الاثنين، 29 مايو 2017

"الْبُسْتَان" حكاية للأطفال بقلم: فاطمة الزهراء شربال



الْبُسْتَان
فاطمة الزهراء شربال

كَانَ يَا مَكَانْ، فِي إِحْدَى الْقُرَى بَيْتَان، مِنْ أَجْمَلِ الْبُيُوتِ، وَبِجَانِبِ الْبَيْتَانِ حَدَائِقٌ غَنَّاءٌ، وٌمُرُوجٌ وُجِنَان.
 وَبِالْقُرْبِ مِنْهُمَا كَانَتْ تَلْعَبُ فِي كُلِّ يَوْمٍ حَنَانُ وَرَوَان.
كَانَتَا صَدِيقَتَانِ حَمِيمَتَانِ، أَبَداً لَا تَفْتَرِقَان.
وَفِي يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ بَيْنَمَا تَلْعَبَانِ، قَالَتْ حَنَان: لِمَ لَا نَزْرَعُ يَا صَدِيقَتِي بُسْتَان؟ تُزَيِّنُهُ الْوُرُودُ بِأَنْوَاعِهَا، كَمْ أُحِبُّ لَوْنَ الْفُلِّ وَعِطْرَ الْرَيْحَان.
قَالَتْ رَوَانُ: أَنَا أُرِيدُ أَشْجَاراً، كَمْ أُحِبُّ طَعْمَ الْخُوخِ وَالْرُمَّان، وَاِتَّفَقَتَا عَلَى الْشُرُوعِ بِالْعَمَلِ.
أَحْضَرَتْ حَنَانُ سِيَاجاً، وَالْرَّفْشُ وَالْفَأْسُ أَحْضَرَتْهُ رَوَان، وَكَذَلِكَ دَلْوٌ كَبِير، وَبَعْضُ قِطَعِ الْخَشَبِ وَالْمَسَامِير.
لَمْ تَنْسَ حَنَانُ إِحْضَارَ الْبُذُورِ، لَقَدْ أَحْسَنَتِ الْتَّدْبِير.
قَالَتْ رَوَانُ: لِنَشْرَعْ فِي الْعَمَلِ قَبْلَ حُلُولِ الْظَلَام.
فَرَدَتْ حَنَان: لَدَيْنَا الْأَغْرَاضُ وَالْلَّوَازِمُ، أَخْبِرِينِي مَا الْعَمَلُ الآَن؟.
مَرَّتْ دَقَائِقٌ ثُمَّ سَاعَةٌ ثُمَّ سَاعَتَان، وَالْصَّغِيرَتَانِ لَا تَزَالَانِ تَتَأَمَّلَان.
تَتَسَاءَلَان مِنْ أَيْنَ يَا تُرَى تَبْدَآَن؟؟؟؟.
أَمْسَكَتْ رَوَانُ الْفَأسَ وَرَفَعَتْهُ، تُرِيدُ أًنْ تَشُقُّ أُخْدُوداً.
لًكِنَّ الْفَأْسَ ضَخْمٌ وًثَقِيلٌ جِداً جِداً جِداً....
فَأَسْرَعَتْ حَنَانُ لِنَجْدَتِهَا، وَأَمْسَكَتْهَا مِنْ يَدِهَا، وَأَعَانَتْهَا بِقَبْضَتِهَا، فَارْتَفَعَ الْفَأْسُ عَالِياً، وَانْفَلَتَ مِنْ مِقْبَضِهِ، وَكَادَ يَهْوِي عَلَى رَأْسِ الْصَّغِيرَتَان.
وَسَقَطَتْ حَنَانُ وَفَوْقَهَا رَوَان، وَفَوْقَهُمَا مِقْبَضُ الْخَشَبِ الْثَّقِيلِ، وَظَلَّتَا  تَبْكِيَانِ وَتَصْرُخَان. حَتَّى وَصَلَتْ إِلَيْهِمَا نَجْدَةٌ مِنَ الْأَهْلِ وَالْجِيرَان.
صَاحَتْ أُمَّ حَنَان: يَا إِلَهِي مَاذَا كُنْتُمَا تَفْعَلَان؟؟؟.
أَمَّا أُمُّ رَوَان فَقَدْ تَوَعَدَّتِ ابْنَتَهَا تَقُولُ: لَنْ تَخْرُجِي لِلَّعِبِ أَبَداً بَعْدَ الْآَن.
لَمْ يُجْدِ اعْتِذَارُ الْصَّغِيرَتَانِ نَفْعاً، لَوْلَا أَنْ تَدَخَّلَ الْعَمٌّ عَدْنَان.
إِنَّهُ  أَمْهَرُ مُزَارِع ، وَفَلَّاحٌ بَارِع، كَانَ لَهُ حَقْلٌ هُنَاكَ بِالْقُرْبِ مِنَ الْمَكَان.
قَالَ الْعَمُّ عَدْنَان: اِذْهَبَا لِلنَّوْمِ بِاطْمِئْنَان، وَعُودَا غَداً إِلَى هُنَا، سَأَكُونُ بِالْاِنْتِظَار، وَسَنَزْرَعُ مَعاً  أَشْجَاراً وَوُرُوداً وَأَزْهَار.
وَفِي الْيَوْمِ الْتَّالِي عَادَتِ الْمُزَارِعَتَانِ الْصَّغِيرَتَانِ، مُسْتَعِدَّتَانِ لِلْبَدْءِ مِنْ جَدِيد...
حَمَلَ الْعَمُّ عَدْنَانُ فَأْسَ الْحَدِيد، وَشَقَّ بِالْأَرْضِ الْكَثِيرَ مِنَ الْخَنَادِقِ وَالْأَخَادِيد....
أَمَّا رَوَانُ فَكَانَتْ تَضَعُ بِالْأَرْضِ الَبُذُور، وَمِنْ حَوْلِهَا الْفَرَاشَاتُ تَطِيرُ وَتَلُفُّ وَتَدُور...
وَحَمَلَتْ حَنَانُ الْمِرَشَّ الْصَّغِير، وَسَارَتْ تَسْقِي الْزَّرْعَ، وَتُغنِّي مَعَ الْطُّيُورِ وَالْعَصَافِير.
وَمَرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ أَيَّامٌ وَأَيَّام، أَزْهَرَ الْبُسْتَان، وَأَصْبَحَ جَنَّةً سَاحِرَه، ذَاتُ إِطْلَالَةٍ بَاهِرَه.
وَبَيْنَمَا الْعَمُّ عَدْنَانُ يَجْلِسُ فِي الْبُسْتَان، سَأَلَ الْصَّغِيرَتَان: مَاذَا تَعَلَّمْنَا مِنْ الَتَّجْرِبَه أَيَّتُهَا الْأَمِيرَتَان؟؟.
فَرَدَّتْ حَنَانُ: لَا بُدَّ أَنْ يَسْتَشِيرَ الْصَّغِيرُ الْكَبِير.
وَقَالَتْ رَوَان: اللَّعِبُ بالأَغْرَاضِ الْحَادَّةِ أَمْرٌ خَطِير.
ضَحِكَ الْمُزَارِعُ الْخَبِير، فَقَدْ نَجَحَ الْدَّرْسُ بِالْأَخِير.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق