السبت، 9 يونيو 2012

"مقولة تنمية الوعي السياسي لدى الأطفال " بقلم: شهاب سلطان


مقولة تنمية الوعي السياسي لدى الأطفال

ورقة قدمت للحلقة البحثية حول

الثورة وحقوق المواطنة للطفل المصري

         شهاب سلطان
يعرف الوعى بأنه معرفة المرء بوجوده وإدراكه لأفكاره ومشاعره ، وحين تتسع دائرة المعرفة .. يصبح المرء مدركا للمجتمع الذى يحيط به ، ويرى كافة الإمكانات والتحديات المتوفرة فيه .
والوعى السياسى هو الرؤية الشاملة لكل المعارف والقيم والإتجاهات التى تتيح للإنسات أن يدرك أوضاع مجتمعه ومشكلاته ويحللها ويحكم عليها ويحدد موقفه منها ، سواء بقبولها كما هى .. أو بالتحرك من أجل تغييرها وتطويرها .
والوعى السياسى يتكون من مجموعة القيم والسلوكيات والإتجاهات والمعارف السياسية للفرد والمجتمع ،ولكى يشارك الفرد مجتمعه، ويتفاعل مع واقعه السياسى فهو فى حاجة إلى إدراك قوى ، وبصيرة نافذة ، وهذان لا يحدثان إلا بامتلاك عدة أسباب من أهمها :
ـ إمتلاك أدوات المعرفة الحسية المتمثلة بالحواس ، وتلك الأدوات المعنوية المتمثلة بالعقل ، ولكى يطور الإنسان من وعيه ، عليه أن يقوم بتنمية هذه الجوانب وتطويرها من خلال ممارسته لها .
ـ إتخاذ الفرد لمنهج يسير عليه ، ويكون بمثابة العقل الخارجى له ، ومن خلال عقله الداخلى ومنهجه ، يصل إلى الوعى والبصيرة .
ـ أن يرصد فرد التجارب الحياتية التى مر بها ، بالإضافة إلى تجارب الآخرين ، فذلك يعمق من بصيرته .
والوعى السياسى لدى الفرد له مقومات تدعمه وتقويه .. وهى :
ـ معرفته بطبيعة العصر الذى يعيشه .
ـ قدرته على التمييز بين الأمور، بحيث لا يضعها كلها فى خانة واحدة ـ توفر الأدلة والبيانات التى تساعده على الإستدلال .
ـ توفر القدرة على الربط بين المقدمات والنتائج .
ـ توافر معيار لقياس النتائج التى يتوصل إليها .
ـ أن يكون حرا لا يخاف من شيئ حين يعبر عن رأيه .
ـ ان يكون لديه القدرة على الحكم بمدى صحة ما يسمعه ، وأن يكون القدرة على المراقبة والمراجعة المستمرة وألا يأخذ الأمور من أحد بثقة عمياء .
ـ ألا يكتفى بالإنطباع الأول، بل يجب أن يراجع ويبحث عما بين السطور وخلف الكلمات والشعارات .
وإذا كانت هذه أبعاد ومقومات الوعى السياسى ، ونفكر فى كيفية تنميتها لدى الطفل المصرى، تعالوا أو ننظر إلى حال الطفل فى الواقع ، هل هو يعيش مناخا إيجابيا يسمح بنجاح مسعانا ؟.
علينا أولا أن نهيئ المناخ الذى يؤدى إلى النجاح .
وهنا .. يبرز سؤال يطرح نفسه وهو :
ـ هل إنجاب طفل فى الأسرة وسيلة لتحقيق هدف ما ، أم أن إنجاب طفل سوى يضاف الى المجتمع ، هو الهدف فى حد ذاته ؟.
فى مجتمعنا ، نجد ان إنجاب الطفل وسيلة لتحقيق هدف ما ، وتتنوع الأهداف بتنوع الأسر والمجتمعات التى تعيش فيها هذه الأسر ، فهو فى القرية ( عزوة ) ويد عاملة تضاف إلى الأيدى التى تعمل فى الحقل ، وهو فى البندر ، إضافة إلى صبية الورش حتى يساهم بأجر يومه فى حياة الأسرة ، وهو دليل على الصحة الإنجابية لدى الزوجين حتى لا يتهم احدهما .
وحين يأتى الطفل إلى مجتمعنا وحقق الهدف الذى جاءوا به من أجله ، ويتحول إلى أداة من أدوات الإنتاج ، يتجاهلون دوما حاجاته الى هى حقوقه لديهم .
صحيح أن الطفل حين يولد فإنه يحصل على بعض الحقوق التى عينها له القانون الدولى . وذلك بحكم الميلاد ،فهو يجد إسما فى إنتظاره ، ويجد أسرة ينتمى إليها ، ويجد بيتا يأويه ، ووطن يحمل جنسيته، وفيما عدا ذلك .. فإنه يصير خاضعا إلى سلطة طغيان الأسرة عليه ، بدعوى رعايته ، ويحرم من كافة حقوقه التى طالبت بها كافة المواثيق الدولية .
فمن حقه أن يقول رأيه . لكنه يقابل بالإزدراء والأمر بالسكوت وعدم الكلام .
ومن حقه أن يلهب ، لكنه يؤمر دائما بالهدوء حتى لا يزعج الكبار
ومن حقه أن يقرأ ، فلا يجد كتابا يقرأه ، وإذا وجده ، فهو ليس مناسبا له .
ومن حقه أن يتعلم ، فلا يجد مكانا يتعلم فيه ، وإذا وجد ، يكون مكمدسا كعلب السردين ويعود جاهلا كما راح .
ومن حقه أن يجد العلاج المناسب فلا يجد من يهتم به ، وإذا وجد فلا رعاية ولا دواء .
ومن حقه عدم التمييز بينه وبين الآخرين ، فيجد التميز الصارخ بين الذكر والأنثى .
ومن حقه عدم إستغلاله جسديا ، فيجد من يدفع به  الى سوق العمل .
ومن حقه ألا يمارس ضده أى نوع من أنواع العنف فنجده يضرب ويهان ويتخد منه مخزنا لقطع الغيار أو سلعة بين أيدى تجار الرقيق أو  مفعولا به مع هواة الجنس .
ومن حقه أن ينموا نموا صحيا ، فلا يجد الغذاء المناسب ولا تمتلئ معدته أبدا ، وإذا إمتلأت فهى لسد شهوة الجوع فقط ولا تمتلئ باحتياجات نموه الطبيعية .
إذن .. قبل أن نفكر فى مساعدة الطفل لتكوين رؤية صحيحة ونوجهها نحو المفاهيم السياسية لنخلق جيلا يتمتع بوعى سياسى قوى، فلابد أولا أن نلبى له كافة إحتياجاته وأداء كافة حقوقه لدى أسرته ومجتمعه ، بعد ذلك .... لن نكون فى حاجة للتفكير فى تنمية وعيه لأنه يكون قد تحصل على كل مقومات تنمية الوعى تلقائيا ، وصار طفلا صالحا، دون أن نحاول أن ننقش نحن على جدرانه أى شئ .
والله الموفق .
                                                                شهاب سلطان
الفيوم / الأربعاء 30 مايو 2012
 







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق