الأربعاء، 9 مارس 2011

"البطة المسكينة" قصة للأطفال بقلم هيثم يحيى الخواجة

البطة المسكينة
هيثم يحيى الخواجة

حملت ماسة حقيبتها وودعت والديها ، ثم انطلقت باتجاه مدرستها القريبة ذات الملامح الجميلة.
كانت ماسة مجتهدة ومحبة لزميلاتها ، وهي لا تنسى أن تزورهن في المناسبات المختلفة ، كما تحرص على احترام معلماتها ، وتضعهن في مصاف والديها ، ولهذا لا تسمح لنفسها أن تقصر في تأدية واجبها في العلم والمعرفة والتفوق المستمر .
إن أسعد لحظات ماسة تتلخص في أمرين :
الأول عندما تتعلم فكرة جديدة والثاني عندما تنقل لوالديها نبأ نجاحها بتفوق .
أما عن حياة ماسة فلم تكن معقدة أو قلقة ، فهي لا تهتم بأمور الكبار وأحاديثهم التي هي فوق مستواها ولا تعنيها كثيراً ، كما لا تشاهد الرائي ( التلفاز ) كثيراً فعندما تنتهي برامج الأطفال تدير ظهرها له غير عابئة بأي برنامج آخر لا يخصها ، وفي أيام العطلة توزع وقتها بين الجلوس مع والديها ومحاورتهما بأمورها وأمور المنزل ، وبين الدراسة ، و عندما تفرغ من الدراسة تقضي معظم وقتها مع بطتها وتغني لها أغنيات راقصة ، مما يجعل البطة تغدو وتروح سعيدة طربة.
كانت ماسة وحيدة والديها ، وعرفت بشغفها و محبتها لأنواع العلوم ، حتى أن معلمتها دهشت من إجاباتها الصحيحة على أسئلتها حول صفات البط ومراحل حياته وطعامه ، وغير ذلك من أمور ، لكن المفاجأة التي لم يكن يتوقعها أحد عندما تسلم والدها لفت نظر من جمعية الرفق بالحيوان يتضمن الطلب من الأسرة شراء بطة أخرى أو أكثر حتى لا تظل البطة وحيدة .
حزنت الأم بشدة واعترضت ماسة ، لأن البطة لم تكن يوماً وحيدة ، فهي صديقة بطتها و رفيقتها ، و نتيجة لذلك اقترحت على والدها العودة إلى الوطن والإقامة فيه فلم تعد الغربة مريحة ما دامت مثل هذه الأساليب تحاصر الإنسان وتقيد حريته ، لكن والد ماسة أسف لأنه غير قادر على تلبية طلبها وقال :
- ألا تعرفين لماذا نحن هنا ؟
تذكرت ماسة أن بلدها فلسطين يعاني من اضطهاد الأعداء ، وأن أطفاله يسقطون بنيران الصهاينة دون رحمة أو رأفة .
في الصباح حكت ماسة لمعلمتها حكاية البطة فتفهمت الموضوع بعمق ، لكنها أعلنت عن عجزها في إقناع هذه الجمعية ، لكي تعدل عن قرارها.
لم تعد ماسة تضحك كما عودت زميلاتها ، وظهرت علائم الحزن على ملامحها بشكل مستمر، فقد كانت تبحث عن حل للخلاص من هذا المأزق والحفاظ على صديقتها البطة التي تنال منها رعاية فائقة لكن دون جدوى ، ولما كان لابد من البقاء في الغربة بسبب احتلال وطنها ، فقد اعتبرت رسالتها هي الحل الوحيد لإقناع جمعية الرفق بالحيوان فكتبت تخاطبها :
( أنا أحب صديقتي البطة حباً جماً ، ولا أريد التخلي عنها ، وإذا كانت جمعيتكم ترفق بالحيوان ، فأرجو أن توسعوا اهتمامكم فترفقوا بالإنسان أيضاً وأنا أحيلكم إلى الأطفال أبناء قومي في فلسطين والعراق ، فهم بحاجة ملحة إليكم .. أرجوكم اتركوا لي صديقتي البطة فأنا أحبها كثيراً كثيراً )
بعد أن أنهت ماسة الرسالة فتحت النافذة المطلة على حديقة منزلها فرأت بطتها ذات البياض الناصع و القوام الجميل تنظر إليها نظرات غريبة لم تعهدها من قبل ، و قد فهمت من خلالها أن البطة موافقة على موقفها، و استدلت على ذلك أكثر حين اقتربت منها فإذا بالبطة تجلس في حضنها ، و تلقي برأسها على كتفها ، و ما كان من ماسة إلا أن قبلتها و ضمتها إلى صدرها تعبيرا عن المودة المتبادلة بينهما .
حمل والد ماسة الرسالة وسلمها للجمعية ، وهو واثق أن العدل في هذا العصر لم يعد يشمل الناس كلهم والأوطان كلها .. وعندما عاد إلى البيت قال لابنته :
- انتبهي يا ماسة الحياة مليئة بالأخطاء والمتناقضات ، وعليك أن تدربي نفسك على تقبل الواقع حتى لو كنت غير مقتنعة بما يحدث ، أو سيحدث .
بعد أسبوع من تسليم الرسالة حضر بعض أعضاء الجمعية وأخذوا البطة ، لأن والد ماسة لم ينفذ ما طلب منه ، أما ماسة ، فقد بكت بحرقة ، كما ملأ الدمع عيني أمها ، وظل التساؤل قائماً لماذا يحدث هذا ؟
هيثم يحيى الخواجة

هناك تعليق واحد:

  1. Ana mish fhm elgm3ya 3awza t5ly 2osra tshtry kza bta wf nfs elw2t 3awzen y5do elbta ezaaaay??

    ردحذف