الخميس، 17 مايو 2012

"عودة العلجوم الضال" حكاية للأطفال بقلم: سعاد محمود الأمين


عودة العلجوم الضال
سعاد محمود الأمين
عند شروق الشمس  سقطت أقنعة الليل. وقد ذابت الثلوج التى كست قمم الجبال،  وإنحدرت المياه فى شوق لعناق الغابة، التى تساقطت أوراق أشجارها بفعل فصل الشتاء القارص، الذى طرد كل كائنات الغابة  من ممارسة أنشطتها النهارية. كانت السلاحف فى بياتها الشتوى قد دفنت أجسادها داخل الأرض، وخفتت الحياة فى أعضائها طوال فترة الزمهرير والجليد. وذلك لصعوبة البحث عن الطعام والخوف من الموت بردا. إستيقظت كل كائنات الغابه من سباتها وتمطّت. وحركت أعضائها لتواصل نشاطها فى الغابة . ولكن أبو ذنيبة العلجوم الهارب من عشيرته، مازال تحت التراب فى حفرته لم يتحرك، مستمتعا بالخمول الذى إعتراه طوال الشتاء. كانت السلاحف قد دعته لهذا البيات الشتوى حتى لايموت متجمدا من البرد، ولكنه رفض لأنه كسول لايريد أن يحفر . ولكن السلحفاة الطيبة أعدت له الحفرة ودخل معها، وهاهى تصحو من بياتها الشتوى لتمارس حياتها .وهو لم يتحرك من حفرته. قالت له السلحفاة تداعبه: هيّا أيها الكسول.. قد إنتهى البيات الشتوى..
لم يتحرك ابوذنيبه العلجوم، ومازال مغمض عينيه فى سبات عميق. إنزعجت السلحفاة الطيبة وإقتربت منه، تحسسته فوجدته لاحراك فيه فبهتت!! وظنته قد مات. فنادت على  السلاحف وأخبرتهم بمخاوفها. فصرّن يدّلكن قلبه ويسكبن الماء على جسده، ولكن ابوذنيبه لايستجيب جامد لايتحرك.
سألت السلحفاة الطيبة  كائنات الغابة: هل للعلاجم بيات شتوى؟ يختلف عنا نحن معشر السلاحف ربما أخطات عندما أجبرته على البيات معنا، ردت الكائنات قائلة:  بلى إن البيات فى الشتاء لايختلف ـ حتى لاتشعر السلحفاة الطيبة بوخز الضمير. جلست السلحفاة الطيبة بقربه، وصارت تبكى وتنتحب ..هههههههى....لقد مات ابوذنيبه العلجوم الزائر.
لقد كنا سعداء بنهاية البيّات الشتوى، نستقبل الحياة بالطاقة العالية والقلوب النابضة ها هو العلجوم يكدّر صفوى ويجعلنى أشعر بتأنيب الضمير، واك... هى... هى...ــودموعها تنهمر كالسيل ــ هو ليس من عشيرتنا لماذا ولماذا.....هكذا ندبت السلحفاة الطيبة حظها، وعادت تقلبه ذات اليمين وذات الشمال، ولكن لاحياة فى جسد  العلجوم ابوذنيبه.....كان ضفدع الشجر يراقب المشهد وهو قابع على أوراق شجيرة. وقد تعرف على العلجوم ابوذنيبه انه العلجوم المتمرد فصاح ضفدع الشجر للسلحفاة الطيبة فقد أشفق عليها:
هيّا يا السلحفاة الطيبة إستمتعى بضوء الشمس. ورحيل الشتاء. لاتضيعى وقتك فى البكاء  على هذا العلجوم. فهو منبوذ من عشيرته أتركيه يموت. صاحت السلحفاة الطيبة: لا...لا... لن أتركه.. فقد قضى معنا البيات الشتوى فى حفرتنا. أصبح صديقى لن أتركه هكذا يصارع الموت ههههههى.... قال لها ضفدع الشجر:
لقد أخبرتك بقصته، فهو متمرد حتى على البيات الشتوى والصيفى  مع عشيرته. والآن يرفض أن يصحو من سباته ليمارس حياته كبقية الكائنات.سألت السلحفاة الطيبة ضفدع الشجر: أين أجد عشيرته؟دلنى على طريقها...
قال ضفدع الشجر: هو من عشيرة العلجوم الطينى فى الغابة المطيرة عشيرته كبيرة، ومتعاونه وكل كائنات الغابة المطيرة تحبهم، ولكن ابوذنيبه منذ أن خرج من البيضة متمردا على شكله الدميم وولونه الطينى  ولايفتخربالانتماء لعشيرته. وظل يتنقل من الغابة المطيرة الى الغابه  ...     والغابة  ..    والغابة الباردة دون هدف يبحث عن ذاته المفقودة. ولذلك  هجرته عشيرة العلجوم الطينى فزادت حزنه .وجاء هنا للغابة الباردة ولم يصحو من سباته؟.سالت السلحفاة الطيبة ضفدع الشجر بعد أن سرد لها قصة ابوذنيبه العلجوم الضال: وأين تقع الغابة المطيرة؟. قال لها ضفدع الشجر: لن تستطيعى الوصول اليها أنت بطيئة الحركة، وهى ليست قريبة. فكرت السلحفاة الطيبة ثم تحركت نحو شجرة حطت عليها الطيور المغرّدة. نادت على طائر  نقار الخشب فهبط ليسمعها.  أخبرته برسالتها الى الغابة المطيرة وهى تبكى ليبلغ عشيرة العلجوم الطينى،   طار نقار الخشب مسرعا باسطا جناحيه وصفق بهما  فى الهواء، وإنطلق نحو الغابة المطيرة وبحث عن عشيرة العلجوم الطينى وبلغهم بما جرى لابوذنيبة .
إنزعج العلجوم الطينى زعيم العشيرة، ونادى على أفراد العشيرة. وانطلقوا الى حيث يرقد ابوذنيبة العلجوم الضال، بين الحياة والموت فى الغابة الباردة، والسلحفاة الطيبة تجلس قربه منتحبة. تحسسه العلجوم الطينى زعيم العشيرة، ونفخ فى فمه وناداه : يا ابوذنيبه نحن عشيرتك، التى تركتها بإختيارك.وحزنا لفراقك، والآن أنت فى محنة صحية عاجز عن الحركة. نريد أن ترجع معنا، ولن نتركك مرة أخرى  وسنقوم برعايتك  وحمايتك.
فتح ابوذنبه العلجوم عينيه عندما سمع صوت العلجوم الطينى غير مصدقا، وانتفض جالسا، نظر اليهم وصاح باكيا: نيق.... نيق... وهبّ يحتضن أفراد عشيرته، نادما، وعاهدهم على أن يعود علجوما صالحا منهم، مخلصا، مطيعا. ولن يتمرد مرة أخرى على لونه أوشكله أو عشيرته ، فقد جاءت اليه وقت الشدة العشيرة ترعاه، لايستطيع أن يعيش وحيدا فى هذه الحياة. وانطلقوا جميعا نحو موطن التزاوج فى الغابة المطيرة لتستمر الحياة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق