الثلاثاء، 31 ديسمبر 2013

"هَديةٌ لِبابا نُويلْ" قصة مترجمة للأطفال بقلم: كريستوف لو ماسن

هَديةٌ لِبابا نُويلْ
قصة:كريستوف لو ماسن 
 ترجمة:عاطف محمد عبدالمجيد

صباحاً..تدْخلُ أمُّ ألكسْ بهدوء حجرةَ ابنها الصغير الذي ينامُ نوْماً عميقاً.لتوِّها جلستْ على سريره هامسةً في أذنهِ:
ــ حانَ وقتُ الاستيقاظ.فتحَ ألكس إحدى عينيْهِ ثم أغْمضها في الحالِ مرةً أخرى.إنه ما زال يريد أنْ ينامْ...
ــ لو رأيتَ ما أرى،تُواصلُ أمهُ كلامها وهي تسحبُ الستائر،لانْدهشْتَ كثيراً.مُتكاسلاً ينهضُ ألكسْ،يذهبُ إلى النافذة وينظرُ إلى الخارج.
ــ أوه! لقد اكتستْ كلُّ الأشياء باللونِ الأبيض!يصيحُ ألكس مَذهولاً.لقد ظلَّ الثلجُ يتساقطُ طوالَ الليلِ!
حقيقةً،أشْجار الحديقةِ،مَدخل البيتِ،وحتَّى العرباتِ في الشارعِ غطَّاها معْطفٌ أبيضُ سميكٌ، معطفٌ ناصعُ البياضِ،حيثما لمْ يتركْ أحدٌ أيَّ أثَرٍ.وحْدهُ أبو الحِنَّاءِ الذي يحْجُلُ يتركُ آثارَ أقدامهِ الصغيرةْ فوقَ الثلجِ.
ــ يتساقطُ الثلجُ لأنَّ عيدَ الميلادِ قد اقتربْ،تقولُ لهُ أمهُ هذا وهي تُلْبسهُ ملابسَهُ بحماسٍ.وسيأْتي بابا نويلْ إلى هنا راكباً زلاجتهُ لكي يُحْضرَ لكَ كلَّ هداياكْ.
يحْلمُ ألكسْ ببابا نويل،يتخيّلُ ملامحه وهو يُعدُّ أيائله استعداداً لرحلته.وهو في طريقهِ إلى المدرسةِ،يمْشي ألكسْ صانعاً في كل خُطوةٍ يخْطوها ثقْباً في الثلجِ.إنه مازال يُفكّرُ في بابا نويلْ...
[إنهُ لطيفٌ جداً،يقولها لنفسهِ.طوالَ الوقتِ يُحْضرُ هدايا لأطفالِ العالمِ كلهِ،ولا ينْسى أحداً منهمْ! ألمْ يفكّرْ أحدٌ في أنْ يُقدِّمَ إليهِ هديةً؟ لا،ليْسَ هذا مُمْكناً!
أنا سأقدمُ إليهِ هديةً!]
في الفِناءِ وقتَ الفسحةِ،هرولَ ألكسْ إلى نينا وأنطوانْ كي يخْبرهما بما نَوى أنْ يفْعلهُ.
هديةٌ لبابا نويلْ؟..ردَّا عليهِ وهما يُقهقهانِ.يا لها منْ فكرةٍ عجيبةْ!
[يا للأسفِ إنْ لمْ يفْهما!..يقولُ ألكسْ الذي تساءلَ منْ قبْل عنْ الهدية التي يمكنُ أنْ يقدمها لبابا نويل.
بايب؟..ربما يكونُ بابا نويل لا يدخنُ.
أيُهدي إليه مُوسَى؟..شكله بلحيتهِ أفضلْ.
أيُهدي إليه نظارةً؟
إنه يتمتعُ ببصرٍ حادٍ كي يحددَ موقعَ كلَّ منازلِ الأطفالِ.يا لهُ منْ أمْرٍ صعْبٍ أنْ نعْثرَ على فكرةٍ مُناسبةْ!
ــ صباح الخير،ألكس!يقولها سيمون الذي يتناقش مع كانتان.
ــ صباحُ الخيرِ،يردُّ ألكسْ.ثم يُبيّنُ لهما أنهُ يريدُ أنْ يُقدّمَ هديةً لبابا نويلْ.
ــ ليسَ بإمكانكَ إلا أنْ تشتري له دراجةً بخاريةْ! يقولُ كانتانْ.وهكذا سيُحْضرُ لنا الهدايا بأقصى سرعة!
ــ لكنْ لا،يُضيفُ سيمونْ،قَدِّمْ إليهِ جهازَ كمبيوتر،حتَّى لا ينْسى أحداً!
بعيداً عنهما بقليلٍ يُقابلُ ألكسْ أنيتا ويسألها عمَّا يمكنُ له أنْ يقدّمهُ لبابا نويلْ.راحتْ أنيتا تفكرُ بجديةٍ،ثمَّ تقتربُ وتهمسُ بكلمةٍ في أذنه.في الحالِ يُضيء وجهُ ألكسْ:فكرةُ أنيتا هي أفضل ما يمكنُ أنْ يفعلهُ شخصٌ.
داخل الفصلِ،ينْشغلُ بعض الأطفالٌ بتزيينِ شجرةِ عيد الميلادِ،آخرونَ يُعلّقونَ أشْرطةً مُزخْرفةً في زجاجِ النوافذْ.وفي يَدهِ نجمةٌ،يُفكرُ ألكسْ في هديتهِ.
ــ أين أنتَ يا ألكسْ؟ تسألُ فاني،المُعلمة.أمَا زلْتَ فوقَ القمر؟
بعْدَ انتهاءِ اليومِ الدراسي،راحَ ألكسْ يجْري إلى بائعةِ الخردوات كي يشتري كُبَبَاً من الصوفِ.
ــ مِنْ أي لونٍ تريد الكُبب؟تسأله البائعةْ.
ــ أُريدها حمراء،يَردُّ ألكسْ.لا،خضراءْ،يسْتدركْ.
إيه،الأفضلُ أنْ تكونَ صفراءْ...أخيراً،لا،أنا أُفضّلها بنفسجيةً...
ماذا أصنعُ لاخْتيارِ اللونِ المناسبْ؟
[الحلُّ،يقولُ لنفسهِ،أنْ أشتري كُبَّةً من كلِّ لونٍ...]
في حُجْرته راح ألكسْ يُفكرُ بعمقٍ في إبرِ الغزْل.زَرْدةٌ في الأمامِ،أخرى في الخلفِ...
حاولَ صديقنا أنْ يتذكَّرَ كيف تفعلُ أمهُ هذا،لكنهُ لمْ يُوفَّقْ في التوصلِ إلى شيءْ.بلْ تعرقلَ في الخيوطِ التي انتشرتْ فيما حولهُ.
ــ ماذا تصنعُ يا حبيبي؟..تسأله أمهُ.
ــ أنت تعلمين يا أمي،يردُّ ألكسْ،أنهُ لنْ يكونَ مُسلياً جداً بالنسبة إلى بابا نويل أنْ يغزلَ هذا على زلاجته حين يكونُ الطقسُ بارداً.
إذنْ،قررتُ أنْ أغزلَ له إيشارباً جميلاً يحْمي أنفهُ ويرفرفُ خلفهُ في الريحِ.
في الليلِ وهو في فِراشهِ لمْ يستطعْ ألكسْ أنْ يُغْمضَ عينيه.إنهُ ينتظرُ بفارغِ الصبرِ الإيشاربَ الجميلَ الذي وعدتْه أمهُ أنْ تغْزلهُ لهُ مُتّبعةً بدقةٍ إرشاداتهِ فيما يخصُّ اختيار الألوانْ.
وفي الصباحِ يكتشفُ الإيشاربَ الجميلَ.بالضبطِ كما كانَ يحلمُ به!
[شكْراً لك يا أمي!]
إنه لطيفٌ جداً!..إنَّ صُوفهُ الجديد تماماً يفوحُ بالعِطرِ.كان ألكسْ يريدُ أنْ يقدمهُ في لحظتها لبابا نويل...
هذا هو اليوم الأخيرُ في الدراسةِ قبيلَ الأجازة.في الفِناء أَرَى الإيشاربَ في الخَفاءِ لكلٍّ مِنْ نينا وأنيتا.
ــ كمْ هو رائعْ! هل أستطيعُ أنْ أَقيسهُ؟ تسألُ أنيتا.
ــ نعمْ،لكن انتبهي! يردُّ ألكسْ.
ــ أعتقدُ أنَّ بابا نويلْ هو مَنْ سيرتديهِ قريباً،تهمسُ نينا.إنه محظوظٌ...
ألكسْ فخورٌ جداً.
الآنَ،عليهِ أنْ يُعدَّ علبةً جميلةْ.انْتقى ألكسْ ورقةً حمراءَ زاهيةَ اللون.باهتمامٍ شديدٍ،رسم بطاقةً رائعةً كتبَ عليْها:[مِنْ أجلكَ أنتَ،يا بابا نويل.صديقك ألكسْ.]
تمَّ الأمرُ،وصلَ مساءُ عيدِ الميلادْ.ألكسْ لا يرغبُ في النومِ مطلقاً،إنهُ متلهفٌ لتقديمِ هديتهِ التي نسيها كلُّ مَنْ يستعدُ لاستقبالهمْ.وضعَ ألكسْ عُلْبتهُ أسفلَ شجرةَ عيد الميلادِ وراحَ ليختبيءَ خلفَ الأريكةِ راجياً أنْ يَرى بابا نويلْ.
إنهُ ينتظرُ...ينتظرُ...ينتظرُ،لكنَّ عينيهِ راحتا تغْمضانِ رويداً رويداً.ما كادَ ألكسْ يستيقظُ إلا وأسرعَ ناحيةَ الصالونْ.لمْ تكنْ هناكَ هديته لبابا نويلْ.لكنْ هناكَ في مكان هديتهِ ووسط العُلبِ الكثيرةِ،إيشاربٌ آخرُ له الألوانِ نفسها،لكنْ على مقاسهِ!
وهو مسرورٌ جداً،خرجَ ألكسْ إلى الحديقةِ كي يُطيّرهُ في الريحِ. 
 [هذا شيءٌ مُدهشٌ،يقولُ لنفسهِ،لقدْ فكَّرَ بابا نويلْ في الفكرةِ ذاتها التي فكرتُ فيها!] 
 [هذا أجملُ عيدٍ من أعيادِ الميلادِ بالنسبةِ إلي!..لكنْ،سأقدمُ إليه أيْضاً في العامِ القادمِ هديةً جميلةً جداً.وسَنرى إذا ما كان سَيُفكرُ بابا نويلْ أيضاً في الفكرةِ ذاتها التي سَأُفكّرُ فيها أم لا...]   
   

"الكتكوت الذكي " قصة للأطفال بقلم: خيري عبدالعزيز

الكتكوت الذكي  
  خيري عبدالعزيز
    سقط ظل أسود في فناء البيت, حيث تتريض الدجاجة الأم مع أفراخها الصغار, وحام في جولات سريعة لتحديد الموقف قبل أن ينقض؛ فتكهرب الجو, وشخصت الدجاجة الأم ببصرها إلى السماء فزعة تتابعه, وبقبقت منفوشة الريش, وأخذت تنادي صغارها المنتشرين في أنحاء الفناء, فتذكروا الدرس الأول الذي لقنتهم إياه عن الحدأة, ومخالبها التي لا ترحم..
    وبينما الحدأة تنقض من حالق, شاهرة منقارها الحاد ومخالبها الماضية, كانت الدجاجة وصغارها يهرولون إلى حظيرتهم الآمنة, متخطين الكلب العجوز الراقد على فتحة الباب, وهو يغط في نوم عميق .. وكادت الحدأة أن تعود صفر اليدين, لولا أنها لمحت بنظرها الحاد كتكوتا صغيرا خلف إناء الماء..
   اتسع منقار الحدأة عن ابتسامة شريرة, أظهرت أثار دماء جافة على جانبي منقارها الحاد المعقوف, وفركت طرفي جناحيها في تلذذ, وأخذت تقترب في حذر من الكتكوت الذي كان في غفوة من النوم..
    اكتشفت الدجاجة غياب صغيرها, فمدت عنقها من فتحة الباب تستطلع الخبر, فرأته قاب قوسين أو أدنى من مخالب الحدأة؛ فارتفع صوتها ببقبقات الاستغاثة, لعل الكلب العجوز يستيقظ من نومه, أو تسمعها ربة البيت..
   فتح الكتكوت عينيه, وشعر بالخطر من نظرات أمه الفزعة وبقبقتها العالية, ولمح الحدأة تقترب من خلفه؛ ففكر سريعا قبل أن يستجمع شجاعته, ويلتفت إليها قائلا:
  "لم التباطؤ أيها الطائر الكبير ؟!.. لقد انتظرتك طويلا.."
   بهتت الحدأة من جرأة الكتكوت, ونظرت إليه في بلاهة, وقد تدلى منقارها السفلي, وقالت متعجبة:
   "تنتظرني؟!"
   نظر الكتكوت إلى ساقه, وترقرقت الدموع في عينيه, وقال:
   "منذ خروجي إلى الحياة, بهذه الساق العرجاء, وأنا في انتظارك.."
   خطى الكتكوت بضع خطوات؛ لتتأكد الحدأة من عرجه, ثم استطرد بصوت فاض بالتأثر والحزن:
  "الديك الأعرج لا يصلح لتلقيح الدجاج يا عزيزي.. ومصيري في هذه الحياة القاسية هو الذبح.. والذبح قاسي جدا.. أقسى من مخالبك ألف مرة .."
جفف الكتكوت دموعه ثم تابع:
"عندما أرى الدجاجة تستغيث, والسكين تجز رقبتها, وتفصلها عن جسدها بلا شفقة أو رحمة, وتظل المسكينة تتلوى حتى تخمد حركتها, وقد صار جسدها في اتجاه ورأسها في اتجاه آخر, يومها أمسك رقبتي, وأشعر بها تكاد تطير بين لحظة وأخرى, ولا يغمض لي جفن طوال الليل.."
    ابتلعت الحدأة ريقها, وتحسست رقبتها بلا وعي, في حين استطرد الكتكوت قائلا:
"وقلت لنفسي؛ إن كان القدر قد منحك ساقا عرجاء – أيها البائس - بلا اختيار؛ فاختر أنت نهايتك بقلب شجاع ونفس راضية.. واخترتك أنت أيها الطائر الكبير.. ومن يومها وأنا في انتظارك.. هيا انقض علي, وأرحني من بؤسي وشقائي.."
    ظهر التأثر في صوت الحدأة, وقالت وهي تكاد تبكي:
   "هون عليك أيها الصغير.."
قال الكتكوت وقد انسابت دموعه بغزارة:
   "أنت لم تجرب أن تكون أضحوكة بين إخوتك, بسبب قدمك العرجاء.. إخوتي.. إخوتي الذين كانت بيضتي ملاصقة لبيضهم تحت أمنا الحنون, وخرجنا جميعا إلى الوجود في يوم واحد.. ألا ما أقسى الحياة.."
    ربتت الحدأة على رأس الكتكوت, وقالت مشفقة:
    "لا تحزن أيها الصغير لقد مزقت قلبي.."
    واستطردت بينما تشحذ مخالبها:
    "سأخلصك من هذا البؤس على الفور.."
    نظر الكتكوت إلى الحدأة ممتنا, وتحسس مخالبها الحادة, وقال:
   "هل لي ببعض القمح وجرعة ماء, قبل أن تمزقني بمخالبك أيها الرحيم؟"
    أومأت الحدأة برأسها موافقة, فجر الكتكوت نفسه إلى إناء الطعام, والتقط حبات القمح في نهم حتى شبع, ثم تجرع بعضا من حسوات الماء, فقالت الحدأة متعجبة:    
    "هل كنت جائع وعطشان إلى هذا الحد؟!.."
    أومأ الكتكوت برأسه, وقال:
  "لا أكل ولا أشرب حتى ينتهي إخوتي.."
  قالت الحدأة متسائلة في عجب:
   "لماذا؟!.."
    أجاب الكتكوت:
   "لا أقدر على مزاحمتهم بسبب ظروف ساقي.. فلا أقترب من الإناء حتى يشبعوا.. وقتها لا أجد ما يسد رمقي.. فصرت أنحفهم جسما, وصار الواحد منهم في مثل حجمي مرتين.."
    سال لعاب الحدأة, فغمغمت, وقد طاش عقلها:
   "ياه .. معقول ؟!!"
    استطرد الكتكوت, مشيرا إلى جسده الصغير ساخطا:
   "وهل يوجد ما يشغلهم سوى الأكل والشرب والسخرية مني, حتى صار الدهن يترجرج في أفخاذهم رغم سنهم الصغير.."
    تاه عقل الحدأة, وتساقط اللعاب من منقارها, في حين قال الكتكوت مؤكدا:
   "هل أنادي عليهم لتتأكد بنفسك أيها الرحيم؟"
    ومضت عينا الحدأة, وكتمت أنفاسها, وهي لا تكاد تتمالك نفسها من شدة الانفعال, فهزت رأسها موافقة.. فقال الكتكوت مفكرا, وهو يتفحص المكان من حوله:    
    "حسنا .. فلتختبئ هنا كي ترهم عن قرب.."
    وأشار الكتكوت إلى القفص الكبير الموجود بجوار الحجرة التي بها الدجاجة وإخوته الصغار, فتوجهت الحدأة إليه, وقلبها يرقص طربا, وقبل أن تحشر جسدها الكبير لتدخل من فتحة القفص الصغيرة, أمسكها الكتكوت من طرف جناحها, وقال مترجيا:
   "عند اتفاقنا.."
 أشهرت الحدأة مخالبها, وربتت بها على رأس الكتكوت, وقالت مؤكدة:
    "لا تقلق.. سأنتزع روحك بمجرد أن أشاهد إخوتك.."
    وما كادت الحدأة تدخل القفص, حتى كانت الدجاجة الأم تطير في الهواء, وتهبط بكل قوتها على باب القفص, لينزلق سريعا من أعلى إلى أسفل, فيغلق فتحة القفص على الحدأة.."
    ارتج القفص في قوة من ثورة الحدأة الغاضبة, فيما خرجت الكتاكيت الصغيرة فرحة مهللة من مخبأها, وجرت تحمل الكتكوت البطل على الأعناق, والأم تتابع صغيرها يجري برفقة إخوته سليما معافى, وهي تتساءل متعجبة:
   "من أين أتى كتكوتها الصغير بقصة الساق العرجاء هذه؟!.."

" الجائزة.. ميدان التحرير " قصة للأطفال بقلم: أحمد الليثى الشرونى


" الجائزة.. ميدان التحرير "

   قصة : أحمد الليثى الشرونى


    الأستاذة " عزة " معلمة ذكية ونشيطة ، محبوبة من تلاميذها الصغار ، حتى أولياء الأمور يحبونها ويقدرونها ،تخرجت أجيال كثيرة على يديها من أبناء المنطقة الشعبية التى تسكن فيها  ، فمنهم المهندس والطبيب والمدرس ، الجميع يكِّن لها التقدير والاحترام .
      دخلت الأستاذة " عزة " الفصل ذات صباح وألقت التحية على تلاميذها ثم طلبت أن يخرج كل منهم دفتره الشخصى ويكتب فيه فقرة يعبر من خلالها عن حبه لوطنه فى هذه اللحظة وستمنح أجمل تعبير جائزة ثمينة ، ثم جلست على المقعد وراحت تتفحص وجوههم البريئة وهم يعبرون عن هذا الحب الجميل ، بعد أقل من عشر دقائق بدأت تقرأ ما كتبوه ، ذكرت " هالة  " فى فقرتها : ( أحب مصر أكثر من روحى فهى البلد الذى أعيش تحت سمائه وأتنفس هواءه وأتغذى من خيراته ويحوى رفات أجدادى وأقاربى ، أفديه بكل ما أملك ........ ) وكتب " ماهر " : ( حب مصر يسرى فى دمائى ويسكن قلبى الذى يخشى عليها من حالة الفوضى التى أشاهدها على شاشات التليفزيون ، أتمنى لبلدى الغالى الأمن والاستقرار وأن يعمل كل واحد فى عمله بكل جد وإخلاص ...... ) وكتبت " حبيبة " التى تتدلى من عنقها تميمة تحمل صور لشهداء 25 يناير وذكرت فى فقرتها : ( أحب مصر بقدر حب شهداء 25 يناير لها، الذين ضحوا بأرواحهم وشبابهم من أجل أن يعيش هذا البلد حرا وأبيا ، وأدعو لهم بالرحمة ، وأقول لأمهاتهم افرحن فهم أحياء فى جنة الخلد ، وأحياء فى قلوبنا وقلب مصر الغالية ...... ) تأثرت الأستاذة " عزة " بما كتبته " حبيبة " ونزلت دمعة خفيفة من عينيها بللت دفترها ، ولكن سرعان ما تماسكت وراحت تتابع بقية التعبيرات والتى جاءت كلها معبرة عن اللحظة الراهنة ، وطلبت " إيمان " فى فقرتها أن يجتهد كل منا فى دروسه إذا كنا نحب مصر لأن الحب الحقيقى لابد أن يكون على أرض الواقع ، وأضافت " إيمان " : إن الأمم لاترتقى إلا بالعلم  والعمل الجاد ، وكتب " ميلاد " : ( ماأجمل أن تعيش فى بلد يسمى مصر، قبلة جميع شعوب العالم وقائدة الوطن العربى ، مصر التى يتغنى بحبها كل من زارها وعاش فيها ، مصر التى نحبها جميعا ً ونعشق ترابها  ... ) واختتم " ميلاد " فقرته بمقطع من أغنية الفنانة " نجاة " ( عيشي ياأغلى وطن فى الدنيا / عيشى لكل الشعب العربى / عيشى  يا غنوة روحى وقلبى  / عيشى يابلادى عيشى يابلادى / على حبك فتحت عيونى ..... ) .
     أعجبت الأستاذة " عزة " بكل ماكتبه تلاميذها ، وطلبت من كل واحد منهم أن يقرأ ماكتبه بصوت عال ، حتى يستمع كل واحد  منهم لماكتبه زميله ، كانت كل فقرة أجمل من الأخرى ، عندما انتهى الجميع من القراءة ، طلبت منهم الأستاذة " عزة " أن يرشحوا أجمل فقرة سمعوها ، ظل التلاميذ لفترة يتفحصون وجوه بعضهم البعض وهم فى حيرة ، أى تعبير أجمل ؟ وكل التعبيرات جميلة ورائعة فى حب مصر ، أنهت الأستاذة هذه الحيرة وقالت لهم فى سعادة : أنتم جميعاً تستحقون الجائزة ، هل تعلمون ماهى الجائزة ؟ صمت الفصل كله ، ثم صاحت الأستاذة عزة :
  ــ الجائزة هى زيارة " ميدان التحرير " ، وسأطلب من إدارة المدرسة أن تنظم لكم رحلة الى هناك وتهتفون من داخل الميدان ( بلادى بلادى لك حبى وفؤادى / مصر يأم البلاد انت غايتى والمراد  ..... ) وهنا صفق التلاميذ بقوة وسعادة وراحوا يعانقون بعضهم البعض فى حب مصر .

"وطني فلسطين" قصة للأطفال بقلم: ياسر دويدار


وطــــــــني فلسطين
ياسر دويدار
كانت غرفتي لا تزال غارقة في ظلام خفيف برغم أن الشمس خارجها كانت قد بلغت الضحى ، أتململ في فراشي بعد أن أفقت من حلم مفزع رأيت فيه فراغا مخيفا امتزجت فيه الحمرة بالسواد تراقصت منتصفة أشباح مرعبة من لهب فقدت لذة النوم ، فأزحت الغطاء الجاثم على جسدي و غادرت الفراش و صليت فريضة الصباح ثم ارتديت ملابسي و أوصدت باب الشرفة و شنقت ضوء كاد أن يمرق إلى الداخل بصفعة قوية من الباب و ذهبت إلى المدرسة ؛ لأستلم أول مهام عملي كمديرا لها متزامن مع اغتيال البراءة المتمثلة في التلميذ ( محمد الدرة ).. سرت في الطريق و خيل لي بأنه مرصوفا حزنا و ألما ، فقد كانت الآمة العربية جميعها تبكي هذا الطفل الذي لا حول له و لا قوة و توجهت إلى المدرسة ورأيت صورة الطفل الشهيد معلقة على جدران المدرسة و التلاميذ يحملون هذه الصورة على أعلام راحوا يطوفون بها أرجاء المدرسة ويهتفون بهتافات ارتجت لها جدران المدرسة  لم أستطع اصطياد أي من الهتافات الصارخة سوى هتاف يتردد " لا.. لإسرائيل " " نموت نموت و تحيا فلسطين " و يشعلون علم إسرائيل و علم أمريكا و يطئون عليه بأقدامهم الصغيرة ، لما شاهدت تلك الصورة المتحركة بخاصة من أطفال لم يتجاوزوا أعمارهم العشرة سنوات لم أستطع أن أحبس دمعة ملتهبة فرت من مقلتي ، فرحت أبكي ( محمد الدرة ) الطفل البرئ الذي كان أحد تلاميذ تلك المدرسة .. و في فصل من الفصول شاهدت تلميذا ينتحب ، فاقتربت منه ، ورحت أمسح دموعه الساخنة التي ألهبت وجنتيه و قلت له بحنان أبوي :-
-  ما الذي يبكيك يا ( مازن ) ؟
   فرفع رأسه صوبي و قال بصوت مفعم بالحزن :
   أبكي زميلي ( محمد الدرة ) الذي اغتاله المحتلون ، و قتلوا براءته ..
   أبكي وطني " فلسطين " الجريح .
   أبكي الدمع في عين الأم الثكلى .
   أبكي الدمع في عين الطفل اليتيم .
إلى متى سنظل سيدي المدير نقاتل بحجارة صماء و أعداء الأرض يقاتلوننا بالدبابات و الأسلحة الحيه؟!  أنني أحلم بذلك اليوم الذي يتنسم فيه وطني " فلسطين " هواء الحرية ، و نزرع في أرضه أغصان الزيتون و يطير في رحابه حمام السلام ..
و قلت له مخاطبا " عقله " الكبير الناضج:
تمهل يا ( مازن ) فان لكل ظالم نهاية.
إننا نرى الظلم بأعيننا ، و لا نملك شيئا ندافع به عن قدسنا سوى حجارة خرساء تشاركنا الحزن و الألم
و هم ينهشون بمخالبهم أقصانا ،
فقلت له :  ألم تر بالخارج التلاميذ الصغار و هم يهتفون بقلوبهم الصغيرة ضد إسرائيل ؟.. أن العالم العربي يغلي ألماً و حسرة من أفعال الصهاينة ،  فلن تستطع أمريكا أن تخمد هذا الصوت الهادر .. أنه صوت الحق يا بني و صوت الحق لن يصمت أبدا . هيا أمسح دمعك يا ( مازن ) فليس من شيمة الرجال البكاء .فقال لي:-
لن أتوقف عن البكاء .. ما دامت فلسطين مقيدة و الكلاب اليهود قد اغتالوا أحلامنا في مهدها .
ــ كلا يا ( مازن ) سيظل الحلم في أعيننا ما دام هو يرتفع عاليا " خفاقا " .
ــ من ؟!!
ــ علم وطننا فلسطين .