الثلاثاء، 13 أغسطس 2013

"الجندب الحكيم" قصة مترجمة للأطفال بقلم: إليزابث دافيس ليفت، ترجمة: حسن صلاح حسن

الجندب[1] الحكيم
قصة للكاتبة: إليزابث دافيس ليفت 
    ترجمة: حسن صلاح حسن
"هيا يا بلي .. تعالى"
ألقى "بلي" لعبته – العسكري الصفيح - على الأرض، وجرى إلى الداخل ليساعد والدته فى مسح الأطباق. أعطته أمه فوطة جديدة وجميلة، فبدأ بمسح الأطباق الصفيح بأسرع ما يمكنه. ولم يكن يدع أى طبق من يديه، إلا إذا رأى وجهه على صفحة الطبق اللامع.كانت أمه تعتقد أنه لن يتمكن من مسحها جيداً، ولكنه كان متقناً لمسحها وتلميعها. وهكذا كانت أم بلى تجعله يمسح ويجفف الأطباق الصفيح فقط لأنه لا يزال طفلاً صغيراً، وكانت تعتقد أنه ربما كسر الأطباق الصيني.
الآن – في هذا الصباح الخاص – أسرعت والدة بلي إلى البوابة الأمامية لتشتري العشاء من بائع الخضروات. وحين ذهبت الأم، كان بلى قد انتهى من تجفيف الأطباق الصفيح على صينية التجفيف، إلا أنه كان ما زال هناك فنجان صيني على الصينية يحتاج التجفيف.
فقال "بلى" : أعتقد أننى سأمسح هذا الفنجان أيضاً." شبَّ بلي على المنضدة، وأمسك الفنجان بإحكام ثم ببطء وحرصٍ شديدين أراد أن ينقل الفنجان إلى اليد الأخرى – صوت ارتطام – وسقط الفنجان على الأرض إلى قطع صغيرة.
انتابه الرعب، وهرع إلى الباب ليرى إذا كانت أمه قادمةً، ولكنها كانت ما زالت منهمكة في الحديث مع بائع الخضروات. ففعل شيئاً غريباً؛ قام بدفع كل قطع الفنجان المكسور تحت المنضدة، وجرى من الباب الخلفي إلى ألعابه. لكنه لم يلعب بها، وإنما جلس على صخرة، واضعاً ذقنه على يديه. نظر العسكرى الصفيح إليه، كما لو كان يقول له:
"هيا يا بلي .. هيا بنا نمشى الخطوة العسكرية .. للأمام مارش."
أما الحصان الصغير وعربته فكان مستعداً، كما لو كان يقول له:
"هيا يا بلي ... هيا بنا لنسافر ونتجول فى البلاد."
أما الدب الصغير فمال برأسه جانباً، كما لو أراد أن يقول له:
"هيا يا بلي ... هيا لنتسابق."
ولكن بلي لم يحرك ساكناً. ظل جالساً هناك يفكر. وفجأة سمع صوتاً عالياً يقول له:
"ما الأمر يا بلي؟"
قفز بلي من مكانه متلفتاً حوله، فوجد جندباً جالساً على عشبة.
قال الجندب: "ماذا بك اليوم يا بلي؟"
أجاب بلي: "إني خائف ... إنني ولد سيء."
تعجب الجندب وسأله: "لماذا؟ ... ماذا حدث؟"
أجابه بلي: "كنت أنظف أحد الأكواب الصينية هذا الصباح ... ولكن الكوب سقط منى على الأرض وانكسر."
فسأله الجندب: "وماذا فعلت بعد ذلك؟"
احمّر وجه بلي خجلاً، ولم يود أن يخبر الجندب بما فعله بعد ذلك.
فقال له الجندب مُشجعاً: "إن أخبرتنى. فربما أستطيع مساعدتك."
فقال بلي: "أخفيت القطع المكسورة تحت المنضدة، وجئت إلى هنا .. لأفكر."
فسأله الجندب: "لـِمَ لمْ تخبر أمك بما حدث؟"
فقال بلي: "أوه .. لا يمكننى أن أفعل ذلك .. أنا خائفٌ."
فقال له الجندب: "ولم تخاف؟ ألا تحبك والدتك؟"
فبكى بلي قائلاً: "نعم تحبنى جداً."
فقال الجندب: "وأنت .. ألا تحب والدتك؟"
فقال بلي: "نعم مئة مليون مرة."
فقال الجندب: "إذاً اذهب وأخبرها أنك كسرت الفنجان! ستكون سعيداً جداً إن فعلت ذلك!"
قال بلي: "لا يمكنني ... لا يمكن أن أفعل هذا."
فقال الجندب: "ليرحمنا الله" ثم قفز إلى عشبة أخرى والتفت إليه وقال: "لو كنت مكانك، ما كنت لأخاف. أي رجل ستكون حين تكبر!"
قال بلي: "انتظر .. ربما سأذهب لأخبرها، فلتنتظر هنا حتى أعود إليك."
ومشى متثاقل الخطى تجاه باب المنزل. كانت دقات قلبه متسارعة، بل إنه كان يمكنه سماع تلك الدقات المكتومة. وحين وقف بالباب بوجه يملؤه الخجل، نظرت إليه أمه وقالت:
"هل جئت لتساعد ماما في تقشير البسلة؟" لأنها كانت تقشر البسلة، ولكن بلي لم يُجِب. فقط اقترب منها، وقال: "ماما ... أنا .. أنا .. أنا كسرت الفنجان."
فقالت أمه وهى تحوطه بكلتا يديها: "أعلم يا حبيبي .. ماما عرفت لأنها رأت القطع المكسورة، وكانت تسأل نفسها: يا ترى سيأتى صغيرها ليخبرها بأنه كسر الفنجان أم لا؟"
رفع بلي عينيه إلى عينيها فرأى بسمتها الجميلة التى يحب أن يراها على وجهها، ثم قال:
"ظننت أنك ستحزنين."
ردت عليه أمه: "أنا حزينة يا بلي لأنك كسرت الفنجان، ولكننى سعيدة – سعيدة جداً – لأنك شجاع جداً وأخبرت ماما بالحقيقة. ماما تريدك أن تكبر، وأن تكون رجلاً شجاعاً." ثم رفعت وجهه إليها، وقبَّلتْ كلتا خديه المتوردين.
فقال لها: "سأعود إليك في دقيقة واحدة يا أمي." وجرى إلى خارج البيت. كان الجندب يتقافز هنا وهناك، إلى أن رأى بلي مقبلاً عليه فتوقف عن القفز. وحين رأى البسمة والسعادة تعلو وجه بلي، قال له:
"ألم أقل لك؟"
فقال بلي: "من أين عرفت هذا؟"
مال الجندب برأسه جانباً، ثم قال: "عرفت لأنى جندب حكيم جداً، وأعرف كل ما يحدث تحت السماء."
وعندئذٍ قفز الجندب قفزة كبيرة جداً، ولم يعرف بلي إلى أين ذهب. فصاح مودعاً: "إلى اللقاء .. يا أيها الجندب الحكيم."
ثم نظر إلى ألعابه الحزينة التى ترقد على الأرض، وقال:
"سأعود إليكم بعد قليل لنلعب سوياً. سأدخل المنزل لأساعد أمى في تقشير البسلة!"
ثم جرى بأسرع ما يمكن لساقيه القصيرتين عائداً إلى المنزل.
ترجمة الشاعر/ حسن صلاح حسن


[1] الجندب : هو الجراد الصغير

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق