الخميس، 24 مايو 2018

"كريم .. صائم" قصة للأطفال بقلم: د.عبير حسن

كريم .. صائم. 


بقلم: د.عبير حسن
أنا أسمي باسم.. واليوم هو أول شهر رمضان، وهو أيضاً أول يوم يصوم فيه أخي الصغير كريم. الذي يحب اللعب ويحب الحلوى كثيراً.
قرر بابا أن يصوم كريم معنا رمضان هذا العام حتى وقت أذان العصر فقط من كل يوم، ليتدرب علي الصوم، فرح كريم جداً وأخذ يردد.. سأصوم.. سأصوم.. أنا كبرت. أما أنا فقلت لنفسي: هل سيستطيع كريم الامتناع عن تناول الحلوى كل هذا الوقت!
وفي الصباح.. حاول كريم أن يوقظني مُبكراً من النوم لألعب معه فقلت له: اتركني أنام قليلاً فأنا صائم وأنا في أجازة. فرد عليَّ في سعادة قائلاً: وأنا أيضاً صائم. وعندما يأس من إيقاظي! ذهب إلي سرير جدي الذي يشاركنا غرفتنا. أغمضت عيني وأنا أتذكر وجه جدي الجميل، وشعره الأبيض الناعم، وابتسامته الرائعة وهو يداعب كريم ويقول له مثل كل يوم : هيا يا كريم، مد يديك وساعد جدك العجوز علي القيام.
في خزانة ملابس جدي مخبأ لأصناف الحلويات التى يحضرها خصيصاً لعُمر. فتحت عيني قليلاً, على صوت كريم وهو يقول هيا يا جدي, هيا يا جدي. فوجدت جدي ممسكاً بيد عُمر كعادته، ثم فتح الدرج الصغير بخزانته، وأعطي كريم قطعة من حلوي الشوكلاتة المحشوة بالكراميل التي يحبها كثيراً. لكنه قال له: حسناً يا كريم.. احتفظ بها إلي ما بعد صلاة العصر.. بعدها يمكنك أن تأكل كما تشاء، هكذا اتفقت مع بابا، فأنت الآن صائم مثلنا. هز كريم رأسه بالموافقة وهو يقول: نعم يا جدي أنا صائم. ثم ذهب إلي سريره، ورفع وسادته، ووضع الحلوى تحتها. وبمضي الوقت.. تكررت مصاحبة كريم لجدي إلي الدرج الصغير، وزادت قطع الحلوى تحت وسادته. مر الوقت ببطئ ونام أخي كريم من كثرة اللعب, وحملته أمي ووضعته في سريره .
وفي فترة الظهيرة.. جلست مع جدي نُشاهد التلفاز في الصالة، ونقلب في قنواته المُتعددة، ونتحدث معاً. فحكي لي جدي عن ذكرياته في شهر رمضان وهو صغير.
وعندما توقفت الحكايات قال لي بصوت منخفض: كانت أيام جميلة يا باسم.
كنت أجلس مسروراً بسماع حديث جدي الذي أُحبه كثيراً، عندما لمحت كريم آتياً من غرفتنا بعد أن استيقظ ، وهو يمسك بقطعة شوكلاتة ويضعها في فمه!! وعندما رأي جدي قال في براءة واضحة الحلوي لذيذة جداً يا جدي. ابتسم جدي وهو يقول: يبدو أنك نسيت يا كريم أنك صائم! عندئذ تغير وجهه، وجري نحو جدي وقال: لقد نسيت يا جدي.. لقد نسيت وأكلت الشيكولاته!
أحتضن جدي كريم وقال: نعم يا صغيري أعرف أنك نسيت.. لكن الله يا كريم يحبنا، ويسامحنا إذا نسينا وأكلنا أو شربنا في نهار رمضان . لذلك سَتُكمل صيامك حتى أذان العصر. أليس كذلك؟ اطمئن كريم لحديث جدي وقال في سعادة: نعم نعم.. فأنا الآن مازلت صائماً.
جلست أنا وجدي نُداعب كريم ، إلي أن قال جدي: هيا يا أولاد نتوضأ، فقد اقترب موعد آذان العصر. فقال كريم: أذان العصر.. أخيراً سآكل وأشرب، لقد صُمت.. أنا قوي. قال جدي ضاحكاً: انتظر أيها القوي حتى نصلي معاً صلاة العصر .
توضئنا، ثم وقفنا أنا وكريم نُصلي خلف جدي، كان كريم ينظر إلي ويقلدني في الركوع والسجود، ويضع يده فوق بعضها علي صدره ويحرك فمه عند قراءة الفاتحة مثلي وبعد الصلاة رفع جدي يديه يدعو لنا جميعاً بالنجاح.. فرفعت أنا أيضاً يدي ودعوت بصوت واضح أن أنجح فى اختبارات كرة القدم في النادي الذي أحبه، عندئذ رفع كريم يديه ليدعو بصوت مرتفع ويقول: يا رب اجعلني أنسي كل يوم وآكل حتى لا أتعب من الصوم.
بعد أن انتهينا من الصلاة، اندفع كريم نحو غرفتنا ليُحضر حلوى الشوكلاتة من تحت وسادته، وجلس يفتح أغلفة حبات الشوكلاتة واحدة تلو الأخرى ويقول: لقد صُمت يا جدي.. الصوم سهل يا باسم. هل ستلعب معي الآن حتى أدعو لك بعد كل صلاة أن تنسى أنك صائم وتأكل مثلى.
وهنا ارتفع صوت جدي وهو يقول: يا كريم.. إن الله تجاوز عن الخطأ، وعن النسيان. كما أخبرنا بذلك النبي صلي الله عليه وسلم في حديثه المعروف "من نسي وهو صائم، فأكل أو شرب، فَلِيُتم صومه.. فإنما أطعمه الله وسقاه" صدق رسول الله. ولكن ليس معني ذلك أن ندعو الله بالنسيان. ما رأيكم أن ندعو في الصلاة القادمة، أن يُعيِنَنَا الله علي تحمل مشقة الصيام.
أنا عن نفسي، فهمت ما يقصده جدي. وتوقف كريم عن الدعاء بعد الصلاة بالنسيان ليأكل كما يشاء.. إلا أنه عندما يأتي ليسألني في نهار رمضان عن موعد الإفطار. وبعد أن أخبره أن الوقت ما زال طويلاً، أسمعه يقول لنفسه بعد أن يتركني ويذهب: يا رب أنسى.. يا رب أنسي!
أصدقائي.. أنا أُحب أخي كريم فهو مازال صغير ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق