الأحد، 20 يوليو 2014

" العكاز" قصة للناشئة بقلم: عمر طلال



 العكاز
عمر طلال

" 1 "
فوجيء الحراس بانفجار شديد يهز المعسكر ، وعلى الأثر ، اندلعت النار في مخازن العتاد . حاول رجل الإطفاء وحرس المعسكر ، السيطرة على النار ، لكن جهودهم ذهبت عبثاً ، فقد أتت النار على كلّ شيء .
في اليوم التالي ، بحث الصهاينة عن آثار الفدائيين ، الذين نسفوا مخازن العتاد ، لكنهم لم يجدوا سوى عكاز خشبي ، فمدّ واحد منهم يده ، ورفع العكاز عن الأرض ، وتأمله لحظة ، ثم غمغم ..
ـ لمن هذا ؟

 " 2 "
    استيقظ أحمد على ضربات عنيفة على جدار الغرفة ، وإلى جانبه ، في عتمة الغرفة ، فتحت زوجته عينيها ، ونظرت إليه ، وغمغمت ..
 ـ ما هذا ؟
فأجابها بصوت خافت .. حزين ..
 ـ قيس .
 ـ آه
 ـ إنه يكسر عكازه .

 " 3 "
   فتح عينيه في العتمة .. كانت أمه وأخته الصغيرة .. سلوى .. إلى جانبه .. فتساءل .. وهو بين النوم واليقظة.. طائرة ؟
كان يعرف أن أمه مستيقظة .. وفي خوفه .. جاءه صوتها .. يطمئنه ..
 ـ أنت تحلم .
 ـ إنني أسمعها .
 ـ نم .. لا تخف .
كان أبوه بعيداً ، كان في مهمة ، وكان ، في الليل ، وحده .. مع أمه .. وأخته الصغيرة .. سلوى . كان الليل قبراً أسود .. وكانت الطائرة .. تدنو .. تدنو .. تدنو .. وفجأة .. انفجر الليل بهم .. وفيما يشبه الكابوس .. سمع .. أخته ..الصغيرة .. سلوى .. تصرخ .

 " 4 "  
 تحلقوا حول مائدة صغيرة ، شابا وأختاه وأبي ، قال أبي..
 ـ نحن نعمل في أرض محتلة ، يجب أن نفهم هذه الحقيقة ، كان علينا أن ننسف مخازن العتاد في المعسكر، لكن الأعداء ألقوا القبض على رفيقنا باسل ، وهو الآن رهن الاعتقال .
فقال أحد الشابين ..
 ـ والآن ماذا يجب أن نفعل ؟
فقال أبي ..
 ـ أعداؤنا الآن يقظون جداً ، ومن الأفضل ، أن نؤجل العملية .
فقالت الفتاة في حماس:
 ـ لا يجب أن نؤجل العملية ، يجب أن ننسف مخازن العتاد ، مهما كلفنا الأمر .
قال أبي في هدوء ، ولكن  بحزم ..
إننا لن ندع المعتدين ينعمون بالهدوء ، سوف ننسف مخازن العتاد ، ولكن ليس الآن ، يجب أن ننتظر .

" 5 "
    فتح الباب على الليل .. كان الليل دامساً ، وفي الصمت ، كان يسمع أنين الريح في الشجر .. " انفجر الليل " .. وعندما استيقظ في المستشفى ، لم يجد أخته الصغيرة سلوى ، ولم يجد أيضاً .. ساقه . رقدت سلوى في جوف رابية ، أما ساقه ، فلم يدر ِ أين ترقد . الليل دامس في نهارات النضال ، قبل أن ينفجر الليل بهم ، تعلم كيف يكتب اسمه ، وتعلم كيف يرسم صورة وطنه .. فلسطين .. على الأرض .. وفي قلبه ، وتعلم أن يكتب ليس بالقلم وحده ، تعلم أيضاً أن يكتب بأصابع الديناميت.

 " 6 "    
قال لهم معلمهم .. أنتم رجال صغار .. إن وطنكم .. فلسطين .. يستعجلكم .. إصبع الديناميت هو أيضاً قلمنا .. أمسكوا به جميعاً .. وهيا نكتب معاً .. تاريخ تحررنا .
الليل دامس .. ترك عكازه فوق التراب الندي .. وفي هدوء وحزم .. مضى قدماً .. ينسف الليل .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق