الاثنين، 29 أبريل 2013

"الخير يعم الجميع " قصة للأطفال بقلم: صبحي سليمان



الخير يعم الجميع
صبحي سليمان
نظرت ماكينة المياه الحديثة إلي الشادوف باحتقار؛ وقالت له :
 ـ ابتعد قليلاً يا هذا ... إنني قمة التكنولوجيا ... وأنت قديم عتيق لا تصلح لأي شئ ...
نظرت الساقية إلي أصدقائها قائلة :
 ـ أرجوكما كفا عن العراك ... إن قلبي يتمزق من أجل الحاج عبد اللطيف ... فإننا لم نسقي أرضه مُنذ شهر ... أرجوكما يجب أن تتفقا فالأرض مُشتاقة للماء العذب ...
وهنا تحدثت ماكينة المياه بغرور قائلة :
 ـ اسكتي أنتِ أيتها الساقية فلن يعمل أيٍ منا في نقل المياه حتى يتبين من هو الأفضل بيننا ...
لكن الشادوف نظر إلي ماكينة المياه وقال لها :
 ـ إن كُنتِ سريعة في نقل المياه فإن صوتك مُزعج ... وإذا سها الفلاح عنكِ لحظات قليلة أغرقتي الأرض بالمياه؛ وقتلتي جميع النباتات ...
ضحكت ماكينة المياه بسخرية ونظرت إلي الشادوف باحتقار وهي تقول : 
ـ إن عملك يتطلب مجهوداً كبيراً ... والذي تقوم به في أيام أقوم أنا به في ثوانٍ معدودة ...
فنظر لها الشادوف في كبرياء؛ وقال :
 ـ لقد استخدمني الفراعنة في ري الأرض ... وبفضلي أقاموا السدود؛ والترع ... فإن كُنتِ حضارة اليوم؛ فأنا حضارة الأمس؛ ولولاي ما كُنتِ أنتِ ..
حاولت الساقية أن تهدئهم قائلة :
 ـ نحن جميعاً أصلنا واحد ... وهدفنا واحد ... ولا أدري لماذا تختلفون ...
هُنا تحدثت نبته صغيرة موجودة في الأرض بإعياء؛ وتعب؛ وقالت :
 ـ يا إخوان إن ما تفعلونه كثير جداً وصعب ... أنتم مُختلفون في الرأي؛ ولكن هذا يضرنا نحن؛ كُل واحد منكم يُريد أن يُثبت منفعته وقوته؛ وهذا بالنسبة لكم اختلافاً في الرأي... أما بالنسبة لنا معشر النباتات فهو حياة أو موت ... إننا نُعاني مُنذ شهر؛ ونكاد أن نموت؛ فقد كنا نشرب الماء علي أيديكم؛ ولكنكم تمنعونه عنا الآن ... أنتم بالنسبة لنا مصدر حياة ... ثُم في ماذا سيفيدكم معرفة من الأفضل ... الأفضل يا إخوان هو من يستطيع أن يسعد غيره أكثر ...
نظرت ماكينة المياه إلي نفسها؛ وأحست بأنها صغيرة لأنها فكرت في نفسها فقط؛ وهكذا فعل الشادوف؛ وتبادلا النظرات إلي بعضهما البعض؛ ثم امتدت يد الشادوف ليُسلم علي ماكينة المياه وهو يقول :
ـ حضارة الأمس تُسلم علي حضارة اليوم وتريد أن تتحد معها من أجل مصلحة هذه النباتات ...
مدت ماكينة المياه يدها وسلمت علي الشادوف وقالت له :
ـ حقاً كم أنت عظيم ... فأنت بمثابة جدي؛ ولولاك ما كُنت أنا ... هيا بنا الآن لنُسعد تلك النباتات الحزينة ...
وهكذا لم تمض لحظات إلا وانطلق الماء غزيراً يروي الأرض العطشى ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق