الأحد، 24 يوليو 2016

"أغلى هدية " قصة للأطفال بقلم: د.عمر صوفي



أغلى هدية
د.عمر صوفي
     رهف وريم صديقتان جميلتان فى الصف الرابع الابتدائى. رهف طيبة رقيقة، وريم هادئة جميلة، وهما دائما تتنافسان على التفوق الدراسى، دون حقد أو كراهية، بل فى تعاون ومحبة صافية. وكثيرا ما تتبادلان الزيارات فى منزليهما، خاصة فى المناسبات الدينية والاجتماعية، مثل عيد الفطر وعيد الأضحى وأعياد الميلاد وعيد الأم ورأس السنة وغيرها
     فى عيد ميلاد رهف الأخير، حضرته ريم  وأهدتها عروسة جميلة. وعندما اقترب عيد ميلاد ريم، بدأت رهف تشعر بالقلق والحزن .
     كانت رهف تود أن تهدى صديقتها ريم هدية جميلة قيمة، إلا إنها لم يكن معها نقود، ولم تكن تستطيع أن تطلب من أمها، لأنها تعلم أن مرض أبيها الأخير يستنزف جزءا كبيرا من دخل الأسرة، فكانت أمها دائما تشكو من مصاريف العلاج.
     قررت رهف ألا تذهب إلى عيد ميلاد ريم، إلا أنها لم تكن تعلم كيف ستبرر ذلك لأصدقائها، خاصة ريم، ولم تجد فى نفسها الشجاعة لتصارحهم بأزمة أسرتها المالية نتيجة مرض أبيها، وعدم قدرتها على شراء هدية لصديقتها. قررت رهف أن تفتعل مشكلة لتتخاصم مع ريم ، ويكون ذلك مبررا لعدم ذهابها.
    فى أثناء الفسحة، اقتربت ريم كعادتها من رهف لتلعبا سويا ، وما إن داست على طرف مريلتها دون قصد، حتى صاحت رهف غاضبة بشكل مبالغ فيه
-         ألا ترين ؟ انظرى لقد أتلفت مريلتى، أنت دائما تتعمدين إيذائى...لن ألعب معك بعد اليوم.
       مشت رهف بعيدا وريم تنظر إليها وهى لا تصدق ما سمعته ، وشعرت بالأسى لأن صديقتها العزيزة تفكر فيها بهذه الصورة السيئة، أما رهف فجلست فى ركن قصى من المدرسة وحيدة، والدموع تنهمر من عينيها.
      وبعد بضعة أيام ، حلَّ عيد ميلاد ريم، ولم تنس أن تدعو صديقاتها بمن فيهم رهف، رغم خصامهما. ذهب أصدقاء ريم إلى حفلة عيد ميلادها،  حيث غنوا وفرحوا ، لكن رهف لم تذهب.
    حزنت ريم كثيرا، لكنها لم تلم أو تعاتب صديقتها رهف عندما قابلتها فى الصباح بالمدرسة. لكن بقية الأصدقاء انتقدوا رهف لتجاهلها عيد ميلاد صديقتها، لم يكن أحد منهم يعلم أنها لم تذهب لأنها لم تستطع شراء هدية، وأنها ظلت طوال المساء حزينة تبكى.
    لاحظت المعلمة أن رهف فى الفترة الأخيرة، دائما منطوية شاردة واجمة، تكاد تكون وحيدة، ولم تعد تجلس بجوار صديقتها ريم. فى نهاية الحصة طلبت من رهف أن تذهب معها إلى غرفة المعلمين.
       أمام المعلمة، أحست رهف أنها أمام أمها، فانفجرت فى البكاء، وقصت لها وهى تنشج كل ما حدث.
     فى اليوم التالى، تغيبت رهف، وشرحت المعلمة موضوعا عن أهمية الصداقة، قالت المعلمة:
    الصداقة أهم كنز للإنسان، والصديق الحق مرآة صديقه وسنده فى المسرات والمضرات، وأن الصديق لا يجب أن يخسر صديقه بسبب هدية بسيطة، خاصة إذا كان غير قادر على شرائها، ويمكنه أن يردها له عندما يستطيع، وأن المحبة والإخلاص والمساندة، أجمل وأغلى هدية يمكن أن يقدمها صديق لصديقه.
      وفى نهاية الحصة، أخبرتهم المعلمة أن والد رهف مريض وأن واجبهم أن يزوروه ويساندوها.
      فهمت ريم ما قصدته المعلمة وإن لم تصرح به ، وأدركت سبب عدم حضور رهف لعيد ميلادها.
    بعد انتهاء اليوم الدراسى، اصطحبت المعلمة بعض التلاميذ لزيارة والد رهف ، وأصرت ريم على الذهاب معهم.
   استقبلت رهف معلمتها وصديقاتها، وأحست بالخجل عندما رأت ريم بينهم، إلا أن ريم احتضنتها فى مودة خالصة قائلة
-        أنت عندى أجمل من كل هدايا الدنيا، أنت أغلى هدية.
     فى اليوم التالى ذهبت رهف إلى المدرسة سعيدة، وعادت مرة أخرى للعب مع صديقاتها، والجلوس فى مقعد بجوار صديقتها ريم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق