السبت، 9 سبتمبر 2017

"وادي السلام " قصة للأطفال بقلم: طلال حسن



وادي السلام
قصة للأطفال
طلال حسن

     " 1 "
ـــــــــــــــــــ
   لسبب لا تدريه ، ولم تحاول أن تدريه ، فقست للديناصورة ذات الرأس الصغير ، بيضة واحدة من بيضها ، الذي وضعته قبل فترة لا تدريها .
ورغم أن الديناصورات ، التي تأكل العشب ، كانت تسميها الديناصوراة الحمقاء ، إلا أنها كانت تهتم اهتماما كبيرا بصغيرها ، وتوفر له ما يحتاجه وما يحبه من الأعشاب الطرية .  
ومنذ أن بدأ صغيرها يعي قليلا ، ويتعرف إلى بعض ما حوله من نباتات وحيوانات ، حرصت أمه على أن تقول له : بنيّ ، أنت ديناصور عشبي .
فهزّ رأسه الصغير ، الذي يشبه رأسها الصغير ، وقال لها : أعرف ، يا ماما ، فأنا آكل كل يوم ما تأتيني به فقط من أعشاب طرية ولذيذة .
فقالت له أمه : أقول لك هذا ، لأن بعض الديناصورات لا تأكل الأعشاب .
ونظر إليها مندهشاً ، وقال : ماذا تأكل إذن ؟
فقالت له : اللحوم .
وفغر فاه مفكراً ، لم يعرف بالضبط ما تعنيه أمه ، وهذا ما أدركته أمه ، فأضافت قائلة : نحن لحوم .
وفغر فا أكثر ، لم يفهم تماما ما تعنيه ، فقالت بنفاد صبر : أي يأكلوننا نحن الديناصورات ، التي تأكل الأعشاب فقط .
ولاذ الديناصور ذو الرأس الصغير بالصمت ، ثم قال : آه ، أي أنهم يأكلون العشب من خلالنا ، إذن لماذا لا يأكلون العشب مباشرة ؟
لم ترد الأم عليه ، وإنما استدارت ، ومضت مدمدمة ، وهي تقول : ابقَ هنا ، لا تخرج من الوكر ، حتى أعود ، واكتفِ بالعشب الذي تأكله .

     " 2 "
ـــــــــــــــــــ
   غفا الديناصور ذو الرأس الصغير عدة مرات ، منذ أن خرجت أمه من الوكر ، وأدرك أن أمه لم تعد ، إذ شعر بالجوع ، فاعتدل قليلا ، وتمتم : ماما .
ولو كانت أمه موجودة ، لأسرعت إليه ، ومسدت على رأسه الصغير ، وقدمت له العشب الندي ، الذي يحب أن يتناوله ، في جميع الأوقات .
ولأن أمه لم ترد عليه ، نهض متثائبا من مكانه ، وأطل من مدخل الوكر ، لعله يرى أمه قادمة ، وسار قليلاً مبتعداً عن المدخل ، ثم توقف ، وصاح : ماما .
انتظر مصيخا السمع ، ولم يأته رد من أمه ، فرفع رأسه الصغير ، وصاح بأعلى صوته بنبرة مجروحة : ماما .. ماما .
وعلى صوته المجروح ، خرج قنفذ من بيته ، الذي حفره في أصل شجرة ضخمة ، وقال له : يبدو أن أمك لم تعد بعد ن أيها الصغير .
فرد الديناصور ذو الرأس الصغير ، دون أن ينظر إليه : أيها القنفذ ، إنني جائع .
فقال القنفذ : الأعشاب كثيرة في الجوار ، فتجول ، وكل منها حتى تشبع .
ونظر الديناصور ذو الرأس الصغير إليه ، وقال : لكن ماما قالت لي ، لا تبتعد عن الوكر .
فقال القنفذ : الأعشاب ليست بعيدة ، كل منها ، ريثما تعود أمك .
وتلفت الديناصور ذو الرأس الصغير حوله ، وقال وهو يسير متردداً : أشكرك ، كيف لم أفكر في هذا ؟ يا لي من ديناصور مغفل .
وهز القنفذ رأسه ، وصاح مبتسما : كن حذراً ، ولا تبتعد ، فأعداؤك كثيرون ، في هذه المنطقة .

     " 3 "
ـــــــــــــــــــــ
    سار الديناصور ذو الرأس الصغير ، متوغلاً بين الأشجار ، وهو يرهف السمع ، فأمه أوصته ، وكذلك القنفذ ، أن يكون حذرا ، فأعداؤه كثيرون ، تُرى من هم أعداؤه ؟ هذا ما لا يعرفه بالضبط .
ورأى بعض الأعشاب ، التي نداها ندى الصباح ، فأحنى رأسه الصغير ، وانتقل من مكان إلى مكان ، دون أن يشعر بأنه يبتعد عن الوكر ،  وراح يأكل بشهية ، وفكر أن يأتي إلى هنا ، كلما طال غياب أمه ، ويأكل حتى يشبع ، فهو كما قال القنفذ ، لم يعد صغيرا .
وانتقل من مكان إلى مكان ، دون أن يشعر بأنه يبتعد عن الوكر ، ورأسه الصغير قريب من الأعشاب ، التي راح يقضم منها بشراهة .
 وتوقف حين شعر أنه اصطدم بشيء صلب بعض الشيء ، أهو شجرة ضخمة ؟ أم .. ؟ ورفع رأسه الصغير ، وإذا ديناصور ضخم جدا ، يحدق فيه غاضباً ، وقال : يبدو انك أعمى .
ورد الديناصور ذو الرأس الصغير قائلا : لا ، لست أعمى ن وإنما كنت آكل ، إنني جائع .
وغالب الديناصور الضخم ابتسامته ، وقال : حقاً أنت ديناصور أبله .
وصمت لحظة ، ثم قال : أنت مازلت صغيرا ، عد إلى الوكر ، فهو أكثر أمنا لك .
ونظر الديناصور الصغير إليه ، وقال : لكن القنفذ قال لي ، إنني لم أعد صغيرا .
وارتفع صوت مخيف من بعيد ، فقال الديناصور : هذا ديناصور متوحش ، سفاك للدماء ، لعله تي ـ ركس ، عد إلى الوكر ، هيا بسرعة .
فقال الديناصور الصغير ، دون أن يتحرك من مكانه : أنت ألطف ديناصور رأيته في حياتي ، رغم أنك ديناصور كبير ، كبير جدا .
ودفعه الديناصور الضخم برفق ، وقال له : عد إلى وكرك ، أنا ديناصور عشبي مثلك .
وارتفع الصوت البشع ثانية ، وهذه المرة من مكان أقرب ، فتلفت الديناصور الضخم حوله خائفا ، ثم أسرع مبتعدا بعكس مصدر الصوت ، عندئذ أسرع الديناصور الصغير عائدا إلى الوكر .




     " 4 "
ــــــــــــــــــ 
   لم تعد أمه ذلك اليوم ، ولأول مرة في حياته ، ينام في الوكر ، ولو لم يخرج إلى الغابة ، ويتناول بعض الأعشاب ، لتضور من الجوع تلك الليلة .
في اليوم التالي ، والأيام التي تلته ، اضطر الديناصور الصغير للخروج من الوكر ، والبحث عما يأكله في الجوار ، وكلما تذكر أمه ، لامها لأنه تركته ، ومضت لتعيش وحدها ، ولم يخطر له ، أن أمه يمكن أن يكون قد فتك بها وحش قاتل من وحوش الغابة ، وافترسها .
ومع مرور الأيام والأسابيع والأشهر ، راح الديناصور الصغير ينمو بسرعة ، ولكن ، وكما قال له القنفذ ، فإن رأسه لم ينمُ ، ولن ينمو ، ترى ماذا كان يعني ذلك القنفذ العجوز ؟ مهما يكن فهو جاره ، وصديق أمه ، وهو قنفذ عجوز طيب للغاية .
وذات أمسية ، وبعد أ امتلأت بطنه بالأعشاب ، التي تناولها طول النهار ن أراد أن يعود إلى الوكر ، فسار متمهلا بين الأشجار ، لكنه توقف ، حين سمع وقع أقدام ثقيلة تقترب منه ، ترى من يكون ؟
ورغم رأسه الصغير ، أدرك أن عليه أن يهرب ، ويختبىء وراء شجرة ريثما يبتعد هذا الوحش ، لكنه بدل أن يهرب ، اختبأ وراء شجرة ضخمة ، وقلبه يخفق بشدة من الخوف .
وكاد يُصعق ، ويغمى عليه ، حين برز ديناصور ضخم جدا ، وتوقف على مقربة من الشجرة التي يختبىء وراءها ، وفتح فمه ، يا للهول ، أسنان كثيرة ، كثيرة جدا ، كأنها الخناجر ، وأغمض عينيه المرعوبتين ، فنهايته مؤكدة ، إذا أحسّ به هذا الوحش . 
إلا أن الديناصور الوحش ، وربما كان من نوع تي ـ ركس ، ولحسن الحظ ، لم ينتبه إلى وجوده وراء الشجرة ، فسار مبتعدا ، وخطواته الثقيلة تهز الغابة .
وفتح عيني الخائفتين ، نعم ، لقد ذهب الديناصور الوحش ، لكن الشمس ذهبت معه أيضا ، وحل بدلها فوق الغابة ظلام كثيف ، آه إنه الليل ، فكيف يستطيع العودة إلى وكره ؟ لا بأس ، إنه لم يعد صغيرا ، فليبتْ ليلته هنا ، ويعود غدا إلى الوكر .

     " 5 "
ــــــــــــــــــــ
   لأنه متعب ، والأهم لأنه شبعان تماما ، فقد استغرق في النوم ، حالما اضطجع تحت إحدى الأشجار الضخمة ، وراح يغط بصوت مرتفع .
وفي منامه رأى أمه ، والقنفذ العجوز ، والديناصور العشبي ، وكذلك الديناصور الأخير ، أهو حقاً من نوع الديناصور القاتل تي ـ ركس ؟
وفز من نومه ، وعلى ضوء القمر ، رأى ديناصورا غريباً ، صغيراً حتى بالنسبة إليه ، له عينان كبيرتان ، ويدان صغيرتان ، وأسنان قوية ، خارقة ، ترى من يكون ؟
واعتدل الديناصور ، ونظر إليه ، وقال : فاجأني الليل ، ولم أستطع العودة إلى الوكر ، فنمت هنا .
وابتسم الديناصور الغريب ، وقال : لو لم يكن رأسك صغيراً ، لما فاجأك الليل .
وحدق الديناصور فيه ، ترى ماذا يعني ؟ فتابع الديناصور الغريب قائلا : أنت ديناصور عشبي ، ووجودك هنا ، في الليل خطر .
وقال الديناصور : لكنك أنت أيضا هنا في هذا المكان الخطر ، وأنت تشبهني .
وفتح الديناصور الغريب فمه ، وبدت أسنانه الحادة على ضوء القمر ، وطقطق بأسنانه ، وقال : أنا لا أشبهك تماما ، فأنا آكل الأعشاب ، وكذلك آكل اللحوم .
ونهض الديناصور ، وتراجع إلى الوراء خائفاً ، وهو يتمتم : ماذا ! اللحوم ؟
واقترب الديناصور الغريب منه ، وقال : اطمئن ، لن آكلك ، فأنا آكل الطرائد الصغيرة ، ولكن هنا في الجوار ، من يتمنى أن يراك ، ويسد بك جوعه .
وتمتم الديناصور خائفا : ماما .
وضحك الديناصور الغريب ، وقال : لن تسمعك ماما ، تعال سآخذك إلى وكرك .
وعلى ضوء القمر ، سار الديناصور ، وإلى جانبه سار الديناصور الغريب ، وعند مدخل الوكر ، توقف الديناصور الغريب ، وقال : أنصحك ، وأنصح رأسك الصغير ، أن تكون حذراً ، وأن لا تبقى خلال الليل خارج الوكر .

     " 6 "
ـــــــــــــــــــــ
   رغم خوفه الشديد من الديناصورات اللاحمة ، وكذلك من الوحوش الأخرى ، وكلها آكلة لحوم ، والتي لم يعرفها ، ولم يرها حتى الآن ، كان يغادر وكره ، صباح كل يوم ، وإلا كيف يأكل ، وأمه غابت ، وربما لن تعود مطلقا ؟
لكنه عملا بنصيحة أمه ، والقنفذ العجوز والديناصور الضخم العشبي ، وكذلك الديناصور الغريب ، كان حذرا ، يخفض رأسه ، ويأكل من العشب الندي ، لكن أذنيه المرهفتين تنصتان إلى ما يدور حوله .
وذات يوم ، فوجىء بديناصورة فتية من نوعه ، تقبل عليه ، وتقول : طاب يومك .
ورفع الديناصور رأسه الصغير ، وقال : أهلا ومرحبا .
وضحكت الديناصورة الفتية ، وقالت بصوت مرح : راقبتك فترة ، أنت من نوعي ، ولكن يبدو أن رأسك أصغر من رأسي .
وهمهم مفكرا ، أيغضب أم لا ؟ لماذا يغضب ؟ ولماذا لا يغضب ؟ فاقتربت منه الديناصورة ، وقالت : ادعني إلى الطعام ، أنا ضيفتك هنا .
وابتسم الديناصور ، وقال : تفضلي ، فلنأكل معا ، الأعشاب كثيرة .
واحنت رأسها الصغير إلى جانبه ، وراحت تأكل من العشب الندي ، وقالت : لكن للأسف ، الأعداء أيضا هنا كثيرون ، وخطرون للغاية .
وطوال ساعات وساعات ، راحا يتجولان معا في أرجاء الغابة ، وهما منهمكان في تناول الأعشاب الندية ، وتبادل الأحاديث المختلفة ، وانتبه الديناصور إلى أن الشمس تكاد تغرب ، فقال : يا ويلي ، جاء الليل ، ووكري بعيد عن هذا المكان .
فضحكت الديناصورة ، وقالت : لا عليك ، وكري قريب ، أنت ضيفي هذه الليلة .

     " 7 "
ـــــــــــــــــــ
   جلسا في مدخل الوكر ، والقمر يطل عليهما من أعالي الأشجار ، وتطلع الديناصور حوله ، فقالت الديناصورة بصوت هادىء : أتمنى أن ترى مثلي أن وكري جميل ومريح .
فنظر الديناصور إليها ، وقال : وكري لا يقل جمالا عن وكرك هذا ، ثم إنه قريب من البحيرة .
وقالت الديناصورة بنبرة حيية : إذا أعجبك وكري ، فأنا أرحب بك فيه .
ونظر ثانية إليها ، وقال : سواء في وكري ، أو في وكرك ، المهم أن نعيش معا.
وتنهدت الديناصورة ، وقالت : آه الحياة جميلة ، لولا هذه الوحوش القاتلة ، التي تتربص بنا دائما.
فقال الديناصور : هذه حياتنا ، ويجب أن نقبل بها.
وصمتت الديناصورة ، ووضعت وجهها بين كفيها ، وقالت : حدثتني أمي الراحلة ذات مرة ، عن وادٍ واسع وجميل ، يقع وراء هذه الجبال تعيش فيه ديناصورات عشبية فقط ، ولا ينغص عيشها أي وحش قاتل .
وقال الديناصور بصوت حالم : آه لو نعيش في مثل هذا الوادي الحلم .
وهنا ارتفعت ضجة بين الأشجار ، فهب الديناصور واقفاً ، وقال : لندخل الوكر ، هيا بسرعة .
وهبت الديناصورة بدورها ، وقالت : أخشى أن الوحش تي – ركس ، يعرف مكان الوكر ، فيقتحمه علينا ، ويفترسنا معاً .
ومدت يدها ، وأمسكت بيده ، وأسرعت مبتعدة به عن باب الوكر ، وهي تقول بصوت مضطرب خائف : تعال، تعال نختبئ بين الأشجار .
ولم يكادا يبتعدان ، حتى أقبل ديناصور ضخم ن متوحش ، ذو فم واسع مدجج بأسنان كثيرة قاتلة ، ولما لم يجدهما عند المدخل ، اقتحم الوكر ، وهو يصيح بصوت رهيب ، وأطل الديناصور ذو الرأس الصغير ، من وراء إحدى الأشجار ، وقال : يا له من وحش رهيب.
ومدت الديناصورة يدها ، وسحبته بقوة ، وقالت تعال ، لو رآك فسيفتك بنا معاً .
وبعد قليل ، خرج الديناصور الضخم من الوكر ، وتوقف على مقربة من الباب ، وراح يتلفت يميناً ويساراً ، ثم مضى مبتعداً ، وهو يطلق صيحاته الرهيبة .


" 8 "   

تسلل من وراء الشجرة ، التي كانا يتواريا خلفها ، وسارا يتخبطان بين الأشجار ، يشل خطواتهما الخوف والقلق ، وكأن الغابة كلها صراخ ديناصورات ضخمة متوحشة ، تسعى للفتك بهما .
وتوقفا في أجمة كثيفة الأشجار ، وقالت الديناصورة : آه .. لقد تعبت ، لم أعد أقوى على السير .
وقال الديناصور لاهثاً : لنسترح هنا قليلاً .
وجلسا متعبين بين الأشجار ، وسرعان ما استولى عليهما النعاس ، فاستغرقا في النوم جنبا إلى جنب ، وقد هدأت أنفاسهما ، التي تقطعت من التعب .
وفزا ، وقد أشرقت الشمس ، على أصوات مضطربة ، خائفة ، تصدر من خارج الأجمة ، فأطلا برأسيهما من بين الأشجار ، وإذا غزال يركض مذعوراً ، وفي أثره يركض سمايلدون شرس ، وناباه الخنجران القاتلان ، يبرزان من فمه .
وتراجع الديناصور إلى الوراء ، وقال : أرأيت هذا الوحش اللعين ، إنه سيقتل الغزال حتماً .
فانسحبت الديناصورة قليلا ، وقالت : إنه السمايلدون ، وهو وحش لاحم .
وقبل ان تنهي كلامها ، تناهى إليها وقع أقدام ثقيلة ، فأصاخا السمع ، وقال الديناصور : اسمعي ، أخشى أن يكون ديناصوراً لاحماً .
وقالت الديناصورة ، وهي تطل برأسها من بين الأشجار: كلا ، لا أظنه ديناصوراً .
ونظرت عبر الأشجار ، وقالت : تعال انظر ، إنه طائر، طائر التيتانيس .
ونظر الديناصور الفتي ، وإذا كائن هائل الحجم ، له جناحان صغيران ، وهو شرس جداً ، ومفترس ، وخاصة الكائنات الصغيرة مثل الغزلان .
وتلفت الطائر الضخم حوله ، ثم استدار ، وعاد من حيث أتى ، فقال الديناصور الفتي : لقد ولى هذا الطائر الوحشي اللعين .
فقالت الديناصورة الفتية : الطريق آمن الآن ، لنذهب بسرعة إلى الوكر .

" 9 "
____
  تمددا في الوكر جنبا إلى جنب ، وهما يشعران بالتعب ، فطوال نهار ذلك اليوم ، وحتى الآن ، لم يحظيا بقليل من النوم في مكان آمن ، يريحهما من التعب .
وتنهد الديناصور ، وقال : إنه الليل .
وقالت الديناصورة : تقول أمي ، إنه القمر في وادي السلام قلما يغيب في الليل ، وإذا غاب ، فإن النجوم تضيء وكأنها القمر .
وارتفع من بعيد صوت احد الديناصورات الفتية ، إنه الديناصور تي – ركس والنمر السياف ، إذا ذهبنا إلى الوادي .
ولاذ الديناصور الفتي بالصمت ، فقالت الديناصورة الفتية : إذا كان ذلك الوادي ، يسمى وادي السلام ، فإن هذا الوادي هو وادي الجحيم .
والتفت الديناصور الفتي إليها ، وقال : لا تنسي إن آباءنا وأجدادنا عاشوا هنا .
وصمتت الديناصورة لحظة ، ثم قالت : إن بعضهم ، إن لم يكن أغلبهم ، افترستهم الحيوانات اللاحمة ، بعد أن عانوا طويلا ً من الظلم ، والمطاردة القاتلة .
وتابع الديناصور قائلاً ، وكأنه لم يسمع ما قالته الديناصورة الفتية : لا أظن أن في العالم كله ، غابة أجمل من غابتنا ، وبحيرة أجمل من بحيرتنا ، وسماء أجمل من سمائنا .
وصمتت لحظة ، ثم قال : ويكفي أنني تعرفت عليك هنا، في هذه الغابة .
ولاذت الديناصورة بالصمت ، فمد يده ، وأمسك بيدها ، فقالت : لقد حلمت أمي بالذهاب إلى وادي السلام ، قبل أن يهاجمها تي – ركس ، ويفتك بها .
فقال الديناصور الفتي : وسيبقى هذا حلمنا ، ولكن مادمنا هنا ، فلنكن حذرين ، ونتمتع بحياتنا ، مهما كانت صعبة ومحفوفة بالمخاطر .
وسكت الديناصور الفتي ، عندما هدأت الديناصورة الفتية ، وانتظمت أنفاسها ، فأدركت أنها استغرقت في النوم ن فقال في نفسه : لقد نامت ، فلأنم أنا أيضاً ، آه لا أجمل من غابتنا حقاً ، لولا ..
وهدأت أنفاسه هو الآخر ، وراح في سبات عميق ، وفي منامه ، كان هو والديناصورة الفتية ، يجلسان جنباً إلى جنب في باب الوكر ، والقمر يطل عليهما من فوق الأشجار .
  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق