الاثنين، 20 ديسمبر 2010

"إيهاب.. وخاتم سليمان" قصة للأطفال بقلم د. زينب العسال

إيهاب.. وخاتم سليمان 
 د. زينب العسال

تعلم إيهاب هواية صيد السمك من أبيه ..
كان يذهب ـ فى أوقات الفراغ من الدراسة والمذاكرة ـ إلى شاطئ البحر . يدلى السنارة فى قلب المياه ، وينشغل بتأمل القوارب والسفن ، ومد الأمواج وجزرها ، وتحليق أسراب الطير على امتداد الشاطئ ..
كان إيهاب يضع ما تجتذبه السنارة من أسماك فى مخلاة صغيرة ، ثم يعود إلى البيت .
رأى إيهاب ـ وهو يضع السمك على طاولة المطبخ ـ سمكة منتفخة البطن ..
قال لنفسه :
ـ ربما التهمت قبل صيدها سمكة أصغر منها !
ضغط إيهاب على بطن السمكة ، فانتثر من فمها خاتم زاهى اللون ..
قلّب إيهاب الخاتم بين يديه .
لقد قرأ فى الحكايات عن خاتم سليمان الذي يظهر خادمه لمن يحكه بأصابعه وينفذ له كل ما يطلبه . هل يكون هذا الخاتم هو ما تتحدث عنه الحكايات ؟
دعَك إيهاب الخاتم بأصابع مترددة ، لكنه حافظ على هدوئه بتوقع ظهور خادم الخاتم كما تروى الحكايات .
كان الخادم قد تصاعد من الخاتم ، وملأ وسط المطبخ بجسده العملاق ، ونظراته التى تظهر الطاعة .
قال إيهاب :
ـ هل أنت الخادم الذى تروى عنه الحكايات ؟
قال الخادم :
ـ أنا هو . لكننى الآن خادمك أنت . أنا خادم من يحصل على الخاتم .
أطال إيهاب التفكير ، ثم قال :
ـ ماذا تستطيع أن تصنع من أجلى ؟
قال الخادم :
ـ عملى أن أحاول تلبية ما تأمرنى به .
قال إيهاب :
ـ أريد أن تعلمنى كيف يتحول النحاس إلى ذهب ، وكيف تتحول الأرض المجدبة إلى مساحات من الخضرة ، وكيف أتعرف على المدن والبلاد ، وكيف أقرأ وأتحدث باللغات المختلفة .
قال الخادم :
ـ أيام جدى الخادم الأول للخاتم ، كان يكفى حكة سريعة على الخاتم ليلبى لصاحبه كل ما يطلبه . يقول : شبيك لبيك ، عبدك بين إيديك . ويطلب صاحب الخاتم ما يشاء ، وعلى الخادم أن ينفذ مطالبه دون مناقشة .
أضاف الخادم :
ـ الظروف الآن تغيرت . لابد أن يسأل الخادم ويناقش ، فيعرف ماذا يريد صاحب الخاتم من وسائل العلم الحديث ، وهى ـ كما تعرف ـ تختلف عن الوسائل التى كان يلجأ إليها من كانوا يمتلكون الخادم فى الزمن القديم .
وضع الخادم بين يدى إيهاب بضعة كتب ، وقال :
ـ لأننا فى عصر العلم ، فلابد أن نحسن التعامل معه . ادرس ما بهذه الكتب من قواعد اللغة العربية لتجيد قراءاتها وكتابتها .
وقال الخادم ، وهو يتلقى الكتب بعد أن قرأها إيهاب :
ـ اللغة ليست هى التى نشأنا على معرفتها فقط . هناك لغات أخرى تفيدنا فى تحصيل المعرفة، وفى استخدامات العلوم .
وقال الخادم ، وهو يستعيد كتب اللغة الأجنبية :
ـ دراسة الرياضيات والجغرافيا والتاريخ وغيرها من العلوم ، مهمة جداً لتعرف ما تريده ، ولأستطيع أن أفهم ما تطلبه ، وأنفذه .
وقال الخادم :
ـ لم تعد حكة الخاتم تكفى لصنع المستحيل . ما نظن أنه المستحيل يسهل علينا تحقيقه بالعلم الذى تطور به العالم عما كان عليه منذ مئات السنين .
طال وقت إيهاب بين الكتب التى تتناول المعارف والعلوم والفنون ، حتى حفظها تماماً .
أعاد ما قرأه إلى الخادم .
قال الخادم :
ـ هل ينقصك ما تريد أن تقرأه ؟
قال إيهاب :
ـ لقد قرأت فى كل شئ . أشعر أنى قد اكتفيت بما قرأته ، ولا أحتاج إلى سحر الخاتم
قال الخادم :
ـ هذا ما أردته من تشجيعك على الاطلاع والقراءة .
أردف :
ـ المعرفة الحقيقية ستغنيك عما أملكه من خدمات .
قال إيهاب :
ـ أنا مدين بالشكر لك . فمساعدتى على تحصيل المعرفة تفوق ما أتوقعه من خدمات الخاتم .
ثم وهو يضغط على الكلمات :
ـ المعرفة ستظل معى ، ألجأ إليها حين أريد .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق