الجمعة، 25 أبريل 2014

"الدِّيْكُ الأَحْمَرُ " قصة للأطفال بقلم: سريعة سليم حديد

الدِّيْكُ الأَحْمَرُ 
 سريعة سليم حديد

 اِنْطَلَقَ هَاْدِيْ فِيْ سَاْحَةِ الدَّاْرِ, يَرْكضُ خَلْفَ الدِّيْكِ الأَحْمَرِ. أَبُوْهُ يَصِيْحُ عَاْلِيَاً: هَيَّاْ يَا هَاْدِيْ, لا تَدَعْهُ يُفْلِتْ مِنْكَ, أَمْسِكْهُ بِسُرْعَةٍ. لَكِنَّ الدِّيْكَ كَاْنَ يَرْكُضُ بِهِمَّةٍ, يَقْفِزُ عَلَى جَرَّةِ المَاْءِ, يَثِبُ فَوْقَ المِنْضَدَةِ, وَعَلَى الكَرَاسِيْ, وَكَأَنَّهُ يَلْعَبُ مَعَ هَاْدِيْ.بَيْنَمَا هَاْدِيْ يُلاحِقُه بِهِمَّةٍ مُتَرَاْخِيَةٍ. هُوَ يَسْتَطِيْعُ القَبْضَ عَلَيْهِ, لَكِنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ, لأَنَّهُ لا يُحِبُّ أَنْ يَذْبَحَ وَاْلِدُهُ الدِّيْكَ, فَهُوَ يَخَاْفُ عَلَيْهِ كَثِيْرَاً, كَمَاْ أَنَّهُ مُعْجَبٌ بِأَلْوَاْنِ ذَيْلِهِ المُتَدَاْخِلَةِ بَيْنَ الحُمْرَةِ وَالسَّوَاْدِ, وَتِلْكَ الخُطُوْطِ الذَّهَبِيَّةِ النَّاْعِمَةِ البرَّاْقَةِ , وَلَوْنِ جَنَاْحَيْهِ الأَحْمَرَيْنِ, وَكَأَنَّهُمَاْ قَدْ صُبِغَاْ بِالحِنَّاْءِ, وَيَظْهَرُ جَمَاْلُهُ أَيْضَاً عِنْدَمَاْ يَرْفَعُهمَاْ تَحْتَ أَشِعَّةِ الشَّمْسِ, يُرَفْرِفُ بِهمَاْ, وَقَدْ تَمَاْيَلَ بِرَأْسِهِ, وَهُوَ يَمِدُّ عُنْقَهُ نَحْوَ السَّمَاْءِ فَاْرِدَاً صَدْرَهُ. مُتَبَاْهِيَاً بِعُرْفِهِِِِ الوَرْدِيِّ الكَبِيْرِ فَيَبْدُو وَكَأَنَّهُ أَجْمَلُ عَاْرِضَةِ أَزْيَاْءٍِ فِيْ العَاْلَمِ. أَخَذََ هَاْدِيْ يُخَاْطِبُ الدِّيْكَ بِصَوْتٍ مُنْخَفِضٍ: اُهْرُبْ أيُّهَاْ الدِّيْكُ الحَبِيْبُ, اُهْرُبْ, لا تَخَفْ, لَنْ أُمْسِكَ بِكَ, أَنْتَ تَعْلَمُ كَمْ أُحِبُّكَ! لا تَلُمْنِيْ إِذَاْ طَاْرَدْتُُكَ, فَمِنَ الوَاْجِبِ إِطَاْعَةُ وَاْلِدِيْ, إِلاَّ أَنَّ رَعْدَاً ـ وَهُوَ اللَّقَبُ الجَمِيْلُ الَّذِيْ أَطْلَقََهُ هَاْدِيْ عَلَىْ الدِّيْكِ, ـ كَاْنَ يُوَكْوِكُ بِغَضَبٍ, وَكَأَنَّهُ أَحَسَّ بِدُنوِّ أَجَلِهِ. هَجَمَ هَاْدِيْ عَلَىْ جَنَاْحَي الدِّيْكِ, ضَمَّهمَاْ بِقُوَّةٍ, ثُمَّ أَفْلَتَهمَاْ قَاْصِدَاً ذَلِكَ, فَانْطَلَقَ رَعْدٌ مُسْرِعَاً يُطْلِقُ أَصْوَاْتَاً قَوِيَّةً. تَدُلُّ عَلَىْ خَوْفِهِ, فَرَفْرَفَ بِجَنَاْحَيْهِ, وَهَاْجَ غَضَبُهُ. أمْسَكَ هَاْدِيْ بِالدِّيْكِ, لِيُبَرْهِنَ لِوَاْلِدِهِ, أَنَّهُ يَسْتَطِيْعُ ذَلَكَ, وَقَدْ أَفْلَتَهُ عَنْ قَصْدٍ, غَيْرَ أَنَّ الدِّيْكَ لمْ يَفْهَمْ إِحْسَاْسَ هَاْدِيْ, أَوْ يُقَدِّرْ مَشَاْعِرَهُ, فَكَاْنَ قَدْ نَقَرَهُ فِيْ يَدِهِ. غَضِبَ الأَبُ مِنْ تَصَرُّفِ ابْنِهِ, وَعِنْدَمَاْ تَأَكَّدَ مِنْ عَجْزِهِ, اِنْدَفَعَ لمُسَاْعَدَتِهِ, وَهُوَ يَصِيْحُ, وَيُشِيْرُ بِيَدِهِ غَاْضِبَاً نَحْوَ البَاْبِ: أَسْرِعْ يَا هَاْدِيْ, أَغْلِقِ البَاْبَ حَاْلاً, قَدْ يَخْرُجُ الدِّيْكُ إِلى الشَّاْرِعِ, فَيَصْعُبُ القَبْضُ عَلَيْهِ, لَكِنَّ رَعْدَاً كَاْنَ أَسْرَعَ مِنْ هَاْدِيْ إِلى البَاْبِ, فَانْدَفَعَ نَحْوَ الخَاْرِجِ, يَرْكُضُ فِي شَوَاْرِعِ القَرْيَةِ, وَهَاْدِي وَأَبُوْهُ يَلْهَثَاْنِ خَلْفَهُ, حَتَّى وَصَلُوا الشَّاِرعَ الطَّوِيْلَ الَّذِيْ يُؤَدِّيْ إِلى الوَاْدِيْ المَلِيْءِ بِالأَشْجَاْرِ الكَثَيْفَةِ وَالصُّخُوْرِ الكَبَيْرَةِ. لَقَدْ قَرَّرَ هَاْدِيْ هَذِهِِ المَرَّةَ أَنْ يُمْسِكَ الدِّيْكَ حَقِيْقَةً, لأَنَّ الأَمَرَ قَدْ تَحَوَّلَ إِلى سُخْرِيَةٍ مُضْحِكَةٍ, لَكِنْ إِنْ أَمْسَكَ بِهِ, فَلَنْ يُسَلِّمَهُ إِلى وَاْلِدِهِ, بَلْ سَيَتْركَهُ يَلْعَبُ مَعَ الدَّجَاْجَاْتِ. أَصْدِقَاْءُ هَاْدِيْ عِنْدَمَاْ رَأَوهُ هَمُّوا بِالرَّكْضِ لمُسَاْعَدَتِهِ. فَجْأَةً صَاْحَ وَاْلِدُ هَاْدِيْ حِيْنَ أَحَاْطُوا بِالدِّيْكِ: هَيَّاْ يَاْ أَوْلادُ, أَمْسِكُوا بِهِ, لا تَدَعُوْهُ يَهْرُبُ, وَقَدْ مَدَّ يَدَهُ إِلى الأَمَاْمِ, وَضَغْطَ السَّبَاْبَةَ عَلَىْ الإِبْهَاْمِ, ثُمَّ فَرَدَ بَاْقِيَ أَصَاْبِعهُ يُهَدِّدً رَعْدَاً قَاْئِلاً: الوَيْلُ لَكَ أيُّهَاْ الدِّيْكُ, اليَوْمَ سَأَذْبَحُكَ, وَأَتَخلَّصُ مِنْ شَرِّكِ. وَقَدْ أَقْسَمَتْ زَوْجَتِيْ أَيْضَاً: إِنَّكَّ لَنْ تَنَاْمَ حَيـَّاً هَذِهِ الليْلَةُ, لأنَّكَ رَمَيْتَ سَلَّةَ البَيْضِ, وَنَثَرْتَ كَيْسَ الطَّحِيْنَ, وَنَقَرْتَ أَوْرَاْقَ السَّبَاْنِخِ. وَوَقَفَ الأَبُ لحَظَاْتٍ لِيَلْتَقِطَ أَنْفَاْسَهُ. قَاْلَ هَاْدِيْ وَهُوَ مَاْ يَزَاْلُ يَلْهَثُ: لمَاْذَاْ يَاْ أَبِيْ لا تَذْبَحُ دَجَاْجَةً بَدَلَ هَذَاْ الدِّيْكِ لِنَرْتَاْحَ مِنْ هَذِهِ المُطَاْرَدَةِ. ـ حَتَّى الدَّجَاْجَاْتُ لمْ يَسْلَمْنَ مِنْ غَضَبِ أُمِّكَ, فَقَدْ هَدَّدَتْ البَاْرِحَةَ بِذَبْحِهنَّ جَمِيْعَاً, لأَنََّهُنَ نَقَرْنَ نِصْفَ صَيْنيَّةِ الأَرُزِّ. ضَحِكَ الأَوْلادُ جَمِيْعَاً, وَهُمْ يُحَاْوِلُوْنَ الاِلْتِفَاْفَ حَوْلَ رَعْدٍ, قَاْمُوا بِحَرَكَاْتٍ مُهِمَّةٍ اِسْتِعْدَاْدَاً لِلقَبْضِ عَلَيْهِ, لَكِنَّ رَعْدَاً كَاْنَ مُتَمَرِّسَاً فِيْ الإِفْلاتِ, فَأُعْجِبُوا بِرَشَاْقَتِهِ, وَحُسْنِ تَخَلُّصِهِ, وَفَسَّرُوا الأَمْرَ, كَمْ هُوَ يُحِبُّ الحَيَاْةَ! شَعَرَ هَاْدِيْ بِالغَضَبِ الشَّدِيْدِ مِنْ الدِّيْكِ القَوِيِّ, وَكَأَنَّهُ يَسْخرُ مِنْهُمْ جَمِيْعَاً, لِذَلِكَ جَمَعَ قُوَّتَهُ, وَاِنْدَفَعَ خَلْفََ الدِّيْكِ بِهِمَّةٍ وَتَصْمِيْمٍ عَلَىْ الإِمْسَاْكِ بِهِ, لَكِنَّ رَعْدَاً مَاْ لَبِثَ أَنْ وَثَبَ فَوْقَ صَخْرَةٍ عَاْلِيَةٍ وَهُوَ يَلْهَثُ. صَاْحَ الأَبُ خَاْئِفَاً: لا تَقْتَرِبُوا مِنْهُ, فَرُبَّمَاْ يَرْمِيْ بِنَفْسِهِ فِي الوَاْدِيْ. أَخَذَ الدِّيْكُ يَلْتفَّتُ يَمِيْنَاً وَيَسَاْرَاً, يَلْتَقِطُ أَنْفَاْسَهُ, بَعْدَ لَحَظَاْتٍ, مَدَّ رَأْسَهُ عَاْلِيَاً, رَفَعَ جَنَاْحَيْهِ, وَأَخَذَ يَصِيْحُ بِصَوْتٍ قَوِيٍّ فِيْهِ كَثِيْرٌ مِنْ التَّحَدِّي وَالغَضَبِ. نَظَرَ الجَمِيْعُ إِلَيْهِ مُنْدَهِشِيْنَ, وَقَدْ عَلَتْ وُجُوْهَهُمْ اِبْتِسَاْمَاْتٌ مُشْرِقَةٌ. قَاْلََ هَاْدِيْ: لا تَحْرِمْنَاْ مِنْ هَذَاْ الصَّوْتِ الرَّاْئِعِ يَاْ أَبِيْ. فَرُبَّمَاْ سَنَشْتَاْقُ إِلِيْهِ كَثِيْرَاً, لأنَّنَاْ لا نَسْتِيْقُظُ فِيْ هَذِهِ الأَيَاْمِ إِلا عَلَىْ أَصْوَاْتِ أَبْوَاْقِ السَّيَاْرَاْتِ, وَضَجِيْجِ الحَفَّاْرَاْتِ, وَصَخَبِ المُسَجِّلاتِ... قَاْلَ الأَبُ: لَقَدْ غَلَبْتَنَا أيُّهَا الدِّيْكُ الشُّجَاْعُ بِحُسْنِ صَوْتِكَ, فَهُوَ أَجْمَلُ مُنَبـِّهٍ فِي العَاْلَمِ. بَعْدََ لَحَظَاْتٍ كَاْنَ الدِّيْكُ يُرَفْرِفُ بَيْنَ يَدَي هَاْديْ, وَيُوَكْوِكُ بِصَوْتٍ قَوِيٍّ, بَيْنَمَاْ هَاْدِيْ يَضْحَكُ,, وَ هُوَ يَرْفَعُهُ عَاْلِيَاً, وَعَلَىْ وَجْهِهِ عَلائِمُ الاِنْتِصَاْرِ, و قَدْ تَقَدِّمَ مِنْ وَاْلِدِهِ ليُعْطِيَهُ إيَّاهُ, لا لِيَذْبَحَهُ, بَلْ ليُبْقِيَهُ حَيـَّاً يَتَنَقَّلُ بَيْنَ الدَّجَاْجَاْتِ مُكَاْفَأَةً لَهُ عَلَىْ شَجَاْعَتِهِ الرَّاْئِعَةِ, وَجَمَاْلِ صَوْتِهِ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق