الجمعة، 25 يوليو 2014

" البطة الصغيرة" قصة للأطفال بقلم: طلال حسن



  البطة الصغيرة
 طلال حسن
    فوق السهول والتلال والأنهار ، حلقت البطة الصغيرة إلى جانب أمها ، وهي فرحة بالحياة . وطوال ساعات وساعات ظلت البطتان تحلقان ، وكانت البطة الصغيرة تتقدم أمها أحياناً ، وتصيح بجذل ..
 ـ ماما .. لقد سبقتك .
أحست البطة الأم بالتعب ، فصاحت بصوت لاهث ، وهي تراقب ابنتها .. البطة الصغيرة .. وهي تطير أمامها بخفة ورشاقة :
 ـ بنيتي ..
فأجابت البطة الصغيرة : نعم .. ماما ..
 ـ ألم تتعبي ؟
فصفقت البطة الصغيرة بجناحيها .. وقالت بدلال :
 ـكلا ..
قالت الأم في وهن :
 ـ أنظري .. هناك بيارة جميلة ..
قالت البطة الصغيرة ، وهي تطير فرحاً ..
 ـ البيارات هنا في كلّ مكان ..
 ـ ولكن ليست كهذه ..
 ـ كلّ البيارات متشابهة ..
 ـ ألا تحبين أشجار البرتقال ؟
 ـ نعم ..
 ـ هيا نراها إذن ..
 ـ ليس الآن ..
ولكن .. يجب أن ترتاحي .. يا بنيتي ..
 ـ أنا لم أتعب بعد .. يمكنني أن أطير حتى المساء .
فغمغمت الأم وهي تلهث :
 ـ آه منك
التفتت البطة الصغيرة ، وابتسمت لأمها ، وقالت بخبث :
 ـ ماما ..
 ـ نعم ..
 ـ لماذا لا تقولي إنني تعبت .
ابتسمت الأم بحنان ، وقالت :
 ـ آه يا ملعونة ..
فقهقهت البطة الصغيرة بفرح ، وقالت :
 ـ هيا نرتاح إذن .
                         
                      ×      ×      ×

اتجهت البطتان نحو البيارة ، لكنهما فوجئتا بأصوات اطلاقات وصراخ يصمّ الآذان ، وبين أشجار البرتقال ، رأت البطة الصغيرة ، جماعة من الرجال ، يهاجمون معسكراً للجنود ، فصاحت وهي ترتعش من الخوف :
 ـ ماما .
 ـ لا تخافي ..
 ـ ماذا يجري ؟
 ـ لعلها .. حرب ..
 ـ حرب !
 ـ ربما ..
 ـ ما معنى .. حرب ؟
 ـ إنسان يقتل إنساناً ..
فصاحت البطة الصغيرة بصوت مرتعش ..
ـ ولكن هذا جنون ..
 ـ أجل .. ولكن يا بنيتي هناك حرب عادلة ..
 ـ ماما .. لا تقولي لي .. إن القتل عادل ..
 ـ ليس كلّ قتل ..
ـ إذا قتلتُ أختي .. فهل هذا عدل ؟
 ـ كلا ..
 ـ إذن كيف يكون القتل عدلاً ؟
 ـ لا تنفعلي .. دعيني أسألك .. وأجيبيني بهدوء
 ـ حسن ..
 ـ إذا حاول غراب احتلال عشنا وطردنا منه ، فهل هذا عدل ؟
 ـ كلا ..
 ـ ماذا علينا أن نفعل ؟
 ـ نمنعه ..
 ـ وإذا لم يمتنع ؟
 ـ ماذا !
 ـ وقتل أباك وإخوتك ..
فصاحت البطة الصغيرة بغضب ..
 ـ نقاتله ..
 ـ أرأيت .. هناك حرب عادلة إذن ، أنظري إلى هؤلاء أ إنهم فلسطينيون ، وهم يقاتلون دفاعاً عن بيتهم ، إن حربهم عادلة ، أما هؤلاء الجنود ، فإنهم صهاينة احتلوا بيت الفلسطينيين ، وطردوهم منه ، إن حربهم غير عادلة .
صمتت البطة الصغيرة ، وراحت تنظر إلى البيارة بأسى، فقالت لها أمها :
 ـ والآن .. أنت مع منن ؟
فقالت البطة الصغيرة بحزم :
 ـ إنني أكره الغربان ..
فابتسمت الأم بحنان ، وقالت لابنتها الصغيرة :
 ـ الفلسطينيون يكرهون الغربان أيضاً ، إنهم يكرهون الحرب ، لأنها دمار ، لكنهم يكرهون الغربان أيضاً .. ولهذا فإنهم يقاتلون .

                         ×    ×    ×

حلقت البطة الصغيرة مع أمها بعيداً ، وهي تنظر إلى
الأعداء بغضب وازدراء .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق