الثلاثاء، 10 يوليو 2012

"القملــــة الغبيـــــة" قصة للأطفال بقلم: منيرة بوكحيل


القملــــة الغبيـــــة
منيرة بوكحيل
في هذه الأرض الطيبة و الواسعة و الجميلة , تحديدا في تلك العمارة الناصعة البياض و التي تدور من حولها الأشجار الخضراء و الورود من كل الألوان و الأشكال , التي تبعث في نفسك الراحة و السعادة , هذا المنظر يعكسه داخل العمارة النظيفة بفضل سكانها نظرا لتمسكهم بقيم التربية من نظافة و عمل متقن و احترام الجار , و العيش كعائلة واحدة , و لكن للأسف تجري الرياح بما لا تشتهي السفن فإحدى الشقق على عكس ذلك حيث تعيش أم كنزة بالرغم من أنها كغيرها من الجيران اللذين يحترمون مبادئ نظافة المكان اللذين يعشون فيه , و يحترمون كل الناس إلا أن أم كنزة لا تهتم بنظافة بيتها ككل الأمهات فهي من النوع الآخر الذي يفضل التحدث عبر الهاتف لساعات طويلة دون ملل و كلل أو مشاهدة المسلسلات التافهة , و المصيبة الأكبر أنها لا تهتم بنظافة ابنتها و لا بمتطلبتها المهمة و هي لا تزال في سن الثامنة , و يا للأسف أنها لا تستطيع أن تفعل هذا بنفسها لأنها لا تزال في سن صغيرة , كم كانت نحيلة جدا و شاحبة الوجه حين تراها تعرف من ملامحها المعبرة عن الحزن أنها لا تعيش طفولة مستقرة و سعيدة كباقي الأطفال , فهي تعيش حياة غير طبيعية لأنها لا تنعم بالراحة لطالما تراها طوال الوقت تحك جلدة رأسها باستمرار و بخجل لأن القمل أخذه مسكننا له و كان دمها غذائه فسلب صحتها و راحتها , و الأم تعلم بوجوده و لكن تضجر من محاربته , حتى و لو بأبسط الأسلحة كتنظيفه بالصابون و الماء يوميا أو استشارة طبيب أو حتى استشارة صيدلي , لكن لا وقت لديها فهي تنام معظم الوقت أو تتجول في الأسواق مع صديقتها لسوء الحظ و لكن لحسن الحظ كان لكنزة جارة لطيفة و طيبة اسمها جميلة و كانت اسم على مسمى فهي جميلة النفس و القلب و الطباع معا .
و في إحدى المرات كانت في زيارة عند جارتها أم كنزة , فلاحظت الأخيرة مأساة كنزة التي لا تنعم بالراحة دقيقة واحدة بسبب الحكة الموجودة في رأسها و التي سببها القمل الذي سكن شعر رأسها دون النية بالرحيل , فعرضت جميلة الطيبة على كنزة زيارتها في بيتها لتلعب مع ابنتها نورة التي هي من نفس عمرها , و دون تردد قبلت و رافقتها ......
حين دخلت كنزة منزل جارتها جلست تلعب رفقة نورة , و جميلة ذهبت إلى المطبخ و حضرت كعكة بالفراولة مع الحليب بالشكولاطة التي يعشقها كل الأطفال و قدمت لهما ذلك و خاطبت كنزة قائلة :
حبيبتي تناولي الكعك مع الحليب كما تشتهين دون خجل هذا بيتك , بينما أنا احضر لك الحمام عندي مرطب للشعر عبارة عن دواء للتخلص من القمل الذي يسكن شعر رأسك .
طأطأت كنزة رأسها خجلا .
جميلة : لا تخجلي حبيبتي الغالية هذا ليس عيب و لا حرام , بعض الأطفال في سنك حول العالم يواجهون نفس مشكلتك , و حل هذه المشكلة بسيط جدا و هذا الدواء الذي سوف أنظف به شعرك كنت في الماضي أنظف به شعر ابنتي نورة فلا داعي للخجل .
فرحت كنزة عند سماع هذا الكلام الحنون من جارتها الطيبة , و أكلت الكعك بشراهة كبيرة لأن والدتها ناذرا ما تحضره و بإلحاح منها تفعل ذلك , و حين انتهت دخلت الحمام رفقة جميلة و بينما كنزة تستحم و كان القمل يتساقط ميتا .
و لكن فرت قملة من رأسها مدعية الذكاء و الفطنة و قررت أن تهجر جسم الطفلة النحيلة و ترحل إلى جسم الطفلة السمينة نورة و تنعم بالهدوء و الراحة لوحدها نظرا للإزدحام الموجود عند كنزة المسكينة و كان لها ذلك .
و لكن خبرة و ذكاء جميلة و لأنها تعرف أن العدوى تنتقل حممت ابنتها نورة مباشرة بعد الانتهاء من كنزة و ما كان للقملة الغبية أن تلقى مصيرها مثل أخواتها فالرياح تجري بما لا تشتهي السفن و هكذا انتهى كابوس القمل عند كنزة بفضل جارتها الطيبة فنعمة الجارة التي تتبع سنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق