الاثنين، 19 نوفمبر 2018

"أرنوب وثعلوب " قصة للأطفال بقلم: طلال حسن


أرنوب وثعلوب
قصة للأطفال
بقلم: طلال حسن

    ثعلوب
ــــــــــــــــــــ
   رقدتُ قرب ماما ، وحضنتها بذراعيّ ، وقلتُ : ماما ، أيقظيني غداً مع الفجر .
وردت ماما قائلة ، وهي تئن : لا يا صغيري ، إن الجو شديد البرودة .
وقلتُ محتجاً : لكنك مريضة ، يا ماما ، ولم تأكلي شيئاً منذ يومين .
وضمتني ماما إلى صدرها ، وقالت : لا عليك ، يا صغيري ، سأحصل على ما نقتات به ، إذا تحسنت صحتي غداً .

    أرنوب
ـــــــــــــــــــــ
   أفقت على أنين ، في منتصف الليل ، لا ، هذه ليست الريح بل ماما ، إنها مريضة ، ومن يدري ، لعلها تئن أيضاً من الجوع ، فهي لم تأكل شيئاً منذ يومين .
وزحفت إليها في العتمة ، وقلت : ماما ، سأخرج غداً مبكراً ، وآتيك ببعض الطعام .
ومدت ماما يديها ، وضمتني إلى صدرها ، وقالت : لن أدعك تخرج ، يا صغيري ، إن الحقل تغطيه الثلوج .

    ثعلوب
ـــــــــــــــــــ
   فتحتُ عينيً ، كأن أحداً أيقظني ، وتطلعتُ إلى ماما ، إنها مازالت تغط في النوم ، من الأفضل أن أمضي الآن ، وانسللت بهدوء من بين ذراعيها ، وتسللت إلى الخارج ، مسرعاً إلى الحقل .
يقول جدي ، إن الثعلب المبكر يحظى بالأرنب ، لفحتني الريح ، ونفذ البرد القارص إلى أعماقي ، آه يا جدي ، أي أرنب أحمق ، يخرج في مثل هذا البرد والظلام لأحظى أنا به ؟

    أرنوب
ـــــــــــــــــــ
   استيقظتُ قبل الفجر ، من أيقظني ؟ عجباً ، كأن يداً هزتني ، ماما مازالت نائمة ، إنها تئن محمومة ، جائعة ، فهي لم تأكل منذ يومين .
انسللتُ بهدوء ، من بين ذراعيها ، وتسللتُ إلى الخارج ، لابد أن أحصل اليوم على جزرة ، أو ورقة ملفوف ، أو أي شيء يؤكل ، فإن ماما قد .. ، يا إلهي ، الظلام لم يرحل بعد ، والثلج يكاد يغطي كلّ شيء ، لا خيار فلأسرع إلى الحقل ، لابد من الطعام وإلا ..
  ثعلوب
ــــــــــــــ
أسرعتُ كالبرق متوارياً وراء أقرب شجرة ، وقلبي يتراقص في صدري ، أبشري يا ماما ، سيقتل هذا الأرنب جوعي وجوعكِ ، صحيح إنه صغير وهزيل .. لكنه .. أ أ أرنب ، آه حقاً يا جدي ، إن الثعلب المبكر يحظى بالأرنب ، وها هو الأرنب قادم ، فلأستعد ..

    أرنوب
ــــــــــــــــــــ
   تسمرتُ في مكاني ، وقلبي ينتفض ، لقد سمعتُ صوتاً ، نعم سمعته آتٍ من مكان قريب ، أهو الثعلب ؟ يا لجبني ، أي ثعلب أحمق يخرج في مثل هذا الجو والظلام ؟
هيا ، الوقت يمرّ ، إن الجزر والملفوف واللفت ، تحت هذا الثلج ، ولابد من العمل للحصول عليه .
وبكل ما أملك من قوة ، رحت أنبش الثلج ، حتى كادت يداي تتجمدان .


     ثعلوب
ـــــــــــــــــــــــ
   توقف أرنوب عن نبش الثلج ، يبدو أنه لم يصل إلى ما يريد ، لا عليك ، يا أرنوبي ، تعال واعطني ما أريد ، سأخلصك من البرد والجوع ، و .. وكتمتُ أنفاسي ، ها هو أرنوب يتجه بأقدامه نحوي ، إنه يحدث نفسه ، فلأصغ ِ إليه ، يا إلهي ، إن أمه مريضة مثل أمي ، وهي مثل أمي تنتظر جائعة في البيت ، ما العمل ؟
ومرّ أرنوب بي ، دون أن يشعر بوجودي ، وراح يبتعد ، حتى كاد يختفي ، وأنا لم أصل إلى قرار بعد .

    أرنوب
ـــــــــــــــــــــ
   ستبقى ماما جائعة ، وقد لا تشفى من مرضها ، ولاح بيتنا من بعيد ، يلفه ضباب الفجر ، مسكينة ماما ، إنها .. ، وتوقفت وقلبي يخفق بعنف ، لا يمكن ، هذا وهم لا أكثر ، إن ما خطف كالبرق أمام بيتنا ليس ثعلباً صغيراً ، نعم ، هذا وهم .
وحثثتُ الخطى ، لا يمكن أن يخرج ثعلب ، ثعلب صغير ، في مثب هذا البرد ، و .. وتوقفت ثانية ، وتسمرت عيناي فوق حزمة من الجزر .
هذا ليس وهماً ، إنه جزر ، جزر حقيقي ، وتلفتُ حولي ، ترى من أتى بهذا الجزر ؟ من يدري ، مهما يكن ، فإن ماما ستشبع اليوم .
ومددتُ يديّ ، واحتضنتُ حزمة الجزر ، وانطلقت فرحاً إلى ماما . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق