الثعلب وذكر النعامة
طلال حسن
منذ أيم ، والثعلب يراقب ساخراً
ذكر النعامة ، وهو يتناوب مع أنثاه ، على الرقاد فوق البيض ، وإمعاناً في السخرية
، قرر ذات ليلة ، أن يتعرض للذكر نفسه ، دون أن يفكر في النتائج .
وعلى هذا ، فقد تسلل من بيته ، تحت جنح الظلام ، متوجساً إلى عش النعامة
، ولاح الذكر من بعيد ، بريشه الأبيض
والأسود ، كشبح من أشباح الليل .
وتوقف الثعلب على مقربة من العش ، وقال : مساء الخير أيتها النعامة .
ورفع الذكر رأسه ، ورمقه بنظرة حادة ، وقال : يبدو أن نظرك قد ضعف .
وغالب الثعلب ابتسامته الساخرة ، وقال : آه ..عفواً ، ألستِ ..
فقاطعه الذكر بحزم : أنا ذكر .
وتظاهر الثعلب بالدهشة قائلاً : ذكر ! طائر ذكر ؟ وترقد كأي دجاجة فوق
البيض .
وحدق الذكر فيه غاضباً ، فهز الثعلب رأسه ، وقال : لا عجب إذن أنك لا تطير
.
فتململ الذكر ، وقال : صحيح إنني لا أطير ، لكني أستطيع أن أطيّر .. أمثالك
، وبعدها لن يطيروا مرة أخرى .
وتراجع الثعلب متأهباً للفرار ، لكنه قبل أن يطلق سيقانه للريح ، هبّ الذكر
من فوق البيض ، وبكل ما يملك من قوة ، ركل الثعلب بقائمتيه الصخريتين .
وصدق الذكر ، فقد طار الثعلب ، ثم هوى منسحقاً على الأرض ، ويبدو أنه ،
وكما قال ذكر النعامة ، لن يطير مرة أخرى .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق