الخميس، 24 مايو 2018

"أين ماما ؟ " قصة للأطفال بقلم : طلال حسن



أين ماما ؟

    " 1 "
ــــــــــــــــ
    ضاقت السلحفاة الصغيرة بالبيضة ، فأخذت تضرب جدارها من الداخل ، حتى كسرت أجزاء منه ، وخرجت من البيضة ، وشقت طريقها عبر رمال الحفرة ، ووقفت مذهولة فوق الشاطىء .
آه ما أكبر العالم ، وما أجمله ، وتلفتت حولها بحيرة ، تبحث عن شيء لا تعرف حقيقته ، لكنها تشعر بالحاجة إليه ، فما هو ؟
وأقبل طائر ناصع البياض ، يتبعه طائر صغير ، يشبهه تماماً ، يصيح : ماما .. ماما .
وبدا لها أن هذا هو ما تبحث عنه ، فأسرعت في أثر الطائر ، وهي تصيح : ماما .. ماما .
وتوقف الطائر الصغير ، ونقرها في رأسها قائلاً : أيتها البلهاء ، هذه البطة أمي .
وسارعت البطة البيضاء بإبعاد صغيرها عن السلحفاة الصغيرة ، ثم قالت لها : لست أمك ، إنني بطة ، اذهبي وابحثي عن أمك .
وأطرقت السلحفاة الصغيرة رأسها لحظة ، ثم سارت ببطء ، على امتداد الشاطىء ، علها تجد أمها .

    " 2 "
ـــــــــــــــــ
    توقفت السلحفاة الصغيرة ، حين تناهت إليها ، أصوات شاكية متلهفة ، من مكان قريب ، فرفعت رأسها ، وإذا أرنبة ترقد بين الأعشاب ، تتزاحم حول ضروعها سلعة أرانب صغيرة ، وهي ترضع وتصيح : ماما .. ماما .. ماما .
فأسرعت السلحفاة الصغيرة إلى الأرنبة ، وهي تصيح : ماما .. ماما .. ماما .
وتصدت لها الأرانب الصغيرة ، وصاخب ها أكثر من واحد : ابتعدي ، هذه أمنا .
وتراجعت السلحفاة الصغيرة دامعة العينين ، وقال للصغار : عفواً ، حسبتها ماما .
واعتدلت الأرنبة قليلاً ، وقالت بصوت رقيق : إنني أرنبة ، وهؤلاء الأرانب صغاري ، وأنت يا عزيزتي ، لست أرنبة ، بل .. سلحفاة صغيرة .
وأطرقت السلحفاة الصغيرة رأسها لحظة ، ثم استأنفت سيرها ، وكلها أمل أن تجد أمها هذه المرة ، فقد عرفت أن أمها ليست طائراً ، ولا أرنباً ، ولا أي كائن آخر ، وإنما سلحفاة .. سلحفاة كبيرة .

    " 3 "
ـــــــــــــــــ
    رآها دبدوب ، فأسرع إليها ، وراح يدور حولها
مذهولاً ، وتوقفت السلحفاة الصغيرة ، وقالت متسائلة :هل رأيت ماما ؟ إنها مثلي ، سلحفاة .
سلحفاة ! والتمعت عيناه ، إنه لم يرَ سلحفاة من قبل ، ترى أهي من الطيور ، أم اللبائن ؟ أم الحشرات ؟ أم .. وتابعت السلحفاة الصغيرة قائلة : لقد خرجت قبل من البيضة ، لكني لم أجد ماما .
والتمعت عينا دبدوب ثانية ، يا للاكتشاف ، إنها من الطيور إذن ، لكن أين ريشها ؟ وأين جناحاها ؟
وفوجىء بطائر ينقض كالسهم ، ويوشك أن يختطف السلحفاة الصغيرة ، فتصدى له ، وأرغمه على الفرار .
ومن بعيد ، لمحت السلحفاة الصغيرة ، سلحفاة كبيرة تتهادى ببطء على رمال الشاطىء ، فأسرعت إليها ، وهي تصيح : ماما .. ماما .
فهتفت بها السلحفاة ، وهي تحث الخطى نحو البحر : أسرعي ، يا صغيرتي ، واحتمي بأعماق البحر ، قبل أن يعود النورس ، ويلتهمك .
وغاصت السلحفاة ، متجهة نحو الأعماق ، فسارعت السلحفاة الصغيرة بالغوص في أثرها ، وعرفت السلحفاة الصغيرة فيما بعد ، أن تلك السلحفاة لم تكن أمها ، فالسلاحف الصغيرة لا تعرف أمهاتها ، ولا تحتاج إليها ، لكنها كانت مثلها سلحفاة ، وهذا هو المهم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق