الأربعاء، 23 أغسطس 2017

"لمن تشرق الشمس؟ قصة للأطفال بقلم: طلال حسن



لمن تشرق الشمس ؟
طلال حسن

    اطلنطا
ـــــــــــــــــــ
    ضجّ أهالي أطلنطا ، عندما احتجبت الشمس ، وتجمعوا في الأزقة والشوارع والميادين ، فقال أحدهم : يا للآلهة ، هذا نذير شؤم .
وقال آخر : نحن لا نستطيع أن نحيا ، بدون الشمس ، يجب أن نفعل شيئاً .
فقال رجل مسن : لنمض ِ إلى الملك .
ومضى أهالي اطلنطا إلى الملك ، وهم يهتفون : نريد الشمس .. نريد الشمس .
فأطل الملك من شرفة القصر ، وخاطبهم قائلا : أبنائي ، اطمئنوا ، لن ندع الشمس تحتجب عن اطلنطا .
وفي الحال ، اجتمع الملك إلى الكاهن الأعظم ، وقائد الجند ، ورئيس التجار ، وقال لهم : إن الوضع خطير في اطلنطا ، فأشيروا عليّ ، ما العمل ؟


   الكاهن الأعظم
 ــــــــــــــــــــــــــ
    قال الكاهن الأعظم : إن الآلهة غاضبة ، يا مولاي ، فلنصلّ جميعاً ، لعلها تشفق علينا ، وتسامحنا ، وتجعل الشمس تشرق ثانية .
وأشعل الكاهن الأعظم البخور في المعبد ، وصلى مع الكهنة وجموع الناس ، ورفع يديه بالدعاء إلى الآلهة ، لكن الشمس لم تشرق فوق اطلنطا .

    قائد الجند
ــــــــــــــــــــــ
    تقدم قائد الجند من الملك ، وقال : إن الشمس ، يا مولاي ، لا تفهم غير القوة .
ثم وضع يده على مقبض سيفه ، وقال : ستشرق الشمس بحد السيف .
ومضى قائد الجند ، على رأس جنده ، إلى أعالي الجبال ، وصاح بصوت حازم : أيتها الشمس ، أشرقي .
فأطل القمر من احدى القمم ، وقال : الشمس لن تشرق بأمر من أمثالك .
واحتد قائد الجند ، وصاح بأعلى صوته ، وهو يشهر سيفه : ستشرق بحد السيف .
فردّ القمر قائلاً ، وهو يختفي وراء القمة : إن سيفك لا يخيف سوى الضعفاء .
وعبثاً اندفع قائد الجند غاضباً ، يتقدم جنده ، وهو يلوح بسيفه ، وسرعان ما استسلم لليأس ، وعاد خائباً .

    رئيس التجار
ــــــــــــــــــــــــــــ
    انحنى رئيس التجار للملك ، وقال : مولاي ، إن الشمس لن تشرق بالسيف وحده .
واحتد قائد الجند ، وهمّ أن يرد عليه ، لكن الملك أشار إليه أن يلزم الصمت ، وقال لرئيس التجار : اذهب إلى الشمس ، لعلكم تقنعها بأن تشرق .
ومضى رئيس التجار إلى أعالي الجبال ، ووقف أمام الشمس ، وقال : أيتها الشمس العظيمة ، أشرقي ، ليبقى الرخاء في اطلنطا .
وحدقت الشمس في رئيس التجار ، وقالت : أي رخاء هذا ، وعمال اطلنطا وفلاحوها يحيون في فقر مدقع . 
وابتسم رئيس التجار ، وقال : لكن بدون هذا الرخاء ، لن يحيوا أبداً .
واحتدت الشمس قائلة : عد من حيث أتيت ، إنني لن أشرق إلا إذا عمّ الرخاء اطلنطا كلها .

     رسالة
  من حي الفقراء
ـــــــــــــــــــــــــــ
    فوجئت الشمس يوماً بالقمر ، يقول لها : أرجوك ، أشرقي فوق اطلنطا .
وردت الشمس عليه متعجبة : لكن اطلنطا لم تتغير بعد .
فقال القمر : كنت البارحة فوق حيّ الفقراء ، فسمعت طفلاً صغيراً ، يطلب من أمه كسرة خبز ، فقالت له أمه ، اصبر ، يا ولدي ، ستشرق الشمس غداً ، وسيذهب أبوك إلى العمل ، ويأتيك بكل ما تريد .
واحتجت الشمس قائلة : ستبقى اطلنطا على حالها إذن .
فقال القمر بحماس : لا يا عزيزتي ، إن الفقراء يتململون ، أشرقي وسترينهم ينهضون ، ويصنعون العالم الذي يحلمون به .

      الشمس
  تشرق للأطفال
ــــــــــــــــــــــــــ
    استيقظ الطفل مبكراً ، وصاح بفرح : ماما ، انظري .
وفتحت الأم عينيها متسائلة : بنيّ ، ما الأمر ؟
فصاح الطفل فرحاً : الشمس أشرقت .
ومن كوة في أعلى الجدار ، أطلت الشمس ، فالتفت الطفل إلى أمه ، وقال : ماما ، إنها تبتسم لي .
فضمت الأم طفلها بذراعيها المحبين ، وقالت : إن الشمس تحبك ، يا عزيزي ، وهي تشرق لك ، ولكل الأطفال في العالم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق