الثلاثاء، 23 سبتمبر 2014

"حكمة العصفور" حكاية للأطفال بقلم: أحمد زغلول

 حكمة العصفور
 أحمد زغلول
يحكى أن رجلا صاد عصفورا صغيرا، فلما وقع العصفور فريسة سهلة بين يدى الصياد، قال له:
لا شك أنك جوعان أيها الصياد.
ردّ وهو يمصمص شفتيه من شدة الجوع:
نعم، فأنا لم أطعم منذ البارحة، ولحمك شهى أيها العصفور.
أدرك العصفور أنه مذبوح لا محالة، فظل يفكر فى طريقة ينجو بها من قبضة الصياد، فقال له:
سبحان الله.. وماذا تصنع بى وأنا صغير الحجم، ألا ترى جسمى النحيف، إننى لا أسمن ولا أغنى من جوع..
بدأت بطن الصياد تتلوى من شدة الجوع:
كلامك صحيح أيها العصفور ولكن.. انظر..
بعد قليل سأذبحك وأضعك فى هذا الكيس الجلدى..
أخذ الصياد يشحذ سكينه.. كان يسنه فى حجر صلب وجده ملقى فى الطريق.. ارتعش العصفور من شدة الخوف.. شعر بأن عقله قد كف عن التفكير.. تذكر نصيحة أمه.
يا بنى إذا وقعت فى خطر فاستعن بالله ولا تعجز وفكر جيدا فلن ينقذك سوى عقلك.. حاول العصفور أن يستجمع قوته.. فكر فى حيلة.. رأى السكين قد اقترب من حلقه فقال:
هل أدلك على ما هو أفضل من أكلى؟!
الصياد بتعجب:
وهل يوجد ما هو أفضل من أكلك..
العصفور:
اتركنى أيها الصياد وأدلك..
الصياد:
يا لك من عصفور ماكر.. أتريد أن أتركك حتى تفر من يدىّ.
العصفور:
لا.. لا.. سأعلمك ثلاثة أشياء، وسأخبرك بأول شىء وأنا فى يديك حتى تطمئن.. والأمر الثانى سأدلك عليه وأنا قريب منك على هذه الشجرة.. أما الأمر الثالث فلن أخبرك به إلا على الجبل..
نظر الصياد باحتراس:
هيا.. أسرع يا عصفور..
قال العصفور: الأمرالأول
«لا تندم على ما فاتك»..
كاد الصياد يعتقد أن العصفور سيدله على ما يطعمه.. فقال بأسى:
يا لها من حكمة رائعة ولكنى أعلمها..
فك الصياد قبضته التى كادت أن تحطم العصفور.. فطار على غصن الشجرة.. أحس العصفور بجمال الحرية.. التى حرم منها لحظات.. ثم قال:
أنا عند وعدى.. خذ النصيحة الثانية..
أصغى الصياد جيدا لها:
«لا تصدق شيئا حتى يكون ماثلا أمامك وبين يديك».
صدق ظن الصياد فهو لم يستفد شيئا من تلك النصائح، فهى لا تسمن ولا تغنى من جوع.. صرخ فى وجه العصفور الذى طار على الجبل هات الثالثة.. إن بطنى تتحرق من شدة الجوع.. ندم على ما فعله.. تذكر حكمة العصفور «لا تندم على ما فاتك».. وزاد ندمه عندما أخبره العصفور «يا لك من صياد أحمق.. لو ذبحتنى لوجدت فى حوصلتى جوهرة من الذهب غالية الثمن..
ألقى الصياد بالسكين على الأرض.. جلس على الأرض حزينا مغتما.. فلما رأى العصفور هيئته قال له:
هل أنت حزين؟!
قال الصياد:
نعم..
ردّ العصفور:
لا تندم على ما فاتك..
قال الصياد:
فكيف لا أندم وفى حوصلتك جوهرة غالية..
ضحك العصفور قائلاً:
«لا تصدق شيئا حتى تراه أمامك وبين يديك».. فكيف أحمل جوهرة وأنا لحم وريش ودم.
طار العصفور.. ورجع الصياد جائعا ولكنه رجع بحكمة العصفور..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق