الثلاثاء، 21 فبراير 2017

"عائلة السناجب وحيوانات الغابة " قصة للأطفال بقلم: دليل زينب



عائلة السناجب وحيوانات الغابة
بقلم: دليل زينب
     في يوم من الأيام انتقلت عائلة السناجب للعيش في غابة خضراء جميلة بعد رحلة طويلة تكبدتها للبحث عن ملجئ آمن يؤويها. رحبت الحيوانات بالعائلة وأشفقت عليها بعد أن علمت من البابا سنجوب ما حل بغابتهم من دمار وقطع للأشجار على يد مجموعة من البشر. اتخذت عائلة السناجب من جذع  شجرة بلوط مأوى لها، و راح أفرادها بعد أن استعادوا عافيتهم يجمعون كل ما تقع عليه أعينهم من حبوب و بذور جافة، يختزنونها في جدع بيتهم الجديد أو يوزعونه على مخابئ متفرقة من الغابة كما هي عادة السناجب في كل مكان.
  اغتاظ نقار الخشب من عائلة السناجب إذ شعر أنها تزاحمه و تشكل تهديدا على مصدر قوته، فهو من الطيور القليلة التي لا تهاجر، ويقتات في الشتاء مما يدخر من حبوب في جذوع الأشجار. اجتمع ببقية الحيوانات و راح يوسوس ويلفق حتى أقنعهم بخطر بقاء السناجب في الغابة واستنزافهم لخيراتها ،فاستجابوا له و قرروا طرد العائلة بعيدا عن أرضهم. طلبت العائلة من الحيوانات إمهالها حتى انقضاء فصل الشتاء البارد لان صغارها لن تتحمل عناء السفر و الشتاء على الأبواب على أن تكتفي بما جمعت وترحل مع بداية الربيع، فوافقت الحيوانات على مضض. آوت العائلة إلى جدع الشجرة، و دخلت في سباتها الشتوي قبل الموعد المعتاد لتتجنب الاحتكاك بالحيوانات الغاضبة التي باتت لا تتورع عن إيذائها.
   ذات صباح خيم مجموعة من الشبان على مشارف الغابة و أوقدوا النار لتحضير طعامهم، أخذت الحيوانات تراقبهم من مخابئها بحذر،لان الغابة ضجت بصخبهم، و مع حلول المساء بدأت نسمات الهواء تزداد سرعة وقوة، والسماء تتلبد بالغيوم شيئا فشيئا، فشرع الشبان في جمع حاجياتهم، و اخمدوا النار أو هكذا بدا لهم إذ لم يتحققوا من ذلك لأنهم كانوا في عجلة من أمرهم فالخريف معروف بتقلباته، وبوادر العاصفة كانت تستعجل رحيلهم.
هبت الريح ولمت في طريقها الأوراق الجافة المتناثرة تحت الأشجار و راحت تعبث بها تلمها وترفعها إلى عنان السماء ثم تنثرها فتتبعثر مرة أخرى وهكذا في كل مرة، كان الرماد يخبئ تحته بعض الجمرات التي لم تنطفئ بعد، وبينما كانت الريح تعبث بالأوراق نسفت الرماد و كشفت الجمرات التي راحت تزداد حمرة ، وما إن ألقت الريح ببعض الأوراق الجافة عليها حتى أتقدت النار و أخذت تلتصق بكل ما يقترب منها فتشعله والريح تحمله وتلقي به بين أكوام أخرى من الأوراق الجافة فتشتعل هي الأخرى وهكذا انتشرت السنة اللهب في  المكان و راحت تلتهم الأشجار والنباتات من حولها وتتوغل في الغابة بسرعة كبيرة، فزعت الحيوانات و فر من استطاع الفرار ومات البعض منها محترقا أو مختنقا بالدخان الكثيف، تقدمت النار بضراوة ممتطية ظهر الريح لا يحبسها شيء  فأيقنت الحيوانات الهلاك، وفجأة نزلت زخات المطر بغزارة من الغيوم المكدسة في السماء لتطفئ الحريق وتزرع الأمان، فأخمدت النيران وبددت الدخان، وأجرت السيول والوديان.
 هدأت العاصفة و أطلت الشمس فكشفت ما ستر الظلام، أشجار محترقة و دمار عم المكان، احتارت الحيوانات في أمرها فالوقت لا يكفيها للبحث عن مأوى جديد وما بقي لا يدرأ عنها برد الشتاء ولا الجوع الشديد، فانكمش كل حيوان على نفسه يفكر في الحل أما نقار الخشب فقرر الهجرة مع ما بقي من الطيور، و أما السناجب فكانت تغط في نوم عميق في شجرة البلوط التي بالكاد نجت مع بعض الأشجار من الحريق. لجأت الحيوانات إلى المغارات و الكهوف الجبلية المجاورة  وأمضت فيها وقتا عصيبا بالكاد تجد فيه على وجه الأرض ما تقتات به، عندما اشتد بها الجوع أخذت بعض الحيوانات تنقب وتنبش الأرض بحثا عن الجذور، لكنها تفاجأت بأكوام البندق والبلوط المخبأة بعناية في أرجاء الغابة وتذكرت عائلة السناجب وما لقيت منهم بسببها. جمعت الحيوانات ما استطاعت من مأكل وصارت تنفق منه بعناية حتى تتمكن من البقاء إلى أن يحل فصل الربيع.
انقضت أيام الشتاء، ذاب الثلج و أطلت براعم الربيع بخضرتها اليانعة لتبعث الأمل من جديد، هيأت عائلة السناجب نفسها للرحيل كما وعدت، وما إن اطل البابا سنجوب برأسه من ثقب في الشجرة حتى لمح الحيوانات متحلقة حولها فارتعب وظن أنها تريد بعائلته سوءا، فخرج يهدئها و يعلمها أنه مغادر، لكن الحيوانات بادرته بالتصفيق والهتاف، فتفاجأ ولم يزل استغرابه حتى قصّت عليه الحيوانات ما حل بغابتهم وكيف أن ما ادّخره كان سبب نجاة كثير منهم، وما بقي منه سيكون سببا في تجديد ما احترق من أشجار الغابة، ورحبوا ببقائهم بينهم و أوكلوا للسناجب مهمة تعليم الحيوانات أسس الادخار السليم.    
  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق