الاثنين، 10 يونيو 2013

"مُغامرات فتحة وكسرة وضمة "قصة للأطفال بقلم: صبحي سليمان



مُغامرات فتحة وكسرة وضمة
صبحي سليمان
ترن ... ترن ... ترن ...
هكذا ضرب جرس الفُسحة ... وخرج التلاميذ من فصولهم في هرج ومرج كعادتهم فرحين بهذا الوقت الجميل الذي يُمارسون فيه هواياتهم ما بين قراءة ومُوسيقي ... هذا خلاف تناول الساندوتشات اللذيذة التي تعدها أمهاتهم لتناولها في هذا الوقت بالذات كي لا يُضيعون وقت الحصص الدراسية ...
وساد الفرح جميع أرجاء المدرسة ... فالكُل سعيد وفرحان ... ولكن كان وسط تلك السعادة منطقة وحيدة سادها الهم والغم مُنذ صباح هذا اليوم الدراسي الجميل ... وهذه المنطقة هي صفحات كتاب النحو ...
فعلامات ضبط الكلمات ( الفتحة ) و(الكسرة) و(الضمة) وأختهما الكبيرة (سكون) فجميعهم في حُزن وضيق ... وحدث بينهم حوار عنيف بدأته (الفتحة) قائلة : ـ
ـ آه ... لقد تعبت من هذا الوضع ...
أيدتها (الضمة) و(كسرة) قائلتين معها بنفس الشدة : ـ
ـ ونحن أيضاً تعبنا ...
تعجبت أختهما الكبيرة (سكون) قائلة : ـ
ـ مم تعبتن يا أخوات ... ؟! إننا جالسات علي حروف كتاب النحو لا نفعل شيئاً ... فمم تعبتن ... ؟!
ردت عليها الفتحة بشدة : ـ هذا ما تعبت منه يا أختاه ... فإننا نجلس علي هذه الحروف مدي الحياة؛ ولا نفعل أي شئ سوي ذلك ... أليس أمراً مُملاً ... ؟!
أجابتها السكون : ـ ولكن هذه وظيفتنا ... فوظيفتنا ضبط نهايات الكلمات وحروفها ... فهذا ليس أمراً هيناً ... أليس كذلك ؟!
اغتاظت ( الضمة ) وردت بصوت قوي : ـ
ـ لا تجعلي من نفسك شيئاً يا أختاه ... فنحن عديمات القيمة ... ليتنا حروف مثل تلك الحروف التي نقف عليها دون عمل أي شيء ... فإننا شيء هامشي ليس إلا ...
ضحكت السكون وهي تقول : ـ
ـ لا تُقللي من شأنك هكذا يا أختاه ... أتعلمين أننا نضبط نُطق تلك الحروف كي تدل الكلمة علي المعني الصحيح الذي يُريده ناطقها ... فبدوننا يختلف نُطقها ولا يفهم مغذاها أحد ...
ضحكت الكسرة وهي تقول : ـ
ـ ها ها ها ... نحن نُغير من معني تلك الكلمات ... ؟! كيف هذا ... ؟!
أشارت ( السكون ) إلي عنوان الكتاب الموجودين فيه قائله : ـ
ـ أنظرن إلي عنوان هذا الكتاب مثلاً ( كِتابُ النحو ) ... ما معناه يا أخوات ... ؟!
ردت ( الضمة ) بسرعة : ـ
ـ إنه كتاب قواعد الكلمات وكيف تتعامل الكلمات فيما بينها ...
تحدثت ( السكون ) بسرعة : ـ
ـ كما نري نجد أن أختنا ( كسرة ) موجودة أسفل حرف الكاف أليس كذلك ... ؟!
أجابها الجميع : ـ
ـ نعم ...
فاستكملت ( الكسرة ) حديثها قائلة : ـ
ـ أتدرون أنكن إذا غيرتن من وضعكن علي هذا العنوان فستُغيرن من معني هذا الكتاب ...
تعجبت الضمة وهي تقول : ـ
ـ كيف هذا ... ؟!
ابتسمت ( السكون ) وهي تصطحب أختها ( ضمة ) إلي أول حرف في عنوان الكتاب؛ وأبعدت أختها ( كسرة )؛ وهي تقول : ـ
ـ كيف سيكون عنوان الكتاب إذا جاءت أختنا ( ضمة ) في البداية ... ؟!
نظر الجميع للعنوان وهُن مُتعجبات من تغييره؛ فاستكملت ( السكون ) حديثها قائلة : ـ
ـ سيصير العنوان ( كُتاب النحو ) ... لذا سيصير هذا الكتاب مُخالفاً تماماً لمعناه؛ لأنه سيكون كتاب يتحدث عن الكُتاب الذين يكتبون النحو ... وليس كتاب يتحدث عن النحو وقواعده؛ فلقد تغير المعني ما أن تغير موضع إحداكن من مكانها ... لذا أعرفتن فائدتكن ؟! فإننا كالجندي الذي يقف ليحرس مُعسكره ولا يترك موقعه ... فبدون هذا الجندي ينهزم المُعسكر من الأعداء ... وبدوننا تتغير معاني جميع كلمات كتاب النحو ...
هُنا برقت أعين ( الكسرة ) و( الضمة ) و( الفتحة )؛ وعُقد لسانهن عن الكلام؛ فلقد عرفت كُل واحدة منهن أن لها فائدة هامة لا تقل عن فائدة الحروف التي تقف عليها ... وابتسم الجميع ... وشعرن بالسعادة ...
وضرب الجرس من جديد ... وعاد التلاميذ لفصولهم ليتعلموا النحو ويتعلموا مكانة وفضل علامات ضبط الكلمات ...   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق