الأربعاء، 21 مارس 2018

"سيد الشاطئ " قصة للأطفال بقلم : طلال حسن



سيد الشاطئ
بقلم : طلال حسن
                                       
   " 1 "
ــــــــــــــــ
     أقبل الربيع إلى جزر بريبيلوف ، الأرض الطيبة القديمة ، ومعه بدأت تقبل الآلاف من سباع البحر ، بعد أن قضت أشهر الخريف والشتاء في عرض المحيط .
ومن بين سباع البحر تلك ، واحد من أسياد الشاطىء ، الذي كان بحق أبرز سيد من أسياد شواطىء جزر بريبيلوف ، في ربيع وصيف العام الماضي ، فقد كان فتياً ، ضخماً ، مرهوب الجانب ، كما كان رئيس قطيع من الإناث ، يزيد عددهن عن أربعين أنثى ، أما ربيع هذا العام وصيفه .. آه ، وتنهد سيد الشاطىء بمرارة ، ولعن في سره القرش الضخم ، الذي هاجمه في عرض المحيط ، وكاد يقضي عليه .
وبعد الغروب ، وصل شاطىء الأرض الطيبة القديمة ، وما كاد يخرج من الماء ، حتى تهاوى على الرمال ، خائر القوى ، وسرعان ما أستغرق في سبات عميق .

  " 2 "
ــــــــــــــ
     خلال الأيام التالية ، التفت حوله مجموعة من الإناث، يربو عددهن على الثلاثين ، وخمن أن معظم الأخريات ، وقعن فريسة للقروش أو للحيتان القاتلة ، وأستبعد بينه وبين نفسه ، أن تكون بعضهن قد التحقت ، بإرادتهن أو قسراً ، بسبع بحر آخر ، أكثر قوة منه ، بعد الجرح العميق ، الذي أصابه به القرش ، في عرض المحيط .
وبرغم ضخامته ، وسنامه المليء بالدهون ، والذي سيغنيه عن طلب الطعام ، طوال أشهر الصيف الثلاثة ، إلا أنه ، أدرك قبل غيره ، بأنه ليس على ما يرام ، وأن قواه قد تخذله ، عند أي ّ نزال مع سيد  طامع ، من سادة الشاطىء ، وما أكثرهم في مثل هذه الظروف .
وعليه فقد تمنى ، بينه وبين نفسه ، أن لا يتعرض إلى تحد ، من أي سيد من أسياد الشاطىء  ، قد لا تكون له طاقة  على مواجهته .

" 3 "
ــــــــــــــ
     ثوى ذات ليلة ، إلى جانب إناثه ، وأغمض عينيه ، لعله ينام ، لكنه لم ينم ، وتملكه الضيق والقلق ، حين تراءت له الصراعات الدامية ، التي  تدور بين أسياد الشاطىء ، على امتداد الأرض الطيبة القديمة ، وتذكر بشيء من الحسرة ، سبع البحر ، الذي تصدى هو له ، صيف العام الماضي ، وطعنه بأنيابه السفلى ، الشبيهة بالخناجر ، وأحدث في جسمه جروحاً مريعة ، وأجبره على الهرب ، وأخذ مجموعة من إناثه .
وأغفى عند الفجر ، لكنه سرعان ما أفاق على سبع بحر فتيّ ، يزأر بأعلى صوته ، زئيراً خشناً ، يبعث على الخوف .
ونهض خائفاً متوجساً ، فتوقف سبع البحر الفتيّ في مواجهته ، وزأر ثانية بنبرة تحد ووعيد ، فتراجعت الإناث ، ووقفن جانباً ، ينظرن بخوف واستسلام نتيجة المواجهة ، بين سيدهن وسبع البحر الفتيّ .
وحدق سبع البحر الفتيّ في جرح سيد الشاطىء ، وقال : يا لها من عضة .
ورمق سيد الشاطىء جرحه بنظرة خاطفة  ، وقال : هذه عضة قرش ، لم أرَ في ضخامته وشراسته قرشاً من قبل ، وكاد يفتك بي ، لو لم ألذ بالفرار .
وابتسم سبع البحر الفتيّ ساخراً ، وقال : عين العقل .
وفتح فمه على سعته ، وتلامعت أنيابه السفلى كأنها خناجر ، ثم قال : ليس من الخطأ أن يلوذ سبع بحر جريح مثلك من .. موت محقق .
ولاذ سيد الشاطىء بالصمت ، وقد أدرك ما يعنيه سبع البحر الفتيّ ، وتراجع إلى الوراء ، دون أن يلتفت إلى إناثه ، وسرعان ما مضى مبتعداً ، حتى توارى خلف صخور الشاطىء البعيدة .
 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق