الأربعاء، 10 أبريل 2013

"البيئة المائية " قصة للأطفال بقلم: عيد صلاح



البيئة المائية
   عيد صلاح
لم أكن أعلم أن عمي البروفسير"نور" ينوي القيام برحلة بحرية حول الأرض، وقد قرر أن يصطحبني معه، ومساعده شادي، لم استطع وشادي، أن نثنيه عن عزمه، فهو صلب الإرادة، عصبي المزاج، يثور لأتفه الأسباب رغم ما له من شهرة  واسعة واكتشافات علمية مذهلة، فهو يعد أبرز علماء كوكبنا الأرضي.
أخترع عمي غواصة عجيبة، وذات ليلة اجتمع بنا وأخبرنا بخطته البحرية، ولم ينس أن يحدثنا عن المياه على سطح الأرض، فأخبرنا أن المحيطات هى الجزء الأكبر والأعظم من الغلاف المائي الذي يطوف الكرة الأرضية، وكما هو معروف فإن المياه تحتل 71% من مساحة الكرة الأرضية تقريبا. ويبلغ عدد المحيطات التى تطوف كوكب الأرض خمسة محيطات هى: الهادي، الأطلسي، الهندي، المتجمد الشمالي، المتجمد الجنوبي، وأثناء حديثه قاطعته قائلا: ولما نعرض أنفسنا لمخاطر تلك الرحلة؟
صاح عمي غاضبا: ألم  تعلم بما تحويه هذه الرسائل؟ " وأشار نحو مكتبه حيث تراصت فوقه أكوام من الرسائل جاءته من عدة دوائر علمية، تستنجد به من خطر أسماك القرش، ففي الأونة الأخيرة صارت أسماك القرش أكثر وحشية وخطورة على الإنسانية فقد هاجمت عدة سفن بحرية وأغرقتها ولم يعثر لها على أثر، وقد احتار العلماء من تزايد تلك الأسماك وقدرتها الهائلة على ابتلاع السفن ومهاجمتها فهى تكاد تكون أسراب موجهة نحو الهدف، ومما زاد من قلق العلماء أن تتحور تلك الأسماك وتخرج إلى اليابسة وتفتك بسكانها، وتتحول إلى ديناصورات جديدة تبتلع الأخضر واليابس. حقا إن عمي محقا فلابد أن يجد حلا لتلك المشكلة، سبحت فى أفكار عميقة حتى استفقت على صوت عمي وهو يردد هادي ... هيا، أجابته قائلا: إلى أين؟ فنظر إلى غاضبا ثم قال: إلى الغواصة، فسوف نبدأ الرحلة، جمع شادي كل متاعنا وسرنا إلى الغواصة، ثم بدأنا رحلتنا من المحيط الهندي ثالث أكبر المحيطات فى الكرة الأرضية ويغطي" 0 2% "من سطح الأرض، وبه عدد كبير من الجزر منها ما يشكل دول مستقلة مثل مدغشقر رابع أكبر الجزر فى العالم، كنت أشعر بالخوف والرعب ولكن لا أستطيع مقاومة البروفسير نور وإصراره على خوض الرحلة، كما أني أحب الاكتشافات الجديدة ورؤية الكائنات البحرية، فلنبدأ الرحلة وليكن ما يكون. وأكمل عمي حديثه عن المحيطات فأخبرني أن المحيط الهادي أكبر المحيطات إذ تبلغ مساحته نصف مساحة الغلاف المائي وأكثر من ثلث مساحة سطح الكرة الأرضية.
وهناك المحيط الأطلسي، يقع بين قارتي أوروبا وإفريقيا من جهة والقارة الأمريكية من جهة أخرى، و هناك المحيط المتجمد الشمالي وهو يشكل القطب الشمالي للكرة الأرضية، وهو جليد دائم تصل درجة الحرارة عنده 70 درجة تحت الصفر.
وهناك المحيط المتجمد الجنوبي، الذي يتكون من الأجزاء الجنوبية للمحيط الأطلسي والمحيط الهادي والمحيط الهندي التي تحيط بقارة القطب الجنوبي، سرنا نغوص فى أعماق المحيط، حيث يخيم جو من الظلام الدامس والحرارة المنخفضة التى لا تتجاوز الدرجتين فوق الصفر وعلى عمق أكثر من 4000 متر تحت سطح البحر يقابلنا قاع المحيط الملىء بالصدوع التي يصل طول بعضها إلى أكثر من 550كم وبالتلال والمسطحات وبعدد لا حصر له من البراكين، والشىء المثير للدهشة فى أعماق المحيطات، أن ثمة سلاسل جبلية يصل عرضها إلى مئات الكيلو مترات تحت قاع المحيط أما طولها فيبلغ 60 ألف كيلو متر. وكلما غصنا فى أعماق المحيطات تتراءى لنا أشياء غريبة وعجيبة، فهناك طائفة من الكائنات البحرية التى توصف بالوحوش نظرا لأشكالها الغريبة، أكاد أشعر بالفزع كلما شاهدت أحد هذه الحيوانات العملاقة تمر بجوارنا لكن أرى الثبات على ملامح شادى والبروفسير نور، أكاد أحسدهما على ثباتهما، تمنيت ان أكون مثلهما ولكن طبيعة المرء تغلبه دائما، كانت الرحلة تسير بهدوء،  حتى بدأت أسراب من أسماك القرش تهاجمنا، كان منظرها مخيف فقد تحورت أشكالها بصورة عجيبة ولها أسنان يمكنها أن تنتزع أسلاك الحديد بسهولة، تجمعت أسراب القرش حتى هتفت فزعا: ماذا يحدث؟ فرد البروفسير" نور" قائلا: هذا شىء عجيب، كيف تجمعت كل هذه الأسماك بتلك السرعة؟! كأننا على موعد معها.
حاول عمي أن يهدأ من روعي، وأخبرنا أن القرش من أسماك البحار معظمها مفترس وبعضها غير مفترس وهى متعددة فى أشكالها وأنواعها وتعيش فى غالبية بحار ومحيطات العالم. أصغيت إلى عمي جيدا، وبعد لحظات أتى شادي إلى غرفة القيادة يلهث والفزع على وجهة، وصاح قائلا: لقد هاجمت أسراب القرش أحد جوانب الغواصة وأحدثت به فتحات واسعة، فقلت على الفور: يا ألهي! أصبحنا طعاما للأسماك المتوحشة. حاول عمي كعادته يهدأ من روعنا لكن حدث فجاة أن أختلت الغواصة وبدأت مياه المحيط تتسرب إليها. وصاح شادي: أن الغواصة تغرق، فأمرنا عمي أن نرتدي سترة النجاة على الفور، وسرنا فى أحد ممرات الغواصة،  وقام عمي بالضغط على زر فى إحدى لوحات المفاتيح انفتح باب سري فقفزنا من الغواصة قبل أن تغرق، وسبحنا فى المحيط مسافة ما، وسألت عمي إلى أين نتجه؟ فنظر إلى ساعة فى معصمة قائلا: اطمئنا فسوف نخرج من قاع المحيط فى أمان. وأثناء ذلك، أنطلقت خيوط رفيعة لا تكاد تبصرها العين، فجذبتنا فى لمح البصر من قاع المحيط ثم هبطت بنا إلى قاعة مضيئة فى جزيرة نائية فى وسط المحيط، ووجدنا أنفسنا أمام ملك الجزيرة بثوبه الأخضر وعيونه الواسعة التى تنطلق منها أشعة حمراء تكاد تلهب أجسامنا، وحوله مجموعة من الجنود المدججين بأسلحة ضوئية. حاولت أن أسأل عمي، من يكون هولاء؟ ولكن الخوف والرعب منعني، دار حديث بين الملك وأتباعه، استطعت أن أفهم منه، أن هولاء هم محور الشر فقد استطاعوا أن يغيروا الجينات الوراثية فى أسماك القرش لتصبح أكثر ضراروة ووحشية، وقد توصلوا إلى سلاح رهيب، فهم يطلقون قاذفات غازية فى اتجاه السفن، تنشر روائح معينة فتجذب أسماك القرش إليها من كل مكان فتهاجم تلك السفن، وهم أيضا بصدد أحداث طفرة جينية فى تلك الأسماك بحيث يمكنها ابتلاع أكبر السفن والغواصات فى ثوان معدودة. مرت لحظات من الصمت قبل ان يخبرنا عمي أنهم سيقودونا إلى بحيرة للأسماك القرش المفترسة، وانطلقت نحونا فرقة من الجنود واقتادوناإلى طائرة مروحية، طارت بنا إلى البحيرة، وفتحوا أحد أبوابها وقذفوا بنا، وحينئذاك ضغط عمي على زر فى ساعته، بعدها بثوان، انطلقت قاذفات غازية إلى البحيرة، فاصطبغت المياة بصبغة فضية وانتشرت فقاعات غازية كلما اصطدمت بها إحدى الأسماك انفجرت تماما حتى صارت البحيرة كلها أكوام من أشلاء تلك الأسماك، وكدت أن أصعق من هول المفأجاة، فقد استطاع عمي عن طريق جهاز مثبت فى ساعته أن يتصل بإحدى قواعدنا الأرضية والتى أطلقت فى الحال تلك القاذفات التى أنقذتنا من خطر تلك الوحوش المفترسة.
وبعدها جاءت طائرة تحلق فوق البحيرة وحملتنا عائدين إلى مقرنا فى مجمع البحوث العلمية، ولم أكن أصدق  أني نجوت من تلك المخاطرة حتى وجدتني فى منزل البروفسير"نور" مرة أخرى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق