الجمعة، 14 سبتمبر 2018

"الأحلام عندما تتحقّق تصير أجمل " قصة للأطفال بقلم: فاطمة حمادي

الأحلام عندما تتحقّق تصير أجمل


فاطمة حمادي

عندما ضاق بها المكان أطلقت ببصرها إلى ما وراء زجاج النّافذة المغلقة وقالت  هداية تلك الطّفلة ذات الخمس سنوات "- السّماء شاسعة وصافية والشّمس ساطعة ...انظروا إلى تلك الطّيور المحلّقة  وأنا أحبّ كثيرا تلك العصافير التّي تسكن شجرات حديقة منزلنا والتّي استيقظ كلّ صباح  على شدوها،فكم اشتقت إليها وإلى حديقة منزلي ،وإلى أرجوحتي  "
قالت أسيل تلك الطّفلة ذات السّنوات الأربعة والّتي تقاسمها الغرفة " أنا أحبّ كثيرا الفراشات الّتي ترفرف فوق  الورود نخن أيضا لنا حديقة  جميلة عنّاء تزيّنها زهور ورديّة  تحلّق فوقها الفراشات ، فكم يحلو لي أن أجري وراء تلك الفراشات  وأقفز لألحق بها ."
قال أمين وهو طفل فات سنّ الرّابعة بأشهر :" أنا أحب الحصان لأنّه يعدو ويقطع المسافات الطّويلة  ويفوز في السّباق  "قالت جنان  وهي في الثّامنة من العمر:" –تطلّ نافذة غرفتي  في منزلنا على البحر ، فكم تعجبني طيور النّورس  البيضاء التّي تملأ الجوّ وهي تحلّق فوق البحر أوتراها متجمّعة على حافّة الماء وكنت دوما أتساءل أين تنام تلك الطّيورالمائيّة   ؟ وأين تضع بيضها  وهي لا تغادر الماء ؟....
قالت هداية "- ما رأيكم لو نغرس لها أشجارا قرب البحر... "
قالت أسيل :-" ونغرس لها زهورا ورديّة "
قالت هداية"- ولكن رمال الشّاطئ لاتنبت الأشجار "
قال أمين :" الحلّ موجود ، سنأتي بالتّراب من حديقتي منزلي وجوادي السّريع سيكون في خدمتنا "
فكرة رائعة هتفت هداية وأضافت تقول ":- أنا أيضا سأكلّف عصافير حديقتي بأن تنقل شتلات بعض الاشجار وتأتي بها "
قالت أسيل " كي تعيش النّباتات فهي تحتاج إلى الماء  ، فكيف سنأتي بالماء ؟
 أجابت هداية : لديّ فكرة ماذا لو نغرس تلك الأشجار في فصل الشّتاء فهو  فصل الأمطار،فترتوي وتكبر   ؟"


ومع حلول فصل الصّيف تحقّق حلم الأطفال : كبرت الشّجرات  وفيها بنت النّوارس أعشاشها  لتضع بيضها وهي آمنة . وذات صباح تعالت أصوات النّوارس محدثة صيحات عالية ففزع الأطفال ليروا ما يحدث : لقد حلّ غراب بتلك الغابة الصّغيرة الجديدة وسرق بيض أحد الأعشاش . فاحتار الأطفال في الأمر واتفقوا أن يتشاوروا وأن  يفكّروا في حلّ كيف يتخلّصون من ذلك الغراب الّذي أفسد عليهم فرحتهم  وأثار الخوف والهلع والفزع والحزن في النّوارس .
فاقترحت هداية قائلة :- يجب أن  نعاقب الغراب ، ننصب له  فخّا ، وعندما نمسك به نحبسه في قفص ليتعلّم احترام متاع الغير وأن يتعايش مع غيره من الطّيور   بسلام"
قال أمين موافقا :-اتركي الأمر لي سأوقعه في شباكي وسأخلّص النوارس من شرّه "
وبقي أمين يراقب حركات الغراب ولمّا  رآه يطير واطمأنّ بابتعاده عن الغابة صعد مسرعا إلى الشجرة التي تعوّد الغراب أن ينام على أحد أغصانها وبالقرب منه صنع عشّا ووضع فيه بيضات دجاجة وردم تحت القشّ مصيدة .ثمّ نزل مسرعا . وقبل غروب الشّمس عاد الغراب إلى شجرته وبقي الأطفال ينتظرون  ما ذا سيحدث له وهل ستنجح خطّة أمين ويصبح الغراب في القفص سجينا جزاء لفعلته الشّنيعة .... ولم يمرّ وقت طويل حتّى  ارتفع صوت الغراب و بدأ يضرب بجناحيه كأنّه يستغيث و يطلب النّجدة  ، عندها  صعد أمين إلى الشّجرة يحمل معه القفص . ومع مرور الأيّام أصبح الأطفال يتناوبون على إطعام الغراب  وإسقائه، غير أنّ  الغراب صار لا يأكل ولا يشرب  وبطول المدّة، بدأ ريش الغراب  يتساقط بسب  الهزال ،فتألّم الأطفال لحاله وأتّفقوا  أن يأخذوه بعيدا ويفتحوا القفص ويطلقوا سراحه لأنّه طير ولا يمكنه العيش وهو مقيّد ومحبوس  ،فالطير- حتى وان كان غرابا-هو بطل الحريّة  فالحريّة للطّير ضرورة قبل الأكل والشّراب  فالحرّيّة هي الحياة .
المستشفى الجهوي خربة حومة السّوق في 19 جوان 2017 الموافق لـ25 رمضان 1438

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق