الاثنين، 30 مارس 2015

عِيسَّى ابْنُ مَرْيَّمَ "عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ" قصص الأنبياء للأطفال بقلم: سالم محمود سالم



عِيسَّى ابْنُ مَرْيَّمَ
"عَلَيْهِمَا اَلسَّلاَمُ"
 بقلم: سالم محمود سالم

كَاَنَتْ أَفْئِدَةُ اِلتَلاَمِـيذِ تَهْفُو إِلَى سَمَاعِ اِلأُسْتَاذُ. اَلْذِي عَوَّدَهُمْ علََى حِكَايَاتِهِ عَنْ اِلأَنْبِيِّاءِ وَاَلْمُرْسَلِينِ.
وَكَانَ هَذَا الْيَوْمُ. يَوْمَ صَحْوٍ جَمِيلٍ. دَاخِلَ اِلْمَدْرَسَةِ. اِلْمَلِـيئَةِ باِلأَشْجَارِ، وَاَلْخُضْرَةِ وَاَلْوُرُودِ.  
الطُيُورُ فَوْقَ اَلأَغْصَانِ تَطِيرُ وَتُغَرِدُ مُنْتَشِيَةً.
وَاَلْبَشَاشَةُ تَغْمُرُ اَلْجُمِـيعَ.
اَلأُسْتَاذُ قَدْ عَانَقَتْهُ اِلْكَلِمَاتُ دَاَخِلَ هَذِهِ اِلْحِكَايَاتِ.
وَسَحَرَتْهُ نَشْوَةُ اَلْحَكْي.
وَأَخَذَ فُؤَاَدُهُ صَفَاءَ عُيُونِ اِلأَوْلاَدِ.
وَلهْفَتُهُمْ الْمُلِحَّةِ لِسَمَاعِهِ. تَظْهَرْ فِي عُمْقِ عُيُونِهِمْ.
قَاَلَ اَلأُسْتَاذُ "مِحْرِزُ":
           - اَلْيَوْمُ سَأَحْكِي لَكُمْ قِصَّةَ سَيــِدَنَا "عِـيسَىَ بْنُ مَرْيَمَ "عَلَيهِ وَعَلَى أُمِهِ اِلسَّلاَمُ .
فَرِحَ اَلأَوْلاَدُ وَأَشْرَقَتْ وَجُوهُهُمْ بالْبَشَاشَةِ.
فَقَالَ اَلأُسْتَاذُ:
-  كَاَنَتْ أَمُّ مَرْيَمَ مِنَ الْعَابدَاتِ، وَاسْمُهَا "حَنــَّا بنْتَ فَاقُودِ"، وَزَوْجَةُ "عِمْرَانَ"، وَهُوَ أَحَدُ الصَّالِحِينَ، وَكَانَ نَبِىُّ اِللهِ "زَكَرِيَّا" هُوَ نَبِىُّ ذَلِكَ الزَمَانِ، وَكَانَتْ أُمُّ مَرْيَمَ لاَ تَحْمِلُ، وَفِي يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ. رَأَتْ عَلَى أَحَدِ الأَشْجَارِ عُشًّا للِطُيُورِ. بِهِ فِرَاخٌ صِغَارٌ. وَوَسَطُهُمْ أُمُّهُمْ، تَقُومُ برِعَايَتِهِمْ وَتَحْنُو عَلَيْهِمْ، فَاَشْتَهَتْ أَنْ يَكُونَ لهَا وَلَدٌ، وَنَذَرَتْ إِنْ حَمَلَتْ. لَتَجْعَلَنَّ وَلَدَهَا مُحَرَرَاً. "أَي خَاَدِمًا فِي بيْتِ اِلْمَقْدِسِ".
     مَرَّتْ الأَيَّامُ. ثـُمَّ تَحَقَقَتْ أُمْنِـيَاتِهَا. تَبَدَدَ الْيَأْسُ، وَظَهَرَتْ عَلَيْهَا عَلاَمَاتُ الْحَمْلِ. وَضَعَتْ "امْرَأَةُ عِمْرَانَ" أُنْثَىَ، وَكَانَتْ تَرْجُوهُ وَلَدًا. لِخِدْمَةِ بَيْتِ اِلْمَقْدِسِ.
(( فَلَمَا وَضَعَتْهَا قَاَلَتْ رَبِّ إِنِّى وَضَعْتُهَا أُنْثَىَ وَاَللهُ أَعْلَمُ بمَا وَضَعَتْ )) (آل عمران36)
وَبرَغْمِ أَنَّهَا وَضَعَتْهَا أُنْثَىَ. فَقَدْ وَفَّتْ بوَعْدِهَا، وَجَعَلَتْهَا خَاَدِمَةً لِبَيْتِ الْمِقْدِسِ، وَأَسْمَتْهَا "مَرْيَّمَ". لَفَّتْهَا فِي قِطْعَةٍ مِنَ الْقُمَاشِ، وَسَلَمَتْهَا إِلَى"زَكَرِيَّا" عَلَيهِ اِلسَّلاَمُ. بَعْدَ أَنْ اقْتَرَعَ عُبَّاَدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ عَلَى كَفَالَتِـهَا، وَكُلُّ مَرَّةٍ تَخْرُجُ الْقُرْعَةُ مِنْ نَصِـيبِ نَبِيِّ اِللهِ "زَكَرِيَّا".
(( فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بـِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ))  (آل عمران37)
وَكَاَنَ سَيِّدُنَا زَكَرِيَّا يَعْمَلُ نَجَارًا. فَأَعَدَّ لَهَا غُرْفَةً مِنَ الْخَشَبِ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَكَانَ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقَاً. كَأَنْ يَجِدُ فَاكِهَةَ الصَّيْفِ فِي الشِتَاءِ، وَفَاكِهَةَ الشِتَاءِ فِي الصَّيْفِ.
وَيَسْأَلُهَا:
 (( قَالَ يَامَرْيَّمُ أَنَّى لَكِ هَذَا ))  (آل عمران37)
فَتَقُولُ :
(( قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اِللهِ إِنَّ اَللهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بـِغَيْرِ حِسَابٍ ))  (آل عمران37)
وَكَانَ لاَيَدْخُلُ عَلَيْهَا أَحَدٌ إِلاَ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَمَكَثَتْ عَلَى عِبَادَتِهَا باجْتِهَادٍ. فَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ اَلزَمَانُ نَظِيرٌ لَهَا فِي الْعِبَادَةٍ. لِدَرَجَةٍ أَنَّ الْمَلاَئِكَةَ كَاَنَتْ تَتَكَلَّمُ مَعَهَا، وَتُبَشِّرُهَا بأَنَّ اللهَ اِصْطَفَاهَا علَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ، وَأَنَّهُ سَيَهِبُ لَهَا وَلَدًا ذَكِـيًّا. يَكُونُ نَبـِـيًّا كَرِيمًا مُؤَيَّدَاً بالْمُعْجِزَاتِ.
وَبَعَثَ اللهُ إِلَيْهَا اَلأَمِينُ جِبْرِيلُ:
(( فَتَمَثــَّلَ لَهَا بَشَرَاً سَوِيًّا ))  (مريم17)
فَلَمَّا رَأَتْهُ قَاَلَتْ وَهِيَّ خَائِفَةً:
            (( قَالَتْ إِنِيِّ أَعُوذُ باِلرَحْمَّنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِـيًّا ))  (مريم18)
قَاَلَ اَلأَمِـينُ "جِبْرِيلُ":
(( قَاَلَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاّمًا ذَكِيًّا ))  (مريم19)
قَاَلَتْ "مَرْيَّمُ":
(( قَاَلَتْ أَنَّىَ يَكُوّنُ لِي غُلاّمٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشـَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِـيًّا ))  (مريم20)  
قَاَلَ الأَمِـينُ "جِبْرِيلُ":
(( قَاَلَ كَذِلِكَ قَاَلَ رَبُّك هُوَ عَلَىَّ هَيْنٌ ))  (مريم21)
فَتَعَجَبَتَ:
     - مَاذَا سَيَقُولُ النَّاسُ عَنـِّي؟
فَأَخْبَرَهَا:                         
     - أَنَّ هَذَا أَمْرُ اَللهِ وَأَنَّهَا طَلاَقَةٌ لِقْدْرَتِهِ سُبْحَانَهُ.
وَقَالَ لَهَا:
     - لاَ تَخَافِي فَأَنَا رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اِللهِ.
(( قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهِبَ لَكِ غُلاَمَاً زَكِـيَّاً ))  (مريم19)
وَبَشْرَهَا بـِغُلاَمٍ اسْمُهُ الْمَسِـيحُ عِـيسَىَ بْنُ مَرْيَّمَ. سَتُجْرَىَ عَلَى يَدَيْهِ مُعْجِزَاتٌ.
ثـُمَّ نَفَخَ مِنْ ِخِلاَلِ شـَقٍّ فِي ثـَوْبهَا عِنْدَ الصَدْرِ. فَحَمَلَتْ "مَرْيَّمُ" عَلَى الْفَوْرِ.
    وَكَانَ هُنَاكَ فِي الْقَرْيَّةِ شـَابٌ اِسْمُهُ "تـَقِيٌّ". مَعْرُوفٌ عَنْهُ أَنَّهُ شَقِىٌّ. فَخَشِـيَتْ مِنْهُ، وَلَكِنَ اَلأَمِـينَ جِبْرِيلَ طَمْأَنَهَا، وَعِنْدَمَا حَمَلَتْ "مَرْيَمُ". فَاَضَتْ عَلَيْهَا نَسَمَاتٌ شَغَلَتْ فُؤَادَهَا، وَعِنْدَمَا لاَحَظَ "يُوسُفُ النَّجَارُ" اِبْنُ خَالِـهَا حَمْلَهَا.
قَاَلَ مُتَعَجِبًا:
     -  يَا مَرْيَّمُ.. هَلْ يَكُونُ هُنَاكَ زَرْعٌ مِنْ غَيْرِ بـِذْرٍ؟
فَرَدَّتْ عَلَيهِ قَائِلَةً:
     -  نَعَمْ فَمَنْ خَلَقَ اَلزَرْعَ الأَوْلَ؟
فَقَالَ لَهَا حَائِرَاً:
     -  هَلْ يَكُونُ هُنَاكَ وَلَدٌ بـِلاَ أَبٍ؟
فَقَالَتْ بـِثِقَةٍ:
     -  نَعَمْ إِنَّ اَللهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ مِنْ غَيْرِ أَبٍ وَلاَ أُمٍ.
فَقَالَ لَهَا:
     -  أَخْبـِرِينِي قِصَتَكِ!
فَقَالَتْ:
(( إِنَّ اَللهَ بَشـَّرَنِي بـِكَلِمَةٍ مِنْهُ اِسْمُهُ اِلْمَسِـيحُ عِـيسَىَ بْنُ مَرْيَّمَ  وَجِيــِهًا فِي اِلدُّنْيَا وَاَلآخِرَةِ وَمِنَ اَلْمُقَرَبـِينَ ))  (مريم45)
وَشــَاعَ اَلْخَبَرُ فِي "بَنـِي إِسْرَائـِـيلَ" بأَنَّهَا حَامِلٌ، وَاَخْتَفَتْ عَنْهُمْ مَرْيَمُ، وَاَنْتَبَذَتْ مَكَانًا قَصِـيًّا. كَانَتْ تَخْرُجُ أَيَّامَ اَلْمَخَاضِ بَحْثــًا عَنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ، وَبَدَأَتْ ثِمَارُ اَلْحُبِّ تَزْهُو لِجَنِـينَهَا.
(( فَأَجَاَأَهَا اَلْمَخَاضُ إِلَّى جِذْعِ اِلنَّخْلَةِ ))  (مريم23)
وَلَكِنَّهَا قَاَلَتْ:
      -  مَاذَا أَقُولُ لِلْقَوْمِ، وَمَاذَا سَيَقُوُلُونَ لِي؟
(( قَالَتْ يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِـيًّا ))  (مريم23)
وَجَاءَتْهَا اَلْبُشْرَىَ:
(( فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلاَّ تَحْزِنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيَّا ))  (مريم24)
وَعَلِمَتَ أَنَّ اَللهَ لَنْ يُضَيِّعَهَا.
وَأَمَرَهَا اَللهُ أَنْ تَهُزَّ بـِجِذْعِ اِلنَّخْلَةِ. لِتُسَاقِطَ عَلَيْهَا ثَمَرَاتِ اِلرُّطَبِ لِكَي تَأْكُلَ.
ثـُمَّ قَالَ اَلأُسْتَاذُ:
- جَاءَهَا اَلأَمْرُ بأَنْ تَهُزَّ جِذْعِ اِلنَّخَلَةِ. لِكَي نَأْخُذُ باِلأَسْبَابِ فَاللهُ سُبْحَانَهُ قَادِرٌ أَنْ يَأْمُرَ اَلرُطَبَ بأَنْ تَنْزِلَ عَلَيْهَا. كَمَا حَدَثَ مَعَهَا وَهِيَّ فِي اِلْمِحْرَابِ، وَلَكِنْ جَاءَتْ اَلإِشَّارَةُ هَنَا بأَنْ لِكَيِ تَأْكُلُ. يَجِبُ أَنْ تَأْخُذَ باِلأَسْبَابِ وَتَهُزُّ اِلنَّخْلَةِ.
ثـُمَّ قَالَ مُرْدِفاً:
     - وَضَمَّتْ مَرْيَمُ وَلِـيدَهَا إِلَى صَدْرِهَا فِي حَنَانٍ جَارِفٍ.
سُبْحَانَكَ رَبِّي. مَنْ قَالَ لِلْكَوْنِ كُنْ فَكَانَ؟
وَاَسْتَيقَظَ اَلْمَعْنَىَ بدَاخِلِهَا.
وَرَحَلَتْ آلاَمُهَا مَعَ بَقَايَا اَلظِلِّ.
وَعِنْدَمَا رَآهَا اَلْقَوْمُ تَحْمِلُ وَلِـيدَهَا. قَالُوا:
(( قَالُّوا يَا مَرْيَّمُ لَقْدَ جِئْتِ شـَيْئاً فَرِيَّا ))  (مريم27)
وَاَلْتَفَّ حَوْلَهَا اَلنَّاسُ فِي يَوْمٍ تَلاَطَمَتْ فِي رُؤُوسِهِمْ اَلشـُّبُهَاتُ.
(( يَاَ أُخْتَ هَاَرُونَ مَاَ كَاَنَ أَبُوكِ اِمْرُأَ سُوُءٍ وَمَاَ كَانَّتْ أُمُّكِ بَغِـيَّا ))  (مريم28)
فَلَمْ تَتَكَلَّمْ.
فَعَلِمُوا أَنَّهَا صَائِمَةٌ عَنِ اِلْكَلاَمِ. لَكِنَّهَا أَشـَارَتْ إِلَى اَلصَّبـِي.
فَقَالُوا:
(( قَالُّوا كَيْفَ نـُـكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي اِلْمَهْدِ صَبـِـيَّا ))  (مريم29)
فَأَنْطَقَةُ "اِلْعَلِىُّ اَلْقَدِيرُ":
(( قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِيَّ اَلْكِتَابَ وَجَعَلَنِيِ نَبـِـيَّا ))  (مريم30)
وَعِنْدَمَا نَطَقَ اَلْغُلاَمُ .
اِكْتَسَىَ اَلْفَضَاءُ باِلْحُلْمِ اِلْجَمِـيلِ.
وَاَرْتَوَىَ قَلْبُ أُمِّهِ دِفْئاً وَعِطْرَاً.
سَكَتَ اَلأُسْتَاذُ قَلِـيلاً ثـُمَّ قَالَ:
- أَمَّا اَلْيَهُودُ. فَاَلْتَهَبَ خَيَالُهُمْ، وَصَدَمَتْهُمْ اِلْمُفَاجَأَةُ. إِذْ كَيْفَ يَتَكَلَّمُ طِفْلُ رَضِـيعُ ُمَا زَالَ فِي مَهْدِهِ؟
وَقَالَ اَلطِفْلُ:
(( وَبَرَاً بوَالِدَتِيِ وَلَمْ يَجْعَلَنِي جَبَارَاً شـَقِـيَّا ))  (مريم32)
وَقَالَ أَيْضًا:
(( وَاَلسَّلاَمُ عَلَىَّ يَوْمَ وَلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيَّا ))  (مريم33)
وَلَمْ يَعْتَرِفْ اِلْيَهُودُ بـِهَذِهِ اِلْمُعْجِزَةِ.
ثـُمَّ تَنَهَدَ "مِحْرِزُ" وَقَالَ:
- نَعَمْ لَقَدْ جَاءَ اَلنَبـِىُّ اِلْذِيِ سَيَكْشِفُ أَلاّعِـيبَهُمْ مَعَ اَلنَّاسِ. بَلْ وَغُرُورِهِمْ اَلْذِيِ تَعَوَّدُوا عَلَيْهِ، وَحَتَّى اَلآنَ لاَيَزَالُونَ يُحَارِبُونَ اَللهَ فِي مُعَارَضَتِهِمْ لأِوَامِرِهِ. فَاَللهُ قَدْ حَرَّمَ اَلْقَتْلَ وَهُمْ يَتَلَذَذُونَ بهِ. يَسْلِـبُونَ اَلنَّاس حُقُوقَهُمْ، وَيَسْرِقُونَ أَحْلاَمَهُمْ، وَمَايَحْدُثُ مَعَ أَطْفَالِنَا فِي فِلَسْطِـينَ لَيْسَ بِبَعِـيدٍ، وَبرَغْمِ أَنَّ اَللهَ أَرْسَلَ لَهُمْ اَلْعَدِيدَ مِنَ اَلرُسُلِ. إِلاَّ أَنْهُمْ لَمْ يَسْتَجِـيبُوا لَهُمْ. بَلْ قَتَلُوهُمْ، وَنَبـِىُّ اِللهِ "يَحْيَىَ" خَيْرُ مِثــَالٍ لِهَذَا.
وَعِنْدَمَا قَالُوا لِمُوسَىَ:
 (( فَاِذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ إِنَّا هَاَهُنَا قَاعِدُونَ ))  (المائدة24)
وَعِنْدَمَا قَالُوا لِطَالُوتَ:
(( لاَّطَاقَةَ لَنَا اَلْيَوْمَ بَجَالُوتَ وَجُنُودِهِ ))  (البقرة249)
هَكَذَا قَالَ "مِحْرِزُ" وَأَرْدَفَ:
     - وَأَخْبَرُوا اِلْمَلِكَ بأَنَّ هَذَا اَلصَّبـِىَّ. سَيَكُونُ سَبَبًا فِي زَوَالِ مُلْكِهِ. فَخَشـِـيَتْ عَلَيْهِ مَرْيَمَ، وَذَهَبَتْ بهِ إِلَى أَرْضِ "مِصْرَ". وَاَسْتَقَبَلَتْهَا "مِصْرُ" اِسْتِقْبَالاً رَائِعًا هِىَّ وَوَلِـيدَهَا، وَطَافَتْ "باِلْمَسِـيحِ" مَنَاطِقَ كَثِـيرَةً فِي "مِصْرَ". أَصْبَحَتْ مَزَارَاتٍ. ثـُمَّ رَجَعَتْ بهِ مَرَّةً أُخْرَىَ.
     مَرَّتْ اَلأَيَّامُ وَكَبُرَ عِـيسَىَ عَلَيهِ اِلسَّلاَمُ، وَزَادَ حَقْدُ اِلْيَهُودِ عَلَيْهِ، وَمَكَثـُوا يُحَارِبُونَهُ. كَمَا حَارَبُوا مِنْ قَبْلِهِ كُلَّ اَلأَنْبـِـيَّاءِ. لأَنَّهُ جَاءَ لِـيَمْنَعَ ظُلْمَهُمْ، وَسَرِقَاتِهِمْ لأَمْوَالِ اِلنِذُورِ. اَلْتِي أَخَذُوهَا وَسِـيِلَةً لِكَيِ يِسْلُبُوا اِلنَّاسَ أَمْوَالَهُمْ. فَهُمْ اِلآنَ يَسْلِبُونَ أَرْضَ "فِلَسْطِينَ"، وَيُهَدِمُونَ دِيَارَهُمْ، وَيَسْتَحِلُونَ أَمْوَالَهُمْ ، وَيَقْتُلُونَ أَطْفَالَهُمْ، وَرَأَيْنَا مَذَابـِحَهُمْ فِي غَزَّةَ، وَدَيْرُ يَاسِـينَ، وَصَبْرَا وَشَاتِـيلاَّ. بَلْ وَالأَقْصَىَ اَلْذِينَ يُرِيدُونُ هَدْمَهُ وَغَيْرَهَا اَلْكَثِـيرِ، وَأَيَّدَهُ "اَلْعَلِيُّ اِلْقَدِيرُ" بمُعْجِزَاتٍ كَثِـيرَةٍ. جَرَتْ عَلَى يَدَيهِ. فَكَانَ يَصْنَعُ مِنْ اَلطِينِ شـَكْلاً عَلَى هَيْئَةِ طَائِرٍ، ثـُمَّ يَنْفُخُ فِـيهِ. فَيُصْبـِحُ طَائِرًا بإِذْنِ اِللهِ، وَكَانَ يَشْفِي اِلْمَرْضَىَ، وَيُحْيِّ اِلْمَوْتَىَ بإِذْنِ اِللهِ.
وَمَكَثَ يَدْعُو بَنِي إِسْرَائِـيلَ، وَآتَاهُ اَللهُ تَعَالَى اَلإِنْجِـيلَ، وَعَلَّمَهُ اِلتَوْرَاةَ، وَلَكِنَّ اَلْيَهُودَ لَمْ يُصَدِقُوهُ، وَاَسْتَهْزَأُوا بـِهِ. لـَكِنَّهُ مَكَثَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اَللهِ "سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى". حَتَّى أَنَّهُمْ طَلَبُوا مَائِدَةً مِنَ اَلسَّمَاءِ، فَدَعَا لَهُمْ عِـيسَىَ بنِزُولِ اِلْمَائِدَةِ، وَنَزَلَتْ بقُدْرَةِ اِللهِ "عَزَّ وَجَلَّ" وَلَمْ يُؤْمِنْ بهِ إِلاَّ اِثـْنَا عَشَرَ رَجُلاً، وَهُمْ اِلْحَوَارِيُّونَ. اَلْذِينَ أَكَلُوا مِنَ اَلْمَائِدَةِ. فَكَانَتْ عِـيدًا لَهُمْ.
     وَظَلَّ اَلْيَهُودُ يَتَآمَرُونَ عَلَيْهِ. كَدَأْبـِهِمْ. فَفَكَّرُوا فِي اِلْخَلاَصِ مِنْهُ بـِقَتْلِهِ، أَخْبَرَ عِـيسَىَ اَلْحَوَارِيينَ بأَنَّ هُنَاكَ مُؤَامَرَةً لِقَتْلِهِ.
وَقَالَ لَهُمْ:
        - مَنْ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ اَلْجَنَّةَ؟
فَقَالَ أَحَدُ اِلتَلاَمِـيذِ:
            - كَيْفَ عَلِمَ بأَنَّ هُنَاكَ مُؤَامَرَةً لِقَتْلِهِ؟
قَالَ اَلأُسْتَاذُ:
    - لَقَدْ أَوْحَىَ اَللهُ إِلَيهِ بذَلِكَ لِـيُنْقِذَهُ مِنَ اَلْمُؤَامَرَةِ.
فَقَامَ شَابٌ مِنْهُمْ، وَقَالَ:
       - أَنَا!
     وَعِنْدَمَا جَاءَ اَلْجُنُودُ. لـِـيَقْبـِضُوا عَلَى عِـيسَىَ. شَبَّهَ اَللهُ سُبْحَانَهُ لَهُمْ هَذَا اَلشـَابُ. بأَنَّهُ هُوَ عِـيسَىَ عَلَيْهِ اِلسَّلاَمُ، وَكَانَ هَذَا اَلشـَابُ هُوَ اَلْذِي فَتَنَ عَلَّى عِـيسَىَ، وَأَخْبَرَ اَلْمَلِكُ وَحَاشِـيَتَهُ. بأَنَّهُ مَعَ تَلاَمِـيذِهِ مِنَ اَلْحَوَارِيينَ، يَجْلِسُونَ اَلآنَ حَوْلَ اَلْمَائِدَةِ، يَتَنَاوَلُونَ طَعَامَ اَلْعَشَاءِ، وَاَلْغَرِيبُ أَنَّ هَذَا اَلشَابَّ. كَانَ يَجْلِسُ بـِجِوَارِ اِلْمَسِـيحِ، يَتَصَنَّعُ الْبَرَاءَةَ، وَلَكِنَّ اَلْمَسِـيحَ كَشَفَ اَلْخِدْعَةَ، وَنَجَا مِنْ هَذِهِ اِلْمُؤَامَرَةِ. فَأَخَذَ جُنُودُ اِلْمَلِكِ هَذَا اَلشـَابَّ وَصَلَبُوهُ وَقَتَلُوهُ. عَلَّى أَنَّهُ "عِـيسَىَ بْنُ مَرْيَمَ"، وَرَفَعَ اَللهُ عِـيسَىَ إِلَى اَلسَّمَاءِ مِنْ فَتْحَةٍ فِي اِلْبَهْوِ.  
وَأَخْبَرَنَا "اَلْعَلِيُّ اِلْقَدِيرُ":
(( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ))  (النساء157)
وَخَلَصَهُ اَللهُ سُبْحَانَهُ مِمَّنْ كَانُوا يرِيدُونَ بهِ اِلسُّوءَ.
سَكَتَ اَلاُسْتَاذُ قَلِـيلاً وَقَالَ:
    - وَقَدْ أَخْبَرَنَا سَيْدُنَا مُحَمَدٌ (ص) أَنَّ عِـيسَىَ بْنُ مَرْيَمَ عَلَيهِ اِلسَلاَمُ. سَيَنْزِلُ فِي آخِرِ اِلزَمَانِ. َيُـقِـيمُ اِلْعَدْلَ فِي اِلأَرْضِ، وَيُحَارِبُ اِلْمَسِـيحُ اِلدَجَالَ وَيَقْتُلُهُ، وَيُعَّمِرُ اِلأَرْضَ باِلإِيمَانِ. حَتَّى يَمُوتَ كَسَائِرِ اِلْبَشـَرِ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق