الخميس، 7 مارس 2013

"بين الأرض و السماء" قصة للأطفال بقلم: سماح أبو بكر عزت



بين الأرض و السماء
سماح أبو بكر عزت


أنا الحائر بين الأرض و السماء .. لا اعرف لي وطناً و لا أشعر بأي انتماء ...

هل أنا طائر أم حيوان ؟ سؤال حاول اجدادى البحث عن إجابته من قديم الزمان .. الكثير منكم يعرفني أسماً فقط ، لم يرانى و لن يرانى حتى لو ذهب لحديقة الحيوان .
لا اظهر إلا فى الليل ... هكذا كان الحكم الذى أصدرته محكمة الطير و الحيوان ...

أنا الخفاش .. كنت أعيش في الغابة وسط الطيور و الحيوانات أراهم برغم اختلافهم أصدقاء ، فالغراب كان صديقاً للحمار يتقاسمان الطعام و الإحساس بالظلم والهوان تجمعهما الطيبة و سخرية البشر منهما من قديم الزمان ..
بالرغم من إن الغراب من أطيب الطيور و الحمار ليس غبياً كما يصفه الإنسان ، كنت أراه في الحقول يسير وحده يعرف طريقه دون مساعدة ، يتحمل العمل الشاق صيفاً وشتاء .
أما الكلب فكان صديقاً للكروان ، يجمعهما الليل فيغرد الكروان ليؤنس وحده الكلب الحارس الأمين السهران ..
وسط كل هؤلاء كنت اشعر اننى وحيد ، أتأملهم في حزن و ابتعد .. لا اعرف لأي فريق منهم انتمى ..
تزداد دهشتي عندما أرى العصفور الصغير صديقاً للفيل .. يمرح و يلعب و ينزلق على زلومته  مثلما يشاهد الأطفال في الحدائق يلعبون ، و كم استمتعت بعزف طائر الكناري و رقص الحصان بخفة ورشاقة على أنغامه ...
كان الكل يعيش في ألفة و يشعر بالأمان ..
و في يوم من الأيام قامت الحرب بين الطيور و الحيوانات ، اختلف النسر ملك الطيور مع الأسد ملك الحيوانات كل منهما يريد أن يكون ملك الغابة  و اختلط الصفير بالزئير ...
بدأت المعركة و من بعيد وقفت وراء جذع شجرة كبيرة ، كانت الطيور تنقض على الحيوانات و الحيوانات تهاجمها بكل قوة و شراسة .. انتهت المعركة بهزيمة الطيور أمام الحيوانات .
بهدوء تسللت من وراء الشجرة و هنأت الأسد بالنصر، رأتني الحيوانات فقالت في غضب: أنت من الأعداء ألست طائرا و لك جناحان ؟
  قلت بثقة: لا أنا واحد منكم  انظروا إلى اسنانى .. هل رأيتم من قبل طائراً له أسنان ؟
أخيرا عرفت مكاني ، عشت مع الحيوانات على الأرض لكن في نفس الوقت كانت عينى على السماء ..
ومرت الأيام و من جديد اختلف الملوك ، ملك الحيوانات و الطيور، و اختلط الزئير بالصفير و دارت الحرب بين الفريقين .
كعادتي وقفت وراء جذع الشجرة الكبيرة ارقب الفريقين ، كانت الطيور هذه المرة أكثر استعدادا للقتال فقاومت الحيوانات بكل ضراوة و شجاعة ، و انتصرت الطيور على الحيوانات .
بسرعة تسللت و اقتربت من النسر ملك الطيور و ما إن رأتني بقية الطيور حتى تعالت صيحاتها و قالت: ابتعد من هنا ، أنت عدونا لست معنا ، تعيش على الأرض مع الحيوانات.
قلت في ثقة: وهل هناك حيوان له جناحان ، أنا منكم و معكم طائر مثلكم ..

و مرت الأيام و أنا أعيش مع الطيور في السماء لا اشعر بسعادة ولا تجمعني بهم صداقة.
تكررت الحروب و فقد الفريقان كثير من الطير والحيوان ..
و في يوم قرر الجمل اكبر الحيوانات سناً ، أن يجتمع بالفريقين ليوقعا معا معاهدة سلام ، فرحت الطيور و الحيوانات و اختلط الصهيل بالهديل ، و النعيق بالنهيق ، و التغريد بالنباح ، والصفير بالزئير تعبيرا عن السعادة بالسلام ..
و فجأة توقفت الأصوات و تنبه الجميع لوجودي بينهم .. قال الجمل: لماذا جئت يا خفاش ؟ لا نعرف هل أنت من الطير أو الحيوان ، أنت منافق ليس لك أمان ، لذلك ستظل وحيداً تعيش في الظلام .
و قد كان .. أردت أن أكون الفائز دائماً فكنت الخاسر الوحيد ..
الحائر بين الجناحين والأسنان في عالم الطير والحيوان.

  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق