الأحد، 22 أكتوبر 2017

"زهرة بابنج لسمير" قصة للأطفال بقلم : طلال حسن



زهرة بابنج لسمير
قصة للأطفال
من نينوى
بقلم : طلال حسن
    فتحتُ عينيّ المتعبتين ، عند شروق الشمس وفوجئتُ بعدم وجود صغيري " سنونو " إلى جانبي في العش .
وتلفتُ حولي ، وقلبي يخفق قلقاً ، ترى أين هو ؟ لم أعلمه الطيران إلا منذ أيام قليلة ، وأوصيته أن لا يطير إلا بحضوري ، آه .. هاهو قادم ، يطير سريعاً ، وفي منقاره حشرة صغيرة .
ونهضت واقفة ، وهتفت بنبرة عتاب : بنيّ ..
وأسكتني بدس الحشرة في منقاري ، وهو يقول : رأيتكِ مستغرقة في النوم ، فجئتكِ بحشرة تفطرين بها ، كما تفعلين أنتِ دائماً .
وبلعتُ الحشرة مرغمة ، وهممتُ أن أعاتبه ، لكنه ابتسم لي ، وقال : أنتِ اليوم أفضل ، يا ماما .
ففتحت جناحيّ ، وضممته إلى صدري ، ربما لأخفي دموع فرحي به ، وقلتُ : ماما حدثتني في صغري ، عن حنان جدي ، الذي جاء من مصر ، أنتَ صورة منه ، يا عزيزي .
وهنا تناهتْ إليّ أصوات من أول الحديقة ، فتركتُ صغيري " سنونو " ، ورأيتُ ياسمين الحلوة ، بعينيها الخضراوين ، وشعرها الأصفر ، الذي تطايره أنسام الربيع الدافئة ، تتنطط إلى جانب أمها ، وقلتُ : ها هي الطفلة ياسمين وأمها .
ونظر صغيري " سنونو " إليهما ، وقال وكأنه يغرد : إنهما تخرجان إلى الحديقة ، كلّ يوم .
فأشرتُ له أن لا يرفع صوته ، ثم قلت : صه ، يا بنيّ ، إنهما تتحدثان ، دعنا نسمع حديثهما .
وتوقفت الطفلة ياسمين ، عند أحد أحواض الأزهار ، وأشارت إلى زهرة صغيرة ، نمت بين عدد من الأزهار المختلفة  ، وسطها أصفر ، تحيط به بتلات بيضاء ، مشكلة ما يشبه الساعة اليدوية ، وقالت وكأنها تغرد : ماما ، انظري .
ونظرت الأم حيث أشارت ياسمين ، ثم ابتسمت ، وقالت : هذه الزهرة ، يا بنيتي ،  تُعرف بها نينوى ، واسمها بابنج ، أو بيبونة .
ومدت ياسمين يدها الصغيرة ، وقطفت زهرة البابنج ، ثم نظرت إلى أمها ، وقالت : ماما ، لمن تتمنين أن تهدي زهرة البابنج هذه ؟
ورفعت الأم رأسها ، ونظرت إلى البعيد ، ثم أشرق وجهها بابتسامة حلوة ، وقالت : أتمنى أن أهديها لطفل رائع من مصر ، اسمه سمير .
وتساءلت ياسمين : كم هو عمر سمير ، يا ماما ؟
وردت الأم قائلة : عمره ستون عاماً .
وفتحت ياسمين عينيها الخضراوين دهشة ، وقالت : ستون عاماً  ! 
وبنفس الابتسامة الحلوة ، أجابت الأم : سمير يكبر ، لكنه لا يشيخ ، إنه طفل وسيبقى طفلاً ، يحبه الأطفال في كلَ مكان .
ولاذت ياسمين بالصمت مفكرة ، فأخذتها أمها بين ذراعيها ، ضاحكة ، وقالت : سمير ، يا بنيتي ، مجلة قرأتها وأنا طفلة ، وأنا أقرأها لكِ كلّ يوم .
عند المساء ، غربت الشمس ، واندس صغيري " سنونو " بين جناحيّ ، وقبل أن يغفو همس لي : ماما ، لو أستطيع ، لأخذت زهرة بابنج ، وطرت بها إلى مصر ، وقدمتها إلى سمير ، وقلتُ له ، هذه الزهرة هدية من نينوى في العراق ، بمناسبة .. عيد ميلادك الستين .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
البابنج أو البيبون : زهرة برية تكثر في فصل الربيع في محافظة نينوى في العراق .
طلال حسن : رئيس تحرير مجلة الأطفال " بيبونة "  ، التي تصدر في مدينة الموصل ـ العراق .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق