الجمعة، 21 سبتمبر 2012

"ننار و حيرتها مع الدينار " قصة للأطفال بقلم: منيرة بوكحيل

ننار و حيرتها مع الدينار
الجزء الاول
منيرة بوكحيل/ فرنسا                      
 
يحكى انه ليس بزمن بعيد , أن القطة ننار تحب العمل بشغف و تعشقه لم تمل يوما من البحث عنه دون كلل و ملل , إلى جانب هذا فهي ذات خيال واسع , كانت كل ليلة تستلقي على الأرض و تطالع النجوم و تسترسل في رسم الأحلام الوردية  و المشاريع في مخيلتها إنها عادتها اليومية التي لا تتغير أبدا .
ترى ما الذي تفكر به ننار تلك الصغيرة كل ليلة و هي تطالع النجوم فلنستمع بما تفكر فيه وتتحدث به مع نفسها :
الجميلة ننار : لو احصل على  أي عمل سوف ادخر  نصف المبلغ من كل  شهر و بعد جمع المال الكافي لن اشتري سيارة مثل شباب اليوم من أول راتب يفكر في ذلك , أنا أولا سوف ادرس مشروعا يدور في مخيلتي هذه الأيام  استأجر محل في وسط المدينة و أحوله إلى مطعم فالعالم كله لا يستغني عن الأكل مهما نشهده من غلاء الأسعار فليس لنا اختيار آخر لابد من الأكل , و سوف اربح أموال طائلة بعد سنوات من العمل و الجد بإخلاص و سوف أساعد كل فقير و مسكين بإذن الله تعالى , لهذا أفكر في هذا المشروع الإنساني فالمشاريع الأخرى لا تروق لي مهما كان ربحها واسع كبيع الملابس أو صالون تجميل و بيع المواد الغذائية و غيرها من أنواع التجارة .................وقبل أن تكمل أحلام اليقظة نامت الصغيرة و هي تحدث نفسها لعلها تكمل ذلك داخل أحلام النوم .
 
طلع النهار و أشرقت الشمس و استيقظت الجميلة  ننار كعادتها  سعيدة و نشيطة لكن اليوم أكثر من قبل بمستوى عالي جدا من السعادة هل تعرفون لماذا ............؟؟؟؟؟!!!!!!   أكيد لا و لكن أنا اعرف اليوم بالذات لا  هو عيد رأس السنة و لا هو أول يوم في المدرسة هو أول يوم لها في العمل  , نعم لقد حصلت على عقد عمل بالبلدية  ) عاملة نظافة بالشارع(  .
تناولت الجميلة  ننار فطورها كعادتها و انطلقت كالسهم صوب العمل , و باشرته بجد و نشاط تحت شعارها الدائم مدينتي نظيفة إذا أنا نظيفة , و حوالي منتصف النهار وجدت الجميلة  ننار دينارا مرميا على الأرض فالتقطته و قالت :
  ننار : آه أيها الدينار لقد وجدتك في الوقت المناسب لا يوجد طعام في بيتي و لا دينار في جيبي و الآن منتصف النهار وقت الغذاء  و عصافير بطني تزقزق من الجوع و أظن انك تسمعها , ترى ما الذي اشتري بك من طعام هل تساعدني بنصيحة أيها الدينار ما الذي اشتريه اليوم  لتناول الغذاء , فأجابها الدينار :
الدينار : اجل بكل سرور أيتها  الجميلة  ننار , اقترح عليك أولا الهرم الغذائي الصحي المثالي المتداول عالميا  و بعدها أنت اختاري كل ما يناسبك و ما تستطيعين شرائه كل يوم و ليس اليوم فقط .
 
  ننار : شكرا لك كم أنت طيب , هذا يساعدني كثيرا في انتقاء وجبات صحية تساعدني بالعيش بصحة جيدة بإذن الله  و شكرا مرة أخرى , و لكن يجب أن اختار وجبة سريعة لأنه لا وقت لدي يجب أن أتناول وجبة الغذاء خلال ساعة فقط ثم أزاول العمل . 
الدينار : الآن تملكين سوى دينار واحد فقط , إذن ماذا تريدين أن تتناولي كوجبة الغذاء .
  ننار : ما ذا تقترح يا صديقي الجديد ؟.
  الدينار : أنا اقترح عليك طبق من الأرز أو المعكرونة  لأن النشويات من القاعدة الأساسية للهرم الغذائي الصحي , و إلى جانبه كاس من العصير أو حبة برتقال .
ننار : فكرة جيدة , و لكن البارحة تناولت هذا الوجبة أثناء العشاء , أريد فكرة أخرى من فضلك .
 الدينار :  حسنا لا بأس , هذا جيد انك تجتهدي في تنويع وجباتك إذن اقترح طبق  من الخضار مع قطعة لحم أو سمك مشوي مع بعض العصير الطازج  .
 ننار : آه , يا صديقي إنها فكرة جيدة و لكن أفضل  مع الخضار قطعة من الكبد و لكن للأسف لا استطيع أن أتناول هذه الوجبة  لأنها تصيبني بالإسهال و هذا أول يوم لي في العمل و لا أريد أن انقطع عن العمل في اليوم الموالي  ,   أريد فكرة أخرى من فضلك .
الدينار : لا استطيع أن اعبر لك عن مدى  سعادتي , أحي فيك روح حب العمل و هذا نادر في هذا الزمان الذي كثر فيه الملل و الكسل , و اقترح عليك تناول قطع من البيتزا  مع الخضار و الفطر و الكثير من أنواع الأجبان إلى جانب طبقة من السلطة أو السبانخ  ما رأيك ؟.
ننار : فكرة جيدة جدا و لكن البيتزا  دائما تسبب لي مشاكل في الهضم  , أقول لك بصراحة ماذا أريد أن أتناول في وجبة الغذاء اليوم !!!!.
الدينار : نعم , أنا استمع إليك .
ننار : أنا أريد فأرا مشويا على الفحم و محشوا بالديدان و البهارات الهندية مع القليل من البطاطا المقلية ما رأيك ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟   فكرة جيدة .
الدينار : الحمد لله , لقد اهتديت إلى فكرة , المهم أن  تتناولي وجبة الغذاء .
ننار : و لكن هناك مشكلة , لا , لا مستحيل أن أتناول هذه الوجبة اللذيذة .
الدينار : لماذا , لماذا ما المشكلة ؟!.
ننار : هذه الوجبة اللذيذة ب10 دنانير و ليس بدينار واحد ,  و أنا لا املك سواك آنت فقط لا اقل و لا أكثر  , أريد فكرة أخرى يا صديقي .
 
الدينار : لا بأس آيتها الجميلة , عندي فكرة أخرى لعلها تلقى صدى لديك !.
ننار : إنشاء الله .
الدينار : ما رأيك بساندويتش التوست بالدجاج المدخن مع المايونيز إنها لذيذة جدا ؟!.
ننار : فكرة جيدة , و لكن ذات مرة أكلتها  و شعرت بالغثيان و اخشي أن يحدث هذا معي مرة أخرى .
الدينار : هل أتكلم بصراحة إذا كان الأمر لا يضايقك ؟.
ننار : نعم بكل سرور  , أحب الصراحة تكلم و لا تخف أبدا فالحقيقة يخافها الجبناء فقط .
الدينار : أنت لا تردين الأكل و تردين ادخاري صحيح أم أنا مخطأ ؟.
ننار : الصراحة نعم , أريد ذلك لأن أحلامي كبيرة  بالرغم من أنني صغيرة , فعلا أريد أن أدخر المال من اجل مستقبل واعد و جميل , أريد أن اشتري منزل صغير و جميل و أتزوج و أنجب أطفالا .
                                
 الدينار : انه فعلا حلم جميل , و أتحدى من يقول غير هذا , و لكن أنت مخطأة كثيرا يا عزيزتي الحلوة لأن اكبر خطأ نرتكبه في حق أنفسنا هو إهمال الوجبات و ما يحتاجه الجسم من متطلبات , حين تهملين وجباتك جسمك يضعف و يفقد الكثير من الطاقة و الحيوية و العناصر الغذائية الأساسية و هذا يعرضه للمرض و يقل نشاطك و لا تستطعين العمل بجد و سوف تفقدين وظيفتك في وقت قصير و حينها تتبخر أحلامك السعيدة , نصيحتي لك خير الأمور أوسطها .
 ننار : فعلا أيها الصديق الخلوق , نصيحتك خير من ألف دينار , سوف أتناول وجبة غذائي لكي استطيع العمل بعد الظهر فأنا لا أريد أن اخسر عملي  .
و ما انتهت الجميلة ننار من الكلام حتى حل الظلام  و حينها أدركت أنها أضاعت وقتا طويلا في أحلامها التي لا تفارقها أبدا و قالت للدينار و الدموع تنزل من عينيها الجميلتين : 
ننار : أنا مذنبة استرسلت في أحلامي التافهة , و أضعت اليوم كله دون عمل , أكيد سوف اطرد من العمل .
*و هو كذلك أنت مطرودة من العمل , بسبب إهمالك له و من أول يوم و هذا دليل انك غير منضبطة و نحن لسنا بحاجة لأمثالك   .
غضبت ننار وقالت للدينار :
ننار :  و من تكون حتى تقرر طردي من عملي ...................وقبل أن تكمل كلامها رد عليها :
 الدينار : لست أنا من يحدثك , بل من هو خلفك انه مسؤول البلدية !!!!!!!!!!.
التفتت الجميلة ننار و نظرت إلى ذلك المسؤول و صرخت :
ننار : لا , لا , لا ......................
وتسقط أرضا , و في هذه اللحظة تستيقظ  ننار من هذا الكابوس المزعج  , لأنها كانت ترى كل هذا طوال الليل و هي نائمة ثم قالت :
ننار : الحمد لله لقد كان كابوس مزعج و ليس حقيقة .
في هذه اللحظة يدق باب منزلها , تنهض من مكانها و تسرع بفتح الباب , لقد كان ساعي البريد يحمل لها استدعاء ...........!!!!!!!!!!!!!!!!!! .
ساعي البريد :  صباح الخير أيتها الجميلة , كيف حالك ؟
ننار :  صباح الخير , بخير الحمد لله , ما الذي تحمله لي اليوم و أنت في غاية السعادة ؟!.
ساعي البريد : بشرى سارة جدا , لديك استدعاء من البلدية لقد حصلت على الموافقة كعاملة نظافة بالشارع  .
ننار : لا , مستحيل , أخاف أن أجد الدينار و اطرد من العمل و يتحقق الحلم المزعج ................و!
قاطعها ساعي البريد , ضاحكا و قال :
ساعي البريد : ما بك أيتها الحلوة الصغيرة , هل الصدمة أصابتك بالجنون من هو الدينار و أين تجدينه و لماذا ترفضين العمل , أنا لا أفهمك هل تشرحين لي ما المشكلة لكي استطيع مساعدتك ؟!.
و قصت له الجميلة  ننار كل  ما رأته داخل الحلم المزعج  , و قالت :
  ننار : هذه هي مشكلتي جزء من الحلم تحقق , لقد حصلت على العمل في البلدية و أخاف أن  يتحقق الجزء الثاني من الحلم  قد أجد الدينار و اطرد من العمل , هل فهمت الآن المشكلة , بماذا تنصحني ؟.
ساعي البريد : الحلم المزعج ترك آثار سلبية على نفسيتك , و لاكن لا تستسلمي لهذا , إذا تحقق الجزء الأول  من الحلم ليس بالضرورة يتحقق الجزء الثاني بل بالعكس هو درس و تحذير لك لكي لا تسترسلي في أحلامك و تفقدين وظيفتك كم أنت محظوظة آيتها الصغيرة و كم أنا محظوظ لأنني لم أكن اعرف الهرم الغذائي و هذا ضروري في حياتي و حياة عائلتي .
 الحكمة تقول :
" من لم يركب الأهوال لم ينل الآمال ",  اتكلي على الله و الله المستعان بإذنه تعالى .
  ننار : إن شاء الله أمي رحمها الله دائما كانت تقول لي " ليس العيب أن نحلم و لكن العيب أن نسترسل في أحلامنا " .
و هكذا استفادت الجميلة ننار من الكابوس المزعج و عقدت العزم أن تجتهد في عملها و أن لا تسترسل في أحلامها , ترى هل ستطبق هذا و هل فعلا تجد الدينار و تفقد وظيفتها أم تواجه مشكلة أخرى , سنرى هذا فيما  بعد ؟!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!.............
 
 
 
                               

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق