الأربعاء، 5 أبريل 2017

"البيضة الأولى" قصة للأطفال بقلم: طلال حسن



البيضة الأولى
  طلال حسن

    1
ــــــــــــــ
   انتظرت الديناصورة القزمة طويلاً ، أن تضع بيضتها الأولى ، وحين وضعتها في العش داخل الوكر ، عكفت على مراقبتها ، وحمايتها ، حتى كانت قلما تخرج إلى المرج ، لتتناول الطعام .
وفي الليالي الطويلة ، كانت ترقد على مقربة من البيضة ، تدفئها ، وتحميها من أخطار تتوهمها ، وكانت إذا غفت ، تفز أحيانا إذ ترى طائراً  يخرّ من السماء ، ويخطف البيضة .
وذات صباح ، جاءتها جارتها ، وقالت لها : كوني حذرة ، هناك كلاب في الجوار .
وتملكها الخوف ، على نفسها ، بل على البيضة ، إنها تخاف الكلاب الوحشية كثيرا ، ويكاد يغمى عليها ، حين تسمع نباحها من بعيد ، لكن أن تتلف بيضتها ، فهذا ما تستطيع أن تتصوره .
وعند فجر أحد الأيام ، ارتفع نباح الكلاب الوحشية ، من مكان قريب ، فنهضت مجنونة لا تعرف ماذا تفعل ، وأطلت عليها جارتها من المدخل ، وقالت قبل أن تلوذ بالفرار : اهربي ، الكلاب تمزق كل من يقع بين أنيبها ومخالبها ، وتفترسه .
وأسرعت الديناصورة إلى الباب ، تريد الهرب والخلاص بجلدها ، لكنها سرعان ما عادت إلى البيضة ، وهنا ارتفعت أصوات الكلاب الوحشية ، ونباحها المسعور ، وهي تقترب ، فلم تجد بدا من أن تخرج بسرعة ، وأن تلوذ بالفرار .

   2
ــــــــــ
    ظلت الديناصورة مع عدد من الديناصورات التي نجت من هجمة الكلاب الوحشية ، في مكان آمن بعيدا عن المكان ، الذي تقع فيه أوكارها ، كما كانت ، هي وغيرها من الديناصورات ، يتشممون أخبارا عن الأوكار ، من الديناصورات التي لم تصلها الكلاب الوحشية ، لسبب أو لآخر .
وبعد أشهر عديدة ، تشجعت بعض الديناصورات في العودة إلى أوكارها ، وذهب بعضها ولم يعد ، وفكرت الديناصورة  الأم ، لابدّ أن الأوضاع صارت هادئة ، أم أن الكلاب الوحشية فتكت بها ، وافترستها ؟
ومهما كان الأمر ، لم تعد الديناصورة الأم تتحمل أكثر ، فحزمت أمرها ، ومضت على حذر وقلق عائدة إلى الوكر ، لتعرف مصير بيضتها .
وتوقفت على مسافة بعيدة عن وكرها ، خائفة ، مترددة ، متشوقة ، ثم سارت ببطء نحو الوكر ، آملة أن ترى بيضتها قد سلمت من هذه الكارثة .
وتلفتت حولها ، المكان هادىء ، لا أثر فيه للكلاب الوحشية  ، فتقدمت من الوكر ، وتوقفت قليلا عند المدخل ، ثم اندفعت إلى الداخل .
وحضت على الفور ، أن العش مخرب ، لا أثر فيه   للبيضة ، التي تركتها في العش ، عندما هجمت الكلاب الوحشية ، ولاذت هي بالفرار .

      3
   ـــــــــــ
     خلال الأيام التالية ، راحت الديناصورة تدور في اوكار القريبة ، ثم في اوكار ابعد ، تسأل عما إذا كان أحد يعرف ما جرى لبيضتها .
وعلمت من الديناصورات اللواتي بقين في أوكارهن ، إن معظم بيضات الديناصورات اللواتي هربن ، قد حُطمت ، أو تلفت من الإهمال  .
وحدث ذات يوم أن التقت بديناصورة عجوز تسكن وكرا بعيدا عن وكرها ، وعندما حدثتها عما حدث لها ، قالت : أظن إنني أعرف مصير بيضتك .
وخفق قلب الديناصورة بشدة ، وقالت : اخبريني الحقيقة ، مهما كان مصيرها .
فقالت الديناصورة العجوز : لدي جارة طيبة كان لها بيضة ، وبعد الهجمة دارت على بعض اوكار ، وجاءت ببيضة أظنها من وكرك .
وشهقت الديناصورة الأم ، دون أن تستطيع أن تتفوه بكلمة واحدة ، فقالت لها الديناصورة العجوز : لديها  الآن صغيران ، بد أن احدهما هو صغيرك ، ومهما يكن فهي تحبهما ، وتعتني بهما عناية فائقة  .
وقالت الديناصورة ، وقد غرقت عيناها بالدموع : أشكرك ، لقد أحييتني .
ومدت الديناصورة العجوز يدها وشدت على يد الديناصورة ، وقالت : أتمنى أن يكون احد الصغيرين هو صغيرك ، اذهبي ، أرجو لك التوفيق .


   4
ــــــــــ
    وصلت الديناصورة الوكر الذي دلتها عليه الديناصورة العجوز ، ورأت ديناصورة في عمرها ، تجلس بالباب ، تراقب فرحة ديناصورين صغيرين يلهوان معا على مقربة منها .
واقتربت منها ، وهي تنظر إلى الديناصورين اصغيرين وقالت : طاب يومك .
فنظرت الديناصورة إليها وقالت : آهلاً ومرحبا بك .
وصمتت لحظة ، ثم قالت : تبدين متعبة ، تفضلي ، اجلسي إلى جواري .
وتنحت قليلاً ،  فجلست إلى جوارها ، وقالت : صغيراك جميلان .
وضحكت الديناصورة فرحة وقالت : أشكرك .
فتساءلت : أهما صغيراك ؟
فهزت الديناصورة رأسها ، وقالت : نعم ، إنهما صغيراي .
وسكتت لحظة ، ثم قالت : الحقيقة إن احدهما من بيضة وضعتها بنفسي ، أما الآخر فمن بيضة أنقذتها من احد اوكار ، التي هاجمتها الكلاب الوحشية ، قبل أشهر عديدة ، وتركتها الأمهات مضطرة .
وحدقتْ في الصغيرين ، وقالت : إنهما متشابهان ، ادري كيف تميزين بينهما ، فتعرفين أيهما من بيضتك ، وأيهما من البيضة التي أنقذتها .
وضحكت الديناصورة ثانية ، وقالت فرحة : ربما ني أحبهما بنفس القدر ، لم استطع أن أميز بينهما ، ثم إن كلاهما صغيري .
والتفتت إليها ، وقالت : إنهما صغيران ان ، وحين يكبران سيبتعدان عني ،  ويشقان طريقهما في الحياة ، وسأكون سعيدة لسعادتهما .
وذت الديناصورة بالصمت لحظة ، ثم نهضت وقالت : أنت محقة ، أتمنى لك التوفيق ، أشكرك ، لقد أرحتني الآن .
وتطلعت الديناصورة إليها مندهشة ، ثم قالت : أهلاً ومرحبا بك ، أنا أيضا أتمنى لك التوفيق ، تبدين ديناصورة طيبة للغاية ، آمل أن نتواصل .
 وقبل أن تستدير ، وتمضي مبتعدة ، قالت : سأكون سعيدة بزيارتي لك وللصغيرين العزيزين .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق