الثلاثاء، 14 فبراير 2017

" نونو تذهب إلى المدرسة" قصة للأطفال بقلم : طلال حسن



  نونو تذهب إلى المدرسة
 بقلم : طلال حسن
     " 1 "
ـــــــــــــــــــــ
    اليوم تفتح المدارس أبوابها ، بعد انتهاء العطلة الصيفية ، وهذا ما كانت تنتظره الصغيرة نونو ، وهو يومها الأول في المدرسة . 
وفي وقت مبكر ، من هذا اليوم ، هبت نونو من فراشها ، وحاولت أمها أن تمسك بها ، وهي تقول : مهلاً يا نونو ، الشمس لم تشرق بعد .
لكن نونو مضت خارج الغرفة ، دون أن تتمهل ، قائلة : الشمس لا تذهب إلى المدرسة ، يا ماما.
واستيقظ الجميع من النوم ، الأب والجد والجدة ، هذا يوم نونو ، وأعدت مائدة فطور خاصة ، غنية ، ومبهجة ، حتى إن الجدة أشعلت شمعة ، ووضعتها وسط المائدة ، فنونو ستذهب اليوم إلى المدرسة .
وتحلق الجميع حول المائدة ، يتناولون معاً طعام الإفطار ، ويتبادلون الأحاديث الضاحكة الفرحة مع .. التلميذة الجديدة نونو .
ومن الخارج ، ارتفع منبه باص المدرسة ، فهبت نونو من مكانها ، واختطفت حقيبتها ، وانطلقت راكضة إلى الخارج ، وهي تصيح فرحة : الباص .
وركضت أمها في أثرها ، عبر حديقة الدار ، وأسرع الجميع ، ووقفوا بباب البيت ، يتابعون بأنظارهم المحبة نونو ، وهي تصعد إلى الباص .
وأطلت نونو من النافذة  ، مستبشرة ، فرحة ، وراحت تلوح بيدها للجميع ، والباص يسير بها مبتعداً ، حتى غاب في منعطف الشارع .

     " 2 "
ـــــــــــــــــــ
    توقف باص المدرسة في الخارج ، بعد منتصف النهار ، وهب الجميع إلى الباب الخارجي ، فقد عادت نونو من المدرسة .
لقد ظلوا طول النهار قلقين ، بسبب ما جرى في المدينة ، فقد انفجرت عبوة في الشارع القريب من المدرسة ، وأختطفت طالبة من أمام مدرستها ، وأطلق مجهولون النار على شرطي مرور ، وأردوه قتيلاً .
وأمام أنظارهم المتلهفة ، القلقة ، نزلت نونو من الباص ، تسير متقافزة ، وحقيبتها على ظهرها ، وأسرعت أمها إليها دامعة العينين ، وأخذتها بين ذراعيها .
وقبلتها جدتها ، ثم قبلها جدها ، وقال : مبارك عليك يومك الأول في المدرسة .
وعانقها أبوها ، وقال : كيف كان يومك الأول ، يا حبيبتي ؟
وردت نونو قائلة : جيد ، جيد جداً .
وطوال اليوم ، راحت نونو تتحدث عن معلمتها ، وكم أحبتها ، حتى أنها قبلتها من وجنتها المتوردة ، وقالت لها : تفاحة حلوة .
وتحدثت أيضاً عن صديقاتها ، بل وأصدقائها ، وضحكت الجدة ، وقالت : ها قد صار لحلوتنا نونو أصدقاء أيضاً .
وطوال الوقت ، كانت الأم تنظر إلى نونو ، والدموع تغرق عينيها ، فقد اتصلت معاونة المدرسة بها ، وأخبرتها بأن المدرسة ، نتيجة للظروف الخطرة السائدة في المدينة ، أغلقت إلى اشعار آخر .

     " 3 "
ــــــــــــــــــــ 
    منذ وقت مبكر ، صباح اليوم التالي ، أحست الأم بنونو تعتدل في فراشها ، فاعتدلت هي الأخرى ، وقالت : نونو ، حبيبتي ، الوقت مبكر .
ونهضت نونو من فراشها ، وقالت : الباص سيأتي بعد قليل .
وقالت الأم : حبيبتي ، لن يأتي الباص اليوم .
وخرجت نونو من الغرفة ، وهي تقول : بل سيأتي ، وستزعل المعلمة مني ، إذا تأخرت ، أو غبت عن المدرسة .
ولحقت الأم بنونو ، وقالت : المدرسة لن تفتح اليوم أبوابها .
لم تلتفت نونو إلى أمها ، وأخذت تستبدل ملابسها بملابس المدرسة ، وحاولت الأم أن تمنعها ، فانخرطت نونو بالبكاء ، وهي تقول : دعيني ، يجب أن أذهب إلى المدرسة .
ورضخت الأم لدموع نونو ، وتركتها ترتدي ملابس المدرسة ، بل وأعدت لها الفطور ، وجلست نونو وحدها إلى المائدة ، فأبوها ظل في فراشه ، وكذلك الجد والجدة .
ومرّ الوقت ، ثقيلا ، بطيئاً ، وارتفعت الشمس ، وأطلت من النافذة ، لكن الباص ، وكما قالت الأم ، لم يأتِ ، فنهضت نونو متثاقلة ، حزينة ، ونزعت ملابس المدرسة ، وارتدت ملابسها ، وعادت بصمت إلى الفراش .

     " 4 "
ــــــــــــــــــــ
    بعد أيام ، أفاقت نونو منشرحة ، وألقت نفسها بين ذراعي أمها ، وقبلتها ، واحتضنتها الأم فرحة ، فقد عادت نونو إلى طبعها الأول ، وقالت لها فرحة : ماما ، ذهبتُ إلى المدرسة .
ونظرت أمها إليها مندهشة ، فتابعت نونو قائلة : وقبلتني المعلمة على وجنتي ، وقالت لي ، تفاحة ، تفاحة حلوة .
وصمتت لحظة ، ثم قالت : ولعبتُ مع صديقاتي ، وتمشيت مع أصدقائي في حديقة المدرسة ، آه ما أروع المدرسة .
وصمتت حالمة ، ثم قالت وكأنها تحدث نفسها : سأنام مبكرة كل يوم ، فقد ذهبت ليلة البارحة إلى المدرسة ، في المنام ، وسأذهب في المنام إلى المدرسة كلّ يوم .        
              

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق