الأربعاء، 18 أكتوبر 2017

"الثعلبُ الفرّاءُ و العوض على الله " حكايتان شعيبتان للأطفال بقلم: طلال حسن



الثعلبُ الفرّاءُ و العوض على الله
حكايتان شعيبتان للأطفال
بقلم: طلال حسن

     " 1 "
الثعلبُ الفرّاءُ
                  
    يُحكى أن ثعلباً ، ادعى في الغابةِ ، التي هاجرَ إليها ، بأنه فرّاءُ أباً عن جدٍ ، وأنَّ الفِراءَ التي يصنعُها ، لا مثيلَ لها في أيّ مكانٍ .
وعلمَ الأسدُ بالأمرِ ، وهذا ما أرادهُ الثعلبُ ، فأمرَ بإحضارهِ ، وسألهُ : ممَ تصنعُ الفِراءُ ؟
فردّ الثعلبُ : من جلودِ الحملانِ ، يا مولايَ .
فأمرَهُ الأسدُ قائلاً : اصنعْ لي فروةْ .
وانحنى الثعلبُ للأسدِ ، وقالَ : أمرُ مولايَ .     
وصمتَ لحظةْ ، ثمّ قالَ : سأنجزُها خلالَ أسبوعٍ ، إذا أرسلتَ لي حملاً ، صباحَ كلّ يومٍ .
وصباحَ كلّ يومٍ ، خلالَ سبعةِ أيامٍ ، راحَ الأسد يُرسلُ حملاً إلى الثعلبِ ، وفي نهايةِ الأسبوع ، عرفَ الأسدُ بأنّ الفروةَ لمْ ولنْ تنجزَ ، بلْ إنّ الثعلبَ نفسهُ ، تركَ الغابةَ ، ولاذَ بالفرارِ .
وعلى الفور ، أرسلَ الأسدُ من جاءَهُ بالثعلبِ ، وألقاهُ ذليلاً بينَ أقدامهِ ، فصاحَ الأسدُ : أيها اللقلقُ .
وحضرَ اللقلقُ ، وقالَ : مولايَ .
فأمرَهُ الأسدُ قائلاً : خذْ هذا الثعلبَ الكذابَ ، وطرْ به إلى أعلى ما تستطيعُ ، والقهِ من هناكَ .
وقالَ اللقلقُ ، وهو يطبقُ على الثعلبَ بمنقارهِ : أمرَ مولايَ .
وتوسلَ الثعلبُ بالأسدِ أن يسامحهُ ، ويعفو عنه ، لكنْ دون جدوى ، وحلقَ اللقلقُ بالثعلبِ ، وطارَ به عالياً .. عالياً ، ثمّ سألهُ : كيفَ ترى الأرضَ ؟
ونظرَ الثعلبُ إلى الأرضِ خائفاً ، وقالَ : أراها مثلَ صينيةِ الطعامِ .
فطارَ اللقلقُ عالياً .. عالياً .. عالياً ، ثمّ سألهُ : الآنَ ، كيفَ تراها .
فردّ الثعلبُ مرعوباً : أراها مثلَ طبقِ الطعامِ الصغيرِ .
عندئذٍ ألقاهُ اللقلقُ ، وهو يقولُ : اذهبْ ، وكلْ من هذا الطبقِ .
وهوى الثعلبُ من ذلكَ الارتفاعِ الشاهقِ ، وهو يدعو قائلاً : يا ربي وقعني على فروة راعي
  لا ينكس كراعي
ووقعَ الثعلبُ بالفعلِ على فروةِ راعي ، كانَ يرعى قطيعَ غنمهِ في ذلكَ المكانِ من الحقلِ ، ولم ينكسرْ " إكراعه " فالتفّ بالفروةِ ، المصنوعةِ من فراءِ الحملانِ ، ومضى بها إلى بيتهِ .
           
ـ روتها لي ، وأنا صغير ، زوجة عمي ، وكانت من ريف نينوى ـ العراق



     " 2 "
العوض على الله

    ذهبت سلمى الصغيرة إلى السوق ، واشترت شيئاً من العسل ، وضعته في قارورة صغيرة ، وعند الباب رأتها جارتهم العجوز ، ونظرت إلى قارورة العسل ، وقالت : أريد أن أتذوق هذا العسل .
لم تلتفت سلمى إلى المرأة العجوز ، لكنها لم ترتح للهجتها ، وقبيل منتصف النهار اختفت القارورة ، فذهبت إلى القاضي ، ووجدته يلعب مع قط صغير جميل .
قالت سلمى : أيها القاضي ..
وقاطعها القاضي قائلاً ، وهو يداعب قطه : أوجزي ، فأنا كما ترين مشغول .
قالت سلمى : اشتريت قارورة عسل .
قال القاضي : تحليت .
وقالت سلمى : اشتهتها جارتنا العجوز .
وقال القاضي : ومن لا يشتهي العسل ؟
وقالت سلمى : وقبل منتصف النهار إختفت قارورة العسل .
فقال القاضي : سبحان الله .
فقالت سلمى : أريد حقي .
وداعب القاضي قطه الصغير المدلل ، وقال : العوض على الله .
وخرجت سلمى من عند القاضي غاضبة ، ما العمل ؟ لقد لجأت إلى القاضي لينصفها ، فلم يقدم لها غير " العوض على الله " .
قبيل العصر ، اختفى القط الصغير المدلل ، وجنّ القاضي ، ما العمل ؟ ورغم كل شيء ، ذهب إلى سلمى ، وقال لها : سلمى ، لقد اختفى قطي المدلل ، سأجن يا سلمى .
فقالت سلمى ببرود : عوضك على الله .
ونظر القاضي إلى سلمى ، وقال : ألقينا القبض على جارتكم العجوز ، واعترفت بأنها هي التي سرقت قارورة العسل .
ونظرت سلمى إليه ملياً ، ثم قالت : عد إلى بيتك ، أيها القاضي ، وسيأتيك قطك مساء .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق