الخميس، 2 نوفمبر 2017

"البيت المسكون" قصة للأطفال بقلم: طلال حسن



البيت المسكون
قصة للأطفال
بقلم : طلال حسن

    فوجئت زينب ليلاً ، وهي مستغرقة في نوم عميق ، بقيس يقفز إلى سريرها ، ويندس مرتجفاً إلى جانبها ، تحت الفراش .
وفتحت عينيها الناعستين منفعلة ، وتساءلت : قيس ! أوه ، ما الأمر ؟
وردّ قيس ، وهو يرتجف : دثريني ، يا زينب ، دثريني ، أشعر ببرد شديد .
واعتدلتْ زينب قليلاً في فراشها ، وقالتْ : عجباً ، نحن في نيسان ، والجو دافيء .
واستطرد قيس قائلاً بصوت مرتعش : دثريني ، دثريني ، يبدو أنني محموم .
ومدتْ زينب يدها ، وتحسستْ جبهته ، ثم قالت : حرارتك عادية ، قل الحقيقة ، ما الأمر ؟
ونظر قيس إليها ، بعينين مذعورتين ، وقال : في شباك البيت المجاور ، رأيتُ شبحاً .
وعلى الفور ، اندستْ زينب إلى جانب قيس ، وهي تقول بصوت مرتعش : شبح ! أنت واهم .
وأكد قيس بصوت مرتعش خائف : رأيته يطل من النافذة ، وينظر إلى نافذة غرفتنا ، و ..
وقاطعته زينب ، وهي تحتضنه : كفى .. يا قيس .. كفى .. دعنا ننم .
وناما جنباً إلى جنب ، وفي منامهما رأيا الشبح أكثر من مرة ، وفي صباح اليوم التالي ، استيقظا متعبين ، وكأن الشبح كان يطاردهما طول الليل .
وعلى مائدة الإفطار ، جلسا كالعادة متقابلين ، ونظرتْ زينب إلى قيس ، فرفع رأسه إلى أمه ، وقال بصوت متردد : ماما ..
وقاطعته أمه قائلة : تناول طعامك الآن ،  باص المدرسة على وشك القدوم .
ودس قيس لقمة في فمه ، وقال : هذا البيت .. المجاور لنا ..
وقاطعته ثانية ، وهي تصب الحليب  له : دعك منه الآن ، إنه مسكون .
وهبّ قيس من مكانه ، وحمل حقيبته ، واتجه مسرعاً إلى الخارج ، فقالت الأم : لم يأتِ الباص بعد .
فردّ قيس ، وهو يخرج : سأنتظره في الحديقة .
وعلى الفور ، نهضت زينب ، وحملت حقيبتها ، ومضت مسرعة في أثر قيس ، ووقفت أمها تتابعها بعينيها حائرة ، قلقة .
وجاء الباص ، وأسرع قيس وصعد إليه ، وجلس في مكانه قرب النافذة ، وتبعته زينب ، وجلست إلى جانبه ، دون أن تنبس بكلمة .
وبدأ الباص بالسير ببطء ، فنظر قيس إلى البيت المسكون ، ورأى في المدخل المعتم رجلاً عجوزاً ، يقف متكئاً على عصا ، فهمس لزينب ، دون أن يرفع عينيه عن الرجل : زينب ، أنظري ، الشبح .    
ونظرت زينب بعينين قلقتين ، لكنها سرعان ما هدأت قليلاً ، وقالت : هذا رجل عجوز ، وليس شبحاً ، فالشبح لا يحمل عصا .
فقال قيس ، وعيناه الخائفتين لا تفارقان الرجل العجوز : أيتها الحمقاء ، إنه شبح عجوز .
وطوال فترة الدوام في المدرسة ، وخلال الدروس المختلفة ، كان قيس ينظر إلى السبورة ، لكنه لم يكن يرى غير الشبح العجوز .
وحتى حين انتهى الدوام ، وجلس في الباص ، لم يفارقه الشبح العجوز ، وحاولت زينب أن تتحدث إليه  ، لكنه لم يجبها بكلمة واحدة .
ونزلا من الباص ، على مقربة من البيت ، وسارا على الرصيف ، وفجأة التفت قيس وراءه ، ثم أسرع قائلاً : زينب ، أسرعي ، الشبح .
وأسرعت زينب في أثره ، دون إرادة منها ، وتوقف قيس في الحديقة ، والتفت خائفاً نحو البيت المسكون ، ولمح الشبح العجوز ، يمضي إلى داخل البيت .
وأسرع قيس إلى الداخل ، وهو يقول : زينب ، أرأيتِ الشبح ؟
وردت زينب ، وهي تدخل وراءه : لم أرَ شيئاً .
واستقبلتهما الأم باشة ، وقالت : هيا ، أسرعا ، الطعام جاهز .
وردّ قيس : لا أشتهي .
وقالت زينب : ليس الآن .
وتوقفت الأم حائرة ، فهذه ليست عادة قيس ، ولا عادة زينب أيضاً ، فماذا جرى ؟ وعلى إحدى المناضد في الردهة ، لمحا باقة ورد جميلة ، فتوقفا عندها ، فقالت الأم : إنها من جارنا العجوز ، الذي سكن البيت المجاور ، قبل يومين .
ونظرت زينب إلى قيس ، ثم التفتت إلى أمها ، وقالت : فلنأكل الآن .
وألقى قيس حقيبته المدرسية جانباً ، وقال بارتياح : نعم ، فلنأكل ، أنا جائع . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق