من الأقوى؟
فاطمة المعدول
رسوم: محسن رفعت
وقف الحمار ينهق ويغني في الغابة ويقول: إني أستطيع حمل أشياء كثيرة لا يستطيع أن يحملها غيري, وصوتي عال وأقوى الأصوات.
إذن أنا ملك الغابة.
جرى الثعلب إلى الأسد ليخبره بما يقوله الحمار.
غضب الأسد من الحمار, ونظر إليه نظرة قاسية وزأر زئيرا مخيفا.
جرى الحمار من أمام الأسد وهو يرتعد من الذعر.
وقف الأسد يقول بصوت عال مخيف: أنا الأقوى.. أنا الأعظم.
بالقرب منه, كانت هناك زرافة جميلة رشيقة معتدة بنفسها, فقالت بصوت خفيض ضاع في الهواء: كيف يكون هو الأقوى وهو لا يستطيع أن يصل إلى رأسي.. ولا يستطيع أن يتذوق ثمار الأشجار العالية اللذيذة التي أتذوقها كل يوم؟
كان الثعلب يجلس بجانب الأسد في ذل ومسكنة, ويضع فمه في أذن الأسد طوال اليوم ليحكي له النوادر المسلية ويفشي أسرار الغابة ويؤلف حكايات وهمية عن الحيوانات, وبذلك يعاقب الأسد الحيوانات التي لا يحبها الثعلب.
ولأن الثعلب ناجح في هذه الحيلة قال لنفسه: إن أقوى حيوانات الغابة رهن إشارتي, فالأسد لا يتحرك إلا بأمر مني, فهو يستشيرني في كل كبيرة وصغيرة. أنا أسيطر عليه بحيلتي ومكري.. إذن أنا الأقوى.
على شجرة جميز كبيرة, وقف عصفور صغير مندهشا, وقال: كيف يكون الأسد الأقوى وهو لا يستطيع الطيران والتحليق في الفضاء, ولا يستطيع الانتقال من شجرة إلى شجرة مثلي.
إنه حبيس الغابة لا يرى ما أراه.
ثم غرد العصفور بصوت رفيع وجميل قائلا: أنا الأقوى.. أنا الأقوى.
وكانت السحلية ترقد تحت رجل الأسد, وتقوم بتدليكها طوال اليوم, فقالت وفمها في الطين: أنا الأقوى, فأنا أدلك له قدميه وأنظفهما من الحشرات, ولا يستطيع أن ينهض من دون إذني.
وفي كل مرة يسمع فيها الفيل هذا الكلام يتعجب دائما, ويتساءل: لماذا يحاول الجميع أن يثبت لنفسه أو للآخرين أنه الأقوى؟
أخذ الفيل أولاده وخرج في رحلته اليومية المعتادة.
وكان اليوم مقسماً, فهناك وقت للعمل ووقت للعب ووقت للمذاكرة ووقت للتدريبات.
كان العمل يتضمن: النظافة, وتحضير الطعام.
واللعب يتضمن: التسلية, والرقص, والغناء.
والتدريب يتضمن: تدريبات حركية, وتدريبات على الإنقاذ في كل المجالات.
وفي آخر اليوم, كان الجميع يجلس في حلقة واسعة عند الجدة الكبيرة فتحكي لهم حكايات مسلية.
ثم يقرأ لهم الفيل الجد عن أمجاد الأجداد والمستقبل الآتي, ويتناقش الجميع فيما سمعوه وعرفوه.
ورويدا رويدا.. أصبح الفيل هو الملك غير المتوج في الغابة, فإذا مرض أحد الحيوانات ذهب إلى الفيل حتى يحدد له الدواء الذي يجب أن يتعاطاه.
وإذا حدثت منازعات بين الحيوانات كان الفيل يستطيع, بعلمه وحكمته, أن يفصل بينهم.
وكان الجميع بحكمه راضين, حتى جاء يوم رهيب حيث شبت في الغابة النيران.
ارتبك الأسد, وأخذ يبكي.
وكانت الحيوانات تجلس من حوله وهي تبكي خوفاً على صغارها.
ولكن الفيل استطاع أن ينظم صفوف الجميع, فقسم حيوانات الغابة وطيورها إلى مجموعات: مجموعة تجلب الماء لتطفئ به النيران, ومجموعة تنقذ الصغار وتبعدها عن مكان الخطر, ومجموعة تعالج المصابين, ومجموعة تجمع الطعام والأغطية للحيوانات المصابة.
وحينما استطاعت الحيوانات أن تتغلب على الحريق, بفضل عقل الفيل وشجاعته, وقفت كل الحيوانات بما فيها الأسد تشكره وتصفق له.
لقد اعترفت الحيوانات كلها بأنه ملك الغابة الحقيقي, فالملك ليس بالقول, ولكن بالعمل والحكمة والمعرفة.
http://3arabimag.com/Little/WriterArticle.asp?ID=548إذن أنا ملك الغابة.
جرى الثعلب إلى الأسد ليخبره بما يقوله الحمار.
غضب الأسد من الحمار, ونظر إليه نظرة قاسية وزأر زئيرا مخيفا.
جرى الحمار من أمام الأسد وهو يرتعد من الذعر.
وقف الأسد يقول بصوت عال مخيف: أنا الأقوى.. أنا الأعظم.
بالقرب منه, كانت هناك زرافة جميلة رشيقة معتدة بنفسها, فقالت بصوت خفيض ضاع في الهواء: كيف يكون هو الأقوى وهو لا يستطيع أن يصل إلى رأسي.. ولا يستطيع أن يتذوق ثمار الأشجار العالية اللذيذة التي أتذوقها كل يوم؟
كان الثعلب يجلس بجانب الأسد في ذل ومسكنة, ويضع فمه في أذن الأسد طوال اليوم ليحكي له النوادر المسلية ويفشي أسرار الغابة ويؤلف حكايات وهمية عن الحيوانات, وبذلك يعاقب الأسد الحيوانات التي لا يحبها الثعلب.
ولأن الثعلب ناجح في هذه الحيلة قال لنفسه: إن أقوى حيوانات الغابة رهن إشارتي, فالأسد لا يتحرك إلا بأمر مني, فهو يستشيرني في كل كبيرة وصغيرة. أنا أسيطر عليه بحيلتي ومكري.. إذن أنا الأقوى.
على شجرة جميز كبيرة, وقف عصفور صغير مندهشا, وقال: كيف يكون الأسد الأقوى وهو لا يستطيع الطيران والتحليق في الفضاء, ولا يستطيع الانتقال من شجرة إلى شجرة مثلي.
إنه حبيس الغابة لا يرى ما أراه.
ثم غرد العصفور بصوت رفيع وجميل قائلا: أنا الأقوى.. أنا الأقوى.
وكانت السحلية ترقد تحت رجل الأسد, وتقوم بتدليكها طوال اليوم, فقالت وفمها في الطين: أنا الأقوى, فأنا أدلك له قدميه وأنظفهما من الحشرات, ولا يستطيع أن ينهض من دون إذني.
وفي كل مرة يسمع فيها الفيل هذا الكلام يتعجب دائما, ويتساءل: لماذا يحاول الجميع أن يثبت لنفسه أو للآخرين أنه الأقوى؟
أخذ الفيل أولاده وخرج في رحلته اليومية المعتادة.
وكان اليوم مقسماً, فهناك وقت للعمل ووقت للعب ووقت للمذاكرة ووقت للتدريبات.
كان العمل يتضمن: النظافة, وتحضير الطعام.
واللعب يتضمن: التسلية, والرقص, والغناء.
والتدريب يتضمن: تدريبات حركية, وتدريبات على الإنقاذ في كل المجالات.
وفي آخر اليوم, كان الجميع يجلس في حلقة واسعة عند الجدة الكبيرة فتحكي لهم حكايات مسلية.
ثم يقرأ لهم الفيل الجد عن أمجاد الأجداد والمستقبل الآتي, ويتناقش الجميع فيما سمعوه وعرفوه.
ورويدا رويدا.. أصبح الفيل هو الملك غير المتوج في الغابة, فإذا مرض أحد الحيوانات ذهب إلى الفيل حتى يحدد له الدواء الذي يجب أن يتعاطاه.
وإذا حدثت منازعات بين الحيوانات كان الفيل يستطيع, بعلمه وحكمته, أن يفصل بينهم.
وكان الجميع بحكمه راضين, حتى جاء يوم رهيب حيث شبت في الغابة النيران.
ارتبك الأسد, وأخذ يبكي.
وكانت الحيوانات تجلس من حوله وهي تبكي خوفاً على صغارها.
ولكن الفيل استطاع أن ينظم صفوف الجميع, فقسم حيوانات الغابة وطيورها إلى مجموعات: مجموعة تجلب الماء لتطفئ به النيران, ومجموعة تنقذ الصغار وتبعدها عن مكان الخطر, ومجموعة تعالج المصابين, ومجموعة تجمع الطعام والأغطية للحيوانات المصابة.
وحينما استطاعت الحيوانات أن تتغلب على الحريق, بفضل عقل الفيل وشجاعته, وقفت كل الحيوانات بما فيها الأسد تشكره وتصفق له.
لقد اعترفت الحيوانات كلها بأنه ملك الغابة الحقيقي, فالملك ليس بالقول, ولكن بالعمل والحكمة والمعرفة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق