الأحد، 18 فبراير 2018

"التقنية الرقمية والبعد التربوى للطفل" بقلم: السيد نجم

"التقنية الرقمية والبعد التربوى للطفل"
 بقلم: السيد نجم
هذه دراسة تحليلية ومستقبلية في تقييم التقنية الرقمية (الانترنت)، فى شأن الكتابة وتقديم المتداولات المختلفة للطفل العربي.
إن الكاتب المهتم بفنون الطفل الآن يجب أن يعيد ترتيب أفكاره ومسلماته العامه تجاه الطفل. فالطفل الآن فى قبضة مؤسسات فاعلة ومؤثرة بأكثر من تأثير الأسرة، ويخضع لدوائر ثلاث: مؤسسة الإعلام والاتصال، ومؤسسة التعليم، ثم مؤسسة الأسرة أخيرًا.. وبالتالي يبرز اختلافا بين جيل "المبدع"، وجيل المخاطب وهو الطفل.
ففي نموذج "البطل والبطولة" عند جيل/أجيال كتاب الإبداع الأدبي والفني للطفل.. كان البطل هو "القوة" والنموذج كان شخصية "طرازان" أو"زورو"، الشخصية المفعمة بالمغامرة والنزوع إلى استخدام العنف والقوة العضلية الخارقة من أجل استرداد حقه الشخصي مدفوعًا بالرغبة فى الهيمنة.. ثم أصبح البطل هو "العقل أو التعقل" والنموذج هو "تومى وجيرى" و"ميكى" و"نماذج ديزني لاند الأمريكية" القادرة "بالعقل" قهر القوة العضلية.. ثم غلب البطل "الآلة" القادرة على ﺇجتياز آفاق السماء، وانتقل الصراع إلى السماء.
بينما نموذج "البطل والبطولة" للطفل المخاطب الآن، ليس له شخصية ما بقدر ما هو (نمط) محدد بصفات ما.. ألا وهي (السرعة) إلى حد التجاوز، أو (القوة) إلى حد البطش، و(الحيلة) دون النظر إلى نتائجها. بالإضافة إلى عنصر (التفاعل)، حيث لا تتم تلك المعطيات من إبداعات أو ألعاب الكترونية إلا بأنامل الطفل وتفاعله مع النص الرقمي/اللعبة الالكترونية.
إن كاتب الطفل نشأ وتربى على نمط سلبي اﻹستقبال غير متفاعل، فى ﺇنتظار النتائج.. فى مقابل طفل (جديد) متفاعل مع المعطى له على أنه لعبة أو حكاية أو هو نص الكتروني رقمي.
& التقنيات الإبداعية وعلاقتها بإبداعات الطفل..
أ – مفهوم التقنية الرقمية ودورها:                                           
"هو كل نص يتشكل بحسب معطيات التقنية الرقمية، بتوظيف اللغة الرقمية والبرامج المتاحة داخل جهاز الكمبيوتر، بحيث يتضمن "الصورة- الصوت- اللون- الحركة- الكلمة"، فى تشكيل فني، يساعد الطفل على نمو الذوق والشخصية، ويتوافق مع احتياجات عالم الطفل الشعورية والمعرفية".
النصوص الرقمية للطفل "القصة/الحكاية/ الألعاب الثقافية والترفيهية/الشعر".. وتعد النصوص الرقمية أكثر إثارة ودهشة للأطفال.. بحيث يتوافر  لها:                                                                      &الخيال هو.. عملية إبداعية تتشكل على هيئة صور ذهنية عن أشياء غير ماثلة أمام الحواس، أو عن أشياء لم تشاهد من قبل في عالم الحقيقة والواقع. والخيال عنصر أساسي من عناصر الآداب، كما فى الأخلاقيات وفي مضمار العلم والاختراع. وله دوره الهام فى انتاج النص الرقمي                                              & الكاتب الرقمي.. هو المتعامل الواعي بأسرار التقنيات السردية/المشهدية، بالإضافة إلى أسرار التقنيات التكنولوجية، في بناء العمل الأدبي الرقمي، مع قدرة المبدع الرقمي في توظيف هذا العنصر، وبدرجة نجاح تحقق توظيف العناصر المختلفة في البناء الكلى للعمل الرقمي".                                           *يجب أن يتحلى الكاتب الرقمي بالآتي:                                                          1-البحث في جوهر خصائص الثقافة الرقمية.. مثل: "غلبة الصورة في الثقافة الرقمية.. وغيرها".               2- الإلمام بأسرار الكمبيوتر ولغة البرمجة، وأن يتقن لغة إل HTML  وغيرها.. أن يعرف فن الجرافيك والإخراج السينمائي، أن يعرف فن إل Animation. أو الكتابة بالصورة المتحركة والثابتة.. واستخدام برنامج الفلاش ماكرو ميدياً.. طرق اﻹستعانة بمقاطع من أفلام سينمائية.. وغيرها.                                3- أن يكون ملما بأسرار فنون الكتابة السردية.. سيناريو السينما وكتابة المشاهد..                              4- أن يكون ملما بأبعاد القضية المطروحة، في العمل الفني، وكيف يطرحها على الطفل.                   5- مع الوضع في الاعتبار أن المنفذ الفعلي للتقنيات المهارية، ربما مبرمج أو مهندس.                          6- الوعي بسلبيات "الصورة"، مثلما الوعي بكل معطياتها الايجابية..
& المحتوى الرقمي.. إن التشابك بين الثقافة والأدب الرقمي والطفل، وخصائص ومعطيات التقنية الرقمية، أفرزا لونًا جديدًا من المتداولات الإبداعية الجديدة للطفل، منها: شيوع الثقافة العلمية وأدب الخيال العلمي للطفل.. إنتاج نصوصًا رقمية متنوعة "العاب الفيديو". ثم إعادة إنتاج قصص وحكايات تراثية أو حديثة.
*إجمالا يمكن الإشارة إلى أن عناصر بناء الأعمال الإبداعية والفنية: "الرسم واللون"، "الحركة"، "الكلمة".. بالإضافة إلى "الصورة" و"الصوت" ضمن المعطيات الرقمية، كلها تلعب دورها المتميز جماليا ومعرفيا.
& معطيات التقنية الرقمية للطفل:
* أولا: تزكية وتوظيف الثقافة والخيال العلمي لإبداعات الطفل:
قال العالم الفلكي الأمريكي "كارل ساجان":"يبدأ كل إنسان منا حياته وكأنه واحد من العلماء، فتكمن في داخل كل طفل مشاعر وأحاسيس العالم التي تجعله يتعجب ويندهش"، ما يعنى أن "الدهشة" هي من فطرة الطفل ومن طباع العلماء.
ثانيا: إنتاج العاب الطفل، و"العاب الفيديو"..
  هي أكثر البنود التي يتعامل الطفل معها، وأغلب ما يتناوله الانتقاد إليها تبدو بملامح أخلاقية، وتتسم بالتعميم والمبالغة. بينما هناك بعض الألعاب تتميز بتنمية مهارات، مثل التوافق الحركي البصري، وغيرها لتنمية الذكاء وتنشيط الملكات الذهنية.. توافر التفاعلية.. تزكى ملكة ﺇتخاذ القرار.
* ثالثا: إعادة إنتاج المنتج الورقي بالاستفادة من التقنية الرقمية:
وهو ما يعنى الاستفادة بالمعطى الأدبي الورقي، ثم إعادة إنتاجه بالتقنية الرقمية، بحيث يمكن الاستفادة من عناصرها الايجابية إلى جانب ايجابيات التقنية الرقمية..
* رابعا: إعادة إنتاج المنتج الورقي إلى رقمي دون إضافة جوهرية للنص الورقي. (أغلب مجلات الطفل التي تعيد نشر موادها على الشاشة) 
   & فضاءات التقنية الرقمية مع الطفل العربي:   
  أولا: مواقع ألعاب الفيديو والكمبيوتر..  
   كما يلعب "الأدب" دورًا هامًا فى تنشيط الخيال عند الطفل، كذلك دور الألعاب. فاللعب ينمى الجوانب اﻹجتماعية وخصائص التعاون لدى الصغير.                                                                          ثانيا: مواقع الطفل:                                                                               
: أغلبها لم ينشأ كموقع مبتكر للطفل، فهي تتنوع بين: (مجلات ورقية يتم نشره رقميا).. (قنوات تليفزيونية تنقل مادتها للعرض على شاشة الحاسوب).. (مواقع عن جمعيات اجتماعية مثل (مجلة الفاتح الإسلامية للأطفال- موقع شركة سنا)..
: بين المواقع، ما هو محدد (بهدف) أو (جنس الطفل) أو غيره، وهو ما يمكن أن يوصف بأنها مواقع أحادية التوجه، مثل (موقع لميس- فناتير- التعليم الذكي).
: ليس بين تلك المواقع مجتمعة، موقعا حدد المرحلة العمرية التي يخاطبها.
* قراءة عامة:
-  يعد مجمل عدد المواقع ضئيل جدا قياسا بكم وعدد المواقع المختلفة العربية على الشبكة.
- يوجد إعلان بأحد المواقع للطفل، السؤال: هل ترغب بالزواج (قران=بكسر القاف؟!)
- توجد مواقع لافته ليس لجودة موضوعها، بل لغرابة المحتوى الذي لا يتضمن أية معاير تربوية!
- عدد من تلك المواقع، تخاطب الكبار، وليس الصغار.. أي أنها مواقع عن الطفل.
ثالثا: منتدبات عامة وأدبية تتضمن قسمًا واهتمامًا بإبداعات الطفل
رابعًا: منتج نص رقمي (قصة رقمية للطفل نموذجًا):
توجد بعض المحاولات لإنتاج نصوص رقمية طموحة وجادة للطفل.. منها: "إسلاميات حاسوبية"، "المكتبة الالكترونية للطفل المسلم"، "هرم المعلومات"، "كان ياما كان" وهى تتضمن أربع قصص الكترونية (هي أقرب إلى الأفلام القصيرة: "الثعلب والغراب والجبنة"، "الثعلب وعنقود العنب"، "الكلب الطماع"، "النملة والجندب". توظيف الصورة, الصوت, اللون والرسومات، مع الكلمة.. توظيف خواص ال (Multimedia)
خامسًا: الترويج لكتاب الطفل الورقي بالتقنية الرقمية..
 وهى خدمة جيدة، حسنة النية، إلا أنها لم تستفد بالتقنية فى إنتاج تلك الكتب، وغير متضمنة فى مواده الثقافية والإبداعية، بل حملت ما يؤخذ على الكتاب الورقي للطفل، إلى ساحة وفضاءات التقنية الرقمية.. حيث يلاحظ بالاطلاع على الخبر الذي يتضمن أسماء الكتب
سادسًا: الطفل في مواقع المرأة..
مثال: (موسوعة الطفل والأم.. وهو من أكبر الموسوعات المتخصصة للطفولة والأمومة من بداية الحمل حتى الطفولة المبكرة ، تحتوى الموسوعة على قاعدة بيانات لمعاني الأسماء لمساعدتك فى اختيار اسم الطفل،  كما تحتوى  على أكثر من ساعة ونصف شرح فيديو يتناول مراحل خلق الجنين ونموه وتطوره دخل الرحم بالإضافة لتغذية الطفل فى مراحل نموه المختلفة والحفاظ على نظافته وصحته الجسدية والنفسية ).                                                                                    
سابعا: الطفل في مواقع الأسرة..
مثل (موقع منتدى "فتكات".. تديره سيدة، ربة منزل، بالقاهرة. )                                     * ملاحظات عامة:                                                                            : استخدام اللهجة (اللغة) العامية، دون اللغة العربية المبسطة أو الفصيحة.                         
    : الجزء الخاص بالطفل، لا يمثل أكثر من 4% من مجمل موضوعات وصفحات الموقع.               
 : إن كان الاشتراك مقصورا على النساء فقط، إلا أنه مسموح للرجال بالمتابعة والتلقي.                 
: المخاطب هو الطفلة فقط، دون الأطفال الذكور.                                              
: الجزء الخاص بالطفلة، تحت عنوان "لعبة.." كوسيلة لتحبيب الطفلة بالمادة المعروضة.               
  : نماذج الألعاب فى "لعبة تلبيس" غير عربية فى مجملها.
: نموذج الألعاب المشار إليها "باجز بانى" نموذج غربي لقطة، كذلك فى الألعاب الجديدة غلبة الثقافة والفكر الغربي. لعل منتديات الأناقة والجمال هي الأقرب إلى الثقافة العربية.                                
   : تم توظيف عناصر التقنية الرقمية "الصورة- اللون" بشكل مناسب لتحقيق الغرض.                                                                                             : لم يتم توظيف خاصية "الصوت" فى أغلب الأعمال.
 : أحيانا تأتى "الكلمة" بقدر زائد، وغير متوازن مع بقية عناصر الأبجدية الرقمية.                                   ثامنا: الطفل في مواقع عامة وجامعة..                                                               أما الحديث عن طبيعة وخصائص المواقع المختلفة التي تتعامل مع الطفل.. فهي إما مواقع ذات اهتمام ثقافي عام, ويمكن نشر ما يخص "الطفل" عليها, باعتباره ثقافة عامة.. مثل موقع "ميدل ايست أون لاين". ومواقع ثقافية/أدبية بالدرجة الأولى, ترعى الأدب والكلمة وتضع من جوانب اهتمامها, نشر ما يخص الطفل إبداعا ومقالات أدبية.. مثل موقع "القصة السورية".
تاسعا: الطفل في مواقع دينية عقائدية..
هناك من المواقع العقائدية/الدينية التي تخاطب الطفل, من مفهوم كونه النبتة الأصيلة لإنسان ملتزم دينيا وأخلاقيا.. ويلاحظ اهتمامها بالفقه دون السلوك والمعاملات.
عاشرا: الطفل في مواقع تعليمية..
غالبا توجد المواقع التعليمية التي تخاطب الطفل من خلال المناهج الدراسية والمعلومات المدرسية.. دون الاستفادة بدرجة جيدة من التقنيات الرقمية (صورة- صوت-لون-حركة- الوان.. مع غلبة الكلمة الشارحة).
الحادي عشر: الطفل في مواقع خاصة للمجلات والدوريات- طفل..
هناك المواقع التي تعيد نشر منتج ورقى سبق نشره, مثل مواقع المجلات والدوريات الخاصة بالطفل.. وهى تجمل كل ايجابيات وسلبيات الدورية الورقية دون تجديد.                                                          الثاني عشر: بعض مواقع القنوات التلفزيونية
وهى تبدو أكثر تشويقا وجاذبية عند الطفل، كما تحمل القدر المتاح من التفاعل بين الموقع والطفل، وهو من أهم خصائص توظيف التقنية الرقمية.                                                           -
* وسائط أخرى للطفل:  لنشر كل ما يتعلق بالطفل: أخبار- إبداع- دراسات- وغيره.. مثل موقع "أدب الأطفال". كما توجد وسائط أخرى: 
   1- الكتاب الإلكتروني.
2- الأقراص المدمجة.
3- الصالونات الأدبية (الحوارات الإلكترونية).
وهى تبدو على درجات متفاوتة من حيث كم وجودة الانجاز، وتفاعل الطفل العربي معها.
                                                *************
توصيات
1ـ أن تتوجه الحكومات والمؤسسات لتوفير البنية التحتية اللازمة لتنشيط التقنية الرقمية.                     2ـ استكمال النقص القانوني والتشريعات اللازمة للتكنولوجيا.                              
3– سد الفجوة الرقمية، ونقص المحتوى العربي على شبكة الانترنت.
4-تشجيع الجامعات والمعاهد والمصانع والشركات على إجراء الأبحاث العلمية.
5-تطوير فكر البرمجيات وتصميم برامج عربية ومحركات بحث تخدم اللغة العربية وكذلك تصميم مواقع عربية عالمية تساعد الباحث العربي.
6- وضع التشريعات المناسبة لضمان حقوق الملكية الفكرية وبراءات اﻹختراع.
7– الاستفادة من نماذج غير العربية, للتعريف على تجارب الآخر في هذا المجال.            
8- اﻹهتمام بالطفل خارج المدن الكبرى (القرى- مناطق التجمعات الجبلية والصحراوية)
9ـ أن تدرب الأطفال على الطرائق السليمة والمنهجية في التفكير.
10– إقامة ورش فنية للتعريف بفنون التقنية الرقمية..
11– التعريف بمصطلحات التقنية, وترجمة جملة معارفه, مع تبسيط المعلومات حوله.
 12– استثمار علاقة الجيل الجديد بالتكنولوجيا لتقريبهم من الأدب اﻹفتراضي، فمن المعلن أن ممارسي التعامل مع أجهزة الكمبيوتر في العالم العربي حتى عمر ثلاثين سنة, حوالي 65% من جملة المستخدمين.. وهى نسبة يلزم معها التوجه إلى تلك الشريحة العمرية بالضرورة.         
*********
(ملخص بحث لمؤتمر الطفل بجامعة حلوان عام 2018م)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق