طاووس خاصم الغرور
سماح أبوبكر عزت
أنا طاووس صغير ضحيت بذيلى الجميل وهو عرشى الذى يمنحنى القوة وعرشى الذى يشعرنى بالأمان، ربما تندهشون أصدقائى من كلمة.. تنازلت وضحيت..
فالطاووس دائما رمز للأنانية والغرور، لكنى طاووس خاصم الغرور.
ذات يوم أعلن الطاووس الملك عن رغبته فى اختيار أمير، بشرط أن يكون مختلفاً عن الجميع، فكر كل طاووس كيف سيكون مختلفاً.... إلا أنا.. فأنا لم أحلم يوماً بأن أكون الأمير.
مشيت فى الغابة كانت الشمس ساطعة والجو شديد الحرارة، وجدت الحطاب العجوز متعباً يريد نسمة هواء، فانتزعت بضع ريشات من ذيلى وصنعت منها مروحة له، شكرنى الحطاب وشعرت بمنتهى السعادة.
تحت ظل شجرة لمحت فتاة صغيرة تصنع حقيبة من القش عندما رأت ذيلى قالت.. كم هو جميل ليتنى أستطيع أن أحصل على ريشة منه أزين بها حقيبة أقدمها هدية لوالدتى فى عيد ميلادها، أعطيت الفتاة أجمل الريش فزينت به الحقيبة واتسعت ابتسامتها..
فى الحديقة كانت مجموعة من الطواويس تقطف بعض الزهور النادرة تزين بها ذيلها، كل منهم يحلم أن يكون مختلفاً ومميزاً.
كنت أشعر بالسعادة كلما تذكرت وجه الحطاب العجوز وهو يمسك بالمروحة وحماس الفتاة الصغيرة وهى تزين الحقيبة بالريش الذى تحبه والدتها،
مررت بكوخ صغير بجوار البحيرة وسمعت صوت بكاء طفل صغير مريض يريد الذهاب لحديقة الحيوان ليشاهد الطاووس وبسبب مرضه لن يستطيع، فكرت أن أحقق له أمنيته، رأيت صورتى فى البحيرة وقد أصبحت طاووساً بلا ريش، شكلى إذن لن يسعد الطفل المريض.
فى اليوم التالى كان الميعاد الذى حدده الطاووس الملك لاختيار الأمير، وقف جميع الطواويس، منهم من رصع ذيله بأندر الجواهر والآخر بأطيب العطور.
وكلما رآنى طاووس تعجب من شكلى، اتفق الكل على سؤال واحد وهو لماذا جئت؟ مستحيل أن أكون الأمير.
لم أهتم بما سمعت من تعليقات وما رأيت من نظرات استنكار، حكيت للملك قصة الطفل المريض فابتسم وقال: سأحقق للطفل أمنيته ولكن ما هى أمنيتك يا طاووس؟
قلت له أشكر جلالتك ليس لى أمنية. قال الملك فى ثقة.. ألم تتمن يوماً أن تصبح الأمير؟
ضحكت جميع الطواويس وقالت: وهل هذا المنظر يليق بأمير؟
قال الملك الطاووس فى حزم: عندما اشترطت أن يكون الأمير مختلفاً قصدت أن يكون مختلفاً فى سلوكه وليس فى مظهره كما فعلتم، أما الطاووس الصغير فقد ضحى بريشه الجميل ليمنح السعادة لكل من حوله، بمرور الوقت سينمو له ريش أجمل، ولكن من منكم يملك قلباً ينبض بالحب مثل قلبه وعقلاً فى رجاحة ورحابة عقله، لذا استحق أن يكون الأمير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق