لقاء فوق الرابية
طلال حسن
لم يكن الديك يحب أن يلتقي
بالثعلب العجوز ، حتى في الحلم ، لكن ها هو يلتقي به ، ليس في الحلم ، بل في الفجر
، فوق رابية مرتفعة ، تقع بعيداً عن القن .
لقد وقف الديك على عادته ، فوق الرابية ، وأغمض عينيه ، وصاح : كوكو ..
ريكو .
وما إن فتح عينيه ، حتى شهق برعب ، وكاد يتهاوى على الأرض ، وأي ديك في
العالم ، لا يشهق ، ولا يتهاوى ، عندما يرى الثعلب العجوز أمامه ؟
وهمّ الديك أن يهرب ، لكن الثعلب العجوز قطع عليه الطريق ، وصاح به :
أخبرني ، أيها الديك الأحمق ، ما الذي تريده بقولك .. قوقو .. ريقو ؟
وحاول الديك عبثاً أن يتمالك نفسه ، وقال بصوت متحشرج : عفواً ، إنني لم
أقل قوقو .. ريقو ، بل كوكو .. ريكو .
واحتد الثعلب العجوز قائلاً : دعك من هذا ، أريد أن أعرف ، ما الذي تريده ؟
إن خبثك لن ينطلي عليّ .
وردّ الديك قائلاً : وما الذي أريده ؟ إنني أنادي الشمس .
وقاطعه الثعلب العجوز صائحاً : أنت تكذب ، إن الشمس لا تحتاج إلى ندائك ،
وستأتي في حينها ، سواء ناديتها أم لم تنادها .
وهزّ الديك رأسه ، وقال : إنني لا أكذب ، يا سيدي ، دعني أناديها ، وسترى
بنفسك .
وتساءل الثعلب العجوز : وإذا لم تأتِ ؟
فردّ الديك قائلاً : كلني .
والتمعت عينا الثعلب العجوز شرها ، وقال : حسن ، اتفقنا ، نادها .
ونفخ الديك صدره ، وبأعلى صوته صاح : كوكو .. ريكو .
وتطلع الثعلب العجوز إلى الأفق ، ثم قال بفرح : انظر ، لم تأتِ الشمس .
فردّ الديك قائلاً : انظر وراءك .
وقال الثعلب العجوز : أيها الأحمق ، إن الشمس تأتي من الشرق .
فابتسم الديك ، وقال : لكن هذه المرة أتت من الغرب .
والتفت الثعلب العجوز ، وشهق مرتعباً ، فبدل شعلة الشمس ، رأى شعلتين
ملتهبتين تحدقان فيه ، إنه الكلب ، فأطلق سيقانه للريح ، ولكن أين المفر ، والكلب
ينطلق في إثره كالسهم ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق