الخميس، 22 أغسطس 2013

الأسد " نيرون " وصديقه القرد " سرون " قصة للأطفال بقلم: رضا سالم الصامت


الأسد " نيرون " وصديقه القرد " سرون "




رضا سالم الصامت 


 يحكى قديما ، أن هناك أسد ضخم جميل، ذو جلد ناعم وفرو بني اللون ضارب إلى الصفرة، كان يعيش في غابة كثيفة الأشجار مع مجموعة من الحيوانات ، و في كل مرة يصطاد حيوانا كالغزال أو الثعلب فيأكله .
تألمت بقية الحيوانات و أصابها الفزع و أصبح الكل  يعيش مع هذا الأسد في خوف مستمر ماعدا مجموعة من القردة كانوا يتباهون بذكائهم  لأنهم يعيشون فوق أغصان الأشجار  و لا يقدر هذا الأسد الإمساك بهم و اصطيادهم و إيذاءهم.
كبر الأسد نيرون و أصبح طاعنا في السن ،و لم يعد يقدر على اصطياد  أي حيوان  في الغابة  ، فالتجأ إلى العيش وحيدا في مغارة   حفظا لماء الوجه و ما لحقه من اهانة  لدى  الحيوانات الأخرى  ، حيث أصبح بسبب عجزه محل تهكم و سخرية  رغم انه ملك الغابة  فحز في نفسه و قرر العيش  بعيدا عنهم .
فرحت كل الحيوانات  و أصبحوا يعيشون في سلام و أمان  بلا خوف  من شره ، ماعدا قرد وحيد يدعى سرون ظل على عهده يحترم ملك غابته الأسد نيرون  و يحن إليه و يجلب له من حين لآخر طعاما .
سعد الأسد نيرون عندما رأى القرد سرون  يدق باب بيته و هو في المغارة ، و أذن له بالدخول.
 تقدم القرد سرون  نحوه و قال : يا ملك غابتنا ، نحن معشر القردة باقون على العهد  نحترمك  لأنك لم تضر أحدا منا و اليوم و قد هرمت فإننا رغم ذلك لا نسمح لأنفسنا بأن نقلل من احترامنا لك ، لذلك جئت  أحمل طعاما لك  فهل تقبل ؟
رد عليه الأسد مبتهجا : شكرا لك أيها القرد سرون ، لقد   قبلت ، لأني منذ مدة لم أجد أي شيء آكله ، فكما ترى لقد أصبحت طاعنا في السن و لم أعد أقدر على اصطياد و لو قطة . انك حقا نعم الوفي و هكذا الأصدقاء تعرف وقت الشدة .
 ضحك القرد سرون و قدم لصديقه الأسد العجوز الطعام و قال : صحيح أن هذا طعام قليل، و لا يكفي لملك غابتنا ،و لكن  سأفعل المستحيل لأجلب لك المزيد من الطعام في المستقبل ،فأنت أسد مهاب و ستظل دائما مهابا .
أكل الأسد الطعام الذي قدمه له القرد سرون  ثم بقي يفكر بينه و بين نفسه و قال : لو أكلت القرد سرون من سيجلب لي الطعام .. سأحافظ على صداقته لي لكي أعيش ما تبقى لي من عمر.
 كان القرد سرون في كل يوم يأتي له بالطعام و كان الأسد نيرون يأكل  و هو سعيد بصديقه القرد  .. و بعد الانتهاء من الأكل نظر لسرون و قال له : أيها القرد  لماذا لا تقترب مني أكثر فأنت الآن صديق حميم لي ؟
خاف  القرد و اضطرب و قال : و كيف لي أن اقترب منك  و أنت مازلت أسدا متوحشا ؟
قال الأسد نيرون : أتخاف مني  ، و أنا صرت عجوزا
رد عليه سرون القرد :  هذا شأنك يا ملك الغابة ، و لكني كقرد أفضل  أن أكون بعيدا عنك، و لا أسمح لنفسي  بالاقتراب منك ما دمت حيا ،  فقد تأكلني و تترك الطعام الذي أجلبه لك .
ابتسم الأسد نيرون و همهم  ثم قال :  يا لك من أحمق ، أتخاف مني و أنا  قد هرمت و أصبحت عاجزا هههههه ثم كيف لي أن آكل صديقا وفيا  يفكر في لقمة عيشي ؟
ابتسم القرد و قال : لا يمكن أن أثق فيك يا صديقي، فأرجو أن لا تغضب مني
رد عليه نيرون : و لكن ، لماذا  لا تثق في ؟ و أنت صديقي
قال القرد سرون  : لأنك أســــــــد
ظن سرون القرد أن الأسد نيرون  ما يزال على عادته السيئة  يريد إيذائه  ، فخاف و  لم يعد يجلب له الطعام
طالت المدة فغضب الأسد و احتار و قال في نفسه ترى ماذا جرى لصديقي سرون؟ انه  لم يعد يجلب لي طعاما  فخرج من مغارته ، و أخذ يبحث عنه في كل مكان بالغابة و أخيرا وجده على شجرة.
 في الأثناء كان الثعلب " قرون " يراقبهما فسمع ما دار بينهما من حديث ،و قرر الثعلب إيذاء القرد ، و أسرع إلى مغارة الأسد  و اختبأ هناك  ينتظر مجيء القرد لصديقه الأسد نيرون.
كان الأسد يتحدث مع  صديقه القرد سرون و كان الثعلب قرون ينصت لما  قاله الأسد .
 إني أعطيتك الأمان يا صديقي القرد، سأنتظرك بمغارتي  و أرجو أن تجلب لي  طعاما فاني على وشك أن أهلك بسبب الجوع .
ذهب الثعلب قرون الماكر  إلى المغارة أين يوجد  الأسد نيرون ، و اختبأ في مكان  ينتظر مجيئ القرد سرون و فور وصوله انقض الثعلب على القرد على حين غفلة ، و افتك منه الطعام و اندلعت معركة بين الثعلب و القرد  .
 كان الثعلب يظن أن الأسد لم يعد قويا و أنه سيكون عاجزا لو هاجم القرد ، لكن ظنه لم يكن في محله  ، فعندما سمع الأسد أن صديقه القرد يواجه معركة شرسة مع الثعلب  وثب عليه و شل حركته و افتك منه القرد سرون و واصل الأسد  العجوز إلى أن قضى على  الثعلب الماكر و جعله وجبة شهية له و نال جزاءه .
و هكذا يا أصدقائي الصغار عرف القرد سرون أن صديقه الأسد نيرون  كان قمة في الوفاء و الإخلاص رغم أن الأسد كحيوان متوحش وهو رمز للقوة والبأس والسيادة ، و قوي ، تميز بالوفاء بالعهد و هو شرفٌ يحمله كل كائن حي  على عاتقه و قيمة أخلاقية عظمى ، بها تُدعم الثقة بين الأفراد ، وتؤكد أواصر التعاون في المجتمع ، وهذا أصل الصدق وعنوان الاستقامة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق