الاثنين، 20 مارس 2017

"ذو الرأس الصغير" قصة للأطفال بقلم: طلال حسن



ذو الرأس الصغير
 طلال حسن

    لم ينم الديناصور ذو الرأس الصغير ، حتى منتصف الليل ، كان يفكر رغم أن أمه ، قالت له أكثر من مرة تفكر يا بني التفكير يسبب صداعا في الر أس .
وقد غلبه النوم دون أن يتوصل إلى ما يفكر فيه ، انه يعاني أحيانا من بعض الكائنات ، إنهم يضحكون منه ، ويقولون متغامزين : إن رأسه صغير جدا ، أما عقله فصغير جداً جداً .
وفي اليوم التالي ، لم يفق في الوقت الذي كان يفيق فيه عادة ، فأيقظته أمه وقالت : بني ، انهض الشمس أشرقت منذ فترة ليست قصيرة .
ونهض الديناصور ذو الرأس الصغير وهو يتثاءب ، ونظر إلى أمه ، وقال متسائلاً : ماما ، لماذا تستيقظ الشمس كل يوم ؟
وفكرت أمه ، انه لم يسألها من قبل مثل هذا السؤال ، ثم إنها لم تسمع من أمها ولا من أبيها ، ولا من أحد جواب هذا السؤال ، وفكرت مليا ثم قالت : ما دامت الشمس تنام في المغرب فلابد أن تستيقظ ، كما نستيقظ نحن ، في الصباح .
وذ الديناصور بالصمت ، لقد أعجبه هذا الجواب ، ومن الواضح إن أمه تعرف كل شيء ، فلماذا يسألها عما يشغله ؟ وعلى هذا تطلع إليها وقال : ماما ، لماذا رأسي صغير ؟
وفكرت أمه ، فكرت كثيرا ، ثم قالت : ربما لأن رأسي ـ أنا أمكَ ـ صغير يا بني .
لم يعجبه هذا الجواب كثيرا ، فصمت لفترة طويلة ثم قال : إنني اسمع البعض يضحكون مني ، ويقولون رأسي صغير ، وعقلي أيضاً صغير ،  ماذا يقصدون ؟
فقالت ام ، وهي تتأهب لمغادر ة الوكر : من يدري ، المهم إن رأسنا صغير وهو يناسبنا .

   2
ــــــــــ
    خرج الديناصور ذو الرأس الصغير من الوكر ،  وتوغل في الغابة بخطى بطيئة ، انه متعب بعض الشيء ، ويعاني من صداع في رأسه ، ربما لأنه لم ينم البارحة حتى منتصف الليل ، فقد كان يفكر ، يفكر بعمق ، آه يا للعادة السيئة .
وفكر دون إن ينتبه ، ترى هل يعاني الديناصور تي ـ ركس من الصداع ؟ ربما لأنه ليس لديه سبب للتفكير ، فالجميع يخافون منه ويتجنبونه ، بل ويلوذون بالفرار لمجرد رؤيته .
وهز رأسه ، وهو يقضم اعشاب ، إن أحداً لا يخاف منه ، حتى الأرانب الجبانة ، التي تخاف من ظلها ، تتراكض لاهية على مقربة منه ، أو بين سيقانه وهي تتضاحك ، دون خوف .
وفكر مرة إن الجميع يخافون الديناصور تي ـ ركس ، لأنه لا يأكل الأعشاب ، بل يأكل لحوم الحيوانات ، وذات يوم ، رأى بقايا غزالة عافها ذئب ، فأقترب منها وتذوقها مترددا ، وسرعان ما لفظ ما تذوقه وكاد يقيء .
وتناهى من بعيد ، صوت أجش قبيح ، انه ربما صوت تي ـ ركس ، وصمتت الأرانب التي حوله ، وتأهب للفرار وقدحت في رأسه الصغير فكرة ، إنهم يخافون الصياح فليجرب إذا ، لن يخسر شيئا .
ورفع الديناصور رأسه ، وصاح بأعلى صوته لكن ارانب التي حوله لم تخف ولم تلذ بالفرار بل إن إحداها تساءلت : ماذا دهاه هذا الديناصور ؟
فرد آخر ضاحكا : لقد فقد عقله ، جن .
وضحكت ارانب وقالت أرنبة عجوز : وهل لديه عقل ليفقده ، انظروا إلى رأسه كم هو صغير .
ازداد صداع رأسه الصغير ، وفقد شهيته للأكل ، فاستدار بتثاقل ، ثم مضى يسير بين الأشجار عائدا إلى الوكر ، رغم أن النهار لم ينتصف بعد .

   3
ــــــــــ
    في طريقه إلى الوكر ، مرّ الديناصور ذو الرأس الصغير ، بديناصورة فتية في عمره ، ترعى العشب من مرج بين اشجار ، لم ينتبه إليها ، فرفعت رأسها الصغير إليه وهتفت : طاب يومك .
وتوقف الديناصور ذو الرأس الصغير ، وتطلع إليها دون أن يتفوه بكلمة ، فقالت الديناصورة :  العشب هنا ندي ، ولذيذ جدا ، تعال كل معي .
تقدم نحوها بخطوات بطيئة ، لكنه لم يشاركها في قضم العشب ، فقالت له : أراك مهموما ، ما امر ؟
ورمقها الديناصور بنظرة خاطفة ، ثم قال : ألست مهمومة أنت ؟
فابتسمت الديناصورة ، وقالت : العشب لذيذ والمكان هنا آمن ، وكذلك الجو رائع ، فما الداعي للهم ؟
وبنبرات حزينة ، قال الديناصور ذو الرأس الصغير : احد في الغابة كلها يخافني ، كما يخافون بعض الكائنات الأخرى مثل تي ـ ركس .
واقتربت الديناصورة منه ، وقالت : السؤال هو من يحب تي ـ ركس في الغابة ؟
وذ الديناصور ذو الرأس الصغير بالصمت ، فقالت الديناصورة : أنا سعيدة ن أحداً لايخافني ، هذا يعني إننا لسنا أشراراً .
وصمتت لحظة ثم قالت : إننا ديناصورات طيبة ، ومسالمة يحبنا الجميع ، ونعيش في وفاق مع الآخرين ، هذا هو المهم .
وسكتت الديناصورة الفتية ، فاقترب منها الديناصور ذو الرأس الصغير وقال : قلت إن هذا العشب لذيذ.
فابتسمت الديناصورة ، وقالت : نعم ، ومعك سيكون أكثر لذة .
وجنبا إلى جنب ، وفي شعور بالرضا والراحة والسعادة راح الديناصوران الفتيان يقضمان العشب اللذيذ ، دون أن يشعرا بالوقت وهو يمرّ .

     ملاحظة
ـــــــــــــــــــــــ
  × ذو الرأس الصغير : هو الديناصور سيتيجو صوراس ، ويتميز بالصفائح العظمية على ظهره ، والأشواك على ذيله ، وهو حيوان عشبي ، يصل طوله " 12 " متراً ، ووزنه حوالي " 5 " أطنان ، له رأس صغير مقارنة بجسمه الضخم ، ومخه صغير جداً ، لا يزيد عن مخ كلب .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق