الأحد، 5 يونيو 2016

"يمامة تتعلم الطيران" قصة للأطفال بقلم: يمام خرتش


يمامة تتعلم الطيران

يمام خرتش

أصبحَ اليوم َعُمري ستةَ أسابيعَ، هكذا قالَتْ لي أمّي، وأصبحَ باستطاعتي أنْ أُحرِّكَ جَناحايَ لأعلى وأسفلَ مثلَ فراشةٍ خرجَتْ للتوِ من شرنقة ، فجَناحايَ الآن قويَّان وصارَ يغطيهما ريشٌ جميلٌ وطويلٌ . لكنني لا أستطيعُ الطيرانَ بعدُ ...

نسيتُ أن أعرِّفكم عن نفسِي ! أنا حمامةٌ صغيرةٌ ، لوني رماديٌ ، عدا صدري ورقبَتي، فلونهما أبيضُ اللونِ ، عيناي واسعتانِ وليَ منقارٌ صغيرٌ .

أعيشُ مع أمّي في عُشٍ صغيرٍ مصنوعٍ من القَشِّ والأغصانِ الصغيرةِ اليابسةِ ، بنتْهُ أمّي على غصنِ شجرةٍ واقفةٍ في أحدِ شوارعِ هذه المدينةِ الصغيرةِ .  تذهبُ أمّي كلَّ صباحٍ لتُحضرَ لي بعضاً من الحبوبِ ، فانتظرُها بفارغِ الصبرِ وأنا أراقبُ المارّةَ والسياراتِ وهي تسيرُ في الشارعِ .

عادتِ اليومَ أمّي حاملةً في منقارِهَا بعض حباتِ الأرُّزِ ، وبعدَ إطعامِي إياها ، قالَتْ لي: لقد حانَ الوقتُ لكي تتعلمي الطيرانَ يا صغيرتي يمامة، ألا تحبينَ أنْ تُحلّقِي في السماءِ مثلَ باقي الطيورِ ، وأنْ تشاهدي الشوارعَ والأشجارَ من الأعلى ، وأنْ تلتقطِي طعامَكِ بنفسِكِ فتتناولي الذي تشتهينه ؟!  فأجبتُها : بلى يا أمّي ، ولكنّني أخافُ السقوطَ على الأرضِ .

ربتتْ على كتفِي بجناحِها الحانِي وقالَتْ : لا تخافي يا بُنيّتي ، كوني شُجاعةً وقَويةً ، انظري إلى هذهِ الفراشةِ البيضاء ، التي تحلّقُ بينَ الزهورِ على ناصيةِ الطريقِ ، كم هي صغيرةٌ ! لكنّهَا شجاعةٌ ولا تخافُ الطيرانَ ! الآن سأطيرُ إلى الغصنِ على الشجرةِ المقابلةِ لنا ، وعليكِ أنْ تطيرٍي إليّ .

طارتِ الأمُّ إلى لشجرةِ المجاورةِ ، فاستجمَعَتْ دودي قواها ، وأخذتْ تنظرُ إلى عيني أمِّها، ثمَّ هزًّتْ جناحِيها هزَّاتٍ خفيفةٌ ، وما لبِثَت أن صارتِ الهزّاتُ أقوى وأقوى ، فأخذَ الجناحانِ يعلوانِ ويهبطانِ بسرعةٍ ، وما هي إلا ثوانٍ قليلةٍ حتى طارتْ يمامة ، ثم حطّتْ بسرعةٍ بجوارِ أمِّها على الغصنِ ، كان قلبٌها يخفِقُ بقوةٍ ، لكنّهَا كانت مسرورةً جداً ، وراحَت تقولُ : لقد فعلتُهَا يا أمَّي ، لقد طِرتُ حقاً ، ما أسعدني هذا اليوم ! فقالَتْ أمُّها : هيّا بنا لنحلّقَ فوقَ المبانِي والشوارعِ ، فوقَ الأشجارِ والتلالِ المجاورةِ ، فوقَ الأنهارِ وجداولِ الماءِ الصغيرةِ، هيّا لنُلقي التحيةَ على باقي الطيورِ والفراشاتِ ... كم أنا فخورةٌ بكِ يا صغيرتي الحلوةِ ! 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق