حذاء رقية الذهبي
أميمة عزالدين
رسوم: سحر عبدالله
رقية فتاة صغيرة في العاشرة
من عمرها، تحلم كل ليلة بحذاء جديد مصنوع من الذهب، حتى تدبدب به على الأرض، ويجعلها تطير بعيداً عن
قريتها الصغيرة فتزور كل البلاد وتشاهد كل العجائب.. لكنها حينما تستيقظ تمط
شفتيها في حزن وأسى بينما تنظر إلى حذائها القديم، الذي تشقق جلده وأصبح شكله
بالياً.
في طريقها للمدرسة كانت
تراقب أقدام المارة.. الأحذية كثيرة ومتنوعة.. فهذا حذاء من الجلد الرخيص وله رقبة
طويلة، وذاك مصنوع من جلد فاخر يناسب رجلاً عجوزاً يسير على مهل معتمداً على عكازه
الخشبي، وثالث لطفل في الخامسة وقد انحلت عقدة رباطه حتى أربكه وهو يجري مسرعاً
حتى وقع على الأرض، تساعده أمه في حنان وتأخذه لأقرب شجرة كافور حتى تحكم رباطه
جيداً.
الغريب أنها ترى أقدام
حيوانات المزرعة من دون حذاء.. البقرة والجاموسة والماعز تسير حافية من دون أحذية
إلا حصان عم خليل الذي يسقي الورد، فهو ينتعل حذاء من الحديد ويدعى حدوة ويسير به
في سهولة ويسر.
ذات حلم وجدت رقية نفسها
تنتعل حذاء من الذهب، يبرق بشدة تحت أشعة الشمس، هالة من النور تظهر حتى أنها من
شدة حبها لحذائها خافت عليه من التراب الذي يفترش الأرض، تسمرت مكانها حتى لا
يتسخ، مازالت تراقب أقدام الناس وهي تغدو وتروح.
لقد أوشكت على المغيب وقد
شعرت بالتعب الشديد.. وقالت لنفسها: لو تحركت من مكاني لذهب بريق الحذاء الذهبي
واتسخ.
أظلمت الدنيا حولها ولم
تشعر بنفسها إلا وقد سقطت من التعب وقد اتسخت ملابسها وحذاؤها الذهبي بالتراب.
حاولت إزالة التراب وتنظيفه
لكنه تحول إلى حذائها القديم، ظلت تبكي طويلاً حتى استيقظت من حلمها وهي تبحث عن
حذائها القديم، ما إن عثرت عليه حتى ألقته بقوة من النافذة!
تلقفته فتاة فقيرة وقد تمزق
حذاؤها وبانت أصابعها الصغيرة، فرحت بالحذاء الملقى بإهمال وضمته في فرح لصدرها
وأخذت في تنظيفه وتلميعه حتى صار مثل حذاء جديد يليق بالعيد.
بينما رقية قالت لنفسها:
سوف أنتظر أن يتحقق حلمي وأرتدي حذاء من الذهب الخالص يجعلني أطير لأعلى بالسماء
مثل أميرات الحكايات.
لكنها ظلت تنتظر طويلاً،
ولما طلبت من أمها شراء حذاء جديد رفضت الأم قائلة: رأيتك وأنت ترمين بحذائك من
النافذة في غضب رغم أنه مازال جديداً وبحالة جيدة، لذلك لن أشتري لك حذاء جديداً،
ثم غابت الأم قليلاً وقد أحضرت لها حذاء قديماً قائلة: يمكنك ارتداؤه لتتمكني من
الذهاب للمدرسة وعندما يهل العيد بعد شهور سوف أشتري لك آخر كما وعدتك.
ظلت رقية تبكي وتدبدب
بقدميها على الأرض، لكن الأم وبختها قائلة: منذ قليل جاءتني فتاة صغيرة تلقفت
حذاءك من النافذة تستأذنني في الاحتفاظ به، ووافقت في سعادة وأعطيتها حلوى
الفراولة أيضاً.
هذه الفتاة الطيبة تستحق مكافأة على أمانتها وتواضعها،
ولقد وعدتها بزيارتها في بيت العائلة وشراء حذاء جديد لها.
http://www.alarabimag.com/little/Article.asp?Art=4088&ID=170
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق