إبريل - مايو 2015
المقهى الثقافى
الدور التربوى لمجلات
الأطفال
دراسة
بقلم:يعقوب الشارونى
مجلة الطفل من أهم الوسائل التى تساهم فى تكوين المواطن
الذى يشارك مشاركة فعالة بعقله وقلبه ومجهوده فى شئون مجتمعه ، ولا شك أن مثل هذه
المشاركة هى من أسس المجتمع الذى يريد أن ينمو .
إن توسيع مجالات المشاركة فى الحياة وتعميقها هى مسئولية من أهم مسئوليات
أجهزة الإعلام ، ونفوذ الصحافة فى تكوين اتجاهات الأطفال وفى تثبيت المضامين التى
نريد أن ينمو الأطفال وهم على إيمان بها ، إنما هو نفوذ لا يمكن إنكاره .
** المجلة
والكتاب :
ومجلة الطفل الناجحة يجب أن تجمع بين مظاهر الكتاب ومظاهر
الصحيفة الحديثة .
فإذا كان الكتاب مجموعة من الدراسات أو البحوث أو القصص يكتبها
عادة كاتب واحد ، والتى تتضمن مجموعة من المعلومات المترابطة أو العمل الفنى المتكامل ، بهدف توسيع مدارك الطفل وتنمية معارفه والارتفاع
بمستوى تذوقه للفنون ،
فإن المجلة تأخذ من الكتاب هذه السِّمَة ، لكنها تتميز
بأنها تتناول موضوعات متعددة متنوعة ، يكتبها ويرسمها أدباء وفنانون متعددون ، وبذلك تتفادى المجلة احتمالات تسرب
الملل إلى نفوس القراء .
*
المجلة
والصحافة :
كما أن ظهور المجلة بصفة دورية ، يعطيها القدرة على أن
تجيب على اهتمامات وتساؤلات جمهور معين من الأطفال فى وقت معين ومكان معين . ومن المعروف أن أفضل وقت لتغذية
الطفل بمعلومات جديدة ، هو الوقت الذى نجيب فيه على أسئلته . فالطفل عندما يسأل
فمعنى ذلك أنه مهتم ، وأنه مهيأ لاستقبال الإجابة وفحصها وتأملها ومناقشتها ،
وبالتالى ترسيخ ما يقتنع به منها فى ذاكرته .
لكن الكتاب مهما كان حديثـًـا ، لن يستطيع أن يتابع بسرعة ما يدور فى
العالم من أحداث هامة واكتشافات مثيرة ، فى حين تستطيع المجلة أو الصحيفة
تصوير ما يحدث وتسجيله ونشره بعد فترة قصيرة من حدوثه ، وبذلك تتمكن المجلة من توجيه الطفل
نحو التيار الذى ينسجم مع ثقافة وقيم المجتمع الذى يعيش فيه .
* كما
تتميز المجلة عن الكتاب ، بأنها تستخدم وسائـل الطباعة الحديثة ، وقواعد الإخراج
الصحفى وفنونه
، بكل ما فى ذلك من مظاهر جذابة فى ترتيب الصفحات ، وكتابة العناوين بأنواع وأحجام
حروف متنوعة ، وطريقة شيقة فى عرض الموضوعات ، وأساليب متنوعة لجذب القارئ عندما
تجمع بين النص والرسوم والصور ، وهى بذلك تقوم بدور هام ورئيسى فى
تنمية خبرات الأطفال فى مجال القراءة .
إن المجلة بهذه الصورة قد تكون أقدر من الكتاب على تقديم
المعلومات وتحويلها إلى مواد سهلة الفهم ، وإن كانت تفتقد - أحيانـًـا - الشمول
والعمق اللذين يتميز بهما الكتاب عادة .
-
إن المجـلـة تـقـوم بـدور مكـمـل للكـتـاب ، وتقـود بالضـرورة إلى الكتـاب ، لأنهــا بمــا تمثلـه
من
جاذبية وملاحقة للأحداث وتعدد فى الموضوعات والمؤلفين ، تستطيع تسهيل عملية تعلم
القراءة وتنمية الاعتياد عليها ، وترسيخ المهارات التى تجعل من القراءة عملية
منتجة ومثمرة
.
* لكن
المجلة لا يجب أن تمثل السلطة بالنسبة للطفل ، فلا يجب أن تكون تكرارًا للسلطة المدرسية أو
السلطة الأبوية . فإذا كانت التربية الاجتماعية تحتم على الطفل أن يخضع لمثل تلك
السلطات ، فإنه
إذا أحس من المجلة مثل تلك السلطة ، سينفر منها ويعاديها ، من غير أن يجد رادعًا يحول بينه وبين
ذلك .
فلا بد أن يشعر الطفل أن المجلة شىء خاص به ، موجَّه إليه
شخصيًا ، يحبها ويتفاعل معها ، ويتأثر بها ، وليست مجرد استكمال للنصائح الأبوية .
* وتعتمد
مجلات الأطفال على الرسوم إلى حد كبير ، لأنه عن طريق الصور والرسوم ننمى خيال الأطفال
، وندفع إلى الأمام قدراتهم على الإبداع ونشوقهم إلى القراءة .
** المجلة والمناهج المدرسية :
- ولا
توفر المدرسة للطفل إلا القدر الأساسى المحدود من المعارف التعليمية ، أما تنمية
الطفل - فنيًّا واجتماعيًّا وقوميًّا ، مع تثقيفه وتسليته - فإن دور المدرسة فى كل
هذا على مستوى العالم العربى لا
يزال محدودًا . ويمكن لمجلات الأطفال أن تعالج النقص فى هذه النواحى .
- كما
أن هناك نقصًا شديدًا فى مجلات الأطفال التى تصدر فى كل بلد من البلاد العربية . ولا شك أن كل إضافة لما يَصْدُر
من هذه المجلات ، هو فى صالح تنمية الوعى والثقافة وحب القراءة لدى أطفالنا .
- كما
أن مجلة للأطفال وسيلة ناجحة للتخفيف من جديَّة وجفــاف - وأحيانـًـا عــدم جمال أو
سوء إخراج - الكتاب المدرسى .
* ولعل
أشد مراحل الطفولة العربية حاجة إلى مجلات تكمل المنهج المدرسى وتعينه ، هى مرحلة
السنوات الأخيرة من المرحلة الابتدائية ، والسنوات الأولى من المرحلة الإعدادية ،
وهى مرحلة يكون فيها عمر الأطفال بين التاسعة إلى الثالثة عشرة .
إن مجلة موجهة إلى أطفال هذا العمر ، قادرة على أن تعوض -
إلى حدٍّ ما - قلة المادة القرائية المتاحة لدى أطفال القرى أو المدن البعيدة أو
الأحياء الفقيرة فى العواصم ، ذلك أن القدرة الشرائية لهؤلاء الأطفال محدودة ، بل إن
بعض أطفال القرى لم يشاهدوا فى حياتهم مجلة أطفال .
* ولكى
تصل مثل هذه المجلة إلى الأطفال الذين لا تصل إليهم مواد قرائية ، أو الذين لا توجد مواد قرائية كافية فى
محيطهم ، لانعزال أماكن تواجدهم بعيدًا عن المكتبات العامة ، أو عن مراكز توزيع
الصحف والمجلات ، أو بسبب عدم اهتمام الوالدين بتزويد أبنائهم بتلك المواد
القرائية ، فإنه
لابد من ربط نظام توزيع مثل هذه المجلة بالمدارس ، خاصة المدارس الابتدائية ، حيث
يتأكد الوصول إلى أكبر عدد من الأطفال ، بل إلى كل الأطفال .
فلابد من وضع نظام يضمن وصول هذه المجلة إلى كل المدارس ،
ولعل أفضل طريقة للتوزيع هى إرسال أعداد المجلة بالبريد ، على أساس أن تدفع المدارس أو المؤسسة
التعليمية اشتراكها مقدمًا مع تكلفة الإرسال بالبريد .
طريقة
إخراج المجلة :
* ومن المهم أن نراعى " قطع الورق
" المريح للطفل ، الذى يساعد فى نفس الوقت على تقديم صور ملونة كبيرة المساحة
، وحروف واضحة ، وعناوين جذابة ، لأن الرسوم الصغيرة تحد من خيال
الطفل ومن انطلاق الفنان والرسام ، كما أن الحروف الصغيرة ترهق الطفل وتنفره من
القراءة .
* ويجب ألا تقل نسبة الرسوم إلى الكتابة
عن 30 % إلى 40 % من مساحة كل صفحة . لأننا عن طريق الرسوم ، ننمى خيال
الأطفال ، وندفع إلى الأمام قدراتهم على الإبداع ، ونشوقهم للقراءة .
كما يجب أن تكون الرسوم واضحة بسيطة
قريبة من الواقع ، يشيع فيها روح المرح ، تنمى الإحساس بالتذوق الفنى لدى الطفل .
* تعديل أسلوب قصص الرسوم المسلسلة :
ويجب تعديل أسلوب الهزليات ( الكومكس
) ، برغم أن
ذوق الأطفال العام أصبح يتفق فى أغلبه على طلب المجلات التى تقدم موضوعاتها فى شكل
هذه القصص المرسومة المسلسلة . إن هذه الرسوم الكثيرة المتتابعة
المتلاصقة ، ذات الحوار الخاطف القصير داخل نفس هذه الرسوم (البالونات) ، قد أصبحت
تجنى على كثير من القيم التربوية والفنية : إنها تَحْرِمُ الطفل من متعة القراءة الجادة ، وتعوده على القراءة غير الأدبية
السريعة الركيكة .
بالإضافة إلى ذلك التعبير الساذج الذى تلجأ إليه كثير من تلك الرسوم
لبيان مختلف مواقف القصص . وهو مع سذاجته يسجن خيال الطفل ، ويحرمه حقه فى التذوق
الفنى ، وفى إطلاق الخيال .
* وإذا استخدمنا الرسوم المتتابعة فى بيان
أحد الموضوعات ، فلتكن الرسوم كبيرة واضحة ، جيدة الرسم ، ولتكن الكلمات تحت إطار
كل رسم أو خارجه ، لا فى داخل الرسوم على شكل بالونات ، بحيث نجد أمامنا نصًّا أدبيًّا
متكاملاً ، لا تقوم الرسوم فيه بديلاً عن عباراته وكلماته .
* ويحسن أن تستخدم المجلة حجم الحروف
المستخدمة فى كتب المطالعة العربية للسنة الخامسة والسادسة
الابتدائية . ( خط النسخ من حجــم تلك الحــروف أو أكبــر قليلاً ) . وتـُـستخدم الخطوط الكبيرة الواضحة فى
العناوين .
* وعلينا أن نحرص على استخدام اللغة
العربية الفصحى البسيطة القريبة من الحديث اليومى ، التى تساعد على نمو قاموس الأطفال
اللغوى ، ولا
نستخدم اللغة العامية . ويراعى أن تزيد نسبة الأسماء وما يعبر عن استخدام الحواس ،
عن نسبة الضمائر أو ما يعبر عن المعنويات .
* كذلك يراعى ألا يزيد أى موضوع فى المجلة على صفحتين ،
ويحسن أن يقتصر عدد من الموضوعات على صفحة واحدة ، على أن تخصص أكثر من صفحة
لتقديم أكثر من فقرة واحدة .
** بعض المواد المناسبة للمجلة
:
* يُراعى أن يخصص الغلاف الأول لأسم المجلة ، مع لـوحة كبيرة
ترتبط بأحد موضوعات العدد ،
مع العناية الشديدة بجمال رسم الغلاف وألوانه
وجاذبيته ،
لأن جمال الغلاف عنصر حاسم فى إقبال الأطفال على قراءة المجلة والارتباط بها .
أما الغلاف الأخير فمن الأفضل أن
يُستخدم فى مادة تحريرية .
* التمثيل من أحب الأنشطة إلى الأطفال ،
لارتباطه بنشاط اللعب الإيهامى
أو التخيلى ، وبالتالى فهو من أكثر الوسائل
التربوية نجاحًا فى جعل التلاميذ والأطفال عناصر إيجابية فى العملية التعليمية . لكن عدم وجود النصوص الملائمة يقف
حائلاً بين المدرسين وبين توجيه التلاميذ إلى هذا النشاط الخلاق . لذلك فإنه يَحْسُن تخصيص
مساحة ملائمة لنشر نص مسرحى مناسب للأطفال من سن 10 إلى 12 سنة ، مع رسوم توضح ملامح
الشخصيات ، وما ترتديه من ملابس ، والمكان أو الديكور الذى تقع فيه الأحداث .
* وإذا كان النص مرتبطًا بالمنهج
المدرسى
، فيجب أن يُرَاعَى فى رسم الشخصيات واختيار العقدة أن تصلح المسرحية - ليس فقط
للسنة الدراسية التى اقتبسنا من منهجها موضوع المسرحية - بل أن تكون مشوقة
لطلبة مختلف الفرق الدراسية بما تحتوى عليه من قيم درامية وإنسانية عامة - أى أننا نحذر من أن يكون النص
المسرحى مجرد صياغة للمعلومات فى شكل حوار ، بل لابد أن تتوافر لمثل هذا النص كل
عناصر العمل الفنى المتكامل . ومن
المهم أيضًا نشر نصوص خارج المنهج المدرسى .
* ولابد
من فتح السبيل أمام الأطفال والمدرسين معًا لاستخدام مختلف الأنشطة والوسائل
التعليمية ، لإعطاء الأطفال أدوارًا تفاعلية فيها إيجابية ومشاركة .
لذلك يمكن أن تتضمن المجلة موضوعات توضح للأطفال ( وهو توضيح للمدرسين
أيضًا ) كيفية
تحويل أحد الدروس إلى مسرحية ، أو طريقة عمل مجلة حائط ، أو بيان وسائل صنع عرائس
القفاز (
الجوانتى ) ، أو تقديم
إرشادات حول خبرة مهنية مثل ترميم الكتب
أو النجارة أو زراعة الحدائق ، أو تقديم البيانات لتنمية
هوايات الجمع أو الادخار ( مثل جمع الطوابع أو تربية طيور الزينة أو دودة الحرير ) ، أو كيفية إجراء تجربة فى نادى
العلوم ،
أو كيفية صنع
نماذج الطائرات .
* كذلك فإن تنمية
الميول والاتجاهات الأدبية شىء أساسى وهام ، لذلك لابد من الاهتمام بنشر قصص قصيرة
ذات صياغة فنية متميزة . وإذا احتوت على خلفية علمية أو أخلاقية ، فلابد أن تجىء
من خلال الفن وليس على حساب الفن . ويمكن تقديم أنشطة أدبية ، مثل إكمال قصة ،
أو كتابة قصة حول صورة ، مع مراعاة الاهتمام الشديد بالمستوى الفنى للرسوم
التى تُنشر مع القصة .
* كما أن الطفل يبدأ فى هذه المرحلة فى البحث عن البطل والمثل
الأعلى ، فلابد أن نقدم له أحد
هذه النماذج من
الواقع المعاصر أو من التاريخ ، لنؤكد المُـثـُـل والقيم التى يهمنا
أن ننميها فى أطفالنا ، وذلك
من خلال موقف أو مواقف فى حياة شخصية بارزة علميًّا أو رياضيًّا أو فنيًّا أو
دينيًا أو أدبيًّا
.
* كذلك يجب تنمية تذوق الأطفال لمختلف الفنون
، بتقديم نماذج من اللوحات الفنية والأعمال النحتية المشهورة ، مع التعليق عليها ، والتعريف
بمبدعيها ، والمتاحف التى تعرضها .
* وتعريف الأطفال بالآلات
الموسيقية ،
وبأشهر المقطوعات الموسيقية ، وبقصص البالية والمسرحيات المعروفة .
* مع تقديم نماذج سهلة من
الشعر والأغانى
، لتنمية تذوق الأطفال لهذه الفنون .
* ولابد من الاهتمام بالثقافة البدنية ، وتنمية العادات الصحية التى تدور حول
المشى والنوم والجلوس والمذاكرة وتناول الطعام . مع تقديم وصف لبعض التدريبات
البدنية وتوضيح فائدة كل منها ، والتشجيع على ممارسة الرياضة البدنية بأنواعها
المختلفة .
* كذلك تتجه اهتمامات الأطفال فى هذه
السن إلى التعرف على ما هو خارج محيطهم المعتاد ، لذلك لابد أن نشجع
الأطفال للخروج من دائرة المنزل أو المدرسة لاكتشاف أماكن جديدة فى بلدهم ، قد تكون متحفًا أو منطقة أثرية ،
أو مشروعًا صناعيًّا ، أو محطة تجارب زراعية ، وذلك - مثلاً - بأن نقدم بابًا تحت عنوان " زيارة إلى ... " ، وأن نربط هذا بحفز الأطفال للبحث عن
معلومات أكثر فى كتب المكتبة المدرسية حول موضوع الزيارة .
* ولابد من تدريب الطفل على اختيار أفضل الكتب وأفضل
الأفلام السينمائية ، وأفضل برامج الإذاعة أو التليفزيون وأفضل مواقع الإنترنت ، لذلك يمكن تخصيص مساحة لتوجيه
اهتمام الأطفال إلى ما يناسبهم من برامج تقدمها الشاشات الرقمية والوسائل
الإعلامية والثقافية ، وذلك كوسيلة لتنمية
قدراتهم على الاختيار ، وعلى التمييز بين الجيد والسيئ فيما تُقَدِّمُه هذه
الوسائل من مواد
.
* كذلك يحب الطفل الحركة واستخدام قدراته ، لتنشيط عقله وخياله وبدنه ،
ولقضاء وقت فراغه . وعلى
المجلة أن تعاون الطفل على اكتساب مهارات جديدة ، ويكون هذا رائدنا فى اختيار
الألعاب والأنشطة والتسليات والهوايات .
- لذلك من المهم أن نقدم فى كل عدد إرشادات عن لعبة جماعية يمكن أن يلعبها الطفل مع زملائه فى
الفصل أو خارجه .
- وأن يتضمن كل عدد من أعداد المجلة عددًا من الأسئلة والأنشطة
التى يمكن تقديمها بطرق وأساليب مختلفة ، والتى تشجع الأطفال على البحث عن
إجاباتها فى مكتبة
المدرسة أو من البيئة .
- إن لعبة مثل " الكلمات المتقاطعة
" ، إذا كانت كلماتها تدور
حول التاريخ أو الجغرافيا أو العلوم أو موضوعات كتب المطالعة ، يمكن أن تكون ذات
فائدة كبيرة .
كذلك الأنشطة والأحاجى
(الفوازير) الخاصة بالأرقام والحروف ، لما تتيحه من تنمية القدرات فى مجالى الرياضيات واللغة
.
والأنشطة والأحاجى الخاصة بالأشكال ، لما تتيحه من تنمية الخيال التشكيلى
أو الهندسى ، ومن
أحبها إلى الأطفال تقديم رسمين لصورة واحدة ، بينهما عدد من الاختلافات ، ليبحث
الطفل القارئ عن هذه الاختلافات .
* كذلك فإن حب المرح سمــة مميزة لنفسية الأطفال ، والفكاهات المرسومة
بالكاريكاتير من أحب الموضوعات إليهم ، خاصة بعد سن 7 سنوات ، لذلك من المهم تخصيص مساحات
لعدد من الرسوم الكاريكاتيرية ذات المضمون الفكاهى والتوجيهى معًا .
* ولابد من ربط الطفل ببيئته ، مع ضرورة
تعريف أبناء المدن بحقائق حياة أبناء الريف أو
البادية .
لذلك من المهم
تخصيص مساحة حول أحد الموضوعات التى تتناول بيئة الطفل فى الريف أو البادية ،
ليزداد فهمًا لها ووعيًا بطريقة التعامل معها ، مع الاهتمام بالصور الفوتغرافية .
ويمكن تقديم هذا الموضوع بطريقة
الرسوم المسلسلة ، بشرط أن يكون التعليق خارج الكادرات ( الرسوم ) وليس داخلها ،
وباللغة العربية السهلة السليمة .
* ويجب الاهتمام بأن تجىء الثقافة
الدينية والأخلاقية بين ثنايا مختلف الموضوعات الأخرى .
مع تخصيص مساحة ثابتة للثقافة الدينية ، ويُفضل أن تقدم على شكل عدد من
الفقرات القصيرة المنفصلة ، يتناول كل منها فكرة واحدة بسيطة سهلة الاستيعاب .
** قصص
الرسوم المُسلسلة فى مجلات الأطفال :
قصص الرسوم المُسلسلة أهم مادة تقدمها مجلات
الأطفال :
اتضح من مراجعة 15 مجلة " مُتداولة " فى السوق
المصرى ( عدد كبير
منها يصدر من مختلف الدول العربية ) ، أن أكثر من نصف عدد صفحاتها مُخصّص
لقصص الرسوم المُسلسلة ( الكومكس أو الاستربس ) .
وهناك ثلاث مجلات ، أكثر من 80 % من صفحاتهـا رســوم مُسلسلة ، وتعتمــد
هــذه
المجلات
الثلاث على المادة المُترجمة نصًّا ورسومًا .
أمّا بقية المجلات ، فإن عدد صفحات الرسوم المُسلسلة فيها يتراوح ما
بين 30 و60 % من عدد الصفحات ، يبدعها فنانون مصريون
وعرب .
من هذا يتضح أن قصص الرسوم المُسلسلـة هـى أكثـر المـواد
التى تعطيهـا المجـلات المُتاحـة للطفـل العربى اهتمامًا خاصًّا ، لأن بقية الصفحات تتقاسمها موضوعات
مُتعدّدة ، مثل الثقافة
الدينية والقصص السردية والمعلومات العامة والتاريخ والهوايات والأنشطة وأسماء
وصور الأطفال ، والفكاهات ، والإجابة على
رسائل الأطفال ، ونشر رسوم ورسائل القُرّاء
وغيرها .
وبهذا يظهر التأثير الكبير لقصص الرسوم المُسلسلة فيما هو مُتاح للطفل العربى من مجلات
، خاصة
إذا وضعنا فى الاعتبار أن الطفل يقرأ هذه القصص بعينيه ( يقرأ الرسوم ) قبل أن يقرأها بعقله ( الجمل
والكلمات ) ، فهو يُشاهد الرسوم ويتأمّلها قبل أن يقرأ النص .
وهو ما يدعونا إلى التوقّف طويلاً أمام هذه القصص
المُسلسلة ، سواء فيما يتعلّق بمضمونها أو لغتها أو مستوى رسومها .
* اختلاف المستوى بين النص والرسوم :
وبدراسة قصص الرسوم المُسلسلة فى المجلات العربية ، اتضح
أن مُعظمها إمّا أن يتفوّق فيها الرسم على النص ، أو يتفوّق فيها النص على الرسم .
- وفى
الأولى ، التى
نجد فيها نصًّا جيدًا ورسومًا غير جيّدة ، تجنى الرسوم على النص ، فيفقد أثره على الطفل القارئ .
ومن أبرز النماذج ، قصة برسوم مُسلسلة عن حياة الكاتب الكبير نجيب
محفوظ ، قدّمتها إحدى المجلات فى خمس صفحات برسوم مُسلسلة . النص جيّد ، لكن
الرسوم ضعيفة ، فى حين أن كاتب النص اعتمد على أن الرسوم سَتُكْمِل ما لم يقله
بالكلمات ، فمثلاً هناك كادر تقول فيه الأم لابنها : " أرأيت ؟! هذه آثار
قدماء المصريين " ، فيُجيب الابن : " كم
أتمنى أن أكتب رواية عن هؤلاء الأجداد العظام " ، لكن الرسوم التى أمامنا لا
تبرز عظمة أو جمال تلك الآثار .
- أما
النموذج الثانى
، فهو للرسوم ذات المستوى الجيد ، لكنها لا تعبر عن نصوص جيّدة ، فالقصص غيـر مُترابطة ،
وغير مُشوّقة ، لا تتوافر بها عناصر الفن القصصى ، أو تقوم على الوعظ والنصائح المباشرة .
- وهناك مجموعة
ثالثة من قصص
الرسوم المُسلسلة ، النص فيها ضعيف ، والرسوم أيضًا ضعيفة ، وكثير من هذه القصص يُحاول
أن يُقدّم قيمًا تربوية بطريق مُباشر .
- أمّا
القصص التى تقدّم نصوصًا جيّدة مع رسوم جيّدة ، فهى قليلة .
* مستوى النص فى قصص الرسوم المُسلسلة :
- ويضطر
كاتب قصص الرسوم المُسلسلة إلى اختصار النص إلى أقل عدد من الكلمات ، ليُتيح
للرسام مساحة كافية للرسم ، لا تزاحمه فيها " البالونات " التى يُكْتَب فيها النص .
لذلك فإن قراءة نصوص قصص الرسوم المُسلسلة لا يُمكن أن تنمى فى
القارئ الإحساس بالتذوّق الأدبى للنص ، لأن النص بغير رسوم يبدو مُفكّكًا غير
مُترابط .
- كما أن كتابة
النص على هذا النحو ، يُعَــوَِّد الطفــل على القــراءة السهلة غير المُتأمّلة ، التى لا تثير فيه الخيال أو التفكير
أو الرغبة فى البحث والمعرفة ، كما أنها تحول دون الاستمتاع بالقراءة ، وبذلك تفقد هذه النصوص أهم
مُقوّمات النص الأدبى الذى يُمكن أن يُنمّى عادة القراءة عند الأطفال .
- ولا
توجد إلا حالات نادرة يكون النص فيها مكتوبًا خارج إطار الرسوم ليُساعد الكاتب على
أن يُقدّم للطفل نصًّا أدبيًّا مُتماسكًا ، تتكامل فيه عناصر العمل الأدبى . وهذا هو الأسلوب الأفضل للجمع
بين تشويق الرسوم المُسلسلة ، وتقديم نص أدبى جيّد للأطفال . والقضية هى مُحاولة تعويد الأطفال على
قــراءة النص الأدبــى الذى نكتبه لهم خارج الإطار المحيط بالرسوم ، وليس فى " بالونات " داخله (داخل الإطار) .
** خطأ استخدام اللهجة العامية
:
وأحيانًا تستخدم بعض المجلات ألفاظًا من اللهجة العامية
فى بالونات قصص الرسوم المُسلسلة ،
ومن أمثال هذه الألفاظ والعبارات : " فريق زى الوحش يا بنى " - " دول عيال " - " مفيش ثبات على خطة مُعيّنة " - "
شنكلة من كابتن الفريق " - " أهم
شىء دلوقت صحتك " .
وهذا يُخالف ما أجمعت عليه كافة المؤتمرات التى تناولت
موضوع اللغة فى مجلات الأطفال ، والتى أكّدت على ضرورة الإلتزام باللغة العربية
الفصحى المُناسبة للسن الذى تتوجه إليه المجلة ، حتى يشب الأطفال وقد تعودوا على
احترام لغتهم ، وحتى لا يقع الخلط فى أذهانهم بين الفصحى والعامية .
** قصص الرجل الخارق للطبيعة لا
علاقة لها بالخيال العلمى :
ولابد أن نشير إلى التقرير الذى أصدرته اليونسكو ( منظمة
الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم ) عن صحف الأطفال وأفلامهم وإذاعاتهم فى
مُختلف بلاد العالم
.
لقد بَيَّن هذا التقرير الأضرار الجسيمة التى تقدمها
مجلات الأطفــال التى تعتمــد على قصص الرسوم المُسلسلة التى تدور حول شخصية "
الرجل الخارق للطبيعة " ، مثل " سوبر مان " و " الوطواط
" و " جراندايزر " و " الرجل الأخضر " وغيرها .
لقد أكّد التقرير أن هذه المجلات " تعتبر بغير شك فى
الدرجة الثانية من حيث الوحى والإلهام ، فضلاً عن خلوها من الأفكار الجديدة ،
وأنها تبدى تساهلاً لا حد له فى سبيل إرضاء جمهورها ، الذى يزداد ميله إلى
المُغامرات ، ويتناقص ميله إلى بذل أى مجهود ذهنى " .
ثم قال تقرير منظمة الأمم المتحدة :
- ويجب
إعتبار أسطورة الرجل الخارق للطبيعة من المواد الواجب حذفها ... يجب أن يختفى هذا
الرجل ، لتحل محله مخلوقات إنسانية معقولة ، قريبة من الواقع .
- وينبغى
ألا تبالغ قصص الحرب فى تمجيد القوى الغاشمة ، أو تنغمس فى مشاهد مُفزعة لا مسوغ
لها .
- ويجب
تقديم النواحى الإجتماعية والإنسانية على ما عليها .
- كما
ينبغى أن تتخذ القصص البوليسية شكلاً آخر ، يكون التوتر فيه قائمًا على
النواحى المرحة أو الروائية .
- ويجب
أن يُبذَل كل جُهد مُمكن لتحسين قصص الرسوم الفكاهية ، والقصص الضاحكة فى صحف الأطفال . فإذا أمكن رد الشعور
بالضوء والظل إلى القُرّاء الصغار ، والمُحافظة على قدرتهم على قبول الأقاصيص
الخيالية الرقيقة ، أمكن النهوض بمستوى جودة صحف الأطفال وتحسين طريقة عرضها .
* قصص الرسوم المسلسلة واللغة :
كما يقول التقرير عن قصص الرسوم المُسلسلة ، إن الرسوم أصبحت تحتل فيها
مكان الكلام ، مما يُضيّع على الأطفال الفرصة لتنمية ثروتهم اللغوية ، ويُصرفهم عن
بذل أى جُهد فى تعليم القراءة ، ويجعل الكُتب تبدو لهم ثقيلة ومُملّة .
- كمــا جاء فـى هذا التقرير أن قصص الرسوم المُسلسلة يدور معظمها حول
سلسلة مُتصلة من حوادث العنف الجنونية ، قبل أن ينتصر البطل الذى يأخذ بيد " المظلومين "
فى القصة !! لذلك فإنها تناشد هذه المجلات الحد من عنف موضوعاتها ، وأن تفضل عليها
الموضوعات الهادئة المُتزنة .
- كما يقول التقرير إن أعمال أشخاص المُعسكرين الـمُتَضادَّيْن فى هذه
القصص ، لا تنبعث إلا عن الضغينة أو الإنتقام أو الجشع ، مع أن
هناك بواعث أخرى يُمكن التركيز عليها .
- وإن
فى شخصيات هذه القصص هزال فكرى ، لا يُضارعه إلا فقرها العاطفى المُدقع . ويبدو هذا الهزال
الفكرى فى الرسوم ، فكثيرًا ما نرى الأشخاص فيها يسلكون سلوكًا حيوانيًّا
خالصًا .
- كما
تدور جملة القصة دائمًا حول القتل ، ومُحاولة بعض الأفراد الإعتداء على الآخرين ، ومن شأن هذا أن
يُحِدث فى نفوس الأطفال عُقدة الاعتداء ، ويُنفّرهم من المُجتمع بشكل قاطع .
- كما
أن المُسلسلات كثيرًا ما تقف أو تنتهى عند عمل من أعمال العنف أو الجريمة ، وهو
ما يؤدى إلى تصوير العنف للأطفال تصويرًا مُبهِرًا ، وكأنما فيه حل لكل المشاكل .
- كذلك
فإن هذه القصص تلجأ إلى تبسيط الشخصيات ، وتجعل بعضها مُمثلاً للخير المُطلق
وبعضها مُمثلاً للشر المُطلق ، وهذا مُخالف لطبيعة البشر ، ويؤدى إلى فهم الأطفال
لمجتمعهم فهمًا خاطئًا . ففى كل إنسان جانب
طيب وجانب خبيث ، والمُهم أن نفهم دوافع الإنسان وأسباب سلوكه ، لكن بطريقة مُبسّطة تناسب الأطفال .
* قيم مضادة لقيم المجتمع :
كمــا أن هـذا
النوع من القصص يؤكّد قيمًا مُضادة لكل ما قامت عليه نـُـظم الدول المُتمدينة
الحديثة .
فمن القيم التى يجب أن تشيع فى نفوس الأطفال ، احترام
القانون ، وترك مُهمة مُحاكمة المُخطئ والحُكم عليه وتنفيذ الحُكم ، للقضاء وسلطات
الأمن . لكن كثيرًا من قصص الرجل الخارق للطبيعة تجعل البطل هو الذى يُحدّد ما هو
الخير وما هو الشر ، وتتركه يحكم على الآخرين بمعياره الشخصى ، ويُنفّذ بنفسه ما
ينتهى إليه من أحكام ، حتى لو كان الحكم بالإعدام !!
وبهذا تلغى هذه القصص ما أقامته الحضارة من نظام للدولة ،
يخضع فيه كل شخص للقانون الذى وضعته الجماعة ، حتى لا يُترك الأمر فوضى لوجهات
النظر الشخصية التى تغلبها مثل هذه القصص ، التى تعطى ذلك الفرد المتفوق -
والذى يُفْتَرض أن يتمثل به الطفل - كل سلطات الشرطة والقضاء وأجهزة تنفيذ الأحكام
.
*
تزييف
الحياة :
يُضـاف إلى هذا أن هذه القصص تزيف الحياة ، عندما تجعل فى
مُتناول البطل الثروة والسيـارات والطائرات وكل وسائل الراحة ، دون إبراز أى جهد
بذله للحصول على هذه الوسائل ، حتى أنه يُحطّم فى كل يوم ما يُساوى عشرات الألوف من الجُنيهات
بغير أسف أو ندم ، ثم يجد غيرها بنفس البساطة .
وفى نفس الوقت فنحن لا نعرف أبدًا لهذا البطل عملاً أو
وظيفة أو مصدرًا يتكسّب منه . هذا فى حين
أنه من أُسس التربية السليمة ، أن ينشأ الأطفال على تقدير قيمة ما يملكون ، أو ما يتطلّعون إلى إمتلاكه ، وأنه لابد
من بذل الجُهد للحصول على هذا الذى يتطلّعون إليه .
*
هذه قصص
لا علاقة لها بالخيال العلمى :
وإذا قيل أن مثل هذا القصص يُنمى الخيال العلمى ، فقد ذكر تقرير اليونسكـو
أن من يكتبون هذه القصص يخترعون أحداثـًـا خيالية دون سند عقلى أو أساس علمى .
- ذلك أنه يجب التفرقة بين
القصص التى تقوم على تنمية أسلوب التفكير العلمى ، الذى يعتمد على المُلاحظة
والإستنتاج والتجربة والخطأ ، ووضع الفروض وتمحيص هذه الفروض ، حتى يصل البطل إلى
نتائج إيجابية ناجحة
، وبين قصص الرسوم المُسلسلة التى تحفل بها المجلات التجارية ، التى تقدّم
للطفل ، دون مُقدّمات ، أجهزة ووسائل جاهزة ، يستخدم البطل مُعظمها فى الدمار
والقتل ، دون أية إشارة إلى أسلوب التوصّل إلى إختراع تلك الآلات ، أو أية إشارة
لما يُمكن أن تمنحه للبشرية من فوائد .
إن قصص الرجل الخارق للطبيعة توهم الأطفال أنها من قصص
الخيال العلمى ، فى حين أنها فى الواقع من قصص " الهذيان " الذى يستعير
من العلم أشكاله الخارجية ، دون مضمونه الحقيقى .
* كما أن مثل هذه القصص التى يُشيع
فيها القتل والاعتداء ، تجعل الحياة الإنسانية شيئًا هَيَّنًا فى وجدان
الأطفال ، فى حين أن من أُسس التربية السليمة ، أن ننمى فى الأطفال التقدير
والاحترام للحياة الإنسانية والحفاظ عليها ، بل تقديسها .
* * *
* إن
قصص الرسوم المُسلسلة من أحب الموضوعات إلى الأطفال ، فلابد أن نستمر فى تقديمها
إليهم .
لذلك أصبح من الضرورى تنظيم دورات تدريبية ، فى شكل
" ورش عمل " ، لتعميق الخبرة بكتابة ورسم قصص الرسوم المُسلسلة ، ما
دامت هى الشكل المُفضل عند الأطفال ، وعند مجلات الأطفال .
** صورة الفتاة فى مجلات الأطفال :
مظاهرة
نسائية :
فى عدد من إحدى مجلات الأطفال ، قصة بالرسوم
المسلسلة بعنـوان " مظاهــرة
نسائية " ، تتفق فيها زوجتان على الخروج
للاشتراك فى مظاهرة تطالب فيها المرأة بالمساواة مع الرجل .
والزوجان ، وهما من رجال الشرطة الذين صدرت
لهم الأوامر بمنع المظاهرة ، يحاولان منع زوجتيهما من الخروج بالقوة ، ويستخدمان
لذلك معدات تفريق المظاهرات .
يقول أحد الزوجين للآخر : " لابد من
الحزم فى بعض الأوقات ، حتى يعرفا من نحن . وعلى العموم هذا لصالحهما ، فقد كانتا
ستصابان فى المظاهرة " .
عندئذ تنهال الزوجتان بأدوات المطبخ على رأس
الزوجين ، وتنتهى القصة بالزوجين يرقدان متجاورين على سرير بالمستشفى للعلاج من
إصابات قذائف الزوجتين !!
-
ماذا تقول هذه القصة للأولاد والبنات :
والسؤال الذى يُثار هنا : ما
أثر مثل هذه القصة على القُرَّاء الصغار ، من الأطفال والمراهقين ، من الذكور والإناث ؟
وإذا كانت هذه هى طريقة المرأة فى التعامل
مع زوجها للمطالبة بحقوقها ، فكيف ستتعامل معه بعد الحصول على هذه الحقوق ؟
إنها قصة مقدمة بالرسوم
الكاريكاتورية الضاحكة شديدة التأثيــر فى الأطفــال ، أثرها الأساسى أنها تؤكد مخاوف الرجل من
حصول المرأة على حقوقها فى المساواة فى المسئوليات .
-
انعكاس لوجهة نظر الرجل فى مجتمعنا :
هذه القصة تضعنا أمام قضية
صورة المرأة والفتاة التى تقدمها – أحيانًا - مجلات الأطفال ، والتى تعكس وجهة
نظر الرجل فى مجتمعنا
، الذى لا يزال يرى أن المرأة
قاصر ، غير مكتملة الشخصية ، وأنها أضعف منه ، وفى حاجة دائمة إلى حمايته والخضوع
لوجهات نظره .
- وكثيرًا ما نتساءل عن السر فى "
استمرار " هذه النظرة من الرجل إلى المرأة ، على الرغم من تغيركثير من
الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للمرأة فى مجتمعاتنا .
تجيب على هذا التساؤل دراسة
بعنوان " مجلات الأطفال العربية وتكوين المفاهيم " .
-
اكتساب وليس وراثة :
تبين هذه الدراسة الميدانية ، التى قامت
بتحليل عينات من قصص مجلات الأطفال ، أن تربـيتنا للأطفال بمختلف صورها ، هى التى
تضخم دور الرجل وتقلل من شأن المرأة ، وأن هذا التصور الذى تقدمه تلك التربية ،
ينعكس على الفتاة نفسها ، فتقتنع بأن هذه هى طبيعتها الحقيقية .
فالأمر إذن ليس أمر وراثة أو
طبيعة فطرية ، بل هو تصور يكتسبه أفراد المجتمع من خلال التربية فى مرحلة الطفولة
.
* كذلك تقدم
الدراسة التى قام بها الباحث " حازم النعيمى " ، الدليل على ذلك ، بتحليل عينات من مجلات الأطفال المصرية .
-
شخصيات الأبطال :
- وتبدأ الدراسة بإبراز حقيقة غريبة ، هى أنه لا توجد ( وقت إجراء
الدراسة ) مجلة أطفال عربية اسمها مؤنث ، بل كلها أسماء ذكور ، مثل ميكى ، سمير ،
أسامة ، حسن ، ماجد ، سعد !! وهى فى نفس الوقت أسماء البطل الرئيسى لكل مجلة .
- ومن
تحليل عينات من مجلات الأطفال ، تبين
أن من بين 8 شخصيات رئيسية فى مجلد يضم 12 عددًا ، توجد فتاة واحدة . وتبين أن نسبة
الشخصيات النسائية إلى مجموع شخصيات القصص 13 % ، فى حين أنَّ نسبة شخصيات الرجال
87 % .
-
وظائف الرجل والمرأة :
وبالنسبة للوظائف التى حددتها القصص لكلٍّ
من المرأة والرجل ، تبين أن
مهن
ووظائف الرجال تشمل أغلب أنواع النشاط الاجتماعى والاقتصادى ، مثل : طبيب ، عالم ، مخترع
، ضابط ، كشّاف ، رئيس عصابة ، رياضى .
على
حين أن الأعمال
المخصصة للمرأة قليلة جدًّا ، لا تتعدى الوظائف المساعدة غير الهامة ، مثل : مضيفة ، سكرتيرة ،
تلميذة ، خادمة ، جاسوسة .
-
الصفات والسلوك :
وبالنسبة للسلوك والصفات الشخصية فى القصص
المقدمة للأطفال ، تبين أن الصفات الإيجابية للرجل أكثر بكثير من الصفات الإيجابية بالنسبة
للمرأة .
كذلك فإن الصفات السلبية
للرجل تُنسب لشخصية ثانوية ، بهــدف إبراز الصفــات الإيجابية لبطل القصة .
أما الصفات السلبية للمرأة ، فهى لصيقة بها ، وغالبة ، والصفات الإيجابية طارئة ونادرة ، فلم تظهر مثلاً إلاّ فى حوالى ثلاث قصص من
53 قصة .
فنحن نرى دائمًا شخصية البطل
الذكر ، فى مجلات الأطفال ، ذات طابع حيوى ، فهو ذكى ، قوى ، نشيط ، مكافح ، مخلص ، شجاع ، مغامر ، مستقل ،
حسن التصرف ، مع
وجود بعض " الفهلوة " والإجرام والغرور فى
تصرفاته أحيانًا ، وهو صاحب الكلمة الأخيرة فى القصة والموضوع .
أما المرأة فهى مؤدبة ، ومطيعة ، ومضحية ، وضعيفة ، وتستحق العطف ،
وفى أحيان قليلة ، لديها بعض الذكاء وحب الرياضة والعمل .
-
تصحيح الاتجاهات :
إن هذه القصص تترك انطباعًا
عامًّا لدى الأطفال ، البنات والأولاد ، بأن الرجل هو العنصر الأفضل والحيوى ،
والمرأة هى العنصر الأقل شأنًا والسلبى فى المجتمع .
هذا فى حين أن المطلوب من قصص
وثقافة الأطفال ، أن تقوم بتصحيح اتجاهات المجتمع ، وأن تنمى فى الأطفال المفهوم المتوازن
الصحيح لدور المرأة ، وقدراتها ودورها فى تنمية وبناء المجتمع .
أهم المراجع العربية
( 1 ) أعداد صادرة من مجلات : ماجد - العربى
الصغير - المختار للصغار - سمير - ميكى - باسم - سامر - المسلم الصغير - سوبر ميكى
- ميكى جيب - كابتن سمير - الفردوس - أسامة - سوبر مان .
(
2 ) جمهور الأطفال : تقرير عن صحف الأطفال وأفلامهم وإذاعاتهم ( عن اليونسكو ) - تحرير
: فيليب بوشار - ترجمة محمد أنور الحناوى - الناشر : دار الكتاب المصرى .
(
3 ) صحافة
الأطفال : تأليف دكتور سامى عزيز -
الناشر : عالم الكتب .
(
4 ) تنمية
عادة القراءة عند الأطفال : تأليف يعقوب الشارونى -
الناشر : دار المعارف
- سلسلة " إقرأ " - الطبعة الرابعة .
(
5 ) كُتب
الأطفال ومجلاتهم فى الدول المُتقدّمة - الحلقة الدراسية الإقليمية - الناشر
: الهيئة المصرية العامة للكتاب .
-
هذا بالإضافة إلى ما أشرنا إليه من مراجع فى نص الدراسة .

هناك تعليق واحد:
ccisoojhy4c
golden goose outlet
golden goose outlet
golden goose outlet
golden goose outlet
golden goose outlet
golden goose outlet
golden goose outlet
golden goose outlet
golden goose outlet
golden goose outlet
إرسال تعليق