الثلاثاء، 3 فبراير 2015

أوراق قديمة: رؤية جديدة وتعريف مختلف لقصص الذكريات بقلم: د. صفية إسماعيل

أوراق قديمة: رؤية جديدة وتعريف مختلف لقصص الذكريات
بقلم: د. صفية إسماعيل[1]

أوراق قديمة، عمل أدبي اجتماعي ندخل من خلاله إلى عالم الكاتبة «عفاف طباله» الذي يأسرنا بدفئه، وتفرده، وجِدَّته؛ عالم تتقاطع فيه العلاقات والموروثات الاجتماعية بعادات وتأملات الأبناء بعد أن تجاوزوا ذكريات الطفولة وبراءتها وفرحها وتلقائياتها، فيتضح من خلال المجموعة القصصية أن تصرفاتنا هي نتاج لمعتقداتنا الراسخة والخيارات التي تعبر عما نؤمن به، وأن واقعنا ومكانتنا وعلاقتنا نتاج ما مر علينا من أحداث وما أخذناه من مواقف فى الماضى.
تأخذ المجموعة شكل قصص قصيرة هي ما تحتويه الأوراق القديمة، وهي: "جيوب"، "تحت الرجلين" و"حجرة الخزين". تتتبع المجموعة بقصصها الثلاث نفس الفتاة وهى تحكى ذكريات من طفولتها بعد أن مرت عليها سنين، لنرى كيف يتغير وقع الأحداث بمرور الزمن وكيف تكتسب معان ودلالات ما كانت لتفهمها ساعتها.
قصة "الجيوب" تدور حول هذه الفتاة التى يرى المحيطين بها أنها "مختلفة" في سلوكها وأفكارها وتفضيلاتها؛ فهي تمزج الملح بالسكر في الطعام، وترفض النجاح السهل الذي يأتي بالغش في الفصل، ولا تحب كبقية البنات اللعب بالعرائس، كما ترفض الفساتين ذات الشرائط والكرانيش. وتتذكر الفتاة فى هذه القصة كيف فضلت چاكيت أخيها المليء بالجيوب على أى شئ آخر لشغفها بجمع الأشياء واقتنائها، ولأن الجيوب تساعدها في التغلب على الخجل. وبعد أن كبرت ودخلت واقعة الجيوب حيز النسيان، عادت لذاكرتها في كبرها مع قراءتها دعوة لعرض أزياء بعنوان «وداعًا حقيبة اليد» لصديقتها القديمة «نادية شفيق».
والقصة الثانية "تحت الرجلين"، تدور في نفس المنزل داخل نفس منظومة العادات والتقاليد العائلية والزيارات الأسرية من الصعيد للمدينة بين مجتمع الأسرة النسائي والزيارة في حمى الأخ لتقدم عادات الأسرة المصرية وكرم ضيافتها حتى لو نامت إحدى البنات "تحت الرجلين". وقد تذكرت بطلة قصتنا ذلك اليوم وكيف تطوعت للنوم تحت الرجلين، حين وعت فى كبرها كيف كونت تصرفات طفولتها مكانتها عند من حولها.
والقصة الثالثة "حجرة الخزين" تتناول ذكريات نفس البطلة فى منزل جدها ذات صيف وقت تجمع كل أحفاده فيه، ذلك الصيف الذى لم تفهم كل أحداثه ولم تعى كل دلالاتها سوى بمرور الزمن.  
أما عن البناء الدرامي في المجموعة القصصية فيمكن الإشارة إلى عنصرين أساسين هما الحبكة واللغة اللذان يشكلان الملمح والركيزة الأساسية في المجموعة القصصية.
 فالحبكة لا تحمل أي نوع من التعقيد، فهي بسيطة وسلسة من حيث صياغة الحدث وتطوره، وترتبط بمسرح الحدث حتى أن القارئ لا يستطيع أن ينشغل بغير مسرح الأحداث وهو المنزل الذي كان الرابط الأصلي في القصص الثلاث رغم اختلاف الأحداث. فالجزء الأول يركز على الحدث الدرامي وتطوره، والجزء الثاني يشهد الانتقالات الفنية والحركة وتصاعد الأحداث وتواترها.
أما اللغة فلم تكتفي الكاتبة باستخدامها التقليدي كوسيلة للحكي، بل تعددت مستويات اللغة لتوظيفها بشكل أكثر رقي من خلال جمل حسية وشعورية هيمنت على النص في القصص الثلاث وكانت تتحول باللغة من السرد الإنشائي إلى الجمل الشاعرية؛ ودائمًا ما كانت الخلفية محملة بالذكريات حيث امتلكت الكاتبة ناصية اللغة وفن التعامل مع الكلمات والعبارات لتتجاوز إطار الحدث والمكان إلى الزمن الماضي حتى أصبح صوت الراوي بصيغة الماضي، واللغة هي الفاعل الرئيسي في العملية الإبداعية  للمجموعة القصصية.




[1]  الكاتبة متخصصة فى ثقافة وأدب الطفل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق