الأحد، 24 فبراير 2013

"عمي العزيز" قصة للأطفال بقلم: سماح أبو بكر عزت

صورة أرشيفية
عمي العزيز
سماح أبو بكر عزت
 
أحبك وأتمنى أن أكون فى قوتك وشجاعتك، صوتى أعلى من الرعد ونظرتى كشرارة النار، يخاف منى الكبار والصغار..
كل يوم أنظر إلى صورتى فى مياه البحيرة، أنتظر اليوم الذى أصبح فيه مثلك وأشبهك..
مشمش..
كل الحيوانات والطيور حفظت هذه السطور.. سطور الرسالة التى لا يمل القط «مشمش» المغرور من ترديدها ليل نهار..
رسالته التى كتبها للنمر الذى رأى صورته وحلم أن يكبر ويصبح مثله.. وكانت البداية مجرد صورة صغيرة فى كتاب رآها الفأر الصغير الذى تسلل فى الليل إلى أحد بيوت القرية الصغيرة، أكل وشبع ولم يبقَ أمامه إلا أوراق متناثرة جمعها وخرج ليأكلها وراء الشجرة، كانت صفحة من كتاب بها صور الطيور والحيوانات، بحث الفأر عن صورته، لكنه بالطبع لم يجدها، ابتسم بمكر وقال.. ها هى صورة عدوى القط الذى يعتقد البشر أنه أقوى وأذكى منى، نظر إلى صورة أخرى وقال.. وتلك صورة النمر المفترس، فى تلك اللحظة مر أمام الفأر القط «مشمش» بلونه البرتقالى المخطط وشواربه الطويلة التى تمكّنه أن ينفذ إلى جحور الفئران ويلتهمها، بسرعة لمعت فى ذهن الفأر الفكرة التى غيّرت شكل حياته وحياة كل الفئران، وبسببها أصبح ملك الفئران الذى استطاع أن يحميهم من مخالب وأسنان القط «مشمش» الجبار.
انتظر الفأر للصباح، وذهب للقط «مشمش» وبسرعة ألقى أمامه صورة النمر قائلاً له.. سيدى القط «مشمش» الجبار هذه رسالة لك من عمك النمر، نظر «مشمش» إلى الصورة بانبهار وقال عمى! رد الفأر بثقة.. نعم.. ألم تر الشبه بينكما؟ نفس لونك البرتقالى المخطط وشواربك الطويلة، الفرق بينكما فقط فى الحجم، وأنت لا تزال صغيراً، لكنك ستكبر وتصبح مثله فى يوم من الأيام، فرح «مشمش» وتساءل بلهفة.. كيف أصبح مثل عمى النمر؟ رد الفأر بمكر وقال.. عندما تبتعد عن الفئران وتتوقف عن أكلها، هل رأيت نمراً يأكل الفئران؟ النمور تأكل لحم الحمير والغزلان وهذا هو سر قوتها..
قفز «مشمش» وقال فى فرح للفأر.. شكراً لك من اليوم لن آكل أى فأر.. اقترب منه الفأر وقال.. بالطبع لن تصدقك كل القطط، بل ستغار منك، فأنت الوحيد المختلف عنها، لست قطاً عادياً مثلها.. . رد القط بغرور.. لا يهمنى من أى طائر أو حيوان مهما كان، يكفينى عمى النمر هو صديقى وعمى، به أستغنى عن الجميع..
حزنت كل القطط عندما ابتعد عنها «مشمش» ولم يشاركها اللعب أو صيد الفئران.. قال له القط الرمادى، أقرب أصدقائه.. لا تصدق يا «مشمش» كلام الفأر المكار، بسببه لم تعد تأكل الفئران، فقدت كثيراً من الأصدقاء، وابتعدتْ عنك كل القطط، يرد «مشمش» بغرور ويقول.. لا يهمنى أحد، يكفينى عمى النمر، أستغنى به عن كل الأصدقاء، سأعيش معه فى سعادة وأمان.. وفى كل يوم كان «مشمش» يذهب إلى البحيرة، يتأمل صورته، فيرى البطة الصغيرة تسبح، والبقرة الكبيرة تشرب، ينظر إليهما فى تعالٍ ويقول للبطة.. سيعلمنى عمى السباحة وأتفوق عليك، ويسخر من البقرة قائلاً لها.. سأصبح مثل عمى أقوى وأرشق منك أيتها البقرة السمينة.. تبتسم البطة فى خجل وتحرك جناحيها، وتهز البقرة رأسها فى حزن وتقول.. يا خسارة يا «مشمش» أسوأ صفة فى الدنيا الغرور.. يرد «مشمش» بتحدٍّ.. لست مغروراً أنا قوى.. ترد البقرة فى هدوء.. الغرور يجعلكَ أضعف الكائنات، يستطيع أى عدو أن يخدعك بكلامه مثلما خدعك الفأر الضعيف المكار..
يهز «مشمش» ذيله فى غرور ويسير.. وفى آخر الليل يشعر بالوحدة والجوع، فقد توقف عن أكل الفئران وسمع نصيحة الفأر المكار.. نام «مشمش» وهو جوعان، وفى الصباح وجد أمامه سلة بها سمكة ودورقاً مملوءً باللبن الحليب، أكل بسرعة من دون أن يسأل من أين أتى الطعام..
وفى يوم الأيام جاء للقرية السيرك الكبير وحيواناته الأسد والفيل والنمر والقرد، فرحت كل الأطفال وفرح «مشمش» أكثر منهم، أخيراً سيرى عمه الذى ظل يحلم برؤيته، جلس طوال النهار يردد ما كتبه فى الرسالة، وجمع حوله كل الحيوانات ليذهبوا معه لمقابلة عمه النمر.. بالطبع كان أكثر الحيوانات قلقاً الفأر المكار، سيكتشف «مشمش» خديعته عندما يقابل النمر ويعرف أنه ليس عمه، وأنه مجرد قط، حينها سينتقم منه ويأكله.. ذهب «مشمش» ومعه القطط والحيوانات إلى مكان السيرك.. كانت الحيوانات فى أقفاصها قبل العرض، رأى «مشمش» من بعيد قفص النمر فقال للجميع.. ها هو عمى، تعالوا أعرفكم عليه، وقف الجميع أمام قفص النمر واقترب «مشمش»، قائلاً فى ابتسامة.. أهلاً عمى النمر.. زمجر النمر عندما رآه يقترب وكشر عن أنيابه ورفع قدمه ليهوى على وجه «مشمش» الذى رجع للخلف بسرعة، لكن مخالب النمر جرحته فى وجهه، ليقع وتتساقط قطرات دمائه، بسرعة حمله صديقه القط الرمادى والبطة ووضعاه على ظهر البقرة، هرب الفأر المكار، ونظر «مشمش» للنمر، وهو يشعر بالأسف، وقال.. وداعاً يا من طننتك عمى العزيز، عشت فى خدعة كبيرة وتصوّرت أنى مثلك، اقتربت من صورتك وابتعدت عن أقرب الأصدقاء، صديقى القط الرمادى الذى لم يفارقنى والبطة الصغيرة التى فضّلتنى على إخوتها وأهدتنى السمكة التى اصطادتها، البقرة الطيبة التى روت عطشى وجوعى بلبنها وكأنى أحد أبنائها، كل هؤلاء هم أبى وأمى وعمى، أحبهم وسأظل أحبهم منهم، تعلمت وبينهم سأكبر وأصبح قطاً قوياً يحميهم من الفئران.. أجمل إحساس أن تعيش بين أصدقاء يحبونك لا يخافون منك، بل يخافون عليك من أى خطر يؤذيك.
 http://www.elwatannews.com/news/details/135587

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق