الأربعاء، 9 مارس 2011

"قصة طريقين" قصة مترجمة للأطفال بقلم باولو كويليو

قصة طريقين
• بقلم: باولو كويليو
• ترجمتها من البرتغالية: مارجريت جول كوستا
• ترجمة: أحمد شوقي

في شرق (أرمينيا) كانت هناك قرية صغيرة تقع بين طريقين متوازيين, تُعرفان بالطريق الجنوبية والطريق الشمالية.

وذات يوم وفد إلى القرية مسافر قادم من مكان بعيد, جاء سائراً عبر الطريق الجنوبية, وقرر زيارة الطريق الثانية أيضاً. 
ولاحظ التجار المحليون امتلاء عينيه بالدموع.

وقال الجزار لتاجر الملابس (لابد أن شخصاً ما قد لقي حتفه على الطريق الجنوبية. انظر كيف يبكي هذا المسافر المسكين بعد أن مر بها).

والتقطت أذنا أحد الأطفال تلك الملحوظة, ولأنه يعرف أن الموت شيء سيئ للغاية, بدأ البكاء الهستيري. 
وفي الحال بكى جميع الأطفال بالشارع.

وانزعج المسافر, وقرر الرحيل على الفور. وألقى من يديه ثمار البصل التي كان يقشرها ليأكلها وهي سبب امتلاء عينيه بالدموع, ثم اختفى.

وبعد برهة, شعرت الأمهات بالقلق لبكاء أطفالهن, فأسرعن لمعرفة ما يحدث, وسرعان ما اكتشفن أن الجزار وتاجر الملابس ثم غيرهما من التجار قد انشغلوا بأمر المأساة التي وقعت على الطريق الجنوبية.

وسرعان ما انتشرت الشائعات. 
ولأن عدد سكان القرية محدود للغاية, عرف جميع القاطنين بالقرب من الطريقين أن شيئاً خطيراً قد حدث. 
وبدأ الكبار يشعرون بالخوف من حدوث الأسوأ, متوقعين الانكشاف التدريجي لأبعاد المأساة, وفضلوا عدم طرح أية أسئلة حتى لا يزيدوا الوضع سوءاً.

وكان هناك رجل أعمى يعيش عند الطريق الجنوبية ويجهل ما يحدث, ولذلك سأل: ما سبب كل هذا الحزن في مكان كان سعيداً دائماً.

فأجابه أحد السكان: هناك شيء فظيع حدث بالطريق الشمالية, فالأطفال يبكون, والرجال متجهمون, والأمهات ينادين أطفالهن ليعودوا إلى البيوت, والزائر الوحيد لهذه المدينة منذ سنوات عديدة, غادر وعيناه ممتلئتان بالدموع. ربما ضرب الطاعون الطريق الأخرى.

ولم يمر وقت طويل حتى انتشرت شائعة وجود مرض قاتل - لم يكن معروفاً من قبل - في القرية كلها. ولأن البكاء بدأ مع مجيء مسافر إلى الطريق الجنوبية, أصبح واضحاً بالنسبة لسكان الطريق الشمالي أن الطاعون لابد ظهر هناك. وقبل مجيء الليل, ترك السكان منازلهم إلى الجبال في الشرق.

واليوم - بعد قرون - مازالت القرية التي مر بها المسافر وهو يقشر البصل, مهجورة.

وغير بعيد عنها, ظهرت قريتان أخريان تدعوان (الطريق الشرقية) و(الطريق الغربية). 
وما زال السكان, من ذرية سكان القرية الأولى, لم يتحدثوا إلى بعضهم البعض لأن الزمن والخرافة وضعا حاجزاً من الخوف بينهم.. فلقد استقر بداخلهم أنه إذا ما حاولوا إعادة الصلات, فسيواجه مجتمعهم خطراً هائلاً.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق