفوعًا إلى الكتابة " .
- الذروة : هى قمة أحداث ووقائع القصة ، وأحيانـًـا تكون الجزء الذى يصل فيه التشويق إلى أقصاه ، أو أكثر المواقف إثارة . وقد تكون نقطة تحول رئيسية فى المواقف            أو الأفكار ،  أو لحظة تغير أساسى فى التوجه أو الأهداف .
- مراجعة (أو تنقيح):إعادة كتابة القصة ، أو إعادة ترتيب الفقرات أو الفصول أو  الجمل ، أو إضافة أو حذف بعضها ، أو إعادة صياغة بعضها ، لتصبح القصة أكثر تماسكًا ووضوحًا ومنطقية  .
- التحرير : ويُقصد به القـراءة المدققـة للمسـودة النهائيـة من القصـة ، وإجـراء التعديلات لتصبح على نحو أفضل وأوضح ، مع تصحيح الهجاء والأخطاء النحوية .
- الخاتمة : وهى الجزء القريب جدًّا من نهاية القصة ، عندما تنتهى جميع الخطوط لتترابط معًا ، ويتم حل المشكلة أو العقدة ، ويتم تحديد مصير كل شخصية من شخصيات القصة .
- تحليل القصة : مراجعة القصة بعد اكتمالها ، للتأكد من سلامة تركيب أجزائها معًا .
- ورشة كتابة : مجموعة من المؤلفين يجتمعون معًا ، ليقرأ كل منهم قصته على الآخرين ، ويستمع إلى آرائهم وتقييمهم ، ليساعده ذلك على اكتشاف وجهات نظر أخرى وهو يعيد النظر فى عمله الأدبى عندما يراجعه أو ينقحه  .



عناصر الكتابة الناجحة

          * الكتابة الناجحة هى التى نقرؤها بسهولة ، ذلك أن أفضل الإبداعات الأدبية يمكن أن تفقد قيمتها بسبب تعقيدها ، أو لمبالغتها الشديدة فى الخيال ، أو عندما تتضمن كثيرًا من الأوصاف ، أو بسبب " الاستطراد " والخروج عن الخط الرئيسى .
          * أفضل أنواع الكلمات التى نستخدمها فى رواية القصص ، هى الأسماء ثم الأفعال . الأسماء والأفعال هى التى نحتاج إليها لنعبر للقارئ بوضوح عن عناصر القصة الأساسية . استخدم الاسم لتحدد شخصًا بعينه ، والفعل ليساعدك على رسم صورة فى حكاية .
- استخدم الفعل الذى يصف حركة . مثلاً بدلاً من أن تقول " جلس الرجل حزينًا " ،  قل " انهار أحمد جالسًا على المقعد الخشبى " . إن اسم " أحمد " ، وجملة " انهار جالسًا " ،  تشير إلى شخص محدد وشكل حركة معينة . لقد أصبحت الجملة قادرة على أن تجعلنا نرى شخصًا معينـًـا يقوم بفعل أو حركة على نحو محدد ، وهذا يساعد القارئ على أن يرسم بسرعة صورة فى مخيلته للموقف الذى قرأ عنه ، فيعاونه على أن يستحضر خبراته السابقة ليتعايش بقوة مع ذلك الموقف .
- استخدم الأفعال لإبراز الأحداث بشكل واضح ، فبدلاً من أن تقول " كان الصَّبـِيَّان  يتشاجران " ، قل " جمال وسامح اشتبكا فى صراع بالأيدى ، فسقطا على الأرض " .
* عليك أن تهمل كل ما ليس له صلة وثيقة بموضوع قصتك . استبعد الوصف غير المجدى ، ولا تركز على شىء لا يتعلق بالقصة ، ولا تتعمد الحذلقة اللغوية ، واستبعد  أى شخصيات ومواقف ليس لها صلة مباشرة بقصتك .
* لكى تكتب قصة جيدة ، يجب أن تهتم بالجمل الافتتاحية ، والتركيز الواضح على الاتجاه العام للحدث ، ثم الشخصيات ، وبعدها تنطلق حتى تصل إلى الخاتمة .
* لا تكف عن التدريب يوميًّا على الكتابة ، خصص فى برنامجك اليومى وقتًا لتكتب                 ( 100 ) أو ( 200 ) كلمة . وهذا هدف من المؤكد أنك تستطيع تحقيقه .
* اكتب يومياتك أو مذكراتك حول أى شىء .. مجرد تسجيل لما عايشته فى يومك ، لكن عليك أن تمارس الكتابة يوميًّا . إنك بهذه الطريقة تتعود على تحويل الخِبْرات والمشاعر والأحداث إلى كلمات ، وهذا هو أساس عمل المؤلف الناجح . إن الكتابة ثم الاستمرار فى الكتابة أهم تدريب يؤدى إلى الإتقان والوضوح وسلاسة التعبير .
* تعلم كيف تكتب على الكمبيوتر . إن الكتابة على الكمبيوتر خير صديق للكاتب . إنك تستطيع بسهولة وسرعة ، على شاشة الكمبيوتر ، أن تضيف وتغير ، أن تصحح أو تعيــد
الكتابة لأى عدد من المرات ، حتى تصل إلى صياغة واضحة مشوقة مقبولة .
* اجعل بجوارك دائمًا المعجم ودائرة المعارف ، لكى تستخدمهما عندما تحتاج إليهما وأنت تكتب ، للتأكد من صحة كلمة أو معلومة تحتاج إليها فى كتابتك .

- اكتب ثم اكتب . إن كل جملة فى اللغة العربية يمكن أن تكتبها فى صيغ وأشكال مختلفة ، وهذا يجعلك تتعود أن تصل إلى أوضح أسلوب لتقول بدقة وسلاسة ما تريد أن تعبر عنه .
* عندما نختار الكلمة والجملة ، فإننا نسمعهما بالمعنى والإيقاع وبإشعاعهما العاطفى . إن الكتابة الجيدة تتوافر للكاتب شديد النقد لنفسه ، والتناسق يأتى من تدريب الأذن.
* اقرأ بصوت عالٍ الحوار الذى تكتبه لشخصياتك ، ونغّم الإيقاع كالممثل على خشبة المسرح ، واشعر كيف يمكن للكلمات أن تترابط وأن تبين الحب أو العاطفة أو الشك وعدم الثقة أو الصداقة . لاحظ بعناية كيفية ترتيب كلماتك بالطريقة التى تريد أن يكون عليه إيقاعها بعد أن تكون قد استمعت لها جيدًا وأنت تنطقها فى ذهنك . كذلك اترك فرصة للصمت أو للتردد فى حوارك . اشطب بلا رحمة الكلمات الزائدة ، والبدايات البطيئة ، والجمود والتكلّف .
* اقرأ ما كتبت بصوت عالٍ لنفسك . هذا يجعلك تتعرف بشكل أوضح على ما إذا كان الذى كتبته يُـعَـبِّر عن معنى مفهوم وواضح ، كما يساعد على الإحساس بإيقاع الكلمات والعبارات . وقد يكون أكثر فائدة إذا قرأت ما كتبت بصوت عالٍ على آخرين ، سواء على أفراد الأسرة أو الأصدقاء .
- اقرأ ثم اقرأ ثم اقرأ . طالع كل شىء وأى شىء ، وعلى وجه خاص اقرأ أعمال كبار الكُتَّاب . القراءة ستصقل قدراتك اللغوية ، والقدرة على التعبير السليم الواضح الدقيق . سيفيدك الاطلاع فى التعود على وضوح وسلامة عرض السرد والحوار ، وعلى سلامة وسلاسة صياغة وإيقاع الجمل والتراكيب . إن الكاتب بالدرجة الأولى قارئ جيد ، ومن الضرورى أن تكتب بقدر ما تقرأ . وعندما تقرأ عليك أن تفكر وتحلل وترى الشخصيات والأفكار والأحداث كما أبدعها كبار الكُتَّاب فى شكل قصص قصيرة . إن الخبرة الحقيقية بالقصة القصيرة ، تأتى بالدرجة الأولى بقراءة العمالقة فى هذا الفن .

خطوات عملية الكتابة

          يخوض الكاتب عدة خطوات ، ينتقل بها من الفكرة الأساسية حتى يصل إلى المُنْتَج النهائى وهو القصة المكتملة . أحيانـًـا قد تضطر إلى العودة إلى خطوة سابقة ثم تعود لتتحرك إلى الأمام ، وأحيانـًـا تتخطى خطوة أو مرحلة .
** وفيما يلى الخطوات التى يمكن أن تخوضها عندما تكتب قصة : لكن عليك أن تعتبر هذه الخطوات مجرد إرشادات عندما تقوم بعملية الكتابة أو التأليف .
* ما قبل الكتابة ، أو خطوة تجميع عناصر البناء الفنى و " بلورة الأفكار " :
          - فى هذه الخطوة عليك أن تجمع ثم تختار الأفكار التى يمكن أن تكتب عنها . أو تقوم بــ " عصف فكرى " ، بمعنى أن تضع على الورق كل الأفكار والخواطر التى ترد على ذهنك حول موضوع معيــن بغيــر أن تستبعــد منهــا شيئـًـا . إن كلمة واحدة أو جملة واحدة من هذه الخواطر التى تراها متفرقة أو غير مترابطة ، قد تكون المفتاح الحقيقى لتكتب عملاً فنيًّا جيدًا .
          - ارسم بالكلمات بغير أن تحاول تحسين أو إجـادة رسـم مـا خطـر ببالك مـن شخصيـات أو أماكـن . اجمــع معلومات من خبراتك السابقة ومن الواقع ، ومن دوائر المعارف ومن الكمبيوتر ، ومن المتاحف التاريخية والفنية والعلمية .
-  فى هذه المرحلة يمكن أن تكتب بعض الأشياء . أنا أطلق عليها " شخبطـة " ، بمعنى أن تضع على الورق ما يخطر على بالك بغير الاهتمام بالصياغة أو دقة المعنى . فى هذه المرحلة يمكنك أن " تصيد " فكرة جديدة أو مبتكرة وهو ما يميز العمل الأصيل ، وهذا  لا يأتى غالبًا بشكل واضح ، لكنه يتكشف أثناء عمليات البحث والتفكير .
- قد تكتب هذه الملاحظات السريعة عن شخصيات قصتك وما هى خصائصها ومميزاتها ، وكيف ترى كل شخصية الشخصيات الأخرى . كما أنك قد تقضى وقتـًـا لتصور المكان أو الأماكن التى تقع فيها الأحداث ، لكى تتعايش معها وأنت تكتب الخطوات التالية .
* مرحلة " اختمار الأفكار " أو " حضانة الأفكار " :
          عدد كبير من الكُـتـَّـاب يهتمون بأن يتوقفوا عند هذه المرحلة التى تختمر فيها الأفكار والتصورات التى جمعوها ، وذلك كما يحتضن الطائر بيضه إلى أن يصبح الفرخ داخل البيضة مُستعدًّا للخروج من بيضته .
إن مرحلة " حضانة الأفكار " أو " اختمارها " تأتى عندما يجمع المؤلف مختلف الأفكار والتصورات ، ويضع أمامه حصيلة " العَـصْف الفكرى " ، ويصل إلى " الحكاية " التى سيعبر من خلالها عن الأفكار التى اختمرت .
- بعد أن يستقر الكاتب على ما يريد أن يحكى عنه قصته ، يتوقف عن القيام بأى شىء لمدة يوم أو يومين ، أو أسبوع أو أسبوعين . ويترك أفكار القصة " تنضج " فى خياله وفكره . وبهذه الطريقة تتخذ الأفكار شكلاً أفضل ، وتتجمع الخيوط فى خيط واحد . لذلك ، عندما يعود الكاتب إلى استئناف كتابة قصته ، ستكون لديه فكرة أوضح عما يريد أن يكتب عنه .
- فى نهاية هذه المرحلة ، يكون فى استطاعتك أن تضع مُخطَّطًّا أو إطارًا للهيكل الأساسى لقصتك . وهذا المخطط أو الإطار يمكن أن يتغير أثناء التقدم فى الكتابة ، لكنك ستستفيد منه فى أن تتعرف على الهدف الذى تريد أن تصل إليه ، والطريقة التى يمكن أن تستخدمها للوصول إلى ذلك الهدف .
* خطوة " المسودة الأولى " :
          عندئذٍ تأتى الخطوة الضرورية التالية ، وهى ترتيب الأفكار والكلمات والجمل والفقرات على الورق ، مع رسم ملامح الشخصيات وعلاقتها ببعضها ، والاستقرار على الحبكة أو العقدة أو ما يثير الصراع بين الشخصيات ، مع الاستقرار على ملامح البيئة المكانية الزمنية للقصة .
فى هذه المرحلة لا تقلق كثيرًا على كيفية استخدام الكلمات أو حتى على سلامة الهجاء أو النحو . عليك فقط أن تترك عصارة إبداعك تتدفق إلى أن تنتهى من كتابة المسودة الأولى . إنك إذا توقفت طويلاً لتصحيح تركيب جملة أو اللغة أو الهجاء ، فإن تدفق نهر إبداعك سيبطئ أو حتى قد يتوقف .. عليك إذن أن تتركه يتدفق .
* خطوة " إعادة التحرير " ، أو " التنقيح " :
          بعض الكتاب يحبون أن ينقحوا بسرعة المسودات الأولى ، وآخرون قد يتريثون فى مرحلة حضانة أو اختمار أخرى . ومهما كان الذى تفعله فى هذه المرحلة ، فعليك أن تتذكر أن نصف مخك الأيمن مشغول بما تستخدمه فى الكتابة فعلاً ، وهو النصف الذى تختزن فيه               ما ستوظفه من خلال قدراتك الإبداعية . أما نصف مخك الأيسر فإنك تحتفظ فيه بقدراتك المتفوقة لإعادة تحرير ما اختزنت فى النصف الأيمن .
- ومن الأفضل أن تتجنب أن تقوم فى نفس الوقت بعمليتين معًا : العملية الإبداعية مع عملية التنقيح وإعادة التحرير . فى المحل الأول ، عليك أن تكون كاتبًا متمسكًا بقدراتك الإبداعية وممارسًا  لها ، ثم قم بأشياء أخرى مختلفة ، أو على الأقل تنفس بعمق عدة مرات لتغير الجو المحيط بك . ثم ارجع لتصبح قادرًا على إعادة الكتابة والتنقيح حتى تصل إلى تحقيق  " الجو العام " الذى يجب أن يسود القصة ويعطيها التماسك والانسجام .
- إن الإبداع هو القدرة على خلق النظام من الفوضى ، وهذا يسمح للكاتب أن يتناول كل شىء فى قصصه - وعليه فقط أن يبتعد عن العواطف السقيمة ، والحشو ، والوعظ ، والتعصُّب ، والاسترسال فى الوصف لمجرد الوصف .
          - وفى نهاية مرحلة التنقيح وإعادة الكتابة ، يمكن أن تصحح الأخطـاء الهجائيــة واللغوية وعلامات الترقيم .
- تأمل فيما كتبت لتتأكد أنه أصبح له معنى واضح ومترابط ، وأنك وصلت إلى ما تريد أن تقول وما قصدت أن توصله إلى المتلقى ، وهو " الانطباع العام " الذى يمكن أن تتركه القصة لدى القارئ .
* خطوة " التعرف على الاستجابة " ، أى " استجابة الآخرين لما كتبت " :
          فى هذه المرحلة عليك أن تعرف رأى شخص آخر فيما كتبت . يمكن أن تسأل صديقًا   أو أصدقاء ، والدك أو والدتك ، أحد المدرسين أو غيرهم ، ليقرأ عملك ويقول رأيه                                      فيما كتبت .
- وعندما ينقل إليك الآخرون رأيهم فيما كتبت ، عليك أن تكون مستمعًا جيدًا :         ركّز فيما تسمع بدقة . إنها فرصة لتكتشف إذا ما كان الآخرون قد استجابوا إلى عملك كما توقعت .  وإذا لم تجد رد الفعل الذى توقعته ، فقد يحتاج الأمر أن تقوم ببعض التعديلات ، ذلك أنه قد يكون لدى قرائك بعض الأفكار والاقتراحات لتصل بقصتك إلى مستوى أفضل ، فعليك عندئذٍ أن تفكر وأن تعيد التفكير فى كل شىء قاله كل قارئ .
ومن المحتمل ، فى أحوال كثيرة ، أنك قد ترى أنك لست فى حاجة إلى استخدام " كل " الملاحظات التى سمعتها ، لكنك قد تجد على الأقل ملاحظة واحدة مهمة تفيدك إذا اهتممت بها . لذلك كن يقظًا لكل ما تسمع وضعه أمامك موضع التساؤل والتقدير ، حتى إذا رأيت فى النهاية أن معظمه لن يفيدك بصورة أساسية ، لكنه قد يفتح أمامك آفاق التفكير بطريقة مختلفة فيما كتبت .
- تذكر دائمًا أنك فى حاجة إلى أن ترى ما كتبت مـن خـلال عيـون الآخريـن ، لأنـك لا تكتـب لنفسك بل للمتلقى . إن كتابة القصة هى وسيلة تواصـل بينــك وبيــن القــارئ ، وعليــك أن تتأكد أن ما أردت أن تنقله من خلال القصة قد وصل واضحًا وأنه محل تـَقَـبُّل من الآخرين عن طريق ما كتبت ، ولا تكتفِ بأنه واضح داخل عقلك أنت وحدك .

* مرحلة " المراجعة " :
          فى هذه المرحلة ستوجه اهتمامًا خاصًّا للاستجابات التى سمعتها من الآخرين ، والتى رأيت أنها يمكن أن تساعدك لتجعل قصتك أفضل . يمكنك أن تعيد كتابة قصتك على أى وجه تشاء ، مستعينـًـا بما رأيت من أفكار إيجابية قد وصلتك . وعندما تنتهى من هذه المرحلة ، ستجد أنك قد أكملت مسودة أخرى أكثر اكتمالاً من سابقتها .
* مرحلة " التقويم " :
          يمكن أن تتخذ هذه المرحلة أشكالاً مختلفة ، فيمكن أن تتضمن الاستماع إلى آراء آخرين بعد ما قمت به من إعادة الكتابة . بل إنها قد تكون مرحلة تتعرف فيها أنت نفسك على رأيك فى قصتك بعد ما أجريت فيها من تعديلات. إن كل المؤلفين يحتاجون إلى نوع من التقويم لعملهم ، لذلك حاول أن ترى قصتك وكأن كاتبًا آخر هو الذى كتبها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق