الأربعاء، 17 سبتمبر 2014

"الفراشات لا تركب المصاعد! " قصة للأطفال بقلم: مجدي نجيب

الفراشات لا تركب المصاعد! 
مجدي نجيب  
 رسوم: صلاح بيصار 
 سلمَى تملكُ في منزلِها سلحفاةً... وقطةً. 
السلحفاةُ كانت تختفي في الشتاءِ، فتشعر القطةُ بالوحدةِ، وتظل تقفزُ فوقَ الكراسي.
 تحاولُ التفكيرَ أين اختفت السلحفاة، ولكنها سرعان ما تنسى لأنها لم تكن تهتمُ بوجودها أصلاً، وكان مشهدُ الاختفاءِ هذا يتكرر كلَّ عدة شهور في السنةِ، حيث تختفي بعض الزواحف عن الظهور، ويسمى هذا بـ«البيات الشتوي». 
ولكن القطةَ لا تعلم هذا، ولن تعرف أبدًا سبب الاختفاء، وأيضًا القطة لم تحاول سؤال السلحفاةَ لأنها تعرفُ أنها بطيئةُ الفهمِ مثل حركتها البطيئةُ.
 ذات يومٍ، شاهدت السلحفاةُ فراشةً ملونةً تحلق في فضاء الحجرةِ. 
تأملتها. 
كانت ترقصُ في الهواء، وتخيلت أنها تسمعُ نغمات موسيقيةً رقيقةً. 
اندهشت السلحفاةُ. 
سألتها: - من أين أنت! 
 أجابت الفراشةُ: 
 - أنا فراشةٌ.
 - من أينَ جئت؟
 - من الحديقةِ القريبةِ، حيث مكاني المفضل بين الزهورِ والأشجار واللعب مع زميلاتي، والرقصُ على زقزقةِ العصافيرِ.
 فجأةً، سكتت الفراشةُ وتوقفت عن طيرانِها ورقصِها ووقفت على حافة صورةٍ معلقةٍ على الحائطِ، ثم قالت في نبرةٍ حزينةٍ:
 - من الواضحِ أنني تهت، وأشعرُ بالخوفِ وأنا بين هذه الجدرانِ!
 لم تهتم السلحفاةُ بشكوى الفراشةِ. 
ربما لأنها لم تفهم ما قالته، ولذلك سألتها:
 - كيف دخلتِ إلى هنا؟ 
 - من النافذةِ.
 استغربت السلحفاةُ قائلةً: 
 - لا أحد يدخلُ من النافذةِ غير الهواء، والشمس، فهل صعدت على السلالمِ، أم ركبت المصعدَ؟!
 ضحكت الفراشةُ وعادت إلى التحليقِ في فضاءِ الحجرةِ والرقصِ.
 وقالت: 
 - الفراشات لا تحتاج إلى مصعدٍ أو سلمٍ لتصعد عليه. إنها تصعدُ بالطيرانِ بأجنحتِها.
 مدّت السلحفاةُ رقبتَها وهي تهزُّ ذيلَها القصيرَ وقالت: 
 - أريد أن أطيرَ، وأرقصَ مثلك!
 اقتربت الفراشةُ من السلحفاةِ وقالت:
 - لا يمكنك... فهذا مستحيل!
 قالت السلحفاة في ثقةٍ:
 - لقد سمعتُ صاحبَ المنزلِ يقول لابنتِهِ سلمى «لا يوجد شيء اسمه مستحيل، وأنه يجب على كل كائنٍ أن يسعى لتحقيق حلمَه».
 ردّت الفراشةُ:
 - هذا صحيح.
 - إذن.. لا توجد مشكلةٌ، وإذا كانت هناك مشكلةٌ أخبريني فأتغلّب عليها، ويمكنك مساعدتي. 
 قالت الفراشةُ: 
 - المشكلةُ صعب التغلّبِ عليها أو حلّها، لأنك بلا أجنحة، وأنت تمشين على الأرضِ بأقدامِك مثل البقرةِ والتمساحِ والخروفِ والزرافةِ والفيلِ والقردِ والأسدِ. وأنا أستعملُ جناحي للحركةِ والطيرانِ مثل العصافيرِ والحمامِ والغربانِ، ومع ذلك لا تحزني لأن كل كائن يستطيع الرقصَ.
 تأمّلت السلحفاةُ الفراشةَ للحظةٍ، ثم بدأت تتحرّكُ في رقصةٍ بطيئةٍ وهي تهمس لنفسِها «لا بأس. الفراشة لا تستطيع الرقصَ على الأرضِ. وأنا لا أستطيع الرقصَ في الهواءِ مثلَها!!». 
مدّت السلحفاةُ رقبتَها وهي تحرّكها يمينًا ويسارًا، ومشت في اتجاه القطةَ التي كانت تستمع للحوارِ، وطلبت منها أن ترقصا معًا على أرضِ الحجرةِ، بينما كانت الفراشةُ تحلّقُ راقصةً فوقَهما.  
http://3arabimag.com/Little/WriterArticle.asp?ID=2569

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق