"أميرة الفصول" قصة للأطفال بقلم: يوسف البرّي


أميرة الفصول
قصة : يوسف البرّي

البردُ قارصٌ، والثلوجُ أخذت بالارتفاع حتّى أغلقت أبوابَ بيوت أهل القرية .
ماجد رجلٌ نشيطٌ جدّاً ،كان يعمل في القريةِ حطّاباً، فهو مُعتادٌ على جمعِ الحطبِ وبيعهِ إلى أهلِ قريته ، واليوم هو أشدّ أيّام السنةِ برداً، لكنّ ماجد لم يستطع القيامَ بعملهِ، فقد أُصيبَ بحمّى شديدة ألزمتهُ الفِراش .
أخذَ الحطّابُ يئنّ في فراشِه من شدّةِ الألم ويقول: يا ويلي، عليّ أن أجمعَ الحطبَ وأوزعهُ على أهلِ القرية ، هناك العديدُ من الأطفال الذين يُعانون من البردِ القارص الآن .
لكنّ الحمّى اشتدّت كثيراً عليهِ، فرأى وكأنّ والدَهُ الذي ماتَ منذُ زمنٍ بعيد يقولُ لهُ: ماجد ،هل تذكر حكاية أميرةِ الفُصول يا ولدي ؟ أجابَ ماجد :نعم أذكرها جيّداً يا والدي . وبعدَ قليلٍ جلسَ ماجد على سريرِهِ، وأخذ يسترجعُ الحكايةَ القديمةَ التي كان قد قصّها عليهِ والدهُ، وتذكّر جيّداً قصّة المأزق الذي مرّت بهِ أميرةُ فصلِ الربيع ،حينَ أضاعت عباءتها الخضراء ولم تتمكّن من القيِامِ بواجبِها ،وكيفَ تدخّلت حينها أميرةُ الفُصولِ الأربعةِ، وأخذت تقرعُ الجرسَ حتّى اجتمعت أميراتُ الفُصولِ، وشرحت لهنّ أهميّة التعاون، وطلبت إليهنّ العملَ يداً بيد لمُساعدةِ أميرة فصلِ الربّيع في أيجادِ عباءتها .
فكّر الحطّابُ ماجد قليلا،ً ثُمّ قالَ :عليّ أن أستخلص العبرةَ من هذه الحكاية ،فالتعاونُ مهمٌّ جّداً، وأنا في أمسِّ الحاجةِ إليهِ الآن. توجّه ماجد إلى خزانتِه حيث كان يملكُ جرسًا قديماً، فحملهُ ووقفَ على بابِ منزلهِ ،وأخذ يقرعهُ بصوتٍ عالٍ ، وبعدَ قليلٍ اجتمعَ أهلُ القريةِ عندَ بابِ الحطّاب ماجد ،وبعدَ أن عرفوا بقصّةِ مرضِهِ ،قررّوا أن يتعاونوا معهُ ويقوُموا بجمعِ الحطبِ بدلاً منهُ حتّى يشفى .
بعدَ ذلكَ عادَ الحطّابُ إلى سريرهِ ،وأخذ يتذكّر وجهَ أبيهِ وحكاياته الجميلة والمليئة بالعبر.

"الشجرة الكريمة "قصة مترجمة للأطفال ترجمة: حسن صلاح حسن

الشجرة الكريمة
ترجمة: حسن صلاح حسن

كان هناك شجرة وولد صغير، وكانت الشجرة تحب هذا الولد جداً. فقد كان يلعب أسفلها كل يوم. كان يقطف الأزهار ويصنع منها أكاليل الورد. كما كان يتسلق جذع الشجرة ويتأرجح على أغصانها، ويلعب (الأستغماية) مع السناجب ويتحدث مع الطيور. وبحلول الظهيرة كان يشعر بالتعب. وعندئذٍ كان ينام تحت الشجرة. وحين يشعر بالجوع يأكل من ثمارها. كان الولد يحب الشجرة حباً جمّاً أيضاً.
مرّ الوقت، وكبر الولد، وتوقف عن زيارة الشجرة، فشعرت الشجرة بالوحدة والحزن.
وبعد سنواتٍ عديدة، أتى الولد لزيارة الشجرة التى غمرتها السعادة لرؤيته، فقالت له:
-       تعال يا بني .. تعال إلعب وامرح .. تسلق جذعي وتأرجح على أغصاني.
فقال الولد:
-   لم يعد لدي وقت لهذا .. فأنا في حاجة إلى المال .. أريد أن أذهب إلى المتجر لشراء شيء ما .. هل تستطيعين أن تعطيني بعض المال؟
فأجابت الشجرة:
-       ليس لدي أي مال لأعطيه لك .. ولكن يمكنك أن تجني ثماري وتبيعها في السوق. عندئذٍ ستحصل على المال لشراء ما تريد."
فقطف الولد كل الثمار، وكانت الشجرة سعيدة. واختفى الولد بعد ذلك لسنواتٍ، حتى أتى فى يومٍ من الأيام وقال للشجرة:
-       أريد منزلاً، فسوف أتزوج فى الغد القريب، وأحتاج منزلاً لزوجتى وأبنائي.
فأجابت الشجرة:
-       يمكنك أن تقطع أغصاني، وتصنع منها منزلاً خشبياً.
نفذّ الولد كلام الشجرة، ولم يبق من الشجرة إلا جذعها الطويل. ومرت سنوات طوال ولم يعد الولد إلى الشجرة لزيارتها، وكانت الشجرة تتذكره دوماً وتشعر بالحزن لفراقه، حتى أتى اليوم الذى رأت فيه الشجرة الولد ثانية فاهتزت من الفرح، وكان الولد يحمل حافظةً جلدية يضع فيها أوراق عمله. فسألته الشجرة:
-       ما الذي يمكننى أن أقدمه لولدى العزيز؟
فأجاب الولد:
-       إننى ذاهبٌ فى رحلة عملٍ سأضطر فيها أن أعبر البحر، وأحتاج قارباً بصورةٍ عاجلة، فهل يمكنك أن تمنحيني قارباً؟
فكرت الشجرة للحظات ثم قالت:
-       كل ما لدي الآن هو جذعي هذا. يمكنك أن تصنع منه قارباً.
وفقدت الشجرة جذعها أيضاً، ولم يبق منها إلا أصلُ الجذع. ومرَّ المزيد والمزيد من السنوات، إلى أن أتى فى يومٍ من الأيام شيخٌ خَرِف إلى أصل الجذع. تعرفت بقايا الشجرة فى الحال على الشيخ، وعرفت أنه الولد الذى كان يلعب معها فى طفولته. قالت الشجرة معتذرة له:
-       آسفةٌ يا صديقى، فلم يعد لدى ما أعطه لك، فقد انتهت ثماري، وقُطعت أغصاني وجذعي، ولم يبق مني سوى أصل الجذع.
تنهد الشيخ، وقال:
-   أترين أنه لم يعد لدي أسنان لآكل ثمارك، ولم يعد بي قوة لأتسلق جذعك وأتأرجح على أغصانك، فأنا مُتعبٌ للغاية. كل ما أريده الآن هو مكان أشعر فيه بالهدوء والراحة.
فقالت الشجرة متهللة:
-       إذاً فاجلس على ما تبقى من جذعى.

ترجمة الشاعر/ حسن صلاح حسن
هى قصة مُعدّلة لقصة (Shel Silverstien) بعنوان "الشجرة المعطاءة" (The Giving Tree)

الأحد، 25 أغسطس 2013

"جواد الكريم " قصة للأطفال بقلم: سماح أبوبكر عزت

جواد الكريم جواد الكريم
سماح أبوبكر عزت 
 
يقولون: لكل إنسان من اسمه نصيب، وجواد كان اسمه والجود والكرم كانا صفتيه..
كان جواد صبياً فقيراً يبيع الزهور ومن ربحها القليل يعيش، لكنه كان يشعر أنه أسعد وأغنى الناس؛ فقد وهبه الله أرق وأجمل إحساس.. يزرع الزهور ويسقيها بحب فتتمايل فى سعادة فوق الأغصان، يغنى لها فتتفتح أوراقها وتمنحه عطرها الذى يشعره بالبهجة والحنان..
فى يوم من الأيام، سار جواد فى شوارع المدينة حاملاً زهوره التى نسقها بعناية.. مرَّ من أمام مخبز المدينة ورأى الفران يقف أمام الفرن شديد الحرارة ليخبز العجين ويصنع الخبز.. كانت قطرات العرق تتدفق بغزارة وتغطى ملامح وجهه وهو لا يزال يعمل بصبر وإتقان، أشفق جواد على الفران وأهداه باقة من زهور الياسمين قائلاً له: يا عمى الفران، لك هذه الزهور، ترويها قطرات العرق التى تملأ وجهك لتتفتح وتمنحك أجمل عطر.. فرح الفران بزهور الياسمين الجميلة وأهدى جواد أكبر رغيف من الخبز الشهى..
كان جواد قد سار كثيراً وبدأ يشعر بالجوع، فجلس تحت ظل شجرة.. وسمع أصوات نقيق وصياح. كانت الفلاحة العجوز التى تبيع الدواجن تستريح بعد أن شعرت بالتعب من الحر الشديد، رآها جواد فتذكر جدته التى كان يحبها وحزن لفراقها، اقترب منها وقال: تفضلى هذا الرغيف يا جدتى، لا بد أنك تشعرين بالجوع..
قالت الفلاحة: كم أنت حنون وكريم.. لنقتسم الرغيف معاً.
لكن جواد أصر على أن تأخذه.. فرحت الفلاحة بهدية جواد وأعطته أكبر ديك قائلة: هذا الديك هدية منى لك؛ فأنت مثله نشيط متعاون تحب الخير لكل الناس..
حمل جواد الديك ووضع فى عُرفِه الأحمر زهرة بيضاء.. فرح الديك بالزهرة وصاح: كوكو كوكو.. أنا أجمل ديك.. لن يسخر منى الطاووس المغرور أو يهزمنى أجمل عصفور.
سمع جواد صوت ناى يأتى من بعيد اتجه نحوه وسبقه الديك.
كان راعى الغنم الصغير يعزف لحناً جميلاً ليجمع الخراف والماعز التى تفرقت وابتعدت تبحث عن الحشائش عند النهر الصغير.. كان جواد سعيداً بعزف الراعى؛ فهو يحب الموسيقى ويشعر أن زهوره تتفتح حين تسمع أنغامها.
رأى الراعى الديك فقال: الله، ما أجمل هذا الديك!
فاقترب منه جواد وقال له: وما أجمل عزفك يا صديقى، الديك هدية منى لك.. فرح الراعى بهدية جواد واختار أسمن خروف فى القطيع أعطاه لجواد قائلاً له: وهذا الخروف هدية لك جزاء كرمك وحبك للموسيقى..
شكر جواد راعى الغنم وسار ومعه الخروف السمين.. رأى الخروف حمار الفلاح بائع الحمام، فبادله التحية ونهق الحمار ووقف، نزل الفلاح وقال لجواد: ما أجمل هذا الخروف السمين، اقتربت أيام العيد ولم أبع اليوم سوى زوج واحد من الحمام ثمنه لن يكفى لشراء حتى ولو خروف صغير..
من دون تفكير قال جواد للفلاح: لا تحزن يا عمى الطيب، الخروف هدية منى لأولادك لتكتمل فرحتهم بالعيد.. احتضن الفلاح جواد قائلاً له فى حماس: بارك الله فيك. وأنزل صندوق الحمام من فوق ظهر الحمار وقال: وزوج الحمام هديتى لك، ضحك جواد وقال: الحمام طائر الحب والسلام. وصنع طوقاً من زهور القرنفل الأحمر زين بها رقبتى الحمامتين.. فغردتا وكان هديلهما أجمل أنشودة تفتحت معها كل الزهور التى يحملها جواد..
سار جواد حتى وصل لقصر السلطان ومن خلف أسوار القصر سمع أجمل صوت يحبه.. صوت الصهيل.
كان حلمه الوحيد أن يمتطى جواداً عربياً جميلاً.. رآه أحد حراس القصر وبهره هديل الحمامتين وطوق الزهور الجميل.
قال جواد بابتسامة جميلة: كل سنة وأنت طيب يا عمى الحارس، أتمنى أن يقبل السلطان هديتى المتواضعة.. قال الحارس باندهاش: وماذا سيهدى صبى مثلك للسلطان؟
قال جواد: هاتان الحمامتان.. هديلهما العذب سيمنحه السعادة ويكون أول صوت يسمعه كل صباح.. وطوق الزهور الذى يزينهما يدخل السرور على قلبه وأريجها العطر يملأ المكان..
فرح السلطان بالحمامتين وقال: ما أجمل هديلهما، إنه أروع ما سمعت من أنغام..
طارت الحمامتان وحطتا فوق ظهر حصان عربى أبيض اللون فصهل فرحاً بهما، اقترب جواد من الحصان ينظر له بحب وانبهار. ضحك السلطان وقال: طارت الحمامتان واختارتا لك هديتك يا جواد.. جوادى الأصيل الأبيض بلون زهور الياسمين.. مكافأة لكرمك ونبل أخلاقك..
كم كانت سعادة جواد بجواده ياسمين، أخيراً تحقق حلمه الذى بدأ بزهرة ياسمين تعلم منها معنى الحب والعطاء والكرم؛ فالزهور تمنح عطرها لكل البشر، لا تفرق بين الغنى والفقير، الأمير والأجير.. وعندما تذبل يظل عطرها يمنحنا البهجة وبمرور الوقت يصبح أجمل ذكرى.

"التَّحليقُ عالِياً " قصة للأطفال بقلم: سامر أنور الشمالي



التَّحليقُ عالِياً

سامر أنور الشمالي

كانَ العصفورُ يُحلِّقُ في السِّماءِ عندما رأى شيئاً يطيرُ دونَ جَناحينِ، فَتعجَّبَ من ذلِكَ!.
وقد كانُ هذا العصفورُ فُضوليَّاً، فلم يَتَجاهلِ الأمرَ ويُتابِعْ طيرانَهُ، بل بدأَ يطيرُ بِحَذَرِ على مَقْرُبَةٍ من هذا الشيءِ، ثم دنا منهُ، وسألَهُ بِتَردُّدٍ:
- هل أنتَ طائرٌ حَقّاً؟!.
خرجَ صوتُ ضَحِكٍ عالٍ من هذا الشيءِ الطائرِ، ممّا زادَ دَهْشَةَ العصفورِ، ثم تَكَلَّمَ هذا الشيءُ قائِلاً:
- أنا.. طائرةٌ وَرَقِيَّةٌ.
- أنتِ.. طائرةٌ ورقيَّةٌ إذنْ.
قالَ العصفورُ مُتَعَجِّباً، ثم أخذَ يدورُ حولَ الطائرةِ الورقيَّةِ، وهو يتأمَّلُ شكلَها وألوانَها بإمعان.
قالتِ الطائرةُ الورقيَّةُ:
- أنتَ عصفورٌ.
هزَّ العصفورُ رأسَهُ الصغيرَ مؤكداً، وهو يقولُ بِفَخْرٍ:
- أنتِ تَعرفينني؟.
قالتِ الطائرةُ الورقيَّةُ:
- أَجَلْ.. فالعصافيرُ تُحلِّقُ في السَّماءِ طوالَ اليومِ.
أَلِفَ العصفورُ الطائرةَ الورقيَّةَ، فاقترحَ عليها:
- ما رأيُكِ أن نلعبْ.. لُعبةَ السِّباقِ.
قالتِ الطائرةُ الورقيَّةُ، وهي تَهُزُّ ذَيْلَها الطويلَ:
- خيطي قصيرٌ، لهذا لا أستطيعُ التَّحليقَ بعيداً.
نظرَ العصفورُ إلى الخيطِ الذي يَربِطُ الطائرةً الورقيَّةَ إلى الأسفلِ، ثم قالَ بِأَسَفِ:
- لماذا لا تَقطعينَ هذا الخيطَ وتُحلِّقينَ عالياً..؟ فالسُّماءُ رَحْبَةٌ.
قالتِ الطائرةُ الورقيَّةُ:
- نحنُ الطائراتِ الورقيَّةَ لا نستطيعُ الطيرانَ دونَ الخيوطِ.
هزَّ العصفورُ رأسَهُ بأسفٍ، ثمَّ قالَ بحزنٍ:
- أرجو المعذرةَ، لم أقصدِ الإساءةَ إليكِ.
ابتسمتِ الطائرةُ الورقيَّةُ، وقالَتْ:
- لا عليكَ.. لِنلعبْ معاً.
أخذَ العصفورُ يدورُ حولَ الطائرةِ الورقيَّةِ، فارداً جناحَيْهِ، تارةً يَعلو فوقَها، وتارةً يُرفرفُ تحتَها. وبَعْدَ مُدَّةٍ قالَ العصفورُ وهو يَلْهَثُ:
- لقد تعبتُ منَ الطَّيرانِ، سأعودُ إلى الأرضِ لأستريحَ.
ضَحِكَتْ الطَّائرةُ الورقيَّةُ، وقالَتْ وهي تهزُّ ذَيْلَها الطويلَ:
- أمرٌ مُحزِنٌ أنَ تتعبَ العصافيرُ منَ الطَّيرانِ.
ثمَّ أردفَتْ بِفَخْرِ:
- الطَّائراتُ الورقيَّةُ لا تتعبُ مهما طارَتْ.
ابتسمَ العصفورُ قائلاً:
- ليستِ المشكلةُ أن نأخُذَ قِسْطاً من الرَّاحةِ، بل المهمُّ أنْ نطيرَ حيثُ نشاءَ.
ثمَّ طارَ العصفورُ عائِداً إلى الأرضِ، وهو ينظُرُ إلى الخيطِ الطويلِ الذي يربِطُ الطَّائرةَ الورقيَّةَ، ويردِّدُ في نَفْسِهِ:
- مَنْ لا يَطِرْ دونَ خَيْطٍ.. لا يعرِفْ سعادةَ التَّحليقِ عالياً.

*منشورة في مجموعة قصصية للأطفال بعنوان (كل الحكايات في قصة واحدة) صادرة عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق 2007.

"ثلاث أسئلة " قصة مترجمة للأطفال بقلم: ليو تولستوي


300px-Three_Questionsثلاث أسئلة 
ليو تولستوي
كان يا مكان، كان هنالك ملك، إذا ما تمكن من معرفة الوقت المناسب للبدء بكل شيء، و عرف لمن يصغي من الناس، ومن لا يلقي بالاً لكلامهم، و قبل كل شيء، إذا ما عرف دوماً ما هو العمل الأهم، سوف لن يفشل في أي شيء قد يقدم عليه.
وقد راودته هذه الأفكار، معلناً عنها في أرجاء مملكته بأنه سوف يمنح جائزة كبيرة لمن يعلمه ما هو الوقت الملائم لأي عمل، ومن هم الناس المهمين، وكيف يمكنه معرفة أهم فعل للقيام به.
قدم الرجال المتعلمين إلى الملك، لكن أجابتهم على أسئلته كانت كلها متباينة.
قال البعض في الإجابة على السؤال الأول، أنه لمعرفة الوقت الملائم لكل عمل، على المرء في البدء، أن يرسم تقويماً للأيام، الأشهر والسنوات، وعليه أن يعيش وفقاً له بدقة. وبهذا الشكل فقط، قالوا، يمكن لكل شيء أن يتحقق في الوقت المناسب. آخرون أوضحوا بأنه من المستحيل تقرير الوقت المناسب لكل فعل مسبقاً، لكن ذلك، لا يعني ترك النفس مستغرقة في التسلية والتراخي، على المرء دائماً أن يولي أهمية لكل ما يجري، ومن ثم يبدأ بالأكثر إلحاحاً. آخرون ثانية، قالوا بأنه مهما كان الملك منتبهاً لما يجري، فأنه من المستحيل لرجل أن يقرر على نحو صحيح الوقت الملائم لكل عمل، لكن ينبغي أن يكون لديه مجلساً من الرجال الحكماء يساعدونه على معرفة الوقت المناسب لكل شيء.
لكن من ثمَّ قال آخرون مجدداً بأن هناك بعض الأشياء لا يمكن أن تنتظر حتى ينظر بها من قبل المجلس، سوى بشأن أي عمل كان عليه أن يقرر حالاً ما إذا سيشرع به أو لا. لكن كي يتمكن من تقرير ذلك، على المرء أن يعرف مسبقاً بما سيجري. إن السحرة فقط يعلمون ذلك، وبناء عليه، لمعرفة الوقت الملائم لكل عمل على المرء استشارة السحرة.
وأجاب العديد على السؤال الثاني بشكل مشابه، قال البعض أن أكثر الناس الذين يحتاجهم الملك هم المستشارون، آخرون، الكهنة، آخرون، الأطباء، بينما قال البعض المحاربون هم الأكثر ضرورة.
أما على السؤال الثالث، عما هو العمل الأكثر أهمية: أجاب البعض بأن العلم هو أكثر الأشياء أهميةً في العالم. قال آخرون بأنها مهارات الحرب، وآخرون، مجدداً العبادات الدينية.
كانت الأجوبة جميعها متباينة، لم يتفق الملك مع أياً منها، ولم يمنح الجائزة لأحد. لكنه لم يفقد الأمل بإيجاد الأجوبة الصحيحة على أسئلته، وقرر أن يستشير ناسكاً، كثيراً ما اشتهر بحكمته.
عاش الناسك في غابة لم يهجرها أبداً، ولم يستقبل أحداً سوى بعض أقاربه. لذا لبس الملك ثياباً بسيطة، وقبل الوصول إلى صومعه الناسك ترجَّل عن حصانه، وترك مرافقيه خلفه، ذهب وحيداً.
كان الناسك ينقب الأرض قباله كوخه عندما اقترب الملك. وحالما رآه، حياه وواصل الحفر. كان الناسك ضئيلاً وضعيفاً،  يتنفس بصعوبة في كل مرة يضرب فيها برفشه الأرض ويقلب قليلاً من التراب.
ذهب الملك إليه وقال: ” لقد أتيت إليك، أيها الناسك الحكيم، لأسألك أن تجيبني على ثلاثة أسئلة: كيف لي أن أتعلم القيام  بالأعمال الحسنة في الوقت المناسب؟ من هم الناس الذين أحتاجهم  أكثر من غيرهم، ومن هو الذي ينبغي علي أن أهتم به عدا عن سواه؟ و ما هو الفعل الأكثر أهمية، ويحتاج أن يكون في أولى اهتماماتي؟”
استمع الناسك إلى الملك، لكن لم يجب بشيء. تفل فقط على يده وعاد مجدداً  للحفر.
” أنت متعب،” قال الملك، ” دعني آخذ الرفش وأعمل بدلاً منك لمدة.”
” شكراً!” قال الناسك، و أعطى الرفش للملك، جلس على الأرض.
توقف الملك معيداً أسئلته، عندما انتهى من حفر مسكبتين. مرة ثانية لم يجب الناسك ، لكن نهض، مد يده إلى الرفش وقال:
” استرح فترة الآن ودعني أعمل قليلاً.”
لكن الملك لم يعطه الرفش، وتابع الحفر. مرت ساعة، وأخرى. بدأت الشمس بالغرق خلف الأشجار، وشكَّ الملك في النهاية الرفش في الأرض، وقال:
” أتيت إليك، كي تجيب على أسئلتي. فإذا كنت لا تستطيع أن تفيدني بشيء، أخبرني بذلك، و سأعود إلى بيتي.”
” ها هو شخص يتقدم راكضاً” قال الناسك، ” لنرى من يكون.”
تلفَّت الملك من حوله، ورأى رجلاً ملتحياً يخرج راكضاً من الغابة. يضغط بيديه على معدته، و الدم ينفر من تحتهما. وقع على الأرض مغشياً عليه عندما وصل نحو الملك، متأوهاً بوهن. خلع الملك والناسك عنه ثيابه. كان هناك جرح كبير في معدته. نظف الملك الجرح بأفضل ما يستطيع وضمده بمنديل وبمنشفه كانت لدى الناسك. لكن الدم لم يتوقف عن النزيف، أزال الملك الضمادات الملوثة بالدم الدافئ أكثر من مرة، نظفها وأعاد تضميد الجرح. استعاد الرجل وعيه عندما توقف الدم أخيراً وطلب أن يشرب. جلب الملك ماء وأعطاه. في هذه الأثناء كانت الشمس قد غربت وأصبح الجو بارداً، لذا حمل الملك بمساعدة الناسك الجريح إلى الكوخ ووضعاه في السرير. ما أن استلقى على السرير، أغلق الرجل عينيه وكان هادئاً. لكن الملك كان متعباً من المشي وبسبب العمل الذي قام به، ولهذا جثا على العتبة و غرق في النوم أيضاً ونام نوماً عميقاً خلال ليلة الصيف القصيرة. عندما استيقظ في الصباح، احتاج لبعض الوقت كي يتذكر أين كان أو من كان الرجل النازف المستلقي على  السرير، محدقاً بتركيز نحوه بعيون براقة.
عندما رأى أن الملك كان صاحياً وينظر نحوه،  قال الرجل الملتح بصوت ضعيف: ” سامحني!”.
 ”أنا لا أعرفك، وليس لدي شيء لأسامحك من أجله، ” قال الملك.
” أنت لا تعرفني، لكن أنا أعرفك. أنا هو عدوك الذي أقسم أن ينتقم بنفسه منك، لأنك أعدمت أخيه وصادرت ملكيته. علمت بأنك ذهبت وحيداً لترى الناسك، و عزمت على قتلك في طريق عودتك. لكن النهار مر و لم تعد. لذا أتيت من مكمني لأجدك، ومررت بحراسك الذين عرفوا من أكون، وأصابوني بجرح. هربت منهم، كنت سأنزف حتى الموت لو لم تضمد جرحي. تمنيت قتلك، وأنت أنقذت حياتي. الآن، إذا ما عشت، وتمنيتَ ذلك، سأخدمك كعبد أمين، وسوف آمر أبنائي أن يفعلوا المثل. سامحني!”
كان الملك سعيداً جداً بصنعه سلاماً مع عدوه بهذه السهولة، ولكونه فاز به صديقاً، هو لم يسامحه فقط، لكن قال بأنه سوف يرسل خدمه ومعالجيه ليعتنوا به، ووعد بإعادة ملكيته.
ذهب الملك نحو الرواق وبحث عن الناسك، مانحاً نفسه استراحة من الرجل الجريح. تمنى مرة أخرى قبل أن يذهب بعيداً أن يتوسل جواباً على أسئلته التي وضعها. كان الناسك في الخارج، على ركبتيه، يبذر البذار في المساكب التي حفرت في اليوم السابق.
اقترب الملك منه، وقال:
” للمرة الأخيرة، أتضرع  إليك أن تجيب على أسئلتي، أيها الرجل الحكيم.”
“أنت فعلت للتو!” قال الناسك، وهو لا يزال منحنياً على ساقيه النحيلتين، ونظر نحو الملك، الذي وقف قبالته.
” كيف أجبت؟ ما الذي تعنيه؟” سأل الملك.
“  ألا ترى،” أجاب الناسك. ” لو لم ترثِ لضعفي البارحة، لم تك لتحفر تلك المساكب من أجلي، ومضيت في طريقك، ولكان هاجمك ذلك الرجل ، وكنت ستتأسف لأنك لم تبق معي. لذا فالوقت الأكثر أهمية كان عندما حفرت المساكب، وكنت أنا الرجل الأكثر أهمية، وبفعلك الخير معي كان عملك هو الأكثر أهمية. فيما بعد عندما ركض ذلك الرجل نحونا، كان الوقت الأكثر أهمية عندما كنت تعتني به، لو لم تكن قد عالجت جراحه كان سيموت بدون أن يصالحك. لذا فقد كان الرجل الأكثر أهمية، والذي فعلته من أجله كان عملك الأكثر أهمية. تذكر إذن: هنالك وقت وحيد مهم—الآن! هو الوقت الأكثر أهمية لأنه الوقت الوحيد الذي نملك فيه القوة. الرجل الأكثر أهمية هو من يكون معك، لأن ما من رجل يعلم ما إذا كان سوف يتعاطى مع أي شخص آخر: والفعل الأكثر أهمية هو، أن تنفذه بشكل جيد، لأن لهذا الغرض وحده أرسل الانسان إلى هذه الحياة.!”

الأسد " نيرون " وصديقه القرد " سرون " قصة للأطفال بقلم: رضا سالم الصامت


الأسد " نيرون " وصديقه القرد " سرون "




رضا سالم الصامت 


 يحكى قديما ، أن هناك أسد ضخم جميل، ذو جلد ناعم وفرو بني اللون ضارب إلى الصفرة، كان يعيش في غابة كثيفة الأشجار مع مجموعة من الحيوانات ، و في كل مرة يصطاد حيوانا كالغزال أو الثعلب فيأكله .
تألمت بقية الحيوانات و أصابها الفزع و أصبح الكل  يعيش مع هذا الأسد في خوف مستمر ماعدا مجموعة من القردة كانوا يتباهون بذكائهم  لأنهم يعيشون فوق أغصان الأشجار  و لا يقدر هذا الأسد الإمساك بهم و اصطيادهم و إيذاءهم.
كبر الأسد نيرون و أصبح طاعنا في السن ،و لم يعد يقدر على اصطياد  أي حيوان  في الغابة  ، فالتجأ إلى العيش وحيدا في مغارة   حفظا لماء الوجه و ما لحقه من اهانة  لدى  الحيوانات الأخرى  ، حيث أصبح بسبب عجزه محل تهكم و سخرية  رغم انه ملك الغابة  فحز في نفسه و قرر العيش  بعيدا عنهم .
فرحت كل الحيوانات  و أصبحوا يعيشون في سلام و أمان  بلا خوف  من شره ، ماعدا قرد وحيد يدعى سرون ظل على عهده يحترم ملك غابته الأسد نيرون  و يحن إليه و يجلب له من حين لآخر طعاما .
سعد الأسد نيرون عندما رأى القرد سرون  يدق باب بيته و هو في المغارة ، و أذن له بالدخول.
 تقدم القرد سرون  نحوه و قال : يا ملك غابتنا ، نحن معشر القردة باقون على العهد  نحترمك  لأنك لم تضر أحدا منا و اليوم و قد هرمت فإننا رغم ذلك لا نسمح لأنفسنا بأن نقلل من احترامنا لك ، لذلك جئت  أحمل طعاما لك  فهل تقبل ؟
رد عليه الأسد مبتهجا : شكرا لك أيها القرد سرون ، لقد   قبلت ، لأني منذ مدة لم أجد أي شيء آكله ، فكما ترى لقد أصبحت طاعنا في السن و لم أعد أقدر على اصطياد و لو قطة . انك حقا نعم الوفي و هكذا الأصدقاء تعرف وقت الشدة .
 ضحك القرد سرون و قدم لصديقه الأسد العجوز الطعام و قال : صحيح أن هذا طعام قليل، و لا يكفي لملك غابتنا ،و لكن  سأفعل المستحيل لأجلب لك المزيد من الطعام في المستقبل ،فأنت أسد مهاب و ستظل دائما مهابا .
أكل الأسد الطعام الذي قدمه له القرد سرون  ثم بقي يفكر بينه و بين نفسه و قال : لو أكلت القرد سرون من سيجلب لي الطعام .. سأحافظ على صداقته لي لكي أعيش ما تبقى لي من عمر.
 كان القرد سرون في كل يوم يأتي له بالطعام و كان الأسد نيرون يأكل  و هو سعيد بصديقه القرد  .. و بعد الانتهاء من الأكل نظر لسرون و قال له : أيها القرد  لماذا لا تقترب مني أكثر فأنت الآن صديق حميم لي ؟
خاف  القرد و اضطرب و قال : و كيف لي أن اقترب منك  و أنت مازلت أسدا متوحشا ؟
قال الأسد نيرون : أتخاف مني  ، و أنا صرت عجوزا
رد عليه سرون القرد :  هذا شأنك يا ملك الغابة ، و لكني كقرد أفضل  أن أكون بعيدا عنك، و لا أسمح لنفسي  بالاقتراب منك ما دمت حيا ،  فقد تأكلني و تترك الطعام الذي أجلبه لك .
ابتسم الأسد نيرون و همهم  ثم قال :  يا لك من أحمق ، أتخاف مني و أنا  قد هرمت و أصبحت عاجزا هههههه ثم كيف لي أن آكل صديقا وفيا  يفكر في لقمة عيشي ؟
ابتسم القرد و قال : لا يمكن أن أثق فيك يا صديقي، فأرجو أن لا تغضب مني
رد عليه نيرون : و لكن ، لماذا  لا تثق في ؟ و أنت صديقي
قال القرد سرون  : لأنك أســــــــد
ظن سرون القرد أن الأسد نيرون  ما يزال على عادته السيئة  يريد إيذائه  ، فخاف و  لم يعد يجلب له الطعام
طالت المدة فغضب الأسد و احتار و قال في نفسه ترى ماذا جرى لصديقي سرون؟ انه  لم يعد يجلب لي طعاما  فخرج من مغارته ، و أخذ يبحث عنه في كل مكان بالغابة و أخيرا وجده على شجرة.
 في الأثناء كان الثعلب " قرون " يراقبهما فسمع ما دار بينهما من حديث ،و قرر الثعلب إيذاء القرد ، و أسرع إلى مغارة الأسد  و اختبأ هناك  ينتظر مجيء القرد لصديقه الأسد نيرون.
كان الأسد يتحدث مع  صديقه القرد سرون و كان الثعلب قرون ينصت لما  قاله الأسد .
 إني أعطيتك الأمان يا صديقي القرد، سأنتظرك بمغارتي  و أرجو أن تجلب لي  طعاما فاني على وشك أن أهلك بسبب الجوع .
ذهب الثعلب قرون الماكر  إلى المغارة أين يوجد  الأسد نيرون ، و اختبأ في مكان  ينتظر مجيئ القرد سرون و فور وصوله انقض الثعلب على القرد على حين غفلة ، و افتك منه الطعام و اندلعت معركة بين الثعلب و القرد  .
 كان الثعلب يظن أن الأسد لم يعد قويا و أنه سيكون عاجزا لو هاجم القرد ، لكن ظنه لم يكن في محله  ، فعندما سمع الأسد أن صديقه القرد يواجه معركة شرسة مع الثعلب  وثب عليه و شل حركته و افتك منه القرد سرون و واصل الأسد  العجوز إلى أن قضى على  الثعلب الماكر و جعله وجبة شهية له و نال جزاءه .
و هكذا يا أصدقائي الصغار عرف القرد سرون أن صديقه الأسد نيرون  كان قمة في الوفاء و الإخلاص رغم أن الأسد كحيوان متوحش وهو رمز للقوة والبأس والسيادة ، و قوي ، تميز بالوفاء بالعهد و هو شرفٌ يحمله كل كائن حي  على عاتقه و قيمة أخلاقية عظمى ، بها تُدعم الثقة بين الأفراد ، وتؤكد أواصر التعاون في المجتمع ، وهذا أصل الصدق وعنوان الاستقامة.

الأربعاء، 21 أغسطس 2013

"بطل الجبل" قصة مترجمة للأطفال ترجمة: حسن صلاح حسن

بطل الجبل
ترجمة: حسن صلاح حسن
كان الثعلب الصغير (لولو) مفعماً بالإثارة، فالمسابقة الكبرى "بطل الجبل" ستبدأ في الغد. وسيشارك فيها أقوى وأشجع الحيوانات والناس.
أما لولو فقد كان يريد مشاهدة المسابقة، كما كان يريد أن يقابل أشهر الأبطال في العالم. فدرس الخريطةبعناية. فالمسابقة ستتم عالياً فوق الجبل، في أراضي البومة الساحرة "بوران"، ولذا فسيضطر لولو أن يقوم برحلة طويلة في اليوم التالى.
في تلك الليلة لم يستطع لولو النوم حتى وقت متأخر من الليل. فقد كان ينظر عبر الأفق إلى قمة الجبل البعيدة ويحلم بالمسابقة. وكان تواقاً إلى الصباح.
استيقظ لولو في الصباح الباكر، غسل أسنانه بالفرشاة، وتناول إفطاره بسرعة. فقد كان أمامه رحلة طويلة، ولذا فقد تناول وجبة إفطارٍ جيدة أعدته له أمه، وكانت لذيذة جداً.
وعد لولو أمه أن يعتنى بنفسه، وأن يعود إليها قبل حلول الظلام، وانطلق إلى الجبل. مر بالمروج المجاورة لبيته، ومشى حول التلال الصخرية، وفجأة أثناء عبوره النهر، سمع شخصاً يصرخ طالباً النجدة.
نظر لولو حوله فوجد خنفساء وقعت فى النهر. كانت ضفاف النهر شديدة الانحدار، أما الخنفساء الصغيرة كانت تلوح بقدميها وقرون استشعارها فى يأس.
بحث لولو حوله عن عوامة أو عن عصا، ولكنه لم يجد شيئاً نافعاً. ولأن الوقت كان يمر بسرعة، فقد وضع لولو ذيله في المياة الجليدية، وصاح في الخنفساء أن تتشبث به.
بعد برهة، بعد أن نجح لولو فى انقاذ الخنفساء، وهى ترقد على الحشائش لتجفف نفسها في الشمس – مرهقةً ولكن سعيدة بانقاذها.  كان لولو مرهقاً أيضاً، ولكن لم يكن لديه وقت ليستريح فيه. فعصر ذيله الذى أصبح ثقيلاً من المياه التى بللته، وأسرع إلى المسابقة.
بعد وقت قليل رأى أمامه أرنباً برياً صغيراً يبكى بشدة. كان الأرنب الصغير قد فقد قفازه، ولم يكن يعرف كيف يجده.
كان لولو مستعجلاً ليصل إلى المسابقة، ولكنه قرر أن يساعد الأرنب الصغير. خفض لولو من أرنبة أنفه وأسرع بالبحث عن قفاز الأرنب الصغير. وتبعه الأرنب وقد ملأه الأمل.
بعد وقت قليل وجد لولو القفاز ملقياً على جانب الطريق. لا شيء يمكنه الاختباء من أنف الثعلب. أصبح الأرنب الصغير فرحاً جداً وتقافز مبتسماً عائداً إلى بيته مرتدياً قفازه، وأسرع لولو إلى الجبل.
وحين حاول لولو أن يتسلق طريق الجبل شديد الانحدار، قابل ثلاث نملات ممن يعملون في إطفاء الحريق، يحملون باباً جديداً لمخفر المراقبة، الذي يقع في أعلى الجبل، فالنمل يراقب الغابة من هناك ليرى إذا نشب حريق بالغابة.

كان الباب ثقيلاً جداً، وكانت النملات الثلاث تلهث أسفل منه.
قرر لولو أن يساعدهم، برغم أنه أصبح متأخراً على المسابقة بالفعل. أخذ لولو أحد طرفي الباب وحمله مع النملات الثلاث لأعلى الجبل.
وفي النهاية وصل الجميع إلى مرصد المراقبة، ونجحوا سوياً في تثبيت الباب في مكانه السليم. جلست النملات على الأرض مرهقة، ولكن تشعرن بالرضا. كان لولو مرهقاً أيضاً، ولكن لم يكن أمامه وقت ليستريح فيه – فاستمر في طريقه، صاعداً قمة الجبل.
عندما صعد قمة الجبل، كانت المسابقة قد انتهت. وكانت السهام المكسورة، والسيوف، والتروس ملقاة هنا وهناك في كل أنحاء المروج التى على قمة الجبل، ولكن كل الأبطال قد غادروا المكان.
جلس لولو حزيناً على الأرض. فقد كان تواقاً ليشاهد السباق ويقابل الأبطال العظماء، ولكن فاته كل شيء.

وفجأة سمع رفرفة أجنحة. نظر لأعلى فرأى البومة الساحرة، بوران، تحط أمامه.
"لا تحزن يا لولو. فلم يفتك شيئ ذو أهمية. انظر .. لدي شيء خاص لك" وقدمت له قطعة من البللور مكتوب عليها "بطل الجبل" – وهى أكبر جائزة فى المسابقة.
فسألها لولو مدهوشاً: "ولكن لماذا؟ لم أقم بأى عمل بطولي".
ابتسمت بوران وقالت له: "وهل هناك عمل أكثر بطولة من كل الأعمال الصغيرة التى عملتها اليوم؟"
"لقد فاتتك المسابقة التى كنت تتوق بشدة أن تشاهدها، لأنك ساعدت الخنفساء، والأرنب الصغير، والنملات الثلاث. فأنت إذاً البطل الحقيقى للجبل."

استطاع لولو أن يعدو إلى بيته قبل العشاء، وحكى لوالديه عما حدث. كان كل من بالبيت في غاية السعادة والفخر. وبعد العشاء، ذهب لولو إلى سريره مرهقاً وشاعراً بالرضا. كان في حاجة إلى نوم هانئ ليلاً .. فربما تنتظره أعمال عظيمة ومغامرات أخرى في الصباح التالى.
----------------
ترجمة / حسن صلاح حسن