الرجل الورقي
رادوي كيروف
ترجمة : ميخائيل عيد
قال أحد الصبيان مرة:
-سأقص رجلاً صغيراً من الورق. سأجعله يبدو مثل الرجل الحي. وسيكون ذكياً وفطناً.
كانت أمامه كومة كبيرة أو كومتان من المجلات. نظر طويلاً إلى صفحاتها. وبدأ يختار الرجل المناسب. ثم قال أخيراً:
-ها هو ذا، سأقص هذا الرجل الأنيق.
قصه بالمقص…. ثم أغفى على المقعد الطويل. بقي الرجل الصغير وحيداً على المنضدة.
وثب واقفاً على قدميه. خطر له أن يفعل شيئاً ما يجعله مجيداً معظماً.
قال الرجل الصغير:
-آخ، أكاد أنفلق ضجراً… توجد أشياء كثيرة في هذه المجلات التي أمامي.
قال الرجل الصغير للمقص:
-اسمعني أيّها المقص الحبيب. أشكرك لأنك قصصتني! تقدم خطوة نحو المجلات واصنع لي لعبة صغيرة.
أجابه المقص:
-موافق. لكن المجلات التي فتحتها لا يوجد فيها سوى صور الأسلحة..
-جيد، هذا ما أحلم به! يسرني أن ألعب بها.
قال المقص:
-حسناً
وقص المقص مسدساً من إحدى المجلات.
لكن الأمور ساءت. قال الرجل الصغير:
-أيها المقص! أُريد رشاشاً، أريد دبابة، أريد طائرات، أريد صواريخ، ورشيشات، ومدافع هاون، ومدافع بعيدة مدى الرمي. قص لي فرقة حربية.
وشرع المقص يقص أسلحة من هنا وأسلحة من هناك. وكوّم كومة كبيرة أمام الرجل الصغير.
قال المقص وقد سبح في عرقه:
-ستجد ما تلعب به طيلة حياتك الطويلة.
تضرع الرجل الصغير إلى المقص قائلاً:
-أريد منك شيئاً آخر، أيّها المقص! قص لي قنبلة، قنبلة قوية جداً وكبيرة جداً.
-وما حاجتك إلى مثل هذه القنبلة
-لماذا؟ كي أصبح الأفضل تسلحاً، وكي يخافني الجميع.
-ولماذا يجب أن يخافوك؟
-كي يؤيدني الجميع حين يندفع جنودي للاستيلاء على السلطة… ويجب أن أغزو بلداناً أخرى.
قال المقص للرجل الصغير الذي صنعه بشفرتيه:
-أي شيطان استيقظ في داخلك، لكي تطمع بأراضي الآخرين؟
قال الرجل الصغير:
-ولِمَ لا؟
لكنه لم يكمل كلامه.
انقض عليه المقص، وخرّتْ، خرّتْ، خرّتْ… وقطع الرجلَ الصغير والمدافع… وغيرهما….
وانقض هنا: خرّت، خرّتْ، خرّتْ، وقص الطائرات والصواريخ قصها كلها فصارت قطعاً صغيرة جداً وقال:
-يجب أن تُعاقب على الشر الذي تريده للآخرين!
استيقظ الصبي في اليوم التالي، وتذكر الرجل الصغير. نظر إلى المنضدة ودهش: لا يوجد هنا سوى حفنة من القصاصات الورقية. قال:
-حسناً… ستكون لي حفنة من القصاصات في المهرجان القادم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق